دراسة من «حياكم في أبوظبي».. كيف يصمم الأطفال عطلتهم الصيفية المثالية؟

حين يحلّ الصيف، لا يفكر الأطفال في المثلجات والشاشات فقط، بل تنطلق مخيّلاتهم في اتجاهات لا حدود لها، فهم يحلمون بعوالم خيالية، وتحدّيات ممتعة، وتجارب تخرجهم من المألوف، وتمنحهم لحظات يروونها بفخر لأصدقائهم.. ومن هذا المنطلق، أطلقت «حياكم في أبوظبي»، الهوية السياحية لدائرة الثقافة والسياحة – أبوظبي، دراسة بحثية واسعة النطاق لاستطلاع أمنيات الأطفال في تسع دول حول عطلة الأحلام، وخرجت بنتائج لافتة، تعكس تطلعات هذا الجيل الباحث عن المرح، والتجربة، والمعنى.

صممت عطلتك الصيفية المثالية
في لمسة مبتكرة تعكس خيال الأطفال وفضولهم، منحت الدراسة المشاركين الصغار فرصة تصميم «عطلتهم المثالية» في أبوظبي، ليس من حيث الأماكن التي يرغبون في زيارتها فقط، بل من حيث المشاعر التي يتطلعون إلى عيشها أيضاً، وتجارب الطعام، والمغامرات، وحتى لحظات الراحة. فقد شملت الدراسة أكثر من 7,000 طفل، تتراوح أعمارهم بين 5 و12 عاماً حول العالم، من الذين يتطلعون إلى عطلات تتجاوز الترفيه التقليدي، إذ يرغب 90% منهم في تجارب تتيح لهم التعرف إلى ثقافات جديدة، وتكوين صداقات، بينما عبّر 89% عن حبهم للعطلات التي تُمكّنهم من عيش أجواء ألعابهم وأفلامهم المفضلة، وأشار 85% إلى رغبتهم في أداء أدوار خيالية، مثل قيادة سيارات السباق، أو رعاية الحيوانات، أو السفر إلى الفضاء، فيما أكد 95% أنهم يبحثون عن مغامرات يمكنهم سردها، ومشاركتها مع أصدقائهم لاحقاً.

وخلال مقابلات أجرتها «كل الأسرة» مع عدد من الأطفال حول أسباب المتعة في العطلة الصيفية، حطمت الأغلبية منهم حصار الأجهزة التقنية لحياتهم اليومية، وأكدوا أنهم ينجذبوا أكثر إلى التجارب الواقعية التي تدمج بين التعلم واللعب، وتمنحهم فرصة التفاعل والانخراط في عالم حقيقي يكونون فيه أبطال الحكاية.

خوض تجربة خارقة
فالعطلة الصيفية بالنسبة إلى سما محمد، هي الفرصة التي تتمكن فيها من الانفصال عن الواقع، والدخول في عوالم الخيال، وقد التقينا بها في عالم وارنر براذرز، حيث تحلم بخوض عالم الأبطال الخارقين، الذي أصبح ممكناً في مدن الإمارات، وقالت: «العطلة التي أتمناها هي تلك التي أتحوّل فيها من مجرد فتاة عادية إلى بطلة خارقة تُنقذ العالم، أعلم أن الأمر غير حقيقي، لكنه يخلق داخلي قوة ورغبة في التغيير، استلهمها من أبطال القصص الخيالية، والأفلام السينمائية».
العطلة التي تصنع مواقف طريفة تبقى في الذاكرة
أما ليان سالم، فهي تبحث عن البهجة والمرح، وقضاء أوقات جميلة مع العائلة، وبيّنت «أحبّ الذهاب إلى مدن الألعاب، والأماكن التي فيها أنشطة مائية، وألعاب جماعية، وأكلات لذيذة. لا يشغلني كثيراً المكان بقدر ما تعنيني الأجواء التي نعيشها معاً. أكثر ما يسعدني هو الضحك، التصوير، والمواقف الطريفة التي تبقى في الذاكرة».


العطلة فرصة لتعلّم حرف قديمة
من جهته، قضى ناصر خليفة وقتاً أطول في ورش لتعلم الفنون التراثية، حيث استمتع بمخيمات قصر الحصن، والمجمّع الثقافي في أبوظبي، وصنع بيديه أشياء جميلة من التراث الإماراتي، وكذلك في بيت الحرفيين حيث الأنشطة التفاعلية الرائعة، وأوضح: «العطلة الصيفية فرصة لنكتشف مهارات جديدة، وكذلك حرفنا المحلية القديمة، ونجرّبها بأنفسنا، حيث يمكن أن نجد شغفناً في أمور لم نمارسها من قبل، ففي مخيم قصر الأطفال بقصر الإمارات ماندارين أوريانتال، اكتشفت أختي الصغرى شغفها بفنون الطهو، والإبداع، والاستكشاف.
بدورها، قالت ميثاء خليفة: «التحقت بورشة مواهب الطهاة الصغار في مخيم الطهو في مدرسة إيكول دوكاس، وقرّرت أن أصبح طاهية في المستقبل، حيث تعلمت تحضير أطباق متنوعة من الكوكيز، إلى المأكولات الإماراتية والعالمية».


البحث في أسرار الكون
أما بدر الأنصاري فقد اكتشف أن هناك المزيد من الأنشطة التي لم يمارسها من قبل، ففي متحف اللوفر أبوظبي، عاش تجربة رائد فضاء «عطلتي في أبوظبي، دفعتني لاستكشاف أسرار الكون بعيداً عن شاشة الهاتف، ومحركات البحث الذكية، فقد تعلمت في متحف اللوفر أشياء عن الفضاء، والفن، والتاريخ، وأين نحن من العالم الكبير، كما ذهبتُ إلى مجمّع 421، وكانت التجربة ممتعة جداً، حيث استخدمنا أنوفنا، وعيوننا، وأيدينا، لنكتشف الطبيعة من حولنا بطريقة مسلّية ومختلفة».

الانطلاق لميادين الإبداع والفنون
من جهتها، أوضحت دائرة الثقافة والسياحة – أبوظبي، أن «الإنصات إلى الأطفال يمنحهم مفاتيح لعطلة حقيقية تُلهمهم وتمنحهم تجارب لا تُنسى، فالطفل لا يحتاج إلى الترفيه فقط، بل إلى مساحات تُطلق خياله، وتغذّي فضوله، وتشعره بأنه جزء من حكاية أكبر. ولهذا أجرينا هذه الدراسة ضمن حملة «حياكم في أبوظبي» بعنوان «صيف أبوظبي.. فوق الوصف». لنتعرف مباشرة من الأطفال إلى أمنياتهم، فجاءت مملوءة بالشغف، والرغبة في خوض المغامرات، وتكوين صداقات، واستكشاف الثقافات، والعيش في قصصهم المفضلة».
لا تتوقف التجارب عند حدود الخيال، بل تمتد إلى ميادين الإبداع والفنون، كما في «تيم لاب فينومينا»، في المنطقة الثقافية في السعديات، حيث يتحول الفن إلى تجربة تفاعلية، بصرية وسمعية، مذهلة. ومع قرب افتتاح متحف التاريخ الطبيعي أبوظبي، ستتاح للصغار فرصة استثنائية للسفر عبر الزمن، واكتشاف أسرار الكوكب، بينما يفتح متحف زايد الوطني أبوابه قريباً ليأخذهم في رحلة عبر تاريخ الإمارات، وقيم مؤسسها، المغفور له الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان، طيّب الله ثراه.

أبوظبي ليست مجرد وجهة سياحية؛ إنها مساحة حية لأحلام الأطفال، حيث تُصاغ الذكريات، وتُروى القصص، وتُبنى الشخصيات.