ما هي علامات ضعف شخصية طفلك؟ كيف تلاحظينها؟ و13 خطوة تساعده على تخطّيها
يواجه الكثير من الآباء والأمّهات، خلال مشوار التربية، مشكلة شائعة، وهي ضعف شخصية أطفالهم، والتي قد تظهر علاماتها مبكراً ما بين 3 إلى 10 سنوات، حيث يجدون صعوبة في مساعدة أولادهم على بناء الثقة بالنفس، والتعبير عن مشاعرهم بشكل صحيح، حتى أصبحت بعض الأسر تستسلم، وتعلن فشلها الذريع في الموازنة بين التربية الصحيحة للطفل، وبين الحفاظ على ثقته بنفسه، الأمر الذي يمثل صداعاً في أذهان الآباء والمربّين.
ولأن الأهل تقع على عاتقهم المهمة الأكبر، والدور الأساسي في تكوين شخصية الطفل وطريقة تعامله في المجتمع.، طرحت «كل الأسرة» على خبراء التربية ونفسية الأطفال والمراهقين، التساؤلات التالية: ما مدى مسؤولية الأسرة عن قوة شخصية الطفل، أو ضعفها؟ ما هي أسباب ضعف شخصية الطفل في العشر سنوات الأولى؟ ما هي علامات ضعف الشخصية عند المراهق؟ كيف يتعامل الأهل مع الأبناء ضعيفي الشخصية في هذه المرحلة الحرجة؟ ما هي أهم وأبرز النصائح لتقوية شخصية الطفل؟ وما هي الخطوات الضرورية لتقوية شخصية طفلك من عمر صغير؟
من هو الطفل ضعيف الشخصية؟ ومن المسؤول؟
بداية، يؤكد الدكتور رأفت حلمي بسطا، استشاري العلاج النفسي للأطفال والمراهقين وتعديل السلوك بجامعة القاهرة، أن شخصية الطفل تتشكل وفقاً للعديد من العوامل، منها ما هو متعلق بسلوكات الأب والأم، وكذلك طريقة التعامل مع الطفل، والبيئة التي ينشأ فيها.
ويقول: «كل تصرف، أو كلمة تصدر عنّا يكون لها انعكاس سيئ على الطفل، وكذلك كل ما نقوم به أمامه يتعلمه، ويؤثر فيه، بشكل أو بآخر، وأيضاً طريقة تعاملنا معه تصنع شخصيته. وللأسف الشديد، يكون بعض الآباء والأمهات سبباً في ضعف شخصية أولادهم، ووضعهم تحت وطأة الخوف الذي يسيطر عليهم بسبب معاملة الوالدين، وتكون النتيجة ابناً لا يعرف قول كلمة لا».
ويضيف: «يكبر هؤلاء الأطفال وهم خاضعون، ويقبلون بما لا يريدون خوفاً من خسارة رضا الوالدين، أو اعتبارهم غير مطيعين وبارّين، لكنهم في المقابل، يعانون شعور الإجبار، أو الإكراه بداخلهم، من دون أن تكون لديهم القدرة على بيان ذلك».
10 أسباب لضعف شخصية الطفل
ويحدّد الدكتور رأفت بسطا 10 أسباب تؤدي إلى ضعف شخصية الأطفال، خاصة في السّن الأقل من 10 سنوات:
1. معاقبة الطفل على أخطائه بقسوة، ولومه طوال الوقت أمام إخوته، وبالتالي، قد يلجأ إلى الكذب حتى يتجنّب اللوم. وهذا ما يجعل الطفل لا يحصل على الدعم العاطفي الكافي من الوالدين، أو يتعرض الطفل للإهمال، أو الإساءة داخل الأسرة.
2. الإهانة من أكثر الأخطاء التي تترك أثراً نفسياً سيئاً في الطفل، فإذا قارنت بين طفل يتعرض لإهانة دائمة من والديه، وطفل آخر يراعى أبواه مثل هذه الأمور، ستلاحظ فارقاً بين الطفلين، فمن المؤكد أن الطفل الذي يتعرض لإهانة سيكون ضعيف الشخصية ومهزوزاً، كذلك تحوّله إلى شخص فاقد الثقة بنفسه، وضعيف.
3. قسوة الوالدين، بخاصة إذا كانت في غير محلها، واستخدام أسلوب التهديد والوعيد بالمعاقبة في وقت لاحق، وهذا قد يكون السبب وراء ضعف شخصية طفلك، لأن التهديد يجعله في حالة انتظار وترقب لما سيحدث له، فيجعله يشعر بالخوف، والقلق، والتوتر.
4. الخلافات الأسرية، بخاصة خلافات الوالدين أمام الأبناء، للأسف بعض الأهل يناقشون خلافاتهم أمام أطفالهم، وهذا ما يشعر الطفل بالخوف والتوتر، فيميل إلى الانطواء على نفسه والجلوس وحيداً في غرفته، طوال الوقت.
5. التدليل الزائد ما يؤدي إلى اعتماد المراهق على والديه، وافتقاد الثقة بنفسه، كثير من الأمهات يعتقدن أن تدليل الطفل بصورة زائدة هو تعبير عن الحب، ويعتادون تلبية كل رغبات الطفل من دون رفض، وهذا يعني أن الطفل لا يعرف قيمة أيّ شيء.
6. تعويد الأبناء على التدخل في كل صغيرة وكبيرة في حياتهم يدفع بهم نحو ضعف الشخصية.
7. القيود الكثيرة، بخاصة إذا كانت من دون أسباب واضحة في فترة المراهقة.
8. التركيز على سلبياتهم، وتجاهل إيجابياتهم، وتوبيخهم أمام الآخرين في لحظة الغضب، لذلك يفضل عند توجيه الأولاد للفعل الصحيح ومحاسبتهم على الخطأ، أن يكون ذلك بمعزل عن الآخرين، كي لا تنهدم صورة الابن عن نفسه، وحبه لها.
9. المقارنة المستمرة مع غيره، والتقليل من رأيه، أو السخرية منه أمام الناس، ودائماً ما نحذر من مقارنة الطفل بأصدقائه، أو أخواته طوال الوقت، لأنه قد يتسبب بنتائج عكسية، وإصابة الطفل بضعف الشخصية.
10. قلة التفاعل الاجتماعي مع الأطفال في سنّه، فقد أثبتت الدراسات أن إدمان الطفل على الألعاب الإلكترونية يؤدي إلى ضعف شخصية الطفل، بسبب عدم مشاركته في أي أنشطة تساعده على تطوير مهاراته الاجتماعية.
علامات تؤكد أن الطفل يعاني ضعف الشخصية
أما الدكتورة سهام حسن، استشاري نفسية الطفل وخبيرة تعديل السلوك بالقاهرة، فتوضح هي الأخرى، أن ضعف شخصية الطفل لا تظهر فجأة، بل يحدث هذا الأمر تدريجياً نتيجة المواقف والأحداث اليومية التي يتعرض لها، داخل المنزل والمدرسة.
وتشير استشارية التربية د. سهام حسن إلى عدة علامات تنبه إلى أن الطفل ضعيف الشخصية، ويحتاج إلى الدعم لتقويتها، من أهمها:
- عندما يميل للعزلة ويصبح بلا أصدقاء، ويظل دائماً مصاحباً لوالديه.
- عندما لا يستطيع في أغلب الأحيان الدفاع عن نفسه وممتلكاته الخاصة، في المدرسة، أو النادي.
- عندما يتجنب اللعب مع غيره من الأطفال بخاصة الغرباء، وإذا ما لعب مع أطفال آخرين يكون بلا رأي، وكذلك يكون خجولاً أكثر من اللازم.
- عندما يعاني نظرة دونية لنفسه وكثيراً ما يكوّن رأياً سلبياً عن نفسه.
- هذا النوع من الأطفال يكون اعتمادياً بشكل كبير على والديه، حيث يتجنب الطفل الضعيف الشخصية أن يحتك بالأغراب، أو الضيوف، ولا يرد على الأسئلة التي توجه إليه من دون خوف، وقد يبكي في الكثير من الأحيان عندما يضطر إلى التعامل مع موقف يجبره على الاحتكاك بالأشخاص الجدد.
- أكثر معاناة الأهل مع الأبناء عندما يكون الطفل ضعيف الشخصية أنه يكون من النوع الذي يفقد أشياءه بسهولة، وكذلك كثير الشكوى والبكاء.
- استجابة الطفل لكل الأوامر من دون نقاش فهو لا يستطيع أن يرفض الأوامر التي توجه إليه، حتى ولو كانت تسبب له الحزن.
- الطفل ضعيف الشخصية يقبل الإذلال من الآخرين، أو الإهانة منهم، والتي تكون في شكل تنمّر، أو عنف، من دون أن يبدي ردة فعل أي اعتراض يكون طفلاً ضعيف الشخصية.
13 خطوة ضرورية لتقوية شخصية طفلك الصغير
الاستشارية الأسرية وخبيرة التربية الدكتورة زينب مهدي، استشاري الطب النفسي ومدربة تعديل السلوك بالقاهرة، تؤكد، من جهتها، أن الطفل في كل الأحوال لا يولد ضعيف الشخصية بفطرته، بل تصرفات ذويه هي من تزرع فيه هذا الضعف، وبالأخص الأم، لأنها بمثابة عالم طفلها وقدوته، ولهذا يجب عليك عزيزتي الأم أن تكوني على وعي بأن ما تقولينه لطفلك الصغير سوف يؤثر في شخصيته.
وتقدم الاستشارية النفسية د. زينب مهدي بعض النصائح والتوجيهات التي تساعد الوالدين على التعامل مع الطفل ضعيف الشخصية، حتى يتمكن من استعادة ثقته بنفسه:
1- يجب أولاً أن نسمع الطفل باهتمام حتى يشعر بأن لرأيه قيمة، وكذلك معاملته بشكل محترم أمر هام جداً، ويجب أن نلتزم به دائماً أمام الآخرين، والانتباه لإيجابياته وإبرازها.
2- منح الطفل حق إبداء الرأي في قرارات الأسرة حسب مرحلته العمرية، وتدريبه على تصرفات معيّنة في مواجهة المواقف المختلفة في الحياة.
3- التعامل معه كطفل صغير من دون إقحامه في حياة الكبار ومشكلاتهم، وجعل الطفل أهمّ أولويات الوالدين، وقضاء أكثر الأوقات معه.
4- عدم إطلاق الألقاب السلبية على الطفل، وعدم مقارنة الطفل بالآخرين، بل علينا إظهار تميّزه في المناسبات من خلال تشجيعه على كل إنجاز يقوم به.
5-تشجيع الطفل على اللعب لأنه يعتبر المفتاح الرئيسي لتنمية وتقوية شخصيته، وكثير من الدراسات تؤكد أن ممارسة الطفل لهواية ما يساعد على تحقيق النجاح الذي يعمل على التعزيز من ثقة الطفل بنفسه، لذلك علّميه كيف يستخدم مهاراته التي لا يراها لينجز كثيراً من الأمور الرائعة.
5- أثبتت الدراسات أن درجة اقتراب الأمهات من أبنائهن تحدّد مدى ثقة الأبناء بأنفسهم، لذلك اقتربي من طفلك، وكوني صديقته، كأن تقومي بقصّ مواقفك اليومية عليه ليبادلك القصص، وهذا ما يعزز الثقة بالنفس. علاوة على توجيه المدح والثناء على الجهد الذي يبذله الطفل لإظهار الفخر به.
6- تهديد الطفل أمر مرفوض تماماً، وفي أوقات كثيرة يكون هو أحد أهم أسباب إصابة الطفل بضعف الشخصية، لذلك احرصي على أن تتوقفي عن تهديد طفلك عند ارتكابه خطأ ما، وقومي بمعاقبته على الفور بدلاً من التهديد الذي يصيب الطفل بالخوف، وضعف الشخصية.
7- يجب أن نعطي أطفالنا مساحة للتصرف حتى نساعدهم على بناء شخصيتهم بشكل صحيح، من خلال تشجيعهم على اتخاذ قرارات بسيطة بأنفسهم، مثل اختيار ملابسهم وألعابهم.
8- تقبّليه كما هو، فالله خلقه بهذه الصفات لكي يكون في مجاله وطريقه الخاص، وإذا استمررت في الاعتراض عليه، وعلى شخصيته ،سيزداد حيرة وقلقاً وتشويشاً، لذلك رحّبي به كما هو، واحتضنيه كما هو، وقدّريه كما خلقه الل،ه لأن ذلك أكبر سند له.
9- إذا كان طفلك يحمل شخصية حساسة ففي الأغلب سيراه المجتمع شخصاً انطوائياً وسيئاً، ولا يستطيع مواجهة العالم، إذا حاولت إجبار طفلك على تغيير طباعه وإخفاء حساسيته سيتحول الأمر إلى ضعف كبير في الشخصية، وعدم ثقة بالنفس، اقبليه كما هو، واجعليه فخوراً بنفسه، ولا تضغطي على نفسك، وعلى طفلك، من دون سبب.
10. إذا كان ابنك يعاني ضعف الشخصية فلا تضعيه أبداً في مواقف تظهر هذا الضعف للآخرين بوضوح، ومنها مثلاً: لا تصطحبيه إلى أماكن تجمعات كبيرة مملوءة بأشخاص غرباء في كل مرة تخرجين فيها معه، كمحاولة لتعويده على التفاعل معهم، واحرصي على أن تقومي بقراءة القصص التي تتحدث عن الأبطال الشجعان، وعن طريقة تخلصهم من المشكلات التي يمكن أن تواجههم، وذلك لتربية الطفل على الرغبة في أن يكون شجاعاً، وعزيز الثقة بالنفس.
11. يجب على الوالدين أن يجعلا الطفل يقوم ببعض المسؤوليات والواجبات، وتحفيزه على تحقيقها، وتقديم الدعم له إذا واجه مشكلة أثناء القيام بها، فهذا يجعل الطفل يفكر بشكل إيجابي تجاه الأمور، وبالتالي تكون لديه شخصية قوية.
12. يتعلم الأطفال كل شيء بالمعايشة والمشاهدة، وكل تصرفاتهم ومشاعرهم وأفكارهم عن أنفسهم، حتى قوة شخصيتهم، تتم بالتعلم، لذلك إذا كسب طفلكم ثقته بنفسه من خلال معاملتكم له تكون هذه البداية لكسب ثقته بنفسه في تعامله مع غيركم. احرصي أيضاً على أن تبعدي طفلك في حالة النقاش مع زوجك في الأمور التي تحتمل الغضب.
13- يجب أن يحظى الطفل بشخصية مميزة وقوية قادرة على الإبداع، والابتكار، والقدرة على التعامل مع الآخرين، وعندما نوجهه علينا إعطاءه تعليمات واضحة لعمل معيّن، والأهم أن نمدحه دائماً حتى على المحاولات الصغيرة.
اقرأ أيضاً:
- كيف تربين طفلاً قيادياً؟
- أهم أساليب التربية الحديثة في بناء شخصية الطفل
