10 ديسمبر 2025

الشيف سلوى عبد السلام: عشقت المطبخ اللاتيني وحملته معي إلى لبنان

محررة متعاونة في مكتب بيروت

مجلة كل الأسرة

الشيف سلوى عبد السلام، أحبّت الطبخ منذ صغرها، وقد ورثت من والدتها أصول المطبخ اللبناني، ومن والدها أصول المطبخ السوري، ومن ولادتها وعيشها في فنزويلا تعلّمت أصول المطبخ اللاتيني الذي حملت ثقافته معها إلى لبنان، حيث تعيش الآن. وقد أسست مع زوجها شركة «بون غوستو» التي تتولى مهام «كايترنغ»، أي تحضير الطعام وتقديمه في المناسبات والمنازل، مضافاً إلى «الفروزن» وهو قسم المنتجات المجمدّة، للمطاعم والفنادق، وقسم «ميلز هيلث» الذي يطال الغذاء الصحي المتوازن لمن يحتاج إلى خدمة التنسيق مع أخصائيات التغذية والريجيم. تقول سلوى إن نجاح الشيف رهن بالشغف والخبرة، وسرّ نجاح الوصفات الشهية مقرون بإعدادها بحب، إذ لابدّ أن يكون الحب ساكناً في الطعام، والشيف الذي يحضر وجبته بحب ينتبه إلى أدق التفاصيل، فيصيب النكهة الفريدة التي تلتصق باسمه.

مجلة كل الأسرة

  ماذا تخبرينا عن مشوارك في عالم الطهو؟

  مشواري مع الطهو بدأ من فنزويلا، حيث ولدت، وتربيت، وعشقت المطبخ اللاتيني، حتى أنني حملته معي إلى لبنان. في البداية اكتسبت المعرفة الأولية من والديّ، وأول طبخة قدمتها كانت في عمر 12، وأتذكّر أنها كانت يخنة البطاطس، مع اللحم والأزر، تلتها يخنة الخضار، ثم البيتزا، والباستا، والمعجنات على أنواعها، فقد كانت والدتي تعجن، وتُعد البتزا والباغيت بطريقة فريدة، ووالدي كان ملمّاً بالمطبخ السوري، ويجيد تقديم وتزيين السفرة بشكل باهر، وتأثرت بهما.

لقد كنت شغوفة بالطهو، وتحمست لاحترافه، ولأن أولى تجاربي كانت ناجحة جداً، فقد حظيت بالتشجيع من الأهل والأقرباء، ما حفزني على تعلّم الطبخ الاحترافي والفندقة في إسبانيا، في «سيميديا»، والمضي في مشواري، ومنذ عشر سنوات جئت إلى لبنان، وحققت حلمي بالتعاون مع زوجي، في تأسيس معمل ومطبخ «بون غوستو» الذي نجح وتوسع، وأصبح لدينا اليوم عدد من الطهاة الذين يساعدونني، وجميعنا نعمل بحب واحتراف، وأكثر ما يسعدني في مشواري أنني حققت حلمي بإنشاء «بون غوستو» الذي اختبر من خلاله فنون الطهو للمناسبات.

 هل تقدّمين الوجبات اللاتينية؟

  بالتأكيد، المطبخ اللاتيني حاضر معي دوماً، وقد بدأت مشروعي من خلال المنتجات اللاتينية، واخترت التنويع من المطبخ اللاتيني، فأخذت من كل بلد لاتيني الوصفة الأكثر رواجاً، مثل «كوشينيا» من البرازيل، وأيضاً «بومبانادس» من كولومبيا، و«تيكونس» من فنزويلا، وأضفت الوجبات للشرق أوسطية والمفرزة مثل «الرقاقات»، و«السمبوسك»، و«أقراص الكبة» التي يمكن حفظها من ستة إلى ثمانية أشهر، ثم باشرت إدارة المناسبات وخدمة التوصيل، إضافة إلى الغذاء الصحي، حيث أتحت فرصة للزبائن للمتابعة مع أخصائية التغذية، سحر أبو الحسن، ضمن ظروف صحية خاصة بهم.

مجلة كل الأسرة

 ما هو الأحب إليك بين أنواع الطبخ؟

  على الرغم من أن لديّ خبرة في جميع أنواع المطابخ، إلا أنني شغوفة بالمطبخ اللاتيني، وأجد نفسي فيه، ولديّ بصمة خاصة في إعداد الطعام اللاتيني الذي يشمل الوجبات المتنوعة، من أمريكا اللاتينية، والتي تختلف في نكهتها بين بلد وآخر، ففي المكسيك والبيرو نجد أن النكهة حادّة، والبهارات حارّة، وفي فنزويلا نجد مزيجاً بين الحلو والمالح، حتى أن الفاصوليا يتم طهوها بالملح والسكر، معاً، وهذا سِر تميّزها عن غيرها. وكذلك أحب المطبخ الشرق أوسطي الذي يختلف بين بلد وآخر، لكنه يتميّز عن غيره بالبهارات، الحلوة والحارّة، حتى أن طرق الطبخ تختلف، بين منطقة وأخرى، مثال ذلك إعداد المنسف المشهور عربياً، يختلف بين لبنان والخليج، من هنا يمكننا القول إن كل بيئة لديها مطبخها.

 لكل بلد وصفاته التي تعكس مناخه، فهل لكل طاهٍ مزاجه...

صحيح أمزجة الناس تختلف في إعداد الطعام وفق طبيعة البلد، وكذلك حال الطهاة فإنهم يتميزون في وصفات خاصة بهم، فانا مثلاً أقدّم «كانابيه»، و«ترافل» بنكهة قوية يحبها الناس، ويقصدونني لأجلها، لذا من الشائع القول إن لكل شيف أسراره وخبرته، ولكل مطبخ ذواقته.

 هل ترين أن عالم الطهو يحتاج إلى الخبرة أكثر من العلم؟

من خلال تجربتي أقول إن الموهبة هي الأساس، والشغف هو الذي يدفعنا إلى التعلم، والابتكار لا يقف عند حدود معينة، فأنا على الرغم من خبرتي لا اكتفي بما أعرفه، بل أعتبر أن كل يوم هو فرصة جديدة لي لتعلم وصفة جديدة، وأحب أن أجرّب، وأبتكر، وأمزج مكوّنات مع بعضها بعضاً، بالاعتماد على خبرتي وذوقي، لأقدّم وجبة مغايرة للمألوف يتذوقها المحيطون بي، ودائماً ما يثنون عليها.

لقد تغيّرت الحياة وباتت أكثر سرعة وسهولة وانفتاحاً، وهذا يضيف إلى عالم الطهو ولا يلغي الموروثات

هل تتغير الوجبات في رأيك بين جيل وآخر، وهل تزول الموروثات في الطهو؟

 أعتقد أن المطابخ لم، ولن تفقد خصوصيتها، فلكل مطبخ أصول خاصة ينقلها الأجداد إلى الأبناء، بطريقة مباشرة أو غير مباشرة، ولكن تضاف إليها ابتكارات جديدة، ونكهات حديثة، فنحن اليوم في عالم منفتح على بعضه بعضاً، لذا، نجد أن الجيل الجديد بات خبيراً في النكهات العالمية، وأن المطبخ اللبناني متأثر اليوم بوصفات من المأكولات السريعة الرائجة منذ زمن، في أوروبا وأمريكا. كما نجد أن المطبخ اللاتيني تعمّم، ووصل إلى لبنان من خلال الإعلام، ومواقع التواصل الاجتماعي التي تنشر المعرفة، إضافة إلى ذلك، فإن ربّات البيوت المعاصرات يستفدن اليوم من الدمج بين الصناعة والموروث، فربّة المنزل تتعلم من والدتها بعض المأكولات، لكنها لا تحضّر المونة والمفرّز بنفسها، كما كانت تفعل الجدّات، بل تستفيد مما تقدمه لها الصناعة في مجال الطهو، فهي تقصد التعاونيات لتحصل على النكهات المعلّبة، والمأكولات المفرزة، بدل أن تستهلك الوقت والجهد في تحضيرها، وتجد نفسها أمام لائحة طويلة من محفوظات البندورة، والمربيّات، والمكدوس، وكذلك المعجّنات والرقاقات، وحتى الكيك بات متوفراً في علب جاهزة يكفي أن تخفقه وتضعه في الفرن فيكون جاهزاً للأكل. لقد تغيّرت الحياة، وباتت أكثر سرعة وسهولة وانفتاحاً، وهذا يضيف إلى عالم الطهو، ولا يلغي الموروثات.

مجلة كل الأسرة

 انت متخصصة في طريقه تقديم الوجبات، فماذا يعني لك هذا المجال؟

 المطبخ بالنسبة لي لا يعني إعداد الوجبات، بل هو أبعد من ذلك، هو أمر يرتبط بالمشاعر، فأنا عندما أفرح أطبخ، وعندما أحزن أطبخ، ولأن الطعام يلامس اجتماع العائلة والأصحاب في المناسبات، ليس بهدف ملء المعدة الفارغة، بل بهدف الحب والذكريات، لذلك، فإن طريقة التقديم تلعب دوراً هاماً في حفظ الذكريات، ويجب أن تتم بأناقة وتمايز، وزينة الصحن هامة جداً للعين، وقابلية الطعام، وهناك إتيكيت خاص بالطعام في الأحزان والأفراح، وتختلف طريقة التقديم بحسب المناسبة.

 ماذا يعني لك تعهد الطعام في المناسبات الكبيرة؟

  بدأت بتعهد الطعام لمناسبات أعياد الميلاد، وحفلات التخرج، ثم بدأت بتقديم الطعام لحفلات الخطوبة والزفاف، وقد كان الأهم بالنسبة لي في هذا المجال أن اختار«مينيو» متمايزة، وهذا هام جداً في عملنا، وربما يكون هو المهمة الأصعب لأن هناك اختيارات كثيرة يمكن تقديمها في الأفراح. لكن أنا منذ تجربتي الأولى، اخترت المأكولات والمشروبات ذات النكهات، الجديدة والفريدة، وكانت السفرة سبباً لان يسأل الضيوف عمّن أعدّها الأمر الذي أسعدني، وحفزني، وزاد من حماستي، وضاعف شهرتي بين الناس، تلته بعدها سلسلة من المناسبات الجميلة.

مجلة كل الأسرة

ما هو التحدّي الأكثر تأثيراً فيكِ في هذا المجال؟

  التحدّي الأكبر الذي خضته كان خلال فترة الحرب الإسرائيلية على لبنان، حيث تعاونت مع جمعية «فرح» لإعداد وجبات للنازحين إلى المناطق الجبلية، وكنت أعدّ يومياً نحو 2000 وجبة، وهذا مغاير لما كنت معتادة عليه، فأنا في مناسبة الفرح أطبخ مثلاً 20 كيلوجراماً من الأرز، أما في فترة الحرب فصرتُ أطبخ نحو 300 كيلوجرام من الأرز، وقد اختبرت منذ خلال هذه التجربة كيفية تحمّل مسؤولية كبيرة.

هل تقدمين أسرار مطبخك إلى غيرك أم تحتفظين بها لنفسك؟

أنا أؤمن بأن لكل طاه نفَسَه في الطبخ، والسرّ يكمن في الحب، لذا، إذا طلب مني التعريف عن وصفة، ما فإنني أعطيها كاملة، وبمقادير دقيقة، وأحرص على أن تكون النكهة مثالية، حتى الطهاة الذين أتعامل وإيّاهم في مطبخي اليوم فقد باتوا يعرفون طرق «بون غوستو»، وأساليبه، ولكنني أشرف على التفاصيل بنفسي، وعلى تقديم الصحن.

مجلة كل الأسرة

ما هي نصيحتك لربّات البيوت؟

 على ربة البيت أن تلتزم بمكوّنات الطبخ التي تتعلمها، وطريقة الإعداد، والمدة اللازمة للطهو، وطريقه التقديم، ويمكنها بعد التعلم واكتساب الخبرة أن تعتمد معايير خاصة في مطبخها، فاختيار المكيال الذي يناسب عائلتها يوفر عليها الوقت والجهد، كذلك عليها التنبّه إلى مواد المونة التي تحفظها في بيتها لكي تبقى زكية الرائحة، وخلال تحضير الوجبات عليها استخدام الأدوات الصحية، من طناجر، ومقالي، وسكاكين، وما إلى ذلك لتحمي صحة عائلتها، ويفضّل استخدام لوح تقطيع خاص بالدجاج واللحوم، وآخر خاص بالخضار والفاكهة، فالنظافة أساس في الطبخ.

وصفات ذات صلة:
- سلطة المعكرونة‌... من الشيف سلوى عبد السلام
- ‌ سلطة الكينوا‌... من الشيف سلوى عبد السلام
- فيليه الدجاج مع مشروم وبطاطس مهروسة‍‍... من الشيف سلوى عبد السلام