04 ديسمبر 2025

التفاهم والصدق وتقبّل الاختلاف... مفاتيح بناء علاقة زوجية سعيدة ومستقرة

محررة في مجلة كل الأسرة

مجلة كل الأسرة

العلاقات الزوجية السعيدة لا تُبنى بالصدفة، بل على وعي وجهد متبادلين بين شريكين يؤمنان بأن الحب وحده لا يكفي. فخلف كل علاقة ناجحة، هناك تفاهم صادق، وتواصل فعّال، واحترام متبادل يجعل من البيت مساحة للأمان والنمو، لا ساحة للتنازلات المرهقة، أو التظاهر بما ليس حقيقياً.

ومع تأكيد الدراسات أن الأزواج السعداء يعيشون حياة أطول، وأكثر صحة، يبرز السؤال: ما الأسس التي تجعل العلاقة الزوجية مزدهرة، ومستقرة؟

مجلة كل الأسرة

تقول الدكتورة زينب عبد العال، أستاذ علم النفس بجامعة أبوظبي، ومستشارة معتمدة في مجال الإرشاد النفسي والأسري «السعادة الزوجية لا تعني غياب المشكلات، بل القدرة على التعامل معها بوعي وتوازن، من دون إفراط في التضحية، فهي ليست حلماً رومانسياً، بل مشروع حياة، يقوم على الصدق، والتفاهم، والرغبة في العطاء المتبادل، فعندما يسعى كل طرف لأن يكون لنفسه وللآخر في الوقت ذاته، تتحول العلاقة إلى مصدر دعم وطمأنينة، وتُزهر مع مرور السنوات حباً أعمق، وسعادة أصدق».

مجلة كل الأسرة

نصائح هامّة لعلاقة زوجية سعيدة

تقدم الدكتورة زينب عبد العال، بعض النصائح التي تساعد على إقامة علاقة زوجية سعيدة، تلخّصها في النقاط التالية:

  • التوازن لا التضحية المفرطة: يظن كثيرون أن سر العلاقة الناجحة يكمن في التضحية المستمرة، لكن الدراسات الحديثة تشير إلى أن الإفراط في العطاء على حساب الذات يرهق الطرفين، ويُضعف تواصلهما، فالعلاقة الصحية تحتاج إلى توازن بين تلبية احتياجات الشريك والعناية بالنفس، فعندما يشعر أحد الطرفين بأنه يقدّم أكثر مما يأخذ، يتسلل الإحباط والتعب النفسي تدريجياً، ما يهدّد استقرار العلاقة.
  • الصدق منذ البداية: من أهم مفاتيح السعادة الزوجية أن يكون كل طرف حقيقياً منذ البداية، فالتظاهر، أو إخفاء المشاعر والطموحات يخلق فجوة مع الوقت تؤدي إلى القلق، أو الاكتئاب، أما الصراحة في التعبير عن الذات، والرغبات، والمخاوف، فتفتح الباب أمام علاقة قائمة على القبول الحقيقي، وتمنح الشريكين فرصة للنمو معاً، بصدق وثقة.
  • التفاهم العميق: يؤدي معرفة الشريك بعمق إلى تثبيت أركان الحياة الزوجية، فالعلاقة الناجحة لا تُبنى على الحب وحده، بل على الفهم الحقيقي للشريك: ما الذي يحبه؟ ما الذي يخيفه؟ كيف كانت تجاربه السابقة؟ هذا الفضول الصحي لا يعني التطفل، بل السعي لبناء جسر من الفهم والاحتواء. وعندما يتقبّل كل طرف الآخر كما هو، من دون محاولة تغييره، تتحول العلاقة إلى مساحة آمنة للنضج والتطور، معاً.
  • تقبّل الاختلافات واحترامها: كل طرف يأتي بخلفية وتجارب مختلفة، وتقدير هذه الفوارق يجعل العلاقة أكثر نضجاً، بدلاً من التركيز على ما يزعجنا في الآخر، من الهام أن نُعزز الجوانب المشتركة التي تجمعنا، لأن احترام وجهات النظر المختلفة هو ما يصنع علاقة متزنة، ومستقرة.
  • حل المشكلات بطريقة بنّاءة: لا توجد علاقة خالية من الخلافات، لكن طريقة التعامل معها هي ما يحدد مصيرها، فالحوار الهادئ، والإصغاء من دون اتهام، والسعي لإيجاد حلول ترضي الطرفين، كلها عوامل تحافظ على قوة العلاقة، فالتفاهم لا يعني غياب المشكلات، بل القدرة على تجاوزها بروح الفريق الواحد.
  • التواصل الإيجابي مفاتيح العلاقة العميقة: تزدهر العلاقات الحقيقية حين يتحرر الشريكان من الأقنعة والتوقعات الاجتماعية. أن تكون على طبيعتك وتُعامل بالصدق هو جوهر العلاقة السعيدة. كما أن التواصل الإيجابي القائم على الإصغاء باحترام، والتعبير من دون لوم، هو الوقود الذي يُبقي العلاقة حيّة، ومتجدّدة.

وختاماً، تشير الدكتورة زينب عبد العال إلى أن العلاقة الزوجية السعيدة ليست حلماً رومانسياً، بل مشروع حياة، يقوم على الصدق، والتفاهم، والرغبة في العطاء المتبادل، وعلى الزوجين أن يحرصا على الوصول بعلاقتهما إلى هذا الحدّ الذي يضمن لهما حياة سعيدة، ومستقرة.