19 أغسطس 2025

ما هي الأخطاء التي تغفر والتي لا تغفر في الحياة الزوجية؟

محررة متعاونة

مجلة كل الأسرة

قد تكون هناك أخطاء بين الزوج والزوجة من وقت لآخر... هذا طبيعي جداً، فالزواج يعني الكثير من الجلسات الهادئة والرومانسية، والعلاقة الجميلة، ولكن للأسف، العلاقة بين الزوجين لا تعني هذا فحسب، فالزواج له أيضاً تقلّباته، وأخطاؤه التي قد يرتكبها البعض عن قصد، وأخرى التي نقوم بها من دون وعي.

طبعاً، من الجيد أن يتسامح الشريكان، ويتمتعان بالمرونة مع بعضهما بعضاً.. ولكن للأسف، هذا لا يحدث دائماً، فعلى الرغم من كل الحب، والعِشرة، والتشابكات الحياتية بين الزوجين، تظل هناك أخطاء تغفر، وأخطاء لا تغفر وخطوط حمر لا ينبغي تجاوزها، وإلا ستدمّر العلاقة بين الزوجين، وتنتهي حياتهما معاً، في غمضة عين.

سألت «كل الأسرة» عدداً من خبراء العلاقات الزوجية والعلاج الزواجي حول ماهية الأخطاء التي تغفر، والتي لا تغفر، في الحياة الزوجية، هل هذه الأخطاء المحظورة والمناطق الخطرة مختلفة ومتغيّرة بين الأزواج، أم أنها أمور متشابهة في كل الحالات، وهل يجب الاتفاق مسبقاً على الأخطاء التي لا تغفر أم، أنها أمر ضمني؟

مجلة كل الأسرة

أخطاء لا تمرّرها الزوجة ولا تنساها

بداية، تؤكد الدكتورة نيفين إبراهيم، استشاري الصحة النفسية وتعديل السلوك والإرشاد الأسري، بالقاهرة، أنه ينبغي على كل زوجة أن تدرك جيداً أنه لا يوجد زوج تفصيل، خالٍ من العيوب، فالكمال لله وحده، ولو أن الحياة الزوجية وقفت عند كل مشكلة فسوف تتعطل، ولن تسير أبداً. كما أن الحياة الزوجية لا تخلو من اختلافات الصفات، ولا تخلو من تعارض المصالح بين الزوجين، ما يسبب المشكلات حتماً، فهذه طبيعة الحياة.

وتقول: «يتعرض الزوجان للعديد من المشكلات والأخطاء التي ترتكب نتيجة الحياة اليومية التي يعيشانها. وهناك أخطاء لا تغفرها المرأة، ويجب على الزوج الانتباه لها في مسعى للمحافظة على الحياة الزوجية الرائعة، ومن أهمها:

  • المساس بأنوثة المرأة، ونعتها بصفات تقلّل من هذه الأنوثة، فأكثر ما يستفز المرأة أثناء المناقشات الزوجية، وتعتبره كثير من النساء خطاً أحمر لا تقبل تجاوزه، هو أن يتطرق الزوج إلى عيوب في شكلها، أو طريقة تدبيرها لشؤون بيتها، لأن ذلك يمس جزءاً حساساً في صميم كيانها الأنثوي.
  • مقارنتها بالأخريات في لحظات الانفعال حتى لو كان ذلك من باب التوجيه والملاحظة. فالرجل أحياناً يتلفظ بمثل هذه المقارنات في لحظة غيظ أو غضب، لكنها تظل دوماً بصمة مؤلمة لا تنمحي من ذاكرة المرأة.
  • الإهانة، أو الأذى النفسي الذي تتعرض له بعض الزوجات ويسبب لهنّ القهر والدونية، ويجعل المرأة تشعر بعدم الكفاءة، وقد يؤدي إلى اضطرابات في صحتها النفسية، ومنها حالات الأمراض مثل القولون العصبي، والصداع النصفي، وارتفاع ضغط الدم، والقيء، المستمر، وآلام في الجسم.
  • الكذب والغش يعتبران من الأمور التي يصعب على المرأة تقبلها والسكوت عنها، وغفرانها.
  • الخيانة أمر سيئ جداً، للرجال والنساء سواء، وربما كان أشدّ على الرجل من المرأة، لاعتبارات اجتماعية وسيكولوجية، لكنه يظل أمراً سيئاً، ومن الصعب غفرانه عند المرأة أيضاً، بخاصة إذا كانت خيانات متكرّرة. فقد يظن الرجل أن العودة للمرأة يعني أنها غفرت، وهذا ليس حقيقياً، ففي كل مرة يخسر الرجل جزءاً كبيراً من علاقته بالمرأة، حتى أنه قد يستيقظ يوماً ما، ولا يجد منها شيئاً متصلاً بينهما، وأنه لم يعد له مكان عندها.
  • من أصعب الأمور التي لا تقبلها المرأة، ولا تغفرها، هو أن تكون قرارات رجلها من عقل امرأة أخرى غيرها، حتى ولو كانت تلك المرأة هي أمّه، بل هو ما يزيد الأمر صعوبة.
مجلة كل الأسرة

10 أخطاء لا يغفرها الرجل لزوجته... اعرفيها جيداً

أما الدكتور عمرو شليل، أستاذ علم النفس الإكلينيكي بجامعة المنصورة، فيؤكد، في المقابل، أن هناك العديد من الأخطاء التي لا ينساها الرجل، ولا يغفرها أبداً، وبالتالي، يجب على المرأة العمل على تجنب الوقوع فيها منعاً للوصول إلى المحظور، ومن أبرز هذه الأخطاء:

1. إهانة الزوج (سلاطة اللسان، والتجريح، والإهانة، والسباب والشتائم): هذا الخطأ ليس من الأخطاء التي يمكن أن يغفرها الزوج لزوجته، وحتى إن اعتذرت له ألف مرة، وأبدت ندمها، سيظل الزوج يتذكّر هذا الأمر، وسيؤثر في جدار الاحترام داخل البيت، وقد تنهار الثقة بينهما نتيجة لتكرار الإهانة بينهما، وتنتهي المأساة بورقة طلاق يدفع ثمنها الأبناء.
2. التذكير بأخطاء الماضي: فالمرأة تظن أنها كلما ذكّرت الرجل بأخطائه السابقة، فهذا يعني إنذاره بأنها لم تنسَ، حتى لا يكرّر هذه الأخطاء، ولكن في حقيقة الأمر، أن هذا الأسلوب له آثار سلبية جداً في العلاقة بينهما، لأن الرجل يظن في زوجته الحقد والانتقام، وغيرهما من الصفات التي لا تخدم هدفاً غير أنها تخلق مزيداً من التوتر، وربما تقود الزوج إلى تكرار أخطائه، ويقول في نفسه إنها ما دامت تحفظ كل هذه الأخطاء، فليس من الصعب إضافة أخطاء جديدة، ويصبح ما تردّده مجرّد كلام.
3. مقارنة الزوج بالآخرين: عقد مقارنات دائمة من قبل الزوجة بين الزوج وأزواج الأخريات، من القريبات أو الصديقات، أمر من الأمور التي تفسد العلاقة بين الزوجين أيضاً، وتؤدي إلى جرح الكرامة، وإهانة الرجل في كبريائه، وطعن لكرامته. فالمرأة أحياناً تتلفظ بمثل هذه المقارنات في لحظة غيظ، أو غضب، لكنها تظل دوماً بصمة مؤلمة لا تنمحي من ذاكرة الرجل.
4. إفشاء الأسرار الزوجية: أمر لا يسامح فيه أغلب الأزواج، وهو وقوع الزوجة في خطأ إفشاء الأسرار الزوجية للآخرين، وإطلاعهم على خصوصيات تخصّ الزوج، أو الأسرة حتى إن كان ذلك مع الأهل، والأقارب، والصديقات المقربات من الزوجة، فهذا التصرف مؤذٍ كثيراً للزوج، نفسياً واجتماعياً.
5. التخلي عنه في أزماته: فمن الأمور الصعبة على أيّ إنسان أن يجد نفسه وقت الأزمات بمفرده، لا يؤنسه أو يخفف عنه أحد، والأمر أصعب إذا كان الزوج يفترض أن تواسيه زوجته، فعدم اعتناء المرأة بأزمات زوجها، والتخلي عنه، أمر يسبب له جرحاً كبيراً.
6. العناد والندّية والصوت العالي: الرجل بطبعه يرفض المرأة التي تتعامل معه بصوت عالٍ، وندية، وتعالٍ، بل إن أغلب الرجال، على اختلاف طبائعهم، يرفضون مثل هذه النوعيات من النساء، حتى لو كان الزوج من النوع الهادئ والمرن، فطبيعة الرجل تجعله يرفض الاستبداد من قبل المرأة، حتى لو كان يحبها، ولا يمكنه الاستغناء عنها.
7. الكذب والخداع: أغلب الرجال لا يسامح في الكذب والخداع، ويكون رد فعلهم قاسياً جداً مع الزوجة الكاذبة، وكذلك لا يوجد رجل يقبل بمبررات الغش والتدليس، بعد اكتشافه، مهما كانت شدّة التعلق، والحب الذي يكنه لزوجته.
8. الخيانة: تعتبر من أكثر الأمور التي تجرح أيّ رجل، زوجاً كان أو خاطباً، وغير ذلك، فالرجل حيال خيانة المرأة لن يتوانى عن إيذائها رداً لكرامته ورجولته، وبالرغم من ذلك فإنه حتى بعد الانتقام منها يبقى جريح تلك الخيانة، ولا ينساها.
9. إهانتها أو انتقادها عائلته: من الصعب أن يغفر الرجل أي انتقاد يطال عائلته، بخاصة والدته، فهذا الموضوع يعتبر محرماً بالنسبة إليه، وبمثابة تعدٍّ على كرامته.
10. التجاهل: يعبّر الرجل إجمالاً عن رجولته من خلال حضوره الدائم في حياة المرأة، ومشاركته في القرارات المتعلقة بها، وأبسط تفاصيلها، ولكن إذا تم تجاهله، وعدم الاكتراث لرأيه ووجهة نظره، فقد يؤدي ذلك إلى مشكلة معقدة، وصعبة.

مجلة كل الأسرة

كيف تتعاملان مع أخطائكما لإنقاذ زواجكما؟

من جهتها، تشدد الدكتورة إيمان عبدالله، استشاري علم النفس والعلاج الأسري بالقاهرة، على أن معظم الأخطاء التي لا تغتفر والتي يتم فيها تجاوز الخطوط الحمر بين الزوجين تكون في السنوات الأولى للزواج، وتحديداً في أول 5 سنوات زواج، وهي الفترة التي يتعرف فيها كل منهما إلى صفات الآخر، وطباعه، ويكتشف ما يحبه وما يزعجه، وبعد ذلك، تستقر الحياة نسبياً بينهما.

وتقدم الاستشارية الأسرية إيمان عبدالله بعض النصائح والإرشادات للزوجين يتمكنان من خلالها التعامل بشكل أفضل مع الحياة الزوجية، والتراجع في الوقت المناسب قبل الوقوع في الأخطاء التي لا تغتفر:

  • أول نصيحة هي التوقف فوراً عن عقد المقارناتن بخاصة في تلك الأمور الزوجية المحرجة، فالمقارنات بكل صورها وأشكالها تحوّلك دائماً إلى كائن تعيس، غير راضٍ عن حياته وعلاقته الزوجية، فيلجأ الزوج، أو الزوجة، إلى المقارنة مع الحالة الاجتماعية والمظهر والأولاد لغيرهما، بدافع الغيرة والضيق، أو حتى المقارنة بدافع السخرية والتنمّر.
  • كل الناس لديهم عيوب وأخطاء، ودورنا أن نتفهم أخطاء بعضنا بعضاً، ونتكيف معها كثيراً، ونحاول أن نصلح من أخطائنا، وننصح بعضنا بعضاً، ونلتمس الأعذار.
  • التوقف فوراً عن استخدام الألفاظ الجارحة التي نستخدمها خلال أوقات الخلاف والغضب، لأنها لا تنسى أبداً، وقد ينسى الزوجان أسباب الخلاف، لكن كلمات التجريح والإهانة تظل عالقة في ذهن كلا الطرفين، تنغّص عليهما حياتهما، وما إن يدبّ خلاف بينهما من جديد يتذكر كل منهما الإهانات السابقة لشريك حياته، وتزداد الأمور بينهما سوءاً.
  • أن يتعامل الزوجان معاً بمبدأ «ما فات مات»، بمعنى أنه عندما تحدث مشكلة ويتم حلها يجب أن تصبح كأنها لم تكن، فلا يجوز أن يكرّر أحد الطرفين على مسامع الآخر نفس المشكلة التي حدثت، وانتهت من زمان، لأن هذا الأسلوب يزيد المشكلات، ويضخمها ويظهر الشريك بأنه يتعمد تصيّد الأخطاء، وافتعال المشكلات.
  • يجب أن تحرص الزوجة على إخبار زوجها بكل شيء، مهما كان صغيراً وظنت أنه لا يستحق، وكذلك الزوج يجب أن يصارح زوجته بأي شيء حتى لا يفتح باباً للشك والغيرة والمشكلات.
  • يجب أن يعي الزوجان أنّ زلّات اللسان والتفوّه بالألفاظ الجارحة أثناء الخلافات الزوجية تقتل كثيراً من المعاني والأمور الجميلة التي تربط بينهما، بخاصة أنها لن تُنسى أبداً مهما حدث، ولذا يجب أن يسيطر كل طرف على لسانه في الخلافات الزوجية.
  • ضرورة أن يحترم الرجل زوجته، وأن تبادله هي الأخرى الاحترام باحترام أشدّ، بخاصة أمام الأبناء، ليكون هذا درساً عملياً لهم في معنى الحياة الزوجية، واحترام رأي الآخر، لأن اختفاء علاقة الاحترام بين الزوجين سببها عدم التربية على الحوار منذ الصغر، وينبغي على والزوجة، حتى إن اختلفت مع الزوج وكرهته، أن تذكره أمام أولادها بالكلمة الطيبة، وتحاوره بأسلوب مهذّب، وبحرص شديد.
  • ضرورة اعتراف الزوجين باختلاف وجهات النظر، ومن الضروري تقبّل هذا الاختلاف، وأن يعترفا بأن هناك اختلافاً في الطباع بين البشر، وتجنب توجيه تبادل الاتهامات في كل خلاف، فعلى سبيل المثال، قد يكون الزوج ساخراً بطبعه، والزوجة تأخذ كل شيء بجدية، وهنا قد ينشب الخلاف بسبب اختلاف الطباع.