عندما يحتدم الخلاف بين الزوجين تتطاير العبارات والاتهامات بينهما كالقذائف، يغيب صوت العقل ولكن تبقى هناك دائماً خطوط حمر لمناطق خطرة لا يسمح لأي من الطرفين بالاقتراب منها، وعدم الانتباه لهذه الخطوط الحمر والخوض فيها قد يؤدي لعواقب وخيمة.
طرحت «كل الأسرة» هذه القضية على عدد من أساتذة الطب النفسي وخبراء العلاقات الزوجية والأسرية ، وسألتهم: هل هناك خطوط حمر بين شريكي الحياة يجب عدم تجاوزها أو تعديها؟ كيف يمكن للزوجين المحافظة على عدم تجاوز هذه الحدود أثناء الشجارات الزوجية؟
via GIPHY
1- استخدام العنف اللفظي
بداية، تؤكد الدكتورة منى رضا، أستاذة الطب النفسي بجامعة عين شمس، أن ما يقرب من 50 % من المشكلات الزوجية التي تؤدي بالزوجين إلى الطلاق أو ارتكاب الجرائم في حق الطرف الآخر تكون بسبب تجاوز الخطوط الحمر واللجوء إلى استخدام العنف اللفظي والجسدي أثناء الخلافات الزوجية مما يجعل الحوار ينحرف عن المشكلة الأساسية.
وتقول «إن معظم المشكلات التي يتم فيها تجاوز الخطوط الحمر بين الزوجين تكون في السنوات الأولى للزواج وتحديداً في أول 5 سنوات زواج، وهي الفترة التي يتعرف فيها كل مهما إلى صفات الآخر وطباعه ويكتشف ما يحبه وما يزعجه وبعد ذلك تستقر الحياة نسبياً بينهما».
وتضيف «المرأة بطبيعتها عاطفية جداً وهذا الأمر يجعلها سريعة الغضب في كثير من الأحيان ولا تستطيع التحكم في نوع العبارات التي تستخدمها ضد الزوج في أوقات الخلاف ولحظات الغضب لذلك كثيراً ما نرى أن الزوجة هي المسؤول الأول عن إنجاح العلاقة الزوجية باعتبارها ملكة البيت ولديها من الذكاء العاطفي ما يجعلها تتعرف بسرعة إلى طباع الزوج وبعدها يكون الحل في يدها فهي من تستطيع تجنب الخطوط الحمر التي تفاقم الخلافات الزوجية من خلال عدم استفزازها للرجل».
2- إفشاء أسرار بيت الزوجية
ويتفق معها الدكتور مدحت عبد الهادي، استشاري الطب النفسي والعلاقات الأسرية، في أهمية تحكم الزوجة في انفعالاتها أثناء النقاش، «فالمشكلات الزوجية ليست حلبة مصارعة يجب أن ينتصر فيها طرف على الآخر ويجب أن يتذكر الطرفان دائماً أن عدم التحكم في الانفعالات أحيانا يقود إلى الفراق وأحياناً يقود إلى كوارث مثل تلك الجرائم البشعة التي يرتكبها الزوجان في حق بعضهما البعض».
ويشدد استشاري العلاقات الزوجية على أهمية أن يحافظ الزوجان على خزينة أسرارهما حتى وإن وصلت بينهما العلاقة لذروة الخلاف، ويبين «أن الزوجين بحكم علاقتهما الحميمية وطول مكوثهما سوياً يكون بينهما من الأسرار والخصوصيات ما لا يكون بين غيرهما من الناس، لذا يجب عليهما حفظها وعدم إفشائها لأن كشف أي أسرار يفقد مفشيها ثقة شريكه تماماً، وإذا نزعت الثقة بين الزوجين كان ذلك بمثابة إذن بخراب بيت الزوجية، وأكثر ما يجب أن يحذره الزوجان هو كشف الأسرار حينما يعيشان مشكلة ما».
via GIPHY
3- انتقاد شكل وأنوثة الزوجة
يؤكد الدكتور ياسر عبد الرازق، أستاذ الطب النفسي بكلية الطب جامعة عين شمس «من المناطق المحظورة المساس بأنوثة المرأة ونعتها بصفات تقلل من هذه الأنوثة، فأكثر ما يستفز المرأة أثناء المناقشات الزوجية ويعتبره كثير من النساء خطاً أحمر لا تقبل تجاوزه هو أن يتطرق الزوج إلى عيوب في شكلها أو طريقة تدبيرها لشؤون بيتها لأن ذلك يمس جزءاً حساساً في صميم كيانها الأنثوي».
أما الأمر المهم والذي تعتبره المرأة أيضاً من المحرمات هو مقارنتها بالأخريات في لحظات الانفعال حتى ولو كان ذلك من باب التوجيه والملاحظة، مشيراً إلى أن الرجل أحياناً يتلفظ بمثل هذه المقارنات في لحظة غيظ أو غضب لكنها تظل دوماً بصمة مؤلمة لا تنمحي من ذاكرة المرأة.
ويرى الدكتور ياسر عبد الرازق ضرورة اعتراف الزوجين باختلاف وجهات النظر، ومن الضروري تقبل الاختلافات في الرأي وأن يعترفا بأن هناك اختلافاً في الطباع بين البشر والاعتراف بأن الآخر يتحدث لغة مختلفة، وتجنب توجيه تبادل الاتهامات في كل خلاف، فعلى سبيل المثال قد يكون الزوج ساخراً بطبعه والزوجة تأخذ كل شيء بجدية وهنا قد ينشب الخلاف بسبب اختلاف الطباع.
ويتطرق أستاذ الطب النفسي إلى أهمية أن يتعامل الزوجان معاً بمبدأ «اللي فات مات» بمعنى أنه عندما تحدث مشكلة ويتم حلها يجب أن تصبح كأن شيئاً لم يكن فلا يجوز أن يكرر أحد الطرفين على مسامع الآخر نفس المشكلة التي حدثت وانتهت من زمان لأن هذا الأسلوب يزيد المشكلات ويضخمها ويظهر الشريك بأنه يتعمد تصيد الأخطاء وافتعال المشكلات.
4- تدخل الأهل في حياة الزوجين
تؤكد الدكتورة اعتماد عبد الحميد، استشارية العلاقات الأسرية والعلاج الزواجي في مصر على أهمية وضع حدود لتدخل الأهل وعلى الزوجين وضع خطوط حمر للأهل لعدم التدخل في حياتهما الخاصة، فليس معنى أن وجود الأهل سند لنا وقت الصعاب أن نقحمهم في حياتنا ونترك لهم أمر الأسرة وقراراتها ليتحكموا فيها فهم ليسوا الملجأ دائماً في كل المشاكل ولكن تدخلهم قد يزيد الأمور تعقيداً بين الزوجين ويبعدهم عن الحلول القريبة.
وتقول «لا شك أن الخلافات التي تنشأ بين الطرفين طبيعية لكن طريقة إدارة هذه الخلافات والتعامل معها يعد عاملاً حاسماً لتجاوزها ومن الضروري أن يتعلم الزوجان طريقة الحوار ويتواصلان معاً ليصلا إلى لغة حوار مشتركة بعيداً عن الشجار دون طائل».