13 نوفمبر 2025

«بينك وبين الكتاب»... مساحات شغف وصداقة مع القراءة في «معرض الشارقة الدولي للكتاب»

محررة في مجلة كل الأسرة

مجلة كل الأسرة

يتجاوز شعار «بينك وبين الكتاب» لمعرض الشارقة الدولي للكتاب في دورته الـ44 كونه شعاراً سنوياً، ليغدو سؤالاً موجّهاً إلى القارئ عن عمق علاقته بالكتاب، وعن تلك «الصداقة الهادئة» التي تنشأ بين الإنسان والحرف، في زمن تسيطر عليه الشاشات والـ«سوشيال ميديا»، ويضيق الوقت بنا لنفقد هذا الشغف تجاه الكتاب.

ففي كل عام، يعيد معرض الشارقة للكتاب ألقه ووهجه، ويتردّد صدى شعار الدورة «بينك وبين الكتاب» بين أروقة المعرض في «إكسبو الشارقة».

«كل الأسرة» حملت هذا الشعار كما هو، وسألت عدداً من زوار المعرض: «ماذا بينك وبين الكتاب؟».

مجلة كل الأسرة
مجلة كل الأسرة

في هذه المساحة بينهم وبين الكتاب، يعبّر الزوار عن علاقتهم  بالقراءة، حيث كل منهم يرتبط بعلاقة خاصة مع الكلمة المقروءة، مع حروف النور، بيد أنهم جميعاً يتوافقون على قناعة واحدة وهي «إن ما بيننا وبين الكتاب مساحات فكر، وصداقة، وحب، وشغف، غير محدودة»، من مريم التي تجد في القصص عن الوطن دفء الانتماء، إلى غالية التي تهرب إلى  القراءة كملاذ من ضجيج الشاشة، وفاطمة التي تعلمت من الكتاب ما لا تعلّمه الحياة.

مجلة كل الأسرة
مجلة كل الأسرة

بين الشعار والتجربة

في جولة بين أجنحة المعرض وأروقته، تتجلّى فكرة الشعار واقعاً ملموساً، وتتكشّف وجوه متعدّدة لصداقة واحدة اسمها «الكتاب».

قدمت المعلمة زينب الشحي،  مع فريق من الطالبات من مجمع زايد التعليمي في الذيد، إلى معرض الشارقة الدولي للكتاب. تقود، وفريقها، مبادرة تعزيز  القراءة في المجمع  التعليمي. مجموعة فتيات حملن شعار «بنت زايد تقرأ وترتقي»، في رسالة واضحة على أهمية القراءة في الارتقاء بالمرأة، وفي الوصول بها إلى أعلى مراتب النجاح والتفوّق.

هذه المبادرة، كما تحدثنا زينب الشحي، تجسد الجهود الطلابية في تعزيز المبادرات القرائية، وتشجيع الطلاب على التماس مع الكتاب عبر الأنشطة القرائية، وتنظيم المناسبات الثقافية والتعليمية. وضمن هذه المبادرة، يتحول الشغف بالقراءة إلى مشروع جماعي يعيد إلى الكتاب حضوره في وجدان الجيل الجديد، لتتبدى الرغبة الصادقة في أن تبقى العلاقة مع الكتاب حية، نابضة، ملهمة، ومملوءة بالشغف.

وتوجز الشحي: «تجربتنا تقوم على غرس حب الكتاب في نفوس الطلبة، من خلال أنشطة قرائية مبتكرة، وفعاليات تفاعلية تجعل القراءة تجربة حيّة وغير تقليدية».

مجلة كل الأسرة

يتجلّى شعار الدورة «بينك وبين الكتاب» كجسرٍ يجمع بين جيل يقرأ، وجيل يؤمن بأن القراءة هي الطريق الأجمل لاكتشاف الذات والعالم.

تتحدث الطالبة غالية خالد، وهي إحدى المشاركات في مبادرة «القراءة»، عن علاقتها بالكتب، قائلة «بيني وبين الكتاب صداقة ومحبة… أحب القراءة، وأحرص على أن أقرأ كل يوم تقريباً، ولو لساعة واحدة»، وتعترف: «صحيح أن الشاشات تأخذ جزءاً من وقتي، لكنني أحاول دائماً أن أوازن بينها وبين القراءة، لأن الكتاب يمنحني راحة لا أجدها في أيّ مكان آخر، ويأخذني إلى عوالم جميلة أعيشها بخيالي».

وتعبّر غالية عن تماسّها العميق مع تلك العوالم : «القراءة بالنسبة لي لحظة هدوء أعيشها مع نفسي، وصداقة أعتز بها كل يوم».

بدورها، تسرد فاطمة عيد تفاصيل علاقتها بالكتاب كصديق، وتعبّر عن شغفها بالقراءة: «الكتاب بالنسبة لي ليس ترفاً، بقدر ما هو  حاجة يومية تساعدني على تطوير ذاتي، وتوسيع مداركي، وكلما سرقتني الانشغالات أو الشاشات، أعود إلى الكتاب».

وتضيف: «أقرأ أيّ كتاب يقع بين يديّ، سواء كان تعليمياً أو ثقافياً، لأن كل كتاب يضيف إليّ شيئاً جديداً، وبصراحة، القراءة أفادتني كثيراً، وعرّفتني إلى أمور لم أكن ملمّة بها، مثل تنظيم الحياة اليومية، وتطوير الشخصية، وفهم اللغة، والكثير من آفاق التعليم».

مجلة كل الأسرة

لا تنتهي التجارب عند القراءة، حيث تتحول العلاقة مع الكتاب إلى  أسلوب حياة يملأه الوعي والجمال. تحدثنا مريم عارف، من مجمع زايد التعليمي في الذيد، عن الكتاب كصديق يفتح أمامها أبواب المستقبل، مؤكدة أن ما يجمعها بالكتاب «صداقة ومودّة حقيقية تشكّل جزءاً من شخصيتي».

تقول مريم: «بيننا صداقة ومودّة… نحب أن نقرأ، لأن القراءة ترفعنا، وتساعدنا لنتقدّم ونتطور. الكتاب ساعدني كثيراً على تطوير نفسي وصقل مهاراتي، وفريقنا يشارك في فعاليات معرض الشارقة الدولي للكتاب، حيث أعمل وزميلاتي، على إبراز قدراتنا، وتشجيع التفاعل مع الكتب والقراءة».

وعن نوع الكتب التي تميل إليها، تشير مريم إلى أنها تفضّل القصص التي تتناول الوطن، والقيادة، والتراث الإماراتي: «أحب القصص عن شيوخنا، ودولتنا، وتراثنا… لأنها تذكّرني بجذورنا، وتزيدني فخراً بانتمائي».

وتعترف مريم بأن القراءة في هذا العصر لم تعد بالأمر السهل في ظل هيمنة الشاشات، ووسائل التواصل الاجتماعي، لكنها تشدّد على أهمية التوازن بين العالمين: «صحيح أن القراءة باتت أصعب، إلا أنه من الضروري  الحفاظ عليها، وعدم ترك الشاشات تبعدنا عن الإبداع والتفكير… لأن القراءة هي التي تصنع المستقبل».

مجلة كل الأسرة

في أروقة معرض الشارقة الدولي للكتاب، تمتزج رائحة الورق بصوت الحكايات، و تزدهر الحوارات حول أثر القراءة، ودورها في بناء الإنسان، مع الإدراك أن ثمة جيلاً واعياً، ومدركاً أن الكتاب نافذة للابتكار وبوصلة للمستقبل، وليتعزز شعار المعرض «بينك وبين الكتاب» حقيقة حيّة، تتجسّد في عيون الشباب القارئ.

مجلة كل الأسرة
مجلة كل الأسرة

بيني وبين الكتاب صداقة لا تنتهي

 تحمل مريم حسام (13 عاماً) كتاباً بين يديها كما لو أنه صديقٌ تعرفه جيداً، ترافقه وتأنس به كلّ يوم. وبعينين تلمعان بالحماس، تشرح «أشعر كأني أدخل في أجواء  الكتاب وأعايش التفاصيل. فالقصص تسعدني، وتقودني إلى معايشة الأحداث كأنّها حقيقية».

القراءة بالنسبة إلى مريم «طقس يومي»، يمنحها الطمأنينة، توضح : «أقرأ نحو ساعة يومياً، بعيداً عن الشاشات والضجيج. هذا الفعل يقودني إلى الهدوء، والعيش مع أفكاري».

وتشدّد على أن علاقتها بالكتاب تشبه الصداقة الصادقة التي لا تحتاج إلى تبرير «الكتاب صديقي… أشعر بالراحة عندما أبدأ بالقراءة وكأنه أشبه بمكان آمن، أفكر فيه وأحلم».

حتى الآن، قرأت مريم نحو أربعة وعشرين كتاباً، معظمها باللغة الإنجليزية، تقول بفخر: «كل كتاب يعلّمني شيئاً  جديداً، ويقودني إلى رؤية العالم بطريقة مختلفة».

مجلة كل الأسرة
مجلة كل الأسرة

ماذا بينكِ وبين الكتاب؟

تجيب الطالبة شيمه الشرهان عن هذا السؤال عبر الإشارة إلى صداقتها مع القراءة،  واعتبارها «مساحة هادئة تشبهها، وملاذاً لها  كلّما أرادت أن تفكّر بحرّية، أو تهرب قليلاً من ضجيج الحياة اليومية».

وتلفت إلى تحقيق التوازن  بين القراءة ووسائل التواصل الاجتماعي: «لا ألتزم بجدول محدّد للقراءة، إذ تختلف وتيرة القراءة  بحسب الوقت والمزاج، لكني أحرص دوماً على أن يبقى الكتاب جزءاً من يومي».

وتشدد شيمه على أن وسائل التواصل الاجتماعي تستهلك وقت شباب اليوم، لكنها تحاول الموازنة بينها وبين القراءة، لأنها «تمنحني سلاماً داخلياً لا يشبه أي شعور آخر»، وتضيف أنها تميل إلى القراءة باللغة العربية أكثر، لأنها الأقرب إلى وجدانها.