17 يوليو 2025

أحمد بدوان: التصوير الصحفي مسؤولية في زمن الترندات الإعلامية

محررة في مجلة كل الأسرة

مجلة كل الأسرة

في عالم الإعلام والإبداع يظل الفن البصري من أبرز الوسائل التي توثق الواقع وتعبّر عن جوهر الأحداث. ومن الإمارات العربية المتحدة، يبرز اسم المصور الصحفي أحمد بدوان كواحد من أحد أبرز رواد هذا المجال، حيث حصد جائزة «إبداع» في قمة الإعلام العربي 2025، تقديراً لمسيرته المهنية المتميزة وأعماله التي تجاوزت حدود الصورة لتروي قصصاً تحمل أبعاداً إنسانية وثقافية عميقة.

مجلة كل الأسرة

في هذا الحوار الخاص، نستعرض مع أحمد رحلته، ورؤاه، وتطلعاته في عالم التصوير الصحفي الذي يعيش لحظاته الذهبية بفضل إبداعه المتواصل.

متى شعرت بأنك مصور محترف؟

كانت بدايتي مع عالم التصوير الفوتوغرافي في عام 2008، بينما كنت لا أزال طالباً في المدرسة، كنت أبحث عن اللقطات المميزة من حولي، ولكن الشرارة التي أشعلت هذا الشغف وحوّلته إلى مسيرة واعدة هي فوزي بجائزة سمو الشيخ منصور بن محمد بن راشد للتصوير، كانت تلك اللحظة نقطة تحوّل حقيقية في حياتي، كنت قد شاركت بصور لسباق المراكب الشراعية، وهو مشهد يجسد جمال وحيوية التراث البحري لدولة الإمارات، هذا التقدير كان دعماً كبيراً، ومنحني دفعة قوية للاستمرار في مسيرة التصوير.

مجلة كل الأسرة

ماذا عن تجربتك كمصور صحفي؟

في عام 2018، كانت هناك محطة مهمة جداً في مسيرتي المهنية، حيث التحقت بجريدة البيان العريقة للعمل كمصور صحفي، ما فتح لي آفاقاً جديدة في عالم التصوير، هذه التجربة صقلت مهاراتي الصحفية بشكل كبير، فالتصوير الصحفي مختلف عن تصوير الطبيعة تماماً؛ فلا يتعلق بالجماليات الفنية للصورة فقط، بل بما تحمله من قصة ومعلومة، الصورة الصحفية يجب أن توثّق حالة وتنقل واقعاً. هي ليست مجرد لقطة عابرة، بل يجب أن تكون ناطقة، وأن تروي ما حدث بوضوح، وأن تقدم معلومة للقارئ. الأمر يتجاوز الكاميرا والعدسة، ليصل إلى القدرة على التقاط اللحظة التي تحمل في طياتها حكاية كاملة.

هل يمكن أن تصنع الصورة خبراً صحفياً؟

أذكر أنني اكتشفت من خلال كاميرتي أيقونة سياحية وليدة الصدفة، حيث وثّقت مشهداً فريداً من نوعه، حيث كنت أقوم بجولة تصويرية في منطقة صحراوية، وفوجئت ببحيرة صغيرة تكونت نتيجة ترسبات ملحية وسط الرمال الذهبية. المشهد كان آسراً حقاً؛ مزيج من البياض الناصع للملح بدا كبحيرة زرقاء صافية، ولون الصحراء المحيط بها شكّل لوحة طبيعية مذهلة. لم أتردد في توثيق هذا الجمال، مستخدماً طائرة درون خاصة بي لالتقاط صور بانورامية تبرز روعة المكان من زوايا علوية. شعرت بأن هذا المكان يحمل في طياته قصة، ولم تمر الصور مرور الكرام؛ فبمجرد نشرها تحوّلت البحيرة إلى معلَم سياحي جديد يجذب الزوار من كل مكان، فكانت تجربة رائعة أن أرى كيف تحوّلت صوري إلى محفز لاهتمام عام بهذا الموقع.

مجلة كل الأسرة

ما هي أخلاقيات التصوير الصحفي؟

الأمانة والمسؤولية؛ في عالم التصوير الصحفي لا تقتصر مهمتي على مجرد التقاط الصور، بل تتعداها إلى مجموعة من الأخلاقيات التي ألتزم بها بشدة، فأولاً وقبل كل شيء، يتعلق الأمر باحترام الخصوصية. يجب أن أكون حذراً جداً فيما أصوره وأنشره، خاصة عندما يتعلق الأمر بحياة الأفراد. الهدف ليس كشف المستور أو التطفل، بل توثيق الأحداث بمسؤولية.

كما أحرص دائماً على عدم نشر السلبيات لمجرد الإثارة، إلا إذا كانت تخدم قضية مهمة وتضيف قيمة إخبارية حقيقية. وإضافة إلى التزامي بالخطوط الحمراء في عملي، لا يمكن أبداً أن أضحي بعمل إنساني من أجل صورة. إذا وجدت نفسي أمام موقف يستدعي التدخل لإنقاذ شخص أو مساعدة محتاج، فإن واجبي الإنساني يتقدم على واجبي المهني. في تلك اللحظة، يجب أن أنقذ المشهد بدلاً من توثيقه.

مجلة كل الأسرة

حدثنا عن حصولك على جائزة «إبداع» في قمة الإعلام العربي 2025.

مشاركتي في الجائزة كانت بدعم وتشجيع من الدكتورة رانية عبدالله، مديرة برنامج الاتصال والإعلام في جامعة العين، حيث أدرس الاتصال والإعلام. والأعمال التي أهلتني للفوز هي ثلاث صور التقطت من ملامح ومكونات وتفاصيل مدينة أبوظبي، حيث تتنوع التضاريس البيئية المذهلة، فقد أردتُ أن أُظهر للعالم أن جمال الإمارات ليس محصوراً في ناطحات السحاب أو المناظر الطبيعية الخلابة فقط، بل يكمن أيضاً في تفاصيلها المجتمعية الغنية والمتنوعة، فالصور لها قوة فريدة في التقاط روح المكان والناس، لتروي قصصاً لا تُنسى عن تقاليدنا، وحياتنا اليومية، والتلاحم الذي يميز مجتمعنا، فقد التقطت صورة من سباق المحامل الشراعية في جزيرة دلما، وصورة أخرى لـصحراء الربع الخالي في ليوا، إضافة إلى صورة تعبر عن التلاحم المجتمعي أثناء صلاة القيام في جامع الشيخ زايد الكبير بأبوظبي.

ماذا أضاف التعليم الأكاديمي إلى خبرتك في التصوير الصحفي؟

لطالما كانت لي وجهة نظر مفادها أن الميدان العملي كافٍ للتعليم، وأنه يمكن أن يعوّض الجانب الأكاديمي، فالخبرة المباشرة والتعلم من التحديات اليومية في التصوير الصحفي، ومع ذلك لم يمنعني هذا الاعتقاد من السعي إلى تطوير نفسي أكاديمياً؛ فقد أدركت أن العالم يتغير بسرعة، وأن الصحافة تتطور نحو أشكال جديدة، خاصة مع ظهور الصحافة الرقمية؛ لهذا السبب التحقت بجامعة العين لأصقل مهاراتي وأكتسب المعرفة الأكاديمية، خصوصاً في الصحافة الرقمية، وهو الجانب العملي الذي أركز عليه حالياً.