من مرآب بسيط بلا دعم خارجي، إلى مختبرات متقدمة في مجمع الشارقة للبحوث، ومرافق In5 في دبي، يشارك راشد السالمي، مؤسس شركة «سلمي» (SULMI)، في ترسيخ ملامح مستقبل المركبات الذكية في الإمارات. دراجته الكهربائية «EB-One»، المصنوعة بالكامل بتقنية الطباعة ثلاثية الأبعاد، ليست مجرد وسيلة نقل، بل قصة إماراتية خالصة عن الإبداع، والاستقلال، وحلم أصبح حقيقة.
حاورنا رائد الأعمال راشد السالمي خلال مشاركته في فعالية الافتتاح الرسمي لمقر صندوق محمد بن راشد للابتكار، في مركز دبي التجاري العالمي، المبادرة التي أطلقتها وزارة المالية لدعم منظومة الابتكار والمبتكرين في دولة الإمارات، والذي يعد مركزاً متقدماً صمم خصيصاً لتعزيز الابتكار الحكومي، والتعاون وتبادل الخبرات والأفكار بين المبتكرين ورواد الأعمال والشركاء:
ما الذي يميّز دراجة EB-One عن غيرها من الدراجات الكهربائية في السوق؟
اسم الشركة هو سلمي، مكتوبة بالإنجليزية S-U-L-M-I، وهي انعكاس لهويتنا المحلية، واسمي العائلي، رغبت أن يكون الاسم مرتبطاً بهويتنا، ويمثلنا بكل وضوح، فنحن لا نجمع أجزاء مستوردة، ونركّبها فقط، بل صمّمنا وصنعنا وهندسنا أغلب قطع الدراجة في الإمارات، حتى البطارية طوّرناها بأنفسنا، وقدمنا للحصول على براءة اختراع لتقنية SEU. الدراجة فيها نظام ذكي بالكامل: رادار، كاميرات، ومستشعرات ترصد محيط السائق بزاوية 360 درجة، وتساعده على تفادي الحوادث. لدينا أيضاً نظام ذكي للمساعدة (Sulmi Rider Assist System)، يعمل بالذكاء الاصطناعي لحماية الراكب، وجمع البيانات.
كيف بدأ شغفك بالمركبات؟ وهل كنت تمتلك خلفية هندسية؟
لم أكن مهندساً في البداية، لكنني كنت شغوفاً بالمركبات منذ طفولتي. كنت دائماً أفكك الألعاب لأفهم آلية عملها. وقد تأثرت كثيراً بفيلم Gone in 60 Seconds، ولا سيما سيارة البطل «إلينور»، كانت تلك السيارة مصدر إلهام كبير بالنسبة لي. وعندما بلغت سن الثامنة عشرة، اشتريت أول سيارة لي بجهدي الشخصي، وكانت من طراز فورد موستانج. تعلمت قيادتها على نسخة قديمة من نوع كوبرا بخمس سرعات، وكان خالي دائماً يردد: «اركب القير وتعلّم»، وكنت أستمع له وأطبّق، حتى أتقنت القيادة.
متى أطلقت الدراجة فعلياً؟ وما مدى الإقبال عليها؟
أطلقنا الدراجة الكهربائية الذكية باستراتيجية الدخول إلى السوق، وهي النسخة المخصصة للشركات في يوليو 2023، وواجهنا طلباً كبيراً من جهات مثل شرطة الشارقة، التي قررت إدخالها ضمن أسطولها المروري. والآن ننتقل إلى مرحلة جديدة، فقد أعلنّا عن إنتاج 200 دراجة إصدار محدود للمستهلكين، باسم «إصدار المؤسس»، وسعرها لن يتجاوز 40 ألف درهم، وقد لاحظنا إقبال الناس على حجز الدراجة، والمبيعات مشجعة جداً.
هل واجهت صعوبات في التمويل أو التصنيع؟
في البداية اعتمدت على مجهودي الذاتي بالكامل، لم يكن لدينا تمويل خارجي. لكن لاحقاً حصلنا على دعم هام من صندوق محمد بن راشد للابتكار. وهذا الصندوق ليس مجرّد جهة تمويل، بل منظومة متكاملة تساعدك كرائد أعمال على تطوير فكرتك، واختيار النموذج التجاري الأنسب، وفهم السوق، حيث تعلمت كيف أبيع، وكيف أفكر بطريقة السوق، وكيف أتعامل مع الأفكار الريادية بأسلوب منهجي. هناك برنامج المسرّع، وكذلك برنامج الضمانات التمويلية، وجميعها تسهّل الطريق أمام المبتكرين المحليين، وتوفر لهم الأدوات اللازمة لتحويل أفكارهم إلى مشاريع واقعية قابلة للنمو.
كيف ترى مستقبل «سلمي» بعد هذا الإنجاز؟
ما زلنا في بداية الطريق. نختبر السوق حالياً من خلال إصدار محدود يضم 200 دراجة، ونطمح إلى توسيع الإنتاج في المستقبل، ليس داخل الإمارات فقط، بل إلى الأسواق العالمية. رؤيتنا واضحة: نرغب في تقديم مركبة ذكية، فاخرة وعملية، تحمل بصمة إماراتية في التصميم والتقنية.
وأخيراً، ما هي الرسالة التي تودّ توجيهها للشباب؟
لا تنتظر الظروف المثالية، أو التمويل الكبير. ابدأ من شغفك، حتى لو من مرآب بسيط. إذا كان لديك حلم، فابحث عن الحلول، واستفد من كل فرصة، وتعلّم في كل خطوة. الإمارات تحتضن المبدعين، والمجال مفتوح لكل من يملك الجرأة على الحلم، والعمل.