ولي عهد بريطانيا يبحث عن قصر جديد.. هل تكون قلعة بلفدير مسكناً مناسباً لوليام وكيت؟

إنه القصر المسمى قلعة، وكان مقراً للملك إدوارد الثامن في منطقة وندسور، وبهذا، فإن المبنى العريق مثقل بالتاريخ، ويمكن أن يكون صالحاً للأمير وليام، الشاب الذي يتهيأ لأن يكون ملك بريطانيا المقبل.
أول ما لفت انتباه ولي العهد إلى قلعة بلفدير أنها منعزلة، وتضمن له، ولأسرته الصغيرة، الحماية من كاميرات الصحافة، والأعين المتطفلة. وطبعاً، فإن هذه النقطة هي أهم ما يبحث عنه المشاهير والأثرياء الذين تطاردهم وسائل الإعلام، وتنسج حولهم الإشاعات.

حتى الآن، يقيم وليام وزوجته كيت، في «أديلايد كوتيك»، وهو منزل صغير يعتبر متواضعاً، ولا يزيد عدد غرف النوم فيه على أربع. ولهذا راح الزوجان الملكيان يبحثان عن منزل أوسع. وذكر مصدر مقرّب منهما أنهما يضعان العين على قلعة بلفدير، الواقعة في محيط حدائق قصر وندسور. ففي هذا القصر سيكون لديهما متسع لتنشئة أبنائهما الثلاثة، الأمراء جورج (10 سنوات)، وشارلوت (9 سنوات)، ولويس (6 سنوات). ويضيف المصدر في تصريح لصحيفة «الديلي ميل» أنه المسكن المثالي للأسرة.

يتألف القصر من 8 أجنحة كبيرة، وبركة سباحة واسعة جداً، وساحة للعب كرة المضرب، وحدائق مساحتها 240 ألف متر مربع، فيها مشاتل لأنواع الورد، ومنطقة مخصصة للخضار التي تستعمل في مطبخ القصر عادة، لإعداد طعام الأسرة، وضيوفها. وقد تم تشييد القصر بحدود عام 1750، لتكون مسكناً لدوق كمبرلاند، وهو النجل الأصغر للملك جورج الثاني. وجرى توسيع المبنى في عام 1820 على يد المهندس جيفري وياتفيل، ما أعطى المكان طابعه القوطي الحديث الذي يميز عمارته بشكل خاص. وإلى هذا القصر كانت الملكة فيكتوريا تحب أن تذهب لتحتسي شاي العصر في عام 1860.
تُطلق على المكان، حالياً، تسمية «القلعة»، نظراً لأنه يتضمن منافع استراتيجية للأمير وليام، وعائلته. فمن مزاياه أنه لا يبعد أكثر من 17 دقيقة بالسيارة عن قصر وندسور، و15 دقيقة عن «لامبروك سكول» التي يدرس فيها الأمراء الثلاثة الصغار. أما كلية «إيتون» فلا تبعد أكثر من 22 دقيقة، وهي الثانوية المرموقة والعريقة التي تخرج فيها وليام، ومن المتوقع أن يدخلها الأمير جورج سيراً على خطى والده، في السنة الدراسية المقبلة.

شبح إدوارد الثامن
لكن قلعة بلفدير ليست قصراً جميلاً من كل الوجوه. إن لها محاذيرها أيضاً، فقد ارتبطت بواحدة من أكبر فضائح العائلة المالكة البريطانية. ففي عام 1929 كانت القلعة خالية من السكان، وقد تنازل عنها الملك جورج الخامس لولده الأمير إدوارد الذي سيصبح، لاحقاً، الملك إدوارد الثامن، بناء على طلب الابن. وقد استغرب الملك من رغبة ولي عهده في الحصول على قصر قديم متهالك، لكنها كانت رغبته. وتحت إدارة إدوارد، الذي كان يحمل لقب أمير ويلز ولم يكن قد أصبح ملكاً بعد، خضع القصر للتجديد والتوسعة وصُرفت عليه آلاف الجنيهات استعداداً لتسلم صاحبه العرش. فلما اعتلى الأمير عرش بريطانيا تحوّل القصر إلى عش باذخ لمواعدة الصديقات. فقد تم تجهيزه بالتدفئة المركزية، وأضيف حمّام خاص بكل حجرة نوم، كما أضيفت له بركة سباحة خارجية كبيرة، لكي يكون لائقاً باستقبال زبدة العائلات الأرستقراطية في العالم، وإقامة حفلات كبرى راقصة.

وذكرت الصحف أن الملك الشاب أنشأ مهبطاً للطائرات الخاصة التي كان يستخدمها ويقودها بنفسه. وهكذا جاءت الفضيحة سائرة على قدمين، وساقين طويلتين. وتمثلت في استضافة سيدة تدعى واليس سمبسون، وهي أمريكية سبق لها الزواج والطلاق قبل أن تخطف قلب ملك بريطانيا. قصة حب عاصفة تخالف كل التقاليد الملكية التي تمنع الارتباط بسيدة مطلّقة. لكن إدوارد الثامن كان يطيع عواطفه أكثر من تقاليد منصبه، فقرر التخلي عن العرش لشقيقه، والد الملكة إليزابيث الثانية. وفي مكتبه في قلعة بلفدير جلس وسجّل خطاباً للأمة أذاعته الـ«بي بي سي» في العاشر من ديسمبر/ كانون الأول 1936، يعلن فيه تنازله عن العرش، لأنه لن يكون عاهلاً سعيداً بمنأى عن المرأة التي يحب. وبعدها غادر الملك القصر وذهب إلى منفاه في فرنسا، ليتزوج محبوبته الأمريكية ويعيشان بعيداً عن قيود العرش. ولم ينس الملك المخلوع أن يأخذ معه الكتاب الذهبي للقلعة، والذي يتضمن كلمات تذكارية من كل الذين مروا بها، أو أقاموا تحت سقفها.

صاحب «سلفريجز» أقام هنا
بعد رحيل الملك العاشق، بقيت القلعة مهجورة عشرين سنة. مع هذا، فقد جرى استخدامها خلال الحرب العالمية الثانية كقاعدة لإدارة الأراضي التابعة للتاج، وهي الدائرة التي اضطرت لمغادرة مكاتبها في لندن تحت القصف الألماني. وبقيت القلعة تابعة للعائلة المالكة، وتم تأجيرها لعدد من أقارب الملكة إليزابيث، منهم ابن عمها جيرالد لاسيل الذي قام في عام 1956 بتحويل حجراتها الأربعين إلى منزل لا تزيد حجراته الرحبة على ثماني. وبعد ذلك، في ثمانينيات القرن الماضي، تم تأجيرها لعائلة الملياردير الكندي جالن وستون، الذي كان يحتفظ بعلاقات مميزة مع آل وندسور.
وعلى الأرض الخصبة لقلعة بلفدير واصل عميد أسرة وستون تجديد القصر، وكان يملك سلسلة من المتاجر في كندا، أبرزها «لابلوز»، وعدداً من المحال الفخمة في لندن ومنها «سيلفريجز» في شارع أكسفورد. فقد أضاف ملعباً لرياضة «البولو»، وعدداً من حظائر الخيل، واستضاف إليزابيث الثانية التي كانت شديدة الولع بالفروسية وسباق الخيل، كما استضاف أمير موناكو فيليب، وشقيقته الأميرة كارولين، لحضور عيد الميلاد الستين لزوجته هيلاري، وأقام بجانب القصر خياماً فخمة للمناسبة.
ورغم أن الثري الكندي فارق الحياة قبل 4 سنوات، عن 80 عاماً، فإن عائلته واصلت الإقامة في قلعة بلفدير. فهل يستعيد الأمير وليام القصر من الكنديين ليجعل منه واحة ترتاح فيها زوجته كيت ميدلتون، من عناء المرض الخبيث الذي فاجأها، وكاد يسرق ضحكتها الجميلة؟