المنزل الريفي يحمي من العيون المتطفلة
بعد 11 يوماً من العلاج في «لندن كلينيك»، خرجت زوجة ولي العهد البريطاني لتتمتع بفترة نقاهة في «أديلايد كوتيج»، وهو منزلها العائلي الواقع في محيط قصر وندسور، بعيداً عن أعين المتطفلين، وكاميرات الصحافة، وحيث تحمي المنزل حدائق تحيط به، وحولها أسوار وأشجار عالية.
كانت كيت ميدلتون استقرت في ذلك المنزل مع زوجها الأمير وليام، وأطفالهما الثلاثة، منذ صيف 2022. وطبعاً فإن أسرة الأميرة، أي والداها وشقيقتها وشقيقها، سيكونون من الزوار القلائل الذين يسمح لهم بدخول تلك الدائرة المغلقة، والمحروسة جيداً.
تعالوا نلقِ نظرة على ذلك المنزل الذي تتجه نحوه أعين الصحافة الشعبية، حالياً، لا في لندن فحسب، بل في العالم كله.
منظر عام لقصر وندسور
لماذا اختار كيت وويليام «أديلايد كوتيج»؟
في عام 1831 بنى الملك وليام الرابع هذا المنزل الشبيه بقصر حميم، ليكون مسكناً لزوجته أديلايد دو ساكس ميننجن، ومن اسمها جاء اسم المنزل التابع لملكية قصر وندسور في مقاطعة بركشاير، ويقع إلى الشرق منه، وفي قلب المتنزه الملكي المسمى «هوم بارك». في السابق جرى استخدام المنزل لاستضافة عدد من المقربين من الملكة الراحلة إليزابيث الثانية، واليوم هو المسكن الرسمي لولي العهد، وزوجته، وأبنائهما: جورج (10 سنوات)، وشارلوت (8 سنوات)، ولويس (5 سنوات).
وقبل الانتقال للسكن في «أديلايد كوتيج»، تردّد الزوجان في اختيار عدد من البيوت الواقعة في محيط وندسور، ثم استقر القرار عليه، لكنه لم يكن جاهزاً بما يرضي الزوجين الشابين، فبدأت أعمال ترميم وتجديد في عام 2015 لكي يكون على ذوق كيت ميدلتون. ومما رجّح الكفة وجود مدارس عدة، قريبة منه. كما كان الهدف البقاء بالقرب من الملكة إليزابيث التي كانت تعتبر وندسور بيتها المفضل من بين كل القصور الملكية. لكن أقاويل انتشرت وقتذاك، وأشارت إلى أن الهدف الحقيقي كان الابتعاد عن الأمير أندرو، عم وليام، بعد فضيحة علاقته بقضية أبشتاين والحفلات التي كانت تحضرها فتيات قاصرات.
«أديلايد كوتيج».. منزل عابق بالتاريخ
أشرف المعماري الإنجليزي جيفري وياتفيل على هندسة المنزل الواقع على مساحة 2500 متر مربع. وقد وصف المبنى في حينه بأنه «ذو أناقة متواضعة». بُني المدخل الرئيسي في اتجاه الجنوب لكي تغمره الشمس، وهناك لافته عند الباب تحمل تاريخ بنائه، و7 أبواب جانبية أخرى تسمح للسكان بالخروج والدخول من دون لفت الأنظار. ويتألف المسكن من صالتين كبيرتين مفتوحتين على الحديقة، إحداهما ثمانية الأضلاع، ومفروشة بنقوش على شكل تعريشات. أما غرفة النوم الرئيسية فإنها شهيرة بفضل سقفها المرسوم بأشكال دلافين مذهّبة، وأثاثها الذي جيء به من اليخت الملكي «روايال جورج» الذي كان يجوب البحار في القرن التاسع عشر. وهناك أيضاً مدفأة من الرخام من الطراز اليوناني المصري.
«أديلايد كوتيج».. قصر بدون خدم
قال مصدر مطّلع لصحيفة «الصن» إن المنزل يحتوي على 4 غرف للنوم فقط، وهو يفي بحاجة أسرة وليام وكيت، ذلك أنه من دون خدم في المكان. وأضاف المصدر أن وليام وكيت كانا، حاسمين برغبتهما في السكن في مسكن قليل الفخفخة، وغير محتاج إلت ىرميمات كثيرة، أو ترتيبات أمنية استثنائية، لكيلا يثقلا على كاهل دافع الضرائب. لقد أرادا بيتاً بسيطاً يباشران فيه حياتهما في وندسور، بعيداً عن لندن.
ومنذ إنشائه، شهد المنزل مرور عدد كبير من أفراد العائلة المالكة، من الملكة فيكتوريا التي كانت تحب احتساء شاي العصر فيه، إلى بيتر تاونسند، عشيق الأميرة مرجريت شقيقة الملكة إليزابيث، وصولاً إلى سيمون رودس، نجل مرجريت رودس، إحدى بنات أعمام الملكة. وقد جاء دور وليام وكيت وأطفالهما، لكي يضيفوا ذكريات جديدة إلى تاريخ «أديلايد كوتيج».
سياسة الصمت في بريطانيا غير مفيدة
إذَن، فإن زوجة ولي العهد ستمضي نقاهتها في بيتها البسيط، نسبياً، والحميم. لكن الجمهور ما زال يتساءل عن نوع العملية الجراحية التي خضعت لها. ويقول فيليب مورو، الأستاذ في معهد العلوم السياسية في باريس والمتخصص في اتصالات الأزمات، إن الصمت المحيط بحالة كيت ميدلتون يساهم في إذكاء التكهنات حول حقيقة مرضها. لكنه يضيف أن الأسرار تقع في صلب سياسة العائلة المالكة البريطانية، وهي تتلخص في عبارة «نيفر أكسبلين نيفر كومبلين»، أي «لا تفسير بتاتاً ولا تذمّر»، وهي سياسة يراها هذا الخبير الفرنسي صالحة في عهد الملكة السابقة، لكنها باتت خاطئة، وقد تجاوزها الزمن.
تقوم سياسة الصمت على الابتعاد عن التعليق على الشائعات، انطلاقاً من فكرة أنها ستخمد من تلقاء نفسها، وأن التعليق، أو التبرير سيؤجّجها زيادة. وعادة ما يكتفي القصر ببيان مقتضب واحد، ولا يتورط في غيره، تاركاً الصحافة تضرب أخماساً في أسداس. لهذا السبب راح المحررون يرسمون عشرات السيناريوهات لمرض كيت المحتمل. وهو أمر مفهوم، نظراً للموقع البارز الذي تشغله زوجة ولي العهد، ولشعبيتها الكبيرة أيضاً. إنها ضريبة الشهرة. وكلما زاد بريق الشخص كثرت الشائعات حوله.
وفي ما يخص كيت، فإنها بَنت شخصيتها العامة على الشفافية والبساطة. إنها أبعد ما يكون عن الأسرار والاختباء وراء المساعدين والمستشارين. لكنها في الوقت نفسه تلتزم شيئاً من التحفظ والتعالي عن الصغائر، الأمر الذي يضعها اليوم في مدار البيانات الرسمية من جهة، وفضول الشعب من جهة ثانية. إن التكتم يفاقم من الغموض، ويدفع إلى الظن بوجود مشكلة صحية خطرة تخصها. فلو كان الأمر زائدة دودية، لقالوا إنها زائدة دودية. ولو كان حملاً خارج الرحم لقالوا إنه حمل خارج الحمل. ولو كان التهاباً في المرارة لقالوا إنه كذا وكذا. لكن عدم القول يعني أن الوضع محرج، ولا يمكن التصريح به. وربما لو ترك الأمر لها لصارحت الإنجليز بما تعانيه، وطلبت منهم الدعاء من أجل شفائها.
اقرأ أيضاً: صحة زوجة ولي عهد بريطانيا تثير التساؤلات في العالم.. ما حقيقة مرض كيت ميدلتون؟