الشيف بلقيس عثمان: أجيد وصفات من العالم العربي ولكن لمستي فريدة في الوجبات اللبنانية
الشيف بلقيس عثمان، المعروفة في مطبخها، وفي ماركة المواد الغذائية المسجّلة باسمها، وعبر مواقع التواصل الاجتماعي باسم «ست بلقيس»، حققت شهرة كبيرة بعد أن عملت، واجتهدت، وباتت خبيرة في فنون الطهو، وكذلك هي المديرة التنفيذية لمطبخ وأكاديمية «ست بلقيس كيتشن وكوكنغ أكاديمي»، إضافة إلى أنها قدمت برامج طبخ عدّة عبر العديد من القنوات التلفزيونية، وشاركت في معارض الطبخ في لبنان، ودبي، والأردن، كما أنها عضو في لجنة تحكيم مسابقة «صناعة المونة» التي تجري في بلدات لبنانية عدّة، وقد التقيناها للحديث عن مشوارها، وتجربتها.
متى بدأت علاقتك مع المطبخ، وهل كان الطهو شغفك منذ صغرك أم أن الصدفة قادتك صوب هذا العالم؟
منذ صغري أحببت عالم الطبخ، وكنت أشعر بأن في المطبخ أسراراً وحكايا، وقادني شغفي بالطهو إلى إعداد أول صحن فتوش في عمر السابعة، حيث فاجأت عائلتي بإعداد وجبة من الخضار الطازجة الشهية، وحظيت بتشجيع والدتي لدخول المطبخ. ولم تكن سبل المعرفة متاحة آنذاك، عبر وسائل التواصل الاجتماعي، كما هو الحال اليوم، فبدأت أجرّب وأتعلم من والدتي، وقد تربيت مع عائلتي في بيت جبلي، حيث المزروعات، والخضار، الطازجة والمتنوعة، متاحة لعمل أنواع عدّة من سلطات الفتوش والتبولة الشهية. وعلى أثر إعداد هذه الوجبات خضت غمار الباستا، بأنواعها المختلفة، وصرت أدعو رفيقاتي إلى تذوّق وجباتي، وأحظى بالثناء والتشجيع، ومنذ ذلك الحين، بدأ مشواري، فدرست الطهو، وتعلمت كل أنواع الطبخ، وتمرست في هذا المجال، وصرت أعلّم الطبخ لغيري، وأحرص على نشر المعرفة حول مختلف المطابخ.
حققتِ شهرة واسعة في الطبخ، وأصبحت الطاهية الخاصة بالمشاهير، فمن الأحبّ إليك من بين الذين تعاملت معهم؟ وهل أفادتك هذه التجربة في تعلّم وصفات جديدة؟
لا شك في أن كل الذين تعاملت معهم، من الفنانين والمشاهير، أحببتهم، وتجربتي معهم أضافت إلى مشواري، وبالأخص منهم الفنانين راغب علامة، ووسام صليبا، وأيمن زبيب، الذين التقيت معهم على حب المطبخ اللبناني. وفي العموم، أنا لا أنفكّ أتعلّم وصفات جديدة، وأدمج مكوّنات مع بعضها بعضاً لاكتشاف نكهات لذيذة، حرصاً على التفرّد والتمايز في العمل، ولكن لديّ رغبة في التعامل اليوم مع الشخصيات المرموقة، وأمنيتي أن أطبخ لكبار في الإمارات الوصفات اللبنانية، وعلى الرغم من أنني امتهن وصفات من المغرب، ومصر، والعالم العربي، إلا أن لمستي فريدة في الوجبات اللبنانية.
يبدو أنك تعتبرين الطبخ ثقافة وفناً ولذا تحرصين على نشر المطبخ اللبناني؟
لا شك في أن الطبخ ثقافة، وفن ينشره محترف الطهو، وتراث أيضاً يجب أن نحفظه جميعا، فكل بلد لديه طريقته في التعبير عن نفسه من خلال مائدته، وعلى الرغم من أنني ضليعة في المطبخ الشرق أوسطي إلا أنني شغوفة بالمطبخ اللبناني، ولا أرى مثيلاً صحياً له، لأنه يعتمد المزج بين أصناف متنوعة، تمتد من المقبّلات الباردة والساخنة، إلى الخضار المتنوعة، والوجبات الدسمة، والغنية والبقوليات، وغيرها. علاوة على أنني أضيف إليه لمستي الخاصة، وأحرص على تذوّق وصفاتي من قبل الجميع، وأرى أن مائدة الطعام تعني لقاء الناس، واجتماعهم، إذ نحن غالباً ما نتذكر أوقات اللمّة على اللقمة الشهية.
من المعروف أن لكل شيف أسراره في مطبخه، فهل تكشفين عن الأسرار التي تعتمدينها والتي أسهمت في نجاحك؟
من المؤكد أن لكل شيف أسراره التي لا يكشف عنها لأنها تعكس بصمته الخاصة في الطبق، فكيف يمنح سرّه لغيره؟ أنا كطاهية لا أكشف عن سرّ النكهات لديّ حتى لابنتي، ولكن في المقابل، أنشر المعرفة، وأعلّم القواعد والأصول في الأكاديمية الخاصة بي، وعبر مواقع التواصل الاجتماعي، ولا أخفي أي معلومة تتعلق بوصفة أقدمها لتكون وصفتي كاملة وشهية، لكن أُبقي لنفسي سرّ النكهة التي تميّز مائدتي، مضافاً إلى ذلك أنني أقدّم نصائحي لكل من يخوض غمار الطهو، وأقول إن إضراري على العمل الدؤوب هو الذي أسهم في نجاحي، فأنا لم أكتفِ بما تعلمته من تقنيات في «كوردون بلو»، ولا بالجوائز التقديرية التي حققتها في «مهرجان بيروت للطهي»، بل أيضاً حرصت على تأسيس شركتي الخاصة التي تعنى بالمونة البيتية، وتحمل اسم «مونة ست بلقيس»، وهي شركة متخصصة في إنتاج مجموعة واسعة من المواد الغذائية، مضافة إلى الأكاديمية «كوكينج اكاديمي» التي تعلّم تقنيات فنون الطهو، والتي أتولى إدارتها.
لكونك امرأة طاهية، وقد كان عالم الطهو حكراً على الرجال في الفنادق والمناسبات الكبيرة، فهل واجهت تحدّيات لإثبات نفسك، أم أن طريقك كان معبدا ؟
صراحة، المرأة أثبتت نفسها بقوة في مجال الطهو، وأنا عندما خضت غمار المطبخ كمحترفة، كان قد سبقتني إليه مجموعة من النساء الناجحات، ولم يكن الأمر مستهجناً، لذا لم اشعر بالتفرقة إطلاقاً، وكان يتم طلبي بالاسم لإعداد وجبات متنوعة للمناسبات، والاحتفالات الكبيرة، لذا اشعر بأنني محظوظة في سلوك الطريق الذي أحببته.
المالح هو المفضّل لديّ وهو الذي يمثلني وأجد نفسي فيه
تقدّمين عبر صفحاتك على مواقع التواصل الاجتماعي وصفات، حلوة ومالحة، فما المفضّل بالنسبة إليك، وأين تجدين نفسك أكثر؟
صحيح أنني أقدّم وصفات متنوعة، حلوة ومالحة، عبر صفحاتي، عبر الـ«سوشيال ميديا»، ويُطلب مني، من خلال علاقات تربطني بشركات معينة، أن أقدّم وصفات الحلوى، وأقوم بذلك بكل حب واحتراف، لكن على المستوى الشخصي، فإن المالح هو المفضل لديّ، وهو الذي يمثلني، وأجد نفسي فيه، أي في السلطات، والطبخ، والباستا، والمعجنات، مثل المناقيش والفطائر، وغيرها من الوجبات التي تستدعي المالح والبهارات معاً، والنكهات الممزوجة بطريقة فنية، وبمقادير محدّدة.
لكونك متخصصة في تحضير المونة البلدية، ولديك شركة تنتج ماركة مسجلة باسمك، فماذا تخبرينا عن هذه التجربة، وما هو الهدف منها؟
لقد خضت غمار مونة «ست بلقيس» في البداية من خلال عشقي للطبيعة، فأنا أحب الأرض، والمزروعات، والخضار، وأحب الاستفادة من كل ما تتيحه لنا الطبيعة في إعداد الوجبات اللذيذة، حتى أنني أحب الطبخ في الطبيعة، وعلى نار الحطب أيضاً. كما أنني اخترت المونة لأعرّف الجيل الجديد بتراث الأجداد، وتطورت فيها حتى اصبح لدي اكثر من 70 صنفاً غذائياً، تنتجه الشركة، مع التركيز على استخدام المكونات الطبيعية في الحفظ، لضمان جودة المنتج، والحفاظ على نكهته. وفي رأيي فإن كل بيت يجب ألا يخلو من المونة البلدية، مثل الكشك، والبرغل، والزيتون وزيته، والمخللات، والمربيات، والمكدوس، وغيرها الكثير مما يتم تموينه في موسمه، ليكون متوفراً على مدار السنة، وأنا اعلّم السيدات كيفية تحضير المونة اللبنانية لأنني سافرت إلى بلاد كثيرة، ووجدتها الأفضل.
وماذا تخبرينا عن «كوكينغ أكاديمي» التي تتولين إدارتها التنفيذية، ومن الذي يقصدها؟
هذه الأكاديمية أنشأتها لنقل المعرفة لربّات البيوت، ولكل أم ترغب في إعداد مائدة مميزة لعائلتها، ولا تجيد ذلك، فإنها تقصد الأكاديمية، وتتعلم وصفات متنوعة، بوقت قياسي. وقد لاحظت أن الفتيات اليوم يكرّسن أوقاتهنّ للتعلم المدرسي والجامعي، ومن ثم الوظيفة، وعندما يتزوجن يجدن أنفسهنّ يفتقرن إلى المعرفة في إعداد الطعام، لذا فان الأكاديمية هي مقصدهنّ للانخراط في دورة لتعلّم فنون الطهو، واختبار رحلة مملوءة بالنكهات والوصفات الاحترافية.
أخيراً، ما هي نصيحتك لربّات البيوت؟
على الرغم من أنني أحب الموالح، كما ذكرت، إلا أنني أنصح بعدم الإكثار منها، فالوجبات المالحة تستدعي الملح والبهارات، معاً، لتكون شهية، وليس الإكثار من الملح كما يعتقد البعض، وأنصح بتوفير المونة في كل مطبخ، ويجب اعتماد المعايير الدقيقة أثناء الطهو وفق النوع لأنه ،كمثال، الأرز أنواع، وكل نوع يحتاج إلى قدر من المياه للاستواء، والحفاظ على القوام الجميل، كذلك حال الباستا والمعجنات، فهي متنوعة ولكل نوع منها معيار خاص، والأمثلة كثيرة، ولا تنحصر، لذا يجب التعلم، ونصيحتي أيضاً الاهتمام بطريقة التقديم لأن العين تعشق قبل التذوّق.
وصفات ذات صلة:
- مربّى المشمش... من الشيف بلقيس عثمان
- فتة الباذنجان... من الشيف بلقيس عثمان
- دبس الرمان... من الشيف بلقيس عثمان
