11 سبتمبر 2025

بين نار الحب ودفء الأمان... كيف نصنع الغيرة الإيجابية؟

محررة في مجلة كل الأسرة

مجلة كل الأسرة

الحياة الزوجية ليست مجرّد بيت يجمع اثنين، بل رحلة وعي واكتشاف متبادل نصطدم فيها بمشاعرنا بكل قوتها، ومنها الغيرة، ذلك الإحساس الفطري الذي قد يتحول إمّا إلى وقود يشعل دفء العلاقة، وإمّا إلى نار تلتهم الاستقرار، وتطفئ الحب.

مجلة كل الأسرة

تحدثنا منيرة المرزوق، مرشدة في تحسين جودة الحياة، عن الغيرة الإيجابية ودورها في استقرار العلاقة الزوجية، وتقول «الحب ليس كلمة تُقال، ولا وعداً عابراً، بل أسلوب حياة يُبنى على وعي وطمأنينة، والغيرة كأي شعور، تحتاج إلى أن تُهذّب لا أن تُنفى، فإن تزيّنت بالوعي صارت علامة اهتمام، وإن سيطر عليها الخوف صارت سلاحاً مدمّراً، فهي شعور إنساني طبيعي يعيشه كلا الزوجين، بدرجات متفاوتة، وهي انعكاس للحب والخوف من الفقد، في آن واحد. لكن هذا الشعور، على الرغم من فطريته، قد يكون سلاحاً ذا حدين، فإذا أُدير بوعي، صار رسالة اهتمام تبني الأمان، أما إذا تُرك للفوضى، فإنه يهدّد الثقة، ويضعف العلاقة، وبما أن الحكمة من هذه الحياة هي أن نحيا حياة طيبة مع من نحب، فلن نبلغ هذه الحكمة إلا إذا جعلنا الوعي أسلوب حياة، فمن خلاله تبدأ رحلتنا في فهم أنفسنا، وإدارة مشاعرنا، وتحسين قدراتنا، ومع تحديات الحياة وتقلباتها، يبدأ الإنسان بإدراك فوضى مشاعره، ليتعلم كيف يتعرف إليها، ويهذبّها، فينقّي منبعه الداخلي، ويصل إلى النضج العاطفي».

مجلة كل الأسرة

متى تتحول الغيرة إلى خطر؟

توضح منيرة المرزوق خطورة الغيرة السلبية التي تنشأ حين يسيطر الخوف على العلاقة، فتظهر في صورة شك دائم، أو مراقبة مفرطة، أو بحث عن أخطاء الطرف الآخر، وتشير «لا يرهق مثل هذا السلوك الشريك فقط، بل ينهك صاحبه أيضاً، فيزرع في داخله القلق، وربما يقوده إلى الاكتئاب، والأسوأ أن العلاقة نفسها تدخل في دائرة من التوتر والاتهامات قد تنتهي بانهيارها. في المقابل، يمكن للغيرة أن تكون قوة إيجابية إذا أُديرت بذكاء، فالغيرة الذكية تعني أن يعبّر الزوجان عن مشاعرهما بلطف ووعي، في صورة سؤال حنون، أو كلمة محبة، لا في شكل اتهام، أو تضييق، فكثيراً ما نسمع عن خلافات تبدأ من تفاصيل صغيرة، مثل تأخر الرّد على رسالة، أو الإعجاب بصورة في وسائل التواصل الاجتماعي، وإذا استسلم أحد الطرفين للغيرة السلبية، يتحول الموقف إلى اتهامات وخصام، أما إذا اختار الغيرة الذكية، فسيحوّل الموقف إلى مساحة للحوار: «اشتقت إلى رسائلك، هل كان يومك مزدحماً؟، وهنا تتحول لحظة القلق إلى دفء يقوي الرابط بينهما».

الغيرة الإيجابية مرآة تكشف عمق الحب الواعي وغيابها يؤدي إلى فقدان الثقة والشك المستمر

كما تشير منيرة المرزوق، إلى علامات الغيرة السلبية وتأثيرها في الحياة الزوجية «الغيرة ليست عيباً في العلاقة القائمة، بل مرآة تكشف عمق الحب الواعي. وهي دليل على أن القلب لا يزال نابضاً بالاهتمام، أما غيابها بهذا الشكل فيؤدي إلى فقدان الثقة والشك المستمر، والبحث المهووس عن أخطاء الشريك، والانتقادات المتكررة، والمراقبة المفرطة، والتعقب الدائم، وتحوّل الغيرة إلى وسواس يسبب القلق أو الاكتئاب».

كيف نمارس الغيرة الإيجابية أو الذكية؟

  • فهم المشاعر: الاعتراف بسبب الغيرة بدلاً من إنكارها أو لوم الآخر عليها.
  • التوازن بين الخصوصية والمشاركة: احترام المساحة الفردية مع الحفاظ على المساحة المشتركة.
  • التواصل الصريح: التعبير عن القلق بلغة هادئة وواضحة، فلا تدع الخوف يتحكم في ردود أفعالك وتحدّث بصراحة.
  • تجنب المقارنات: إدراك أن حياة الآخرين على وسائل التواصل الاجتماعي ليست مقياساً واقعياً.
  • تجديد الحب: باستخدام الكلمة الطيبة، وإظهار الاهتمام الصادق، وتقديم الدعم العاطفي.