02 سبتمبر 2025

سنة أولى زواج..7 نصائح لكل زوجة لتجاوز تحديات المرحلة

محررة في مجلة كل الأسرة

مجلة كل الأسرة

لا يقوم الزواج على الكمال، بقدر ما يقوم على الشعور بالأمان والاستقرار. فهذا القرار يرتكز على مبدأ الشراكة الحقيقية حيث الـ«أنا» تتحوّل إلى «نحن»، وحيث إيقاع الحياة الجديد يتطلب من المرأة الكثير من آليات التأقلم والتكيّف.

فالعام الأول من الزواج يكون محمّلاً بالأماني والتوقعات التي تصطدم بالتحوّلات، سواء على الصعيد النفسي أو الاجتماعي، وحتى الصحي، وبالأخص لدى المرأة التي تتعرض لضغوطات مجتمعية تطالبها بإنجاب طفل مع «أول سنة زواج».

تلك التحدّيات تستعرضها استشارية أمراض النساء والتوليد والخصوبة والناشطة المجتمعية والتطوعية الدكتورة أمل الملا المهيري، ضمن مبادرة «رخصة قيادة الحياة الزوجية» التي نظمتها جمعية النهضة النسائية بدبي، وجمعية المرأة سند للوطن، في إطار عام المجتمع، وفي سياق الجهود لتعزيز وعي الفتيات، وتزويدهنّ بالمهارات الأساسية لإدارة حياتهنّ، الزوجية والأسرية.

فما الذي تعنيه هذه المرحلة في الوعي الأسري والزوجي؟ وكيف يمكن أن تتحول من مساحة ارتباك إلى أرضية شراكة؟ وكيف تستعد المرأة لتلك الاختلافات التي تواجهها على الصعد كافة؟

د.أمل الملا المهيري
د.أمل الملا المهيري

تسلّط د.أمل الملا الضوء على سنة أولى زواج بمفهومها الاجتماعي والنفسي، وتتوقف عند أبرز التحوّلات التي يشهدها الزوجان في فهم أعمق للعلاقة الزوجية، تقول: «أول الزواج ليس اختباراً للكمال، بل بداية لفهم عميق، وبناء ملاذ من الأمان، حيث يبدأ الزوجان باكتشاف تفاصيل بعضهما بعضاً عن قرب، ويواجهان تحدّيات وضغوطات وتدخلات في حياتهما، ويتحمّلان مسؤوليات جديدة».

تلك المساحة من العام الأول كفيلة بإرساء أسس الاستقرار شرط التوازن «بين التوقعات الحالمة والواقع العملي»، فما الذي يحدث نفسياً وزوجياً في هذه المرحلة؟ وكيف يمكن تجاوز المطبّات الأولى بحكمة واتّزان؟

التغيّرات الطبيعية في بداية الزواج

تتوقف د. أمل الملا عند التغيّرات التي ترافق الزواج في بداياته، وأهمها:

الانتقال من الحياة الفردية إلى الشراكة

أي الانتقال من الـ«أنا» إلى الـ«نحن»، وتبيّن: «رحلة التحول تلك من الاستقلالية إلى التشارك، تحتاج إلى وقت وتفهّم. ففي بداية الزواج تبدأ المرأة بإعادة تنظيم أولوياتها اليومية لتتناسب الحياة مع إيقاع التغيير القائم، لكون الحياة الجديدة ليست مجرّد مشاركة منزل، بل مشاعر، وقرارات ومسؤوليات، ويكمن التحدّي الأكبر في فقدان الإيقاع الشخصي، ومحاولة خلق إيقاع جديد مشترك بحيث لا تفقد المرأة هويتها».

الضغوط النفسية والتوقعات المجتمعية

«الضغوط تبدأ من الليلة الأولى، ولا تعكس دائماً دعماً حقيقياً. فالتوقعات من الأهل والمجتمع قد تولد توتراً لدى الزوجين، بخاصة المرأة، وبينها الأسئلة الموجهة لها: «متى تفرحيننا بالحمل؟».

أما المطلوب، وفق د. أمل، فهو «أن نطوّر من الوعي المجتمعي بكون الاستقرار النفسي أولى من الإنجاب السريع، وإعطاء مساحة للزوجين لبناء علاقة آمنة قبل الدخول في متاهة ضغط الإنجاب، أو المثالية».

أهمية التفاهم والتواصل بين الزوجين

تؤكد: «التفاهم بين الشريكين يبدأ بالحوار، لا بالصمت، أو الافتراضات. لا أحد يقرأ الأفكار، فلنتعلّم أن نعبّر ونستمع. ففي أول سنة، تحدث صدامات بسيطة لكنها قد تكبر إن لم يحسن الطرفان التعبير، فالتفاهم لا يعني الاتفاق على كل شيء، بل احترام الاختلاف، وإيجاد أرضية مشتركة، وتخصيص وقت للحوار اليومي، ولو لدقائق، وتعزيز سبل دعم الشريكين لبعضهما بعضاً عند التعرّض لأي ضغوطات».

لا أحد يقرأ أفكارك والتفاهم يحتاج إلى لغة واضحة واستماع حقيقي... والحوار الصادق يبني جسور الودّ مع الشريك

التغيّرات الجسدية والهورمونية والعلاقة الزوجية

لا يمكن إغفال التغيّرات الجسدية والهورمونية التي ترافق تلك المرحلة، تشرح د.أمل الملا: «الجسد يتكلم بلغة التغيّرات|، ولا بد من الإصغاء إلى جسدنا بحنان لا بخوف، ومن الطبيعي أن تشهد المرأة تغيّرات في الوزن، وعدم انتظام الدورة، أو المزاج بسبب التوتر، أو بسبب العلاقة الجديدة، أو حتى تغيير الروتين الغذائي، حتى أن بعض الزوجات يلاحظن حب الشباب، وتساقط الشعر، أو تغيّر الشهية، وهذه ليست دائماً مؤشراً على خلل، بل رحلة تأقلم».

رحلة التأقلم تلك تشمل العلاقة الزوجية الحميمة التي تبدأ من «الأمان النفسي»، بحسب د. أمل التي تدعو إلى:

  • تصحيح المفاهيم المغلوطة: العلاقة الحميمة تحتاج إلى تهيئة نفسية، وحوار صادق وعدم استعجال.
  • بعض الفتيات يعانين صعوبات خلال العلاقة وتكون هناك حالات طبية قابلة للعلاج.
  • التشجيع على مراجعة الطبيبة في حال استمرار الألم أو الخوف، وعدم الاعتماد على مصادر غير طبية.
  • استخدام منتجات مساعدة طبيعية وتهيئة رومانسية تسهم في تقوية الرابط الحميمي.
مجلة كل الأسرة

التغذية السليمة وأسلوب الحياة

تلعب التغذية السليمة دوراً محورياً في تحقيق التوازن النفسي. تقول د.أمل الملا: «الصحة الأنثوية تبدأ من المائدة، وتمتد إلى خطواتك اليومية»، داعية إلى جملة قواعد، أهمها:

  • التركيز على الأطعمة الغنية بالزنك، والحديد، والأوميغا 3 وفيتامين د.
  • تقليل السكّر والمقليات يحسّن المزاج ويخفف الانتفاخات.
  • الرياضة الخفيفة، مثل المشي أو اليوغا، تنشط الدورة الدموية وتخفف التوتر.
  • النوم الجيد أهم من أيّ مكمل غذائي.
مجلة كل الأسرة

الصحة الإنجابية والتخطيط الواعي للحمل

التحدّي الآخر الذي يواجه الطرفين هو الضغوطات المجتمعية في حال تأخر الحمل. وكطبيبة أمراض نساء وتوليد، تشرح د.أمل الملا أهمية فحص ما قبل الحمل، وتتضمن الفحوصات الدورية (مسحة عنق الرحم، الالتهابات، فيتامين د)، وتؤكد أن «زيارة الطبيب النسائي لا تقتصر على الحمل فقط، والمراجعة الطبية ضرورية عند وجود ألم أثناء العلاقة، وإفرازات مزعجة، أو اضطرابات هرمونية، ويمكن مناقشة خيارات التجميل النسائي غير الجراحي، مثل الليزر أو البلازما، حسب الحالة».

وبخصوص الإنجاب، تشدّد الناشطة المجتمعية على أنّ «الإنجاب قرار مشترك وليس سباقاً مع الزمن، ولا بدّ من التعامل مع التدخلات العائلية والضغوط المجتمعية بخصوص الحمل بدعم مشترك من الطرفين».

تطمئن الزوجات الجدد: «تأخر الحمل في السنة الأولى لا يعني عقماً، وينصح بالبدء بالفحوصات فقط بعد مرور 12 شهراً من العلاقة المنتظمة»، مع توجيه نصائح بـ:

  • تناول حمض الفوليك حتى لو لم يكن الحمل قريباً.
  • في حال الرغبة في التأجيل، التحدث عن وسائل منع الحمل المناسبة لبداية الزواج للمرضعات لاحقاً، أو لمن لديهنّ اضطرابات هرمونية.
مجلة كل الأسرة

في أول سنة زواج.. تذكّري دائماً

وإذ يبدو الزواج «توليفة» من الحب، والمشاعر، والأمان، والأهم من «الحوار الفاعل والإيجابي بين الطرفين»...

تدعو د. أمل الملا المرأة إلى الالتزام بتلك القواعد التي ترسي استقراراً حقيقياً للحياة الزوجية، ومن تلك القواعد:

  • الحوار بين الزوجين سرّ التفاهم: لا تتوقعي أن يفهم الشريك صمتك، وحاولي التعبير عن مشاعرك بوضوح، لكون الزوج ليس طبيباً نفسياً، لكنه يمكن أن يكون حضن أمان.
  • صحتك أولويتك: فلا تؤجلي مراجعة الطبيبة عند أيّ عرض غير طبيعي، حتى لو كان بسيطاً.
  • العلاقة الحميمة تُبنى بالحب، لا بالضغط: ومن الضروري التنبه إلى أن ثمة ارتباطاً وثيقاً بين الخلافات الزوجية ومنحى العلاقة الحميمة بين الطرفين، ومن الأهمية إفساح المجال للمرأة للإفصاح عمّا يضايقها.
  • تقبّلي التغيير: التغيير طبيعي، ومشاعرك المتقلّبة، جسمك المتغيّر، وحتى نومك.. كل ذلك جزء من التكيّف. ومن الضروري التشجيع على بناء روتين مريح، مثل تمشية صباحية، أو طقوس نوم مشتركة.
  • لا تقارني نفسك بأحد: كل زيجة لها إيقاعها، فلا تقيسي نفسك بتجارب الآخرين، أو ضغوط المجتمع.
  • الطمأنينة أهم من المثالية: ابني بيتاً مملوءاً بالأمان لا بالكمال، إذ لا بدّ من خفض سقف التوقعات، والتركيز على بناء منزل آمن، وأسرة مطمئنة.
  • اطلبي المساعدة إن احتجت من طبيبة، من صديقة، مرشدة: بداية الزواج مملوءة بمشاعر مختلطة من فرح، وقلق، وحنين لأهلها، ومن الطبيعي أن تشعر الزوجة أحياناً بالحزن أو «الغربة»، وفي حالات الاكتئاب المستمر يجب استشارة مختص نفسي من دون خجل. ولا تشعري بأنك وحدك.