04 مايو 2025

«نسائية دبي» تحتفي بالعرس الجماعي الـ29.. دعم متكامل للأزواج الجدد وتعزيز وعيهم الأسري

محررة في مجلة كل الأسرة

مجلة كل الأسرة

 نسج  العرس الجماعي - زفة حراير،  في دورته التاسعة والعشرين، تفاصيل الفرح في فستان أبيض، وزفة ازدانت بالعراقة وعبق التقاليد الإماراتية، مع فرق العيالة. كانت ليلة استثنائية بامتياز، تعالت فيها  الزغاريد مع كل إطلالة عروس، وتصدرت فرحة الأهل المشهد، وهم يلتقطون الصور التذكارية عند الكوشة، حيث أم العروس تحتضن ابنتها، وتتشارك أم العريس مع ابنها لحظات عاطفية، وتنسال دموعها على خدّيها .

مجلة كل الأسرة
مجلة كل الأسرة

فهذا المشهد العاطفي، الذي عشناه وعايشناه، هو وليد جهد كبير واستثنائي من الجهة المنظمة، وهي جمعية النهضة النسائية بدبي، ممثلة في إدارة التدريب والاستشارات، وبدعم مجتمعي تمثل في رعاية عدد من الجهات والمؤسسات، في شراكة تترجم التكافل المؤسسي مع جهود المجتمع المدني، حيث صورة 14 عريساً وعروساً تجسد دور «نسائية دبي» في مساندة المقبلين على الزواج، بكل أشكال الدعم، المادي والتوعوي، لتكوين أسرة مستقرة، كما صورة الأمهات اللواتي تحوّلن إلى نجمات في قاعة زعبيل، وهن يحتضنّ أبناءهنّ وبناتهنّ في ليلة فرح غامرة، وحتى أن الجدات تشاركن تلك المشاعر الفياضة، مع حفيداتهنّ وأحفادهن.

مجلة كل الأسرة
مجلة كل الأسرة

ويأتي هذا الحدث السنوي استمراراً لمسيرة عطاء تخوضها وترعاها حرم صاحب السمو الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم، نائب رئيس الدولة رئيس مجلس الوزراء حاكم دبي، رعاه الله، سمو الشيخة هند بنت مكتوم بن جمعة آل مكتوم، وترجم هذا الفضل عرفاناً وتقديراً لها من خلال عروس تزيّنت بلباسها في صباها، عبارة عن المزري الأحمر والمرتعشة، ترافقها قصيدة لصاحب السمو الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم المغنّاة لها، تجسيداً  للأسرة القدوة لكل شباب الوطن.

من جهتها، ثمنّت خولة النابودة، نائبة رئيسة جمعية النهضة النسائية بدبي، المشرف العام على إدارة التدريب والاستشارات، رعاية سمو الشيخة هند بنت مكتوم بن جمعة آل مكتوم، لكل دورات العرس الجماعي، و الذي يعكس تلاحم القيادة مع المجتمع، مؤكدة أن «التوجه والتشجيع لإقامة الأعراس الجماعية يأتي استجابة لتوجيهات القيادة الرشيدة التي نادت فيها بضرورة تخفيض تكاليف الزواج، للتخفيف عن الشباب، وعن الأسرة، ولضمان حياة ميسّرة مستقرة».


مجلة كل الأسرة
مجلة كل الأسرة

في قاعة زعبيل بالمركز التجاري، كان عرساً وطنياً بامتياز، بتوجيهات الشيخة أمينة بنت حميد الطاير، رئيسة جمعية النهضة النسائية، وبحضور سمو الشيخات، وكذلك سناء بنت محمد سهيل، وزيرة الأسرة، وعضوات المجلس الوطني الاتحادي، وأعضاء مجلس إدارة الجمعية، وممثلي الدوائر الحكومية، والسلك الدبلوماسي، ما يعكس الاهتمام الرسمي بهذه المبادرة، وإعطاء الأولوية للشباب، ومشاركتهم الفرح، ويجسد انعكاساً حقيقياً لروح «عام المجتمع».

وفي هذا السياق، أكدت الدكتورة فاطمة الفلاسي، المدير العام للجمعية، أن العرس الجماعي يسهم في دعم مسيرة التنمية من خلال تعزيز الاستدامة الاجتماعية، مشيرة إلى أن نجاح هذه المبادرات يجسّد نهجاً وطنياً في تكريس ثقافة التكافل المجتمعي، والهوية الإماراتية الأصيلة.

مجلة كل الأسرة

وتنسجم مبادرة العرس الجماعي مع أجندة دبي الاجتماعية 33، والسياسة الوطنية للأسرة، وأهداف «عام المجتمع» حيث تؤكد عفراء الحاي، مديرة إدارة التدريب والاستشارات في الجمعي، أن إقامة هذا العرس الجماعي تأتي انسجاماً مع استراتيجية دولة الإمارات في تحقيق أسرة مستقرة، والابتعاد عن المغالاة في تكاليف الزواج، وتكوين أُسر إماراتية مستقرّة بلا ديون، والتي نادى بها حكام دولتنا بضرورة تخفيض تكاليف الزواج، للتخفيف من الأعباء المترتبة على الأسرة للإقبال على حياة مستقرة، وتشجيعهم على إقامة حفلات الزفاف الجماعية، حيث لاقت هذه المبادرة الطيبة صدى إيجابياً واسعاً لدى المجتمع الإماراتي.

الدكتور جاسم المرزوقي
الدكتور جاسم المرزوقي

 النهضة النسائية.. برامج توعوية واستشارية لدعم المتزوجين حديثاً

لا تقف جهود الجمعية عند ليلة الزفاف، بل تتكامل الجهود ما قبل، وأثناء، وبعد العرس، حيث إن إدارة الاستشارات والتدريب تواكب العرسان، وتسعى إلى تعزيز التفاهم الأسري، بما يتماهى مع أجندة دبي الاجتماعية، ومع مستهدفات عام المجتمع.

وفي هذا الصدد، يؤكد الدكتور جاسم المرزوقي، استشاري العلاج النفسي ومستشار جمعية النهضة النسائية بدبي، أن الجمعية تتبع منهجية قائمة على عدد من المبادرات، من بينها  المحاضرات التوعوية، والتي يتم من خلالها التطرق إلى مختلف الجوانب والمحاور المتعلقة بحياة الزوجين والتحدّيات المتوقعة في مستقبلهم، ومن خلال هذه المبادرات، يتم طرح كثير من التساؤلات من قِبل المشاركين، وهم في الأغلب من الأزواج، ما يسهم في فتح أبواب النقاش حول قضايا متعدّدة تمسّ الحياة الزوجية.

ويوضح : «برامج الاستشارات في الجمعية تُعد برامج عامة، ولا يتم تخصيصها لفئة دون غيرها، إذ تشمل مختلف الفئات، سواء المشاركين في العرس الجماعي، أو المتزوجين حديثاً ضمن برامج أخرى، بشكل جماعي أو فردي، حيث نقدم الدعم والاستشارات لمختلف الفئات العمرية، مع التركيز على فئة المتزوجين».

ويلاحظ د. المرزوقي أن أبرز المشكلات  لدى المتزوجين حديثاً تتمثل في «طبيعة الاختلاف ما بين عقلية الرجل، وعقلية المرأة، خصوصاً في هذا السن بالتحديد»، متوقفاً عند «تأثير مظاهر «السوشيال ميديا» في حياة المقبلين على الزواج، ما يشكل تحدياً خطراً أمام طبيعة الرجل، وطبيعة المرأة»، ويشرح: «تدنّي توعية الوالدين لأبنائهم وبناتهم حول كيفية التعامل مع هذه الاختلافات يسهم في زيادة المشكلات، واغلبية المشكلات التي ترد إلى الجمعية تنحصر في هذه الأطر، إضافة إلى تدنّي حس المسؤولية لدى الجنسين في القيام بواجباتهم».

ويعزو مستشار «النهضة النسائية» الأسباب الرئيسية للخلافات بين الأزواج الجدد إلى «غياب الوعي»، ويقول: «من المفترض، في ظل وجود «السوشيال ميديا»، والمستشارين، والخبراء، أن يكون هناك مستوى أعلى من التوعية، لكن الواقع يشير إلى فجوة قائمة في هذا الجانب»، محذراً من الاعتماد العشوائي على المستشارين المنتشرين عبر وسائل التواصل الاجتماعي، من دون التأكد من مؤهلاتهم، أو تراخيصهم، لكون هذا السلوك قد يعرّض الأزواج إلى مخاطر حقيقية، لافتقاد بعضهم المهنية، نافياً التعميم باعتبار أن «هناك أشخاصاً يقومون بمبادرات فردية للتوعية، وهذا جانب إيجابي يعتمد على مدى المنافع التي يحققونها».

وبخصوص قرار المشاركة في العرس الجماعي، فإنّ المشاركين في الأعراس يكونون على قناعة تامة بهذه المشاركة، وبالأخص أن «موضوع القناعات اليوم يتركز على تأثير المظاهر في حياة كل من الزوجين»، كما يشير د.المرزوقي، بحيث إن «البعض يرى في مثل هذه المشاركات انتقاصاً من استكمال الفرحة، أو من الصورة التي تبنيها المرأة لنفسها في هذه المناسبة، وبالتالي قد ترفض المشاركة».

ويوضح : «نحن نركز على توضيح المنافع والحوافز، بينما على الزوجين أن يركّزا على مدى قناعتهما في الاشتراك بمثل هذه البرامج والاستفادة منها، مع مراعاة أن قرار المشاركة ينبغي أن يكون نابعاً من الطرفين، لا أن يُفرض عليهما».

قناعة الزوجين شرط أساسي للاشتراك في الأعراس الجماعية و«السوشيال ميديا» تشكل تحدياً خطراً في وقتنا الراهن

الفحص النفسي ما قبل الزواج

وإذ تتزايد الدعوات لاعتماد فحص نفسي إلزامي للمقبلين على الزواج، بهدف الكشف المبكر عن الاضطرابات، أو المشكلات النفسية التي قد تعيق نجاح العلاقة الزوجية على المدى البعيد، يرى د.المرزوقي أن «هذه الفكرة ليست جديدة، إلا أن تطبيقها ما زال مرهوناً بوجود تشريعات وسياسات داعمة على مستوى الدول»، مشيراً  إلى أن بعض المشكلات النفسية يمكن التغاضي عنها في إطار الزواج، فيما توجد حالات مرضية أخرى يصعب معها استمرار العلاقة بشكل سليم، ما يستدعي وقفة جادة قبل إتمام الارتباط النهائي. وغالباً لا تظهر الأعراض النفسية بوضوح إلا من خلال المواقف والتحدّيات الحياتية التي يواجهها الطرفان، لاسيما في المرحلة التي تسبق الزفاف مباشرة».

وفي حال ظهور مشكلات تؤثر في السلوك، ينبغي التوقف عندها، ومراجعة أهل الاختصاص للحصول على تقييم موضوعي، ما يسهم في اتخاذ قرار ناضج بشأن الاستمرار، أو الانفصال، قبل الدخول في حياة مشتركة قد تتعثر لاحقاً.

ومن بين القضايا النفسية والسلوكية التي تُعد مثار قلق، انتشار بعض السلوكات المرضية مثل الإدمان – سواء تعلق الأمر بالمواد الكحولية أو التدخين، أو حتى أنواع أخرى من الإدمان – والتي قد لا تظهر إلا بعد الارتباط. وغالباً ما يؤدي اكتشاف هذه المشكلات لاحقاً، إلى تراجع أحد الطرفين عن الاستمرار، بخاصة إذا كانت هذه المشكلات موجودة لدى المرأة، إذ أظهرت التجارب أن نسبة كبيرة من الرجال يختارون الانسحاب في مثل هذه الحالات.

مجلة كل الأسرة

أسرتا الزوجين.. دور محوري في إنجاح العلاقة

لا يمكن التقليل من أهمية دور أسرتي الزوجين في دعم العلاقة الزوجية، وبنائها على أسس راسخة ومستقرّة، فالدعم النفسي والعاطفي والاجتماعي الذي تقدمه الأسر، بخاصة في مراحل الزواج الأولى، يُعد عاملاً حاسماً في نجاح الحياة الزوجية، واستمراريتها.

وفي هذا السياق، يؤكد د.المرزوقي أن دور الأسرة لا يقتصر على الدعم المادي أو المشاركة في الأعراس الجماعية فقط، بل يمتد ليشمل التوجيه، والإرشاد القائم على الخبرة والنضج. ويذهب البعض إلى اعتبار هذا الدور «هاماً بنسبة 200%»، وليس 100% فقط، نظراً لتأثيره العميق والمباشر في الأبناء، حيث تلعب الأسرة دور النموذج الأول الذي يستمد منه الأبناء أسس التعامل، والحوار، والتفاهم، لاسيما في مواجهة الخلافات التي تُعد جزءاً طبيعياً من الحياة الزوجية.

 ويخلص إلى الحديث  عن المهارات الأساسية التي تضمن انطلاقة ناجحة لحياة زوجية مستقرّة، وهي  ثلاثة عناصر رئيسية: الحوار، والمرونة، والتواصل، مشدّداً على كون «هذه المهارات تُعد حجر الأساس في فهم الآخر وتجاوز التباينات اليومية التي قد تظهر حتى في أقوى العلاقات».

* الصور: من المصدر