14 شاباً وشابة توجوا مشهدية العرس الجماعي الـ26 «زفة حراير 2024» الذي نظمته جمعية النهضة النسائية بدبي ممثلة بإدارة التدريب والاستشارات، وسط أجواء مفعمة بالفخامة والترف، في مركز دبي التجاري -قاعة راشد، بالتزامن مع احتفال «نسائية دبي» بمرور خمسين عاماً على تأسيسها.
أقيم العرس تحت رعاية حرم صاحب السمو الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم، نائب رئيس الدولة رئيس مجلس الوزراء حاكم دبي «رعاه الله»، سمو الشيخة هند بنت مكتوم بن جمعة آل مكتوم، وبتوجيهات من الشيخة أمينة بنت حميد الطاير، رئيسة جمعية «النهضة النسائية بدبي»، وبحضور سمو الشيخات، وعضوات المجلس الوطني الاتحادي، وأعضاء مجلس إدارة الجمعية، وممثلي الدوائر الحكومية، والسلك الدبلوماسي.
زُيّنت القاعة بلمسات إبداعية استثنائية وبألوان متناغمة مع فخامة المناسبة، وأطلّت كل عروس من العرائس الـ7 برفقة عريسها، على وقع الموسيقى والأنغام الإماراتية، حيث خصصت أهزوجة لكل عروس باسمها وهي تسير في القاعة وتعيش احتفالها الخاص وتلتقط الصور مع الأهل والأقارب.
وإذ يندرج العرس الجماعي ضمن مبادرة «زفة حراير»، إحدى مبادرات الدعم المجتمعي للشباب من الجنسين في دبي، فإن الجمعية، واحتفاء بالذكرى الخمسين على تأسيسها، واكبت استراتيجيتها في تعزيز الاستقرار الأسري ودعم الشباب الإماراتي بأربعة أعراس جماعية خلال العام، ويعتبر العرس الجماعي الـ26 هو الثالث بينها.
وفي هذا الصدد، أعرب عدد من الشباب المشارك في العرس الجماعي عن سعادتهم بهذه المبادرة الكريمة من جمعية النهضة النسائية بدبي لكونها "مبادرة تلعب دوراً رئيسياً في تعزيز الاستقرار الأسري والمجتمعي في الإمارات وتواكب متطلبات الشباب وتيسير زواجهم في سياق احتفالية جماعية تتسم بالفخامة وتجسّد مسيرة الدعم المجتمعي للجمعية».
وتوقف عدد منهم عند أبعاد تلك المبادرة مجتمعياً ونفسياً واقتصادياً، بحيث «تعزز أواصر التكافل وتسهم في نشر ثقافة الاعتدال والتوفير، ما يعزز من القيم الاجتماعية الإيجابية ويسهم في تغيير المفاهيم المرتبطة بالإسراف ويشجع على تقدير الجوهر بدل المظاهر».
وفي السياق نفسه، تؤكد عفراء الحاي، مديرة إدارة التدريب والاستشارات، لـ«كل الأسرة»، أن «هذه المبادرة تهدف إلى تيسير زواج الشباب والشابات عبر تقديم حفلات زفاف جماعية تجمع بين الحداثة والأصالة، وفي إطار الاحتفال باليوبيل الذهبي للجمعية، تم تقسيم الأعراس الجماعية لهذا العام على أربع مراحل رئيسية.. حيث جرى العرس الأول في مايو بطابع تراثي، بينما شهد شهر يوليو عرساً جماعياً مفرداً، خصص لفئات خاصة ممن تتطلب ظروفهم ترتيبات مغايرة وهذا النوع من الأعراس ينظم بطريقة مميزة، حيث يُقام في أماكن مختلفة في نفس الليلة، ما يتيح لأصحاب الحالات الخاصة المشاركة في فرحة العرس، ولكن في بيئة تتناسب مع واقعها (واقع تلك الحالات)».
ويعتبر العرس الجماعي الـ26 هو الثالث ضمن الأعراس الأربعة، وتشرح الحاي «هذا العرس يعتبر ذا طابع حديث، يليه العرس الرابع في 20 أكتوبر ويحمل الطابع التراثي الإماراتي العريق، تلبية لتوجيهات سمو الشيخة فاطمة بنت مبارك «أم الإمارات»، رئيسة الاتحاد النسائي العام رئيسة المجلس الأعلى للأمومة والطفولة الرئيسة الأعلى لمؤسسة التنمية الأسرية». تحظى الأعراس الجماعية بدعم من مؤسسات وشخصيات رائدة في المجتمع الإماراتي، بالإضافة إلى الرعاة والشركاء الذين يسهمون في تقديم الخدمات والتسهيلات اللازمة لضمان نجاح هذا الحدث، كما تؤكد الحاي.. لافتة إلى أن «هذا الدعم المجتمعي يعكس التزاماً راسخاً بالمبادرة التي تمكنت، على مدار عشر سنوات، من تكييف نفسها مع مختلف الظروف والمتغيرات، ما يضمن استمراريتها وتجددها عاماً بعد عام».
تتوقف الحاي عند جائحة «كورونا» وما شكلته من تحدٍ لتلك المبادرة «على الرغم من القيود التي فرضتها الجائحة، لم تتوقف الأعراس الجماعية عن السير قدماً، ففي حين توقفت فيه الكثير من الأنشطة الاجتماعية على مستوى العالم.. تمكنت المبادرة من الاستمرار بنجاح، عبر تعديل آليات التنفيذ لتتناسب مع التدابير الصحية، كانت هذه المرونة ملحوظة، إذ تم تنظيم الأعراس بطرق مبتكرة تضمن سلامة المشاركين، مع الحفاظ على روح الاحتفال والفرحة».
وتجلّت هذه الروح المتجددة بوضوح في «عام الخمسين» الذي صادف عام 2021، حين تم تنظيم 50 عرساً بمشاركة 100 شاب وشابة، هذا الإنجاز لم يكن مجرد حدث تقليدي، بل كان احتفالاً يتناسب مع حجم الاحتفالات الوطنية.. ما يؤكد، بحسب الحاي، قدرة المبادرة على التوسع واستيعاب أعداد أكبر من الشباب، في خطوة تعزز من فرصهم في بدء حياتهم الزوجية بأقل التكاليف، وفي إطار جماعي يدعم روح التكافل والتعاون.
ولعل أبرز ما يميّز هذه المبادرة هو «عدم تقيدها بنموذج واحد من الأعراس»، حيث توضح الحاي «المبادرة تقدم مزيجاً متنوعاً يناسب مختلف الأذواق والظروف، بدءاً من الأعراس التراثية التي تحاكي العادات الإماراتية الأصيلة، وصولاً إلى الأعراس العصرية التي تلبي تطلعات الأجيال الجديدة.. وحتى الأعراس الخاصة التي تنظم تبعاً لظروف فئة معينة، تثبت أن هذه المبادرة قادرة على استيعاب كل الفئات، وتقديم الحلول التي تتناسب مع احتياجاتهم».
ولم تقتصر جاذبية الأعراس الجماعية على الأفراد فقط، بل امتدت لتشمل المؤسسات والجهات الحكومية حيث «شهد هذا العام إقبالاً ملحوظاً من هذه الجهات لترشيح موظفيها للمشاركة في هذه المبادرة.. في خطوة تعكس مدى التأثير الإيجابي لهذه الأعراس على المجتمع حيث إن هذا التفاعل من المؤسسات يعزز من أهمية المبادرة، ويؤكد على مكانتها كركيزة مجتمعية تسهم في تحقيق الاستقرار الأسري». وتخلص الحاي «على الرغم من أن المبادرة تركز في الأساس على شباب دبي، إلا أنها مفتوحة لجميع أبناء الإمارات، ما يكرّس قيم التلاحم ودعم جميع أفراد المجتمع دون استثناء».
وإذا ما حاولنا إلقاء نظرة على مسار الأعراس الجماعية وآثارها الإيجابية على المجتمع وعلى فئة المقبلين على الزواج تحديداً، فإنّ هذه المبادرة تخفف عبء الاستدانة عن الشباب وتوفر لهم دعماً مالياً يواكب بداية حياتهم الزوجية، كما ترسّخ ثقافة عدم الإسراف والمغالاة في المناسبات الاجتماعية.. وتؤكد على القيم الجوهرية للارتباط، بعيداً عن المغالاة في تنظيم أعراس فردية، ناهيك عن إرساء بداية زوجية مستقرة نفسياً واقتصادياً.
* تصوير: السيد رمضان