إضافة إلى الأعراض التقليدية للتوحّد، مثل الاضطرابات السلوكية، وتأخر تعلّم الكلام، والتفاعل الاجتماعي غير المناسب، والهوَس بأشياء أو أطعمة معيّنة، وقلّة التواصل البصري، وصعوبات فهم اللغة، قد تظهر أيضاً على الطفل المصاب بالتوحد علامات على سلوك غذائي غير طبيعي، قد يعزى، أو لا يعزى إلى اضطرابات أكل محدّدة.
ومن السمات الرئيسية للتوحد فرط الحساسية، أو قلة الحساسية؛ وبالتالي، قد تختلف تجارب الأطفال المصابين بالتوحد الحسية مقارنة بالأطفال غير المصابين به. إذ قد يسهم ملمس الأطعمة (وغيرها)، ورائحتها، ومذاقها، بشكل كبير في عاداتهم، وتفضيلاتهم الغذائية.
في إحدى الدراسات التي بحثت في عادات الأكل لدى الأطفال ذوي الإعاقات الذهنية، مقارنة بغير المصابين بها، تم فحص معدل رفض مجموعات غذائية معيّنة. كان رفض أو تجنب معظم أنواع الطعام أعلى بكثير لدى الأطفال ذوي الإعاقات الذهنية مقارنة بغير المصابين بها.
من الهما ملاحظة أن رفض الأطعمة لا يقتصر على الأطفال المصابين بالتوحد، بل إن العديد من الأطفال غير المصابين بالتوحد يرفضون أيضاً بعض الأطعمة، كما هو الحال في اضطراب تناول الطعام التجنبي والمقيّد. ومع ذلك، فإن معدلات الرفض أعلى بكثير لدى الأطفال المصابين بالتوحد مقارنة بالأطفال غير المصابين به.
ما أنواع الأطعمة التي يفضّلها الأطفال المصابون بالتوحد؟
الإجابة عن هذا السؤال ليست بالأمر السهل، لأن الأطفال المصابين بالتوحد ينتمون إلى طيف التوحد، وبالتالي تختلف تفضيلاتهم. ومع ذلك، تشير أبحاث هامة إلى أن أغلبية الأطفال المصابين بالتوحد يفضلون الأطعمة ذات القوام المتشابه، سواء كانت طرية، أو صلبة، أو مقرمشة.
صحيح أن عادات الأكل تختلف لدى مرضى التوحد، ولكن أكثرها شيوعاً هي:
- رفض تناول أنواع معينة من الطعام (بسبب الملمس، أو الرائحة، أو المظهر).
- تفضيل الكربوهيدرات (مثل الخبز، والمعكرونة، والأرز).
- تفضيل نوع واحد من الملمس (مثل القوام الطري تماماً، أو القاسي أو المقرمش تماماً).
- يفضل بعض الأطفال جميع الأطعمة ذات النكهة الخفيفة، بينما يفضل آخرون الأطعمة القوية فقط.
- يتناول بعض الأطفال طعاماً بلون واحد فقط (مثل البنّي أو البيج).
- ردود فعل عنيفة (مثل التقيؤ، أو النفور الشديد من الأطعمة الجديدة).
- السلوك المتكرّر لتناول الطعام نفسه يومياً، في الوقت نفسه.- قد يعاني بعض الأطفال اضطراب بيكا
- وهو تناول مواد غير غذائية مثل الورق، أو التراب.
كيفية تحسين عادات الأكل لدى الأطفال المصابين بالتوحد
قد يكون تحسين عادات الأكل لدى الأطفال مهمة صعبة ومرهقة، في كثير من الأحيان. فمن الممكن أن يستغرق تغيير عاداتهم شهوراً، إن لم يكن سنوات، ومع ذلك من الهام المثابرة، وعدم الاستسلام. وتتضمن بعض النصائح العامة لتحسين سلوك الأكل، على سبيل المثال لا الحصر:
- محاولة تجنب الإفراط في تناول الطعام، أو الأكل المتواصل طوال اليوم، لأن هذا يفاقم الشعور بالجوع، وبالتالي يؤدي إلى أنماط غذائية غير صحية
- وتحديد أوقات محددة للوجبات هو إحدى الطرق لتحقيق ذلك.- تناول الطعام معاً كعائلة سيعزز الإشارات البيئية القوية حول وقت الوجبة، وبالتالي سيكون الطفل أكثر استعداداً لتناول الطعام عند رؤية الآخرين يأكلون.
- تجنب إعداد وجبة منفصلة لطفلك، لأن هذا سيمنعه من قبول فكرة أنه سيحصل على وجبة مُعدّة خصيصاً إذا كان صعب الإرضاء، ولن يكلف نفسه عناء تحسينه.
- كافئ طفلك إذا نجح في تجربة أطعمة جديدة، ولكن لا تعاقبه بمنع أطعمته المفضلة، حاول ألّا تغضب من الرفض، أو بصق الطعام.
- تجربة تعديل الطعام، على سبيل المثال هريس الخضار إذا كان طفلك يفضل القوام الطري فقط، أو إضافة ألوان الطعام إذا كان يفضل لوناً معيناً.
- حاول أن تكون مبدعاً في الطعام وجلسات الطهو المشتركة، وشجّع طفلك على استكشاف الطعام بالتفصيل، بجعل تحضير الوجبة أمراً ممتعاً.
- الانتباه جيداً للتفاصيل، مثل كيفية تقديم الطعام، فغالباً قد لا يتناول الأطفال المصابون بالتوحد وجبتهم المعتادة إذا تم استخدامها في طبق/أدوات مائدة مختلفة، أو عند حدوث شيء «تافه»، مثل اختلاف وضع أو زوايا الطعام.
- إذا كان طفلك يفرط في تناول الطعام، فقد يكون من الجيد تقليل حجم الحصص تدريجياً، والحد من وصوله إلى الطعام عن طريق إبعاده عن الأنظار.
- إذا كان طفلك لا يأكل جيداً، فزد حجم الحصص تدريجياً وشجع على الارتباط الإيجابي بالطعام من خلال صنع أشياء بسيطة مثل الشطائر.
- يمكن تطبيق هذه النصائح على أيّ عائلة، لأنها تعزز ممارسات الأكل الصحي لجميع الأطفال.
كما هو الحال مع أيّ من هذه النصائح، فمن المؤكد أنها لن تنجح من المرة الأولى، وستحتاج إلى المثابرة لأشهر أحياناً. وغالبا ما يكون التغيير التدريجي بداية جيدة لقياس ردود فعل طفلك. وفي كثير من الأحيان، مع هذه السلوكات، يكون الهدف هو التعلم والراحة مع الأطعمة المختلفة، بدلاً من تناول كل ما تقدمه لهم.
أخيراً، إذا لم تسفر التغييرات المستمرة في روتين طفلك الغذائي عن نتائج مثمرة، فمن المستحسن استشارة طبيب مختص، مثل طبيب أطفال، أو طبيب أسنان، أو أخصائي تغذية سريرية. وإذا ما استبعدوا وجود حالات فسيولوجية، ومشكلات الأسنان، يمكن أن يحيلوا الطفل إلى أخصائيين، مثل الأطباء النفسيين السريريين الذين سيحاولون استخدام استراتيجيات سلوكية لتغيير السلوك. وإذا كانت المشكلة تتعلق بالبلع، فيمكن لأخصائيي النطق واللغة المساعدة على حل هذه المشكلات. وفي بعض الأحيان، قد يلزم الاستعانة بمستشار أو معالج مهني ذي خبرة في التوحد.
اقرأ أيضاً: 9 حقائق هامّة عن اضطراب طيف التوحّد
