27 أغسطس 2025

أطعمة لا تعلم أنها قد تخفض ضغط الدم

محررة ومترجمة متعاونة

مجلة كل الأسرة

ينصح الأطباء والخبراء، باستمرار، بتناول طعام صحي، ولكن ماذا يعني ذلك فعلياً؟ حتى الأطباء يجدون صعوبة أحياناً، في تقديم نصائح، واضحة وعملية، حول الأطعمة التي تدعم الصحة، وأسباب فعاليتها، والفوائد الحقيقية التي يمكن أن يتوقعها الناس.

ولكن، بدأت مجموعة متزايدة من الأبحاث بتقديم بعض الإجابات، وآخرها دراسة تبحث فيما إذا كانت مجموعة من المركّبات النباتية تُسمى «فلافان-3-أولز» يمكن أن تساعد على خفض ضغط الدم وتحسين وظيفة الأوعية الدموية. وتشير النتائج إلى أن هذه المركّبات اليومية قد تكون لها إمكانات حقيقية لحماية صحة القلب.

ما هي الـ«فلافان-3-أولز»؟

«فلافان-3-أولز»، التي تُسمى أحياناً فلافانول، أو كاتشين، مركّبات نباتية طبيعية تنتمي إلى عائلة الفلافونويد، وهي جزء مما يعطي النباتات لونها، ويساعد على حمايتها من أشعة الشمس، والآفات.

بالنسبة إلينا، نجد هذه المركّبات في بعض أطعمتنا الأكثر شيوعاً: الكاكاو، والشاي الأخضر والأسود، والعنب، والتفاح، وحتى بعض أنواع التوت. ربما جربت هذه النكهة اللاذعة، أو المُرّة الخفيفة التي تشعر بها في الشوكولاتة الداكنة، أو الشاي القوي.. نعم، هذا ما تفعله مركّبات الـ«فلافان-3-أولز».

لطالما اهتم العلماء بآثارها الصحية، ففي عام 2022، وجدت دراسة كوزموس (دراسة نتائج مكملات الكاكاو والفيتامينات المتعدّدة)، التي تابعت أكثر من 21 ألف شخص، أن فلافانول الكاكاو، وليس مكملات الفيتامينات المتعدّدة، قلّلت من الوفيات الناجمة عن أمراض القلب والأوعية الدموية بنسبة 27٪.

وشرعت الدراسة الأخيرة في التعمق أكثر، مع التركيز تحديداً على آثارها في ضغط الدم، ووظيفة بطانة الأوعية الدموية (مدى تمدّد الأوعية الدموية واستجابتها لتدفق الدم).

وحلل الباحثون بيانات من 145 تجربة عشوائية محكمة، شملت أكثر من 5200 مشارك. اختبرت هذه الدراسات مجموعة من الأطعمة والمكملات الغذائية الغنية بالـ«فلافان-3-أولز»، بما في ذلك الكاكاو، والشاي، والعنب، والتفاح، ومركّبات معزولة مثل الإبيكاتشين، وقاست آثارها في مؤشرَين رئيسيين للقلب والأوعية الدموية: ضغط الدم والتمدّد بوساطة التدفق، وهو مقياس لمدى كفاءة عمل البطانة الداخلية للأوعية الدموية.

تراوحت الدراسات بين تدخلات قصيرة المدى (جرعة واحدة)، وتدخلات طويلة المدى، استمرت لأسابيع، أو أشهر. في المتوسط، استهلك المشاركون نحو 586 ملّيجرام من الـ«فلافان-3-أولز» يومياً؛ وهي الكمية الموجودة تقريباً في كوبين إلى ثلاثة أكواب من الشاي، أو حصة إلى حصتين من الشوكولاتة الداكنة، أو ملعقتين كبيرتين من مسحوق الكاكاو، أو تفاحتين.

مجلة كل الأسرة

الفوائد الصحية للـ«فلافان-3-أولز»

أدى الاستهلاك المنتظم للـ«فلافان-3-أولز» إلى انخفاض متوسط في ضغط الدم في العيادة بمقدار 2.8 ملم زئبق انقباضي (الرقم الأعلى)، و2.0 ملم زئبق انبساطي (الرقم الأدنى).

ولكن بالنسبة إلى الأشخاص الذين شاركوا في الدراسة، وهم يعانون أصلاً ارتفاع ضغط الدم، أو شُخِّصوا به، كانت الفوائد أكبر، حيث انخفضت مستويات ضغط الدم الانقباضي لديهم إلى 6-7 ملم زئبقي، وضغط الدم الانبساطي إلى 4 ملم زئبقي. وهذا يضاهي تأثيرات بعض أدوية ضغط الدم الموصوفة طبياً، وقد يقلل بشكل كبير من خطر الإصابة بالنوبات القلبية، والسكتات الدماغية.

كما وجد الباحثون أن «الفلافان-3-أولز» تحسّن وظيفة بطانة الأوعية الدموية، مع زيادة في متوسط ضغط الدم بنسبة 1.7% بعد تناولها بشكل مستمر. وظهرت هذه الفائدة حتى لدى المشاركين الذين كان ضغط دمهم طبيعياً بالفعل، ما يشير إلى أن هذه المركّبات قد تساعد على حماية الأوعية الدموية من خلال مسارات متعدّدة.

كانت الآثار الجانبية نادرة.. وعادة ما تكون خفيفة، وتقتصر غالباً على مشكلات هضمية طفيفة، ما يشير إلى أن إضافة الأطعمة الغنية بالـ«فلافان-3-أولز» إلى نظامك الغذائي آمنة، بشكل عام.

دعم صحة القلب والأوعية الدموية

في حين كانت الفوائد أكثر وضوحاً لدى الأشخاص الذين يعانون ارتفاع ضغط الدم، إلا أن الأشخاص الذين كانت قراءات ضغط دمهم طبيعية شهدوا تحسناً في وظائف الأوعية الدموية. وهذا يشير إلى أن «الفلافان-3-أولز» قد تساعد على الوقاية من مشكلات القلب والأوعية الدموية قبل ظهورها.

يُعد ارتفاع ضغط الدم أحد العوامل الرئيسية المسببة لأمراض القلب في جميع أنحاء العالم، بل حتى في المستويات التي لا تعتبر حالة ارتفاع ضغط دم كامل (140/90 ملم زئبق أو أعلى). وتقرّ الإرشادات الحديثة الصادرة عن الجمعية الأوروبية لأمراض القلب الآن، بأنه حتى ارتفاع ضغط الدم (120-139 انقباضي و70-89 انبساطي)، يحمل مخاطر متزايدة.

ويوصي الأطباء بتغييرات في نمط الحياة، بخاصة النظام الغذائي، وممارسة الرياضة، كاستراتيجيات أولية. لكن غالباً ما يفتقر المرضى، وحتى مقدمو الرعاية الصحية، إلى إرشادات واضحة ومحدّدة حول الأطعمة التي تحدث فرقاً حقيقياً. وتساعد نتائج الدراسة الأخيرة على سدّ هذه الفجوة من خلال إظهار أن تعزيز تناول «الفلافان-3-أولز» من خلال الأطعمة اليومية قد يوفر طريقة بسيطة وقائمة على الأدلة لدعم صحة القلب والأوعية الدموية.

مجلة كل الأسرة

ماذا عن المكملات الغذائية؟

اختبرت بعض الدراسات المكملات الغذائية، أو مركبات «الفلافان-3-أولز» المعزولة، ووجدت أن هذه المكملات أظهرت عموماً تأثيرات أقلّ من الأطعمة الكاملة، مثل الشاي أو الكاكاو. وقد يعزى ذلك إلى أن المركّبات المفيدة الأخرى في الأطعمة الكاملة تعمل معاً، ما يعزز الامتصاص والفعالية.

 وفي الوقت الحاضر، يبدو من الأكثر أماناً وفعالية التركيز على الحصول على «الفلافان-3-أولز» من الأطعمة، بدلاً من المكملات الغذائية ذات الجرعات العالية، بخاصة بالنسبة إلى لأشخاص الذين يتناولون الأدوية، نظراً لعدم فهم التفاعلات بشكل كامل.

 وتشير الدراسات التي راجعها الباحثون، إلى أن تناول 500-600 ملّيجرام من «فلافان-3-أولز» يومياً، قد يكون كافياً لرؤية الفوائد. ويمكنك تحقيق ذلك بمزج كوبين إلى ثلاثة أكواب من الشاي الأخضر أو الأسود، وحصتين أو ثلاث حصص (نحو 56 جراماً) من الشوكولاتة الداكنة، أو ملعقتين، إلى ثلاث ملاعق كبيرة، من مسحوق الكاكاو، وتفاحتين إلى ثلاث تفاحات، إضافة إلى فواكه أخرى غنية بالـ«فلافان-3-أولز»، مثل العنب، والكمثرى، والتوت.

إذن، فإن التبديلات اليومية البسيطة، مثل استبدال وجبة خفيفة سكرية بتفاحة وقطعة من الشوكولاتة الداكنة، أو إضافة كوب إضافي من الشاي، قد تحسّن صحة قلبك تدريجياً مع مرور الوقت. ولأن محتوى «الفلافان-3-أولز» قد يختلف من طعام لآخر، فإن مراقبة ضغط دمك في المنزل قد تساعدك على معرفة ما إذا كان يحدث فرقاً.

مع ذلك، هناك حاجة إلى مزيد من الأبحاث، لا سيما لدى مرضى السكري، حيث كانت النتائج أقل اتساقاً. كما نحتاج إلى فهم أفضل لكيفية تفاعل «الفلافان-3-أولز» مع الأدوية، وما إذا كان من الممكن تحقيق فوائد أكبر عند دمجه مع عادات صحية أخرى.

لكن الأدلة الآن قوية بما يكفي للتوصية بالأطعمة الغنية بالـ«فلافان-3-أولز» كجزء من نظام غذائي صحي للقلب. وبينما يسعى الأطباء إلى استراتيجيات حياتية عملية، وبأسعار معقولة للمرضى، تقرّبنا هذه النتائج من فكرة استخدام الطعام كدواء.

بالطبع، «الفلافان-3-أولز» ليست حلاً سحرياً، فهي لن تغني عن الأدوية للجميع. ولكن عند دمجها مع عادات صحية أخرى، قد تقدّم دفعة قوية ولذيذة لصحة القلب والأوعية الدموية. وعلى عكس العديد من الصيحات الصحية، لا يتعلق الأمر بالأطعمة الخارقة الغريبة أو المساحيق باهظة الثمن، بل يتعلق بالأطعمة التي يستمتع بها الكثير منا بالفعل، وهي متوفرة بين أيدينا بسهولة، وبأسعار زهيدة.

اقرأ أيضاً: كيف تعرف أن ضغط دمك مرتفع؟ وماذا تفعل؟