04 مايو 2025

الفوائد الصحية للزواج.. للرجال وللنساء

محررة ومترجمة متعاونة

مجلة كل الأسرة

يعتقد الكثيرون أن الزواج له مزايا وفوائد تقتصر في أغلبيتها على الجانب الاجتماعي، وهذا أمر صحيح، ولا غبار عليه، بيد أن الباحثين اكتشفوا من خلال العديد من الدراسات والاستطلاعات بين المتزوجين، أن الزواج عاد بفوائد على صحتهم العامة، وتبيّن أن واحداً من القرارات الهامّة في تبنّي حياة وعادات صحية هو قرار الزواج.

اتّضح أنّه عندما يتعلّق الأمر بالصحة، يتمتّع المتزوجون، بخاصة الرجال المتزوجين، بأفضلية في هذا المجال. ولكن من المؤكّد أنّ الزواج وحده ليس هو ما يُوفّر هذه الميزة الصحية، بل يترافق مع عدد من العوامل الأخرى التي سنتعرف إليها هنا.

ما هو العامل المُؤثّر تحديداً في العلاقة بين الزواج والصحة؟

درس فريق من الباحثين كيفيّة تأثير العلاقات في الصحة. وتألف هذا الفريق من أستاذ في التمريض يدرس كيفيّة تأثير الدعم الاجتماعي في السلوكات الصحية، وآخر أخصائي في علم النفس الاجتماعي، يستكشف كيفية تأثير التوتر في علاقات الأزواج، وصحّتهم، وهناك أيضاً أخصائي في علم النفس الاجتماعي يُجري أبحاثاً حول كيفية تأثير العلاقات في تغيّر السلوكات الصحية، ودرس هؤلاء، معاً، كيفية تأثير الزوجين في صحة بعضهما بعضاً، مع مراعاة العلاقة الحميمة في هذه المعادلة.

مجلة كل الأسرة

فوائد بدنية ونفسية من الزواج

من الهام الإشارة إلى أنّ مُعظم دراسات الزواج والصحة اقتصرت على الرجال والنساء المتزوجين. إحدى النظريات التي سعت إلى تفسير العلاقة بين الزواج والصحة هي عملية الاختيار الذاتي. وببساطة، وجد الباحثون أن الأشخاص الأكثر من المتوسط قدرة مالية وصحة، ​​هم أكثر إقبالاً ليس على الزواج فقط، ولكن للعثور على شريك أكثر من المتوسط قدرة مالية وصحة أيضاً. أما الرجال والنساء الذين يعانون ضعف الصحة والقدرة المالية، بمعدل أقل من المتوسط، ​​فهم أقل إقبالاً على الزواج على الإطلاق.

ولكن هذا جزء من العلاقة بين الزواج والصحة، لأن الزواج يوفر لشريكي الحياة شعوراً بالانتماء أيضاً، وفرصاً أكبر للمشاركة الاجتماعية، ويقلّل من الشعور بالوحدة. هذا التكامل الاجتماعي، أو مدى مشاركة الناس في العلاقات والأنشطة الاجتماعية، يمكن أن يؤثر، بشكل كبير، في الصحة، من ناحية تقليل خطر الإصابة بارتفاع ضغط الدم، وأمراض القلب، إلى تقليل خطر الوفاة، أو الانتحار، وهي مجالات صحية، وعلاقة هامّة للغاية أثبت العلم والأطباء حقيقتها.

هناك صلة هامّة أخرى بين الزواج والصحة، وهي الإصابة بالالتهابات في الجسم. وتربط الأبحاث بين الوحدة وغياب العلاقات الوثيقة، ومعاناة الشخص من الالتهاب، أو طريقة استجابة الجسم للمرض، أو الإصابة. إذ على الرغم من أن الالتهاب ضروري للشفاء، إلا أن الالتهاب المزمن يرتبط بأمراض القلب، والتهاب المفاصل، والسرطان، وأمراض المناعة الذاتية. وتبيّن أن الزواج الصحي بطبيعته يوفر فرصاً أكبر للتقارب والتواصل الاجتماعي، ما يدعم الصلة والترابط بين الزوجين، وتقلّ معاناتهما من الالتهاب.

بالتعمق أكثر، يبدو أن العلاقة الحميمة بين الزوجين تلعب دوراً أيضاً. فقد وجدت إحدى الدراسات المتعلقة بجودة الحياة الزوجية، والعلاقة الحميمة، والالتهابات، علاقة بين انخفاض مستويات الدعم الزوجي، وارتفاع مستويات الالتهاب لدى النساء، وليس الرجال. وفي دراسة أخرى، وجد الباحثون أنه إذا أبدى الأزواج أنماط تواصل سلبية، مثل مطالبة أحد الشريكين بالعلاقة الحميمة بينما يرفض الشريك الآخر، فإن النساء، وليس الرجال، يعانين زيادة الالتهاب.

مجلة كل الأسرة

الزواج وطول العمر

يعيش الرجال والنساء المتزوجون، في المتوسط، عامين أطول من نظرائهم غير المتزوجين. وأحد أسباب هذه الفائدة المتعلقة بطول العمر هو تأثير الشركاء المتزوجين في سلوكاتهما الصحية. وتُظهر الدراسات المتتالية أن المتزوجين يتناولون طعاماً أفضل، وهم أقل عرضة للتدخين، وشرب الكحول. وتُفسر هذه السلوكات الصحية سبب الأرقام العالية التي تفيد بأن المتزوجين يعيشون لفترة أطول. ومع ذلك، يتمتع الرجال المتزوجون بفوائد إضافية تتعلق بطول العمر، مقارنة بالنساء المتزوجات،  لأسباب عدّة محتملة.

على سبيل المثال، قد تهتم الزوجة بشريك حياتها، ما يعزّز السلوكات الصحية للزوج، ويوفر له المزيد من الفرص للاختيارات الصحية. ولكن في المقابل، الرجال المتزوجون هم أقلّ توجهاً نحو محاولة التأثير في السلوكات الصحية لزوجاتهم.

كما تميل النساء إلى أخذ زمام المبادرة في تعزيز السلوكات الصحية في حياتهنّ الزوجية، ما يعود بالنفع على أزواجهن. وتشير البيانات إلى أن الرجال والنساء يميلون في علاقاتهم مع أزواج آخرين، إلى الانخراط في عمل جماعي لتعزيز السلوكات الصحية الإيجابية، بشكل متبادل. علاوة على ذلك، نجد بعض الرجال والنساء المتزوجين يميلون إلى الرغبة في تغيير السلوكات الصحية لشركائهم، مثل تشجيعهم على ممارسة الرياضة، بخاصة إذا كانت عادات شريك حياتهم أسوأ من عاداتهم. وتشير هذه النتائج إلى أن للزواج تأثيراً بالغاً في تغيير نمط الحياة الصحية لكل من الرجل، والمرأة، بشرط أن يكون هذا التغيير مستداماً، ولا يحدث ذلك إلا بتعاضد الزوجين، وتعاونهما على شد أزر كل منهما الآخر.

ويمكن أن تؤثر جودة العلاقة في السلوكات الصحية أيضاً. على سبيل المثال، في سياق ممارسة الرياضة، تبيّن من خلال الدراسات أن الرجال والنساء الذين قالوا إنهم يتلقون دعماً من شريك حياتهم، أكثر ميلاً لممارسة المشي كرياضة. ومع ذلك، مع تقدم الرجال في السّن، تزداد قوة العلاقة بين الدعم الزوجي وممارسة الأزواج للمشي، ولكن لم ينطبق الأمر نفسه على النساء المتزوجات.

مجلة كل الأسرة

الأعراف الثقافية والرعاية

لفهم كيفية استفادة الرجال من الأنماط الصحية لزوجاتهم، تأملوا الأعراف الثقافية التي تُعزز التوقعات بأن تكون المرأة هي الراعي الرئيسي في العلاقات الجادة.

يُوصف الأشخاص في منتصف العمر، بخاصة النساء، بـ«جيل الساندويتش»، لأن النساء غالباً ما يكنّ «محصورات» بين رعاية الأطفال الذين يكبرون، وأزواجهن الذين يتقدم بهم العمر. ويمكن أن يؤثر الخلل، أو التقصير في الرعاية، على الجهاز المناعي، والصحة العامة. إضافة إلى ذلك، فإن العمل غير المرئي المتعلق برعاية الأطفال والواجبات المنزلية، والذي غالباً ما يقع على عاتق النساء، بشكل غير متناسب، يمكن أن يُقلل من وقت النساء للعناية بأنفسهن، مثل ممارسة النشاط البدني.

تتحمل النساء أيضاً مسؤوليات أكبر في ما يتعلق بتنسيق مواعيد الأطباء، وتعزيز الالتزام بالنصائح الطبية لأزواجهنّ، مقارنة بما يتحمله الأزواج تجاه زوجاتهم. ومع ذلك، غالباً ما يزيد الرجال من وقتهم الذي يقضونه في رعاية زوجاتهم عندما يكنّ مريضات.

كما تلعب جودة العلاقة وتضاربها دوراً مهماً عندما يتعلق الأمر بالزواج، والصحة. وغالباً ما تؤدي التنشئة الاجتماعية القائمة على النوع الاجتماعي والاختلافات، إلى دعم تفكير النساء بشركاء حياتهنّ، واهتمامهنّ بعلاقاتهنّ معهم، أكثر من الرجال، ما يدفعهن إلى تحمّل المسؤولية الرئيسية عن إدارة مشاكل العلاقة، بينما يتحمل الرجال عبئاً أقل.

وتُظهر الأبحاث أن المرأة أكثر ميلاً لبناء هويتها بناء على علاقاتها مع شريك حياتها، ولذلك عندما تواجه صراعاً زوجياً، أو مشاكل أخرى في العلاقة، تتعرض لآثار صحية، عاطفية وجسدية، سلبية أكثر من الرجال. وقد يشمل ذلك زيادة خطر الإصابة بمتلازمة التمثيل الغذائي، والالتهابات، وأمراض القلب والأوعية الدموية. وهذا يعني أن في العلاقة السليمة التي تتمتع بعواطف جياشة، وحب، واحترام، تكون صحة المرأة النفسية، وحتى البدنية، على ما يرام، كما هو الحال عموماً للرجل.

هل يعني هذا أن على جميع الرجال الزواج لحماية صحتهم؟ أم أن غير المتزوجين لا يتمتعون بنفس الفوائد الصحية التي يتمتع بها من أقبلوا على الزواج؟

كلا، على الإطلاق. يمكن لغير المتزوجين، بالطبع، التمتع بصحة جيدة، وطول العمر. إن بناء علاقات اجتماعية قوية، والحفاظ عليها، والتفاعل مع المجتمع المحيط بالفرد، لها أثر كبير في الصحة. علاوة على ذلك، فإن اتخاذ أفضل خيارات نمط الحياة، والسعي للحصول على رعاية صحية وقائية، وتقليل التوتر، يمكن أن تساعد الجميع على عيش حياة أطول، وأكثر صحة.

اقرأ أيضاً: كيف نخطط لزواج مستقر ومستدام؟.. خبراء يقدمون استراتيجيات بناء «بيت سعيد»