يعتبر التخطيط الجيّد للزواج اللبِنة الأساسية في بناء حياة زوجية مستقرّة وناجحة، بحيث يستند إلى مرتكزات عدّة، أهمها حسن الاختيار، والاستعداد النفسي، والتفاهم المتبادل، وتحديد الأهداف والتوقعات، وغيرها.
وإذ تختلف الأولويات بين شخص وآخر، «كل الأسرة» استطلعت آراء خبراء وأخصائيين، للوقوف على دعائم التخطيط لزواج ناجح، وتأسيس بيت سعيد يسوده الاستقرار.
مهارات الزواج الناجح تعزز التواصل والتقبّل
يشير الدكتور سيف الجابري، مأذون شرعي ومستشار أسري، إلى أن «الزواج سنّة كونية تختص في القيمة الربانية، والحكمة من هذا الزواج، ولذلك يجب أن نفهم كيف نخطط لبيتنا الجديد، ولزواج سعيد، عبر الارتكاز على:
يقول د.الجابري «علينا أن نعرف أهمية التخطيط، ولكن النقطة الأهم هي التخطيط المالي، حيث إن مقولة «اصرف ما في الجيب يأتك ما في الغيب» التي يؤيدها بعض الشباب تدل على عشوائية الحياة التي تحتاج إلى إعادة ترتيب، ووضع المعايير الصحيحة»، لافتاً إلى سؤالين محوريّين ينبغي للمقبل على الزواج طرحهما، هما «هل ستفي بالميثاق الغليظ الذي قطعته على نفسك؟وهل أنت مستعد لأداء الحقوق التي قطعتها على نفسك؟».
يرتكز الزواج على ثلاثة أهداف، وفق د. الجابري، وهي:
أثر المودة والمحبة بين الزوجين ينتج عنه قيام حياة زوجية مستقرة
وبخصوص الاستعداد النفسي للزواج، يلفت د.الجابري إلى نقاط لا بد من فهمها، وهي «مسألة القوامة، الطاعة بالمعروف، وطاعة الزوج».
تلك الأساسيات في بناء الأسرة تنطلق من حسن الاختيار في الزواج ودعائمها هي:
ولمواجهة التحدّيات في الزواج، يلفت د. الجابري إلى:
ويوضح: «نمط الاختيار اليوم تغيّر، وبالتالي، علينا أن نعيد الشباب إلى الطريق الصحيح من خلال رخصة الزواج، وتكثيف الندوات والمحاضرات بين الشباب الموظفين، من الجنسين، ليتعزز التحفيز الاجتماعي بتزويدهم بمهارات الزواج».
الكل جاهز للزواج ولكن ليس الكل مؤهلاً
يرتكز التخطيط المتوازن للزواج على جانبين اجتماعي ونفسي. ويقرّ محمد أحمد، أخصائي نفسي، بأن «غالباً ما يكون الزواج بشكل عشوائي، وإن بدا لنا أنه مخطط. فقد يظن المقبل على الزواج أنّه قام بالبحث عن شريكة حياته بالطريقة التقليدية، وهي أن يختار له أهله الفتاة، ثم يذهب لخطبتها، ويتم ذلك في أقل من شهر، من دون أن يكون هناك تواصل كافٍ في فترة الخطوبة، وبالتالي، لا يتبيّن نمط هذه الفتاة، ولا تعرف الفتاة نمط شخصية الشاب، ويبدأ استكشافهما لبعضهما بعضاً بعد الزواج، حيث لا عودة».
الزواج.. بين التقليدي و «عن حب»
وحول أسس الاختيار الناجح، ومدى التزام الشباب بهذه الأسس، يتوقف الاستشاري الأسري عند الاعتقادات السائدة «يعتقد البعض أن الزواج التقليدي هو الأفضل، ويعتقد آخرون أن الزواج الذي يُبنى عن طريق الحب هو الأفضل، لكن العلم يرى أن الزواج المنظم هو الزواج الذي تكون ديمومته أطول، واستمراره أنجع، حيث إن الزواج التقليدي لا يعطي الفرصة للزوجين لمعرفة بعضهما بعضاً، وتقييم هذه العلاقة، وكذلك الزواج عن حب لا يتيح للشريكين النظر لحقيقة شخصيتيهما، وعيوبهما، لأن الحب قبل الزواج يجعل تعلقهما ببعضهما بعضاً حاجزاً يمنع استكشاف ذلك، وبمجرد الزواج يسقط هذا الحاجز، وتبدأ الصراعات التي تؤدي بالزواج إلى الفشل».
يعتبر الأخصائي أحمد، الاستعداد النفسي للزواج مرتكزاً أساسيا في استقرار الزواج «تحضرني دوماً جملة أكرّرها على الشباب (الكل جاهز للزواج لكن ليس الكل مؤهلاً للزواج)، أي أنه يجب معرفة الإنسان لذاته، ومدى استعداده للقيام بالخطوة، وهل يملك المقومات لتلك الخطوة».
ثمة أسئلة أساسية يركز عليها أحمد، وأبرزها:
ويوضح الأخصائي محمد أحمد المطبّات التي يقع فيها البعض «البعض يقع في عوائق عدة، تجعل زواجه غير مكتمل، ولا تتحقق سعادته من الزواج، إذ ارتبط البعض لمجاراة العرف السائد لا لرغبته في ذلك، في حين أقدم البعض على الزواج بحثاً عن حاجة (جمال المرأة مثلاً)، من دون النظر إلى باقي الجوانب (التوافق الفكري معها)، كما قد تتزوج الفتاة تحت وطأة العمر، أو بحثاً عن المادة، ما يجعل الزواج مبنياً على قواعد هشة، بحيث لا يرفع هذا البنيان قليلاً حتى يبدأ بالميل، وقد ينهار تماماً».
ما مفهوم الاستعداد النفسي للزواج؟
تشرح الطبيبة «سنيها جون»، أخصائية نفسية في عيادة «ميدكير كامالي» في دبي، مفهوم الاستعداد النفسي للزواج باعتباره «القدرة على قبول أدوار جديدة، وإجراء تعديلات ضرورية مطلوبة، كزوجة أو زوج، وكذلك تحمّل المسؤولية الشخصية عن نمو الفرد، وتطوره، واتّباع موقف صحي تجاه الحياة الحميمية بين الزوجين، والتغلب على المخاوف، إن وجدت، تجاه الحمل والولادة وغيرهما»، مؤكدة أن «الأفراد القادرين على معالجة مخاوفهم بشأن الزواج بصراحة، وانفتاح، من خلال مشورة كبار السن ومستشاري الزواج المرخصين، قد يكونون قادرين على تبنّي عقلية سليمة تجاه الزواج».
p5
بيد أن الفتيات عادة ما يكنّ أكثر حساسية، فما الآليات التي يمكن اعتمادها لتعزيز استعدادهن للزواج، وما يترتب من تغيير في حياتهن؟ تجيب الأخصائية النفسية «من أجل الاستعداد نفسياً للزواج، يمكن للفتاة تطوير الاهتمام الحقيقي بالأشخاص، حيث يمكنها العمل على:
وفي هذا السياق، تقف د. سنيها عند أبرز الاضطرابات النفسية التي يمكن أن تمنع الفتاة، أو الرجل، من الامتناع عن الزواج «قد يجد الأفراد الذين لديهم تاريخ من اضطرابات القلق المتوسطة إلى الشديدة، والاكتئاب، واضطرابات الشخصية، واضطرابات تعاطي المخدرات، صعوبة كبيرة في الالتزام بالزواج أثناء تعاملهم مع صحتهم النفسية».
توفير أخصائيين نفسيين لتعزيز الوعي بالزواج
إذن، ثمّة أسس للتخطيط للزواج، وبعضها يستبق الزواج، حيث توجه علياء اليماحي، استشارية تحليل الشخصية وأخصائية نفسية، كل مقبل على الزواج، إلى:
وتتوقف علياء اليماحي عند معوقات بعض الشباب «في الاستشارات الفردية، كثير من الرجال يشيرون إلى ارتباطهم في عمر صغير، وعندما يتطور الرجل بأفكاره ومهاراته ونظرته للحياة وسلوكاته لا تواكب شريكته هذا التطور، وهذه الحالة يطلق عليها «الانفصال الطاقي»، حيث التفاوت بين الزوجين في مجال التطور، مهنياً واجتماعياً وفكرياً وروحياً، وهذا الأمر ينسحب على زوجات يحققن طموحهنّ بعد الزواج، ويصطدمن بعدم قدرة الشريك على التغيير، وإحداث نقلة إيجابية».
يجب أن يقوم الزواج على مرتكزات موضوعية، بحسب علياء اليماحي، التي تجد ضرورة عدم الهرع وراء غايات مادية، وإلا غاب الانسجام والتناغم، متلمسة أهمية الجلسات النفسية والثقافية قبل الإقدام على الزواج، وأهمية توفير أخصائيين نفسيين في المحاكم، ووزارة العدل، لتعزيز الوعي بالزواج لدى الجيل الحالي.
ومن أهم مرتكزات الزواج الناجح هي:
التأملات واليوغا والرياضة والنوم المبكر تفعّل عمل العقل إيجاباً وتوازن الهورمونات عند المرأة
كما أن التخطيط للزواج يتطلب، وفق اليماحي، وتماسها مع حالات كثيرة لمقبلين على الزواج: