متحف «اللوفر» يعرض مجوهرات التاج.. 3 ألماسات نادرة تنقلت فوق رؤوس ملوك فرنسا

اعتاد السيّاح زيارة صروح باريس، وتخصيص وقت كافٍ لارتقاء برج «إيفل»، والمرور على كاتدرائية «نوتردام» التي استعادت بهاءها بعد الحريق، أو تمضية النهارات في جادة «الشانزليزيه»، والتفرج على قوس النصر، وطبعاً الجري وراء أحدث ما تقدمه متاجر العاصمة الكبرى من ثياب وعطور.

أما المتاحف التي تزدحم بها المدينة العتيقة فإن النادر ما يقصدها سائحونا العرب، باستثناء «اللوفر»، نظراً لسمعته العالمية. وحتى الذين يزورون «اللوفر» فإنهم يبحثون، مثل ملايين السياح، عن لوحة «الموناليزا» ولا يسعفهم الوقت للتجول في الصالات كلها. إنه متحف يحتاج إلى أيام، لا ساعات.

كثيرون لا يعرفون صالة «أبولو». وهي من قاعات «اللوفر» التي تستحق الزيارة، لأنها تعرض جواهر التاج الفرنسيين والحليّ البديعة للملكات اللواتي خطفن قلوب ملوك فرنسا، وأغلبهنّ جئن من خارج البلاد، أي من بقاع أوروبية مجاورة. هل تستطيع «الموناليزا» أن تستأثر بالاهتمام أكثر من الملكة ماري أنطوانيت؟ إن صالة «أبولو» ليست جديدة، فهي تحتفظ بهذه المجوهرات منذ القرن السابع عشر. وبين المقتنيات قطع نادرة واستثنائية من إبداع كبار صاغة أوروبا، وبفضلها شاعت سمعة ملكات فرنسا في أرجاء العالم.

يمكن القول إن هذه الصالة سبقت قاعة المرايا في قصر «فيرساي». وقد تأسست تحت حكم الملك لويس الرابع عشر، وأصبحت حالياً مقراً للمجموعة الملكية من المجوهرات الثمينة، وأحجار الألماس، والزمرد، والياقوت، واللؤلؤ، وكريستال روش، والعقيق، واليشم، والجمشت، واللازورد، وغيرها من ثروات العادة للتاج الفرنسي. والصالة ذات سقوف مذهبة ونقوش مستوحاة من الأساطير اليونانية، ومن إبداع رسام الملوك شارل لوبران. وبعد وفاته أكمل العمل الفنان الشهير يوجين ديلاكروا.

تكريماً لأبولو
سُميت هذه القاعة تكريما لأبولو، «إله النور والشمس عند الإغريق»، وهي تُمثل الطاقة الشمسية التي اختارها لويس الرابع عشر لاستخدامها خلال حياته. ومن هنا جاء لقبه المعروف عبر التاريخ، ملك الشمس. وقد تجلى هذا التفوق والعظمة في مجموعة الملك الرائعة التي ضمت آنذاك أكثر من 800 قطعة استثنائية، بما في ذلك الأحجار الكريمة، والتيجان، والأقراط، وغيرها من المجوهرات الاحتفالية التي كانت ملكاً لملوك فرنسا، من النظام القديم إلى الإمبراطورية الثانية. وللأسف، لم يبقَ منها اليوم الكثير، إذ أُعيد بيع معظمها، أو فُقدت، أو حتى سُرقت.
وعندما تخلى لويس الرابع عشر عن الإقامة في متحف «اللوفر» عام 1679 وانتقل إلى قصر «فيرساي»، ظل ديكور الصالة غير مكتمل. ولكنه مع ذلك كان بمثابة نموذج لقاعة المرايا، محور مشروعه الجديد كلياً. وفي عهد لويس الخامس عشر أصبحت الصالة أوسع حيث يزيد طولها على 60 متراً، وهي النقطة المحورية للفنانين الملكيين المستقبليين، الذين كُلِّفوا آنذاك بإكمال الديكور.


ماسات تاريخية
تشهد القطع المعروضة حالياً على التاريخ الحقيقي للملكية. فقد اعتنى البعض من أصحاب التيجان بهذه الجواهر، بينما أهدرها آخرون، أو اختفت خلال الثورة الفرنسية، قبل أن يُعاد العثور عليها، بعد بضع سنوات. وأقدم هذه الأحجار هو حجر الإسبنيل المعروف باسم «كوت دو بريتاني»، والذي دخل الخزانة الملكية بفضل النبيلة آن، التي حملت لقب دوقة بريتاني، نسبة إلى مقاطعة بريتاني غرب فرنسا. تشمل القطع الأخرى المعروضة أيضاً ثلاث ماسات تاريخية: الألماسة «ريجنت»، والألماسة «سانسي» البيضاء التي تزن 55.23 قيراط، والألماسة «هورتينسيا»، وهي ألماسة وردية تزن 21.32 قيراط، كانت ملكاً للإمبراطورة أوجيني.

وقد زيَّنت هذه الألماسات أردية وتيجان الملوك، إضافة إلى مجوهرات مصنوعة يدوياً، تتضمن مجموعة من 38 زمردة، عشر منها على شكل كمثرى، وأيضاً الألماسات أهداها الإمبراطور نابليون الأول إلى ماري لويز، بمناسبة زفافهما عام 1810. ويمكن للزائر التمتع برؤية ما مجموعه 23 قطعة محفوظة في ثلاث خزائن. وتبقى الألماسة ريجنت القطعة الأكثر إثارة للإعجاب في المجموعة، وهي ماسة ذات أوجه مقطوعة بشكل وسادة، تزن 140.64 قيراطاً، وهي تسمّى «أول ماء»، أي صافية وعديمة اللون تماماً. ويُقال إن كاتب اليوميات سان سيمون وصفها بأنها «بحجم برقوقة الملكة كلود».

تم اكتشاف هذه الألماسة في عام 1698 في مناجم جولكوندا بالهند. كان وزن الحجر الخام أكثر من 426 قيراطاً. وفي البداية رفضها لويس الرابع عشر لارتفاع سعرها، فاشتراها فيليب دورليان، الوصي على العرش، عام 1717، ومن هنا جاء اسم الحجر، لأن ريجنت يعني ولي العهد. وقد تزين بها جميع الملوك الفرنسيين منذ ذلك الحين، واستقرت على تاجي لويس الخامس عشر ولويس السادس عشر، وعلى سيف نابليون، وتاج الإمبراطورة أوجيني. أي أنها الحجر الثمين النادر الذي دار على رؤوس ملكية عدّة.
يمكن مشاهدة جميع القطع هذا الصيف في متحف «اللوفر» يومياً، باستثناء الثلاثاء، من التاسعة صباحاً حتى السادسة مساء، ويومي الأربعاء والجمعة، حتى الساعة العاشرة إلا ربع مساء.
اقرأ أيضاً: اكتشفوا أفضل 6 معالم خفية عن أعين السائحين في باريس