03 يوليو 2025

6 استراتيجيات لمكافحة «تعفن الدماغ» وتعزيز رفاهيتنا العاطفية

محررة في مجلة كل الأسرة

مجلة كل الأسرة

يعبّر «تعفن الدماغ» عن تدهور القدرات العقلية، والتشتت الذهني الناتج عن الإفراط في استخدام وسائل التواصل الاجتماعي، والمحتوى الرقمي السطحي، ما يتسبب بالشعور بالإرهاق العقلي، وفقدان الحافز والتركيز.

هذا المصطلح بات إحدى أكثر القضايا الصحية إثارة للقلق في عصر التكنولوجيا. وفي هذا الصدد،  نستعرض تأثيرات «تعفن الدماغ» في حياتنا اليومية، وأبرز الطرق الوقائية والعلاجية للتصدي لهذه المشكلة، في عالم مملوء بالمشتّتات.

 تعرّف كارولين يافي، مستشارة ومعالجة معرفية سلوكية في عيادة ميدكير-كمالي، تعفن الدماغ وأسبابه الرئيسية «تعفن الدماغ، هو مصطلح يُستخدم لوصف حالة التعب العقلي، أو التدهور المعرفي، ولا يقتصر على عمر محدّد، إذ يمكن أن يُصاب به الأفراد من مختلف الفئات العمرية، وغالباً ما يحدث «تعفن الدماغ» عندما يشعر شخص ما، بالإرهاق، أو أنه مُثقل بشكل كبير بالمعلومات. وتتمثل أهم أسبابه في الإدمان المفرط والمستمر لوسائل التواصل الاجتماعي، ومشاهدة المحتوى غير المفيد، والسطحي، والتافه الذي يؤدي في نهاية المطاف إلى تخدير الدماغ، وتراجع القدرات الفكرية، وزيادة الانعزال عن المجتمع، وتشتت الذاكرة».

وتضيف كارولين: «هناك عوامل عدّة قد تسهم في الإصابة بتعفن الدماغ، بما في ذلك:

  • الوقت المفرط أمام الشاشات
  • قلّة الأنشطة المحفّزة
  • العادات الغذائية غير الصحية والسيّئة
  • اضطرابات النوم
  • الإجهاد المستمر

وقد تتمثل علامات الإنذار المبكر في الارتباك، أو تحدّيات الذاكرة، أو فقدان الشغف تجاه الأشياء التي كنت تحبها». 

 ما هي الأعراض المبكرة لتعفن الدماغ وهل يمكن تمييزها؟

تجيب كارولين يافي: تتمثل الأعراض في:

  • الشعور بالضبابية قليلاً، أو المكافحة من أجل التركيز، ما يعدّ مؤشراً على معاناة المرء تعفن الدماغ.
  • النسيان والإرهاق العقلي
  • فقدان الحافز وحتى التهيّج

ويعد التعرّف إلى هذه الأعراض بمثابة الخطوة الأولى نحو إيجاد مسار أكثر إشراقاً للمضي قدماً».

مجلة كل الأسرة

وإذ بات «تعفن الدماغ» منتشراً على نطاق عالمي واسع، فهذا السياق  يرتبط بعوامل خارجية تشرحها يافي: «إن تعفن الدماغ حالة تشهد ارتفاعاً مطرداً نتيجة الاستخدام غير الصحي، وغير الطبيعي، والمستمر والدائم للأجهزة المحمولة، التي يمكن من خلالها الولوج إلى وسائل التواصل الاجتماعي من أي مكان، وفي أيّ زمان، ومشاهدة عشرات الآلاف من الفيديوهات والمحتويات التافهة. وعلى الرغم من أن «تعفن الدماغ» غير معترف به رسمياً على أنه اضطراب في الصحة العقلية، إلا أنه يشترك في بعض الأعراض، بما في ذلك الإرهاق والتدهور المعرفي مع أمراض الصحة العقلية الأخرى. وهذا يسلط الضوء على حاجتنا إلى أخذ الصحة العقلية على محمل الجد».

ويتوقع الخبراء أنه خلال العام الجاري يمكن أن تصبح الأعراض المشابهة لتعفن الدماغ أكثر انتشاراً، نظراً لأننا نعتمد بشكل متزايد على التكنولوجيا، ونواجه عزلة اجتماعية متزايدة، ونتعامل مع ضغوط العصر الحديث المتنامية، ويعدّ التوتر والضغوط النفسية عاملاً مؤثراً.

من الضروري أن نكون أكثر وعياً بصحتنا العقلية والعاطفية لأن «تعفن الدماغ» يؤثر في طريقة تفكيرنا وشعورنا

 كيف يؤثر  تعفن الدماغ في الشخص وفي مسار حياته؟

تؤكد المستشارة كارولين يافي: «إن المتابعة المحمومة للأخبار، والإشعارات، والمحتويات على وسائل التواصل الاجتماعي، وتفضيلها على العلاقات الاجتماعية الإنسانية، وحتى الهوايات الشخصية، تؤدي إلى العزلة الاجتماعية، التي تعتبر سبباً رئيسياً للإصابة بأمراض نفسية، مثل القلق، والتوتر، والاكتئاب. ومن الأهمية بمكان فهم تأثير «تعفن الدماغ» في الصحة العقلية. إذ يمكن للمشاعر المرتبطة بتعفن الدماغ أن تمهّد الطريق للقلق، والاكتئاب، وتدنّي احترام الذات، وقد يؤدي ذلك إلى عزل الأفراد، في بعض الأحيان، عن أحبائهم. ويمكن أن يساعد الوعي بهذه الأسباب على تحفيز التغيير. وفي حين أن «تعفن الدماغ» يؤثر بشكل أساسي في طريقة تفكيرنا وشعورنا، إلا أنه قد يكون له تداعيات جسدية أيضاً. فقد يجد المرء نفسه مرهقاً بشكل غير عادي، أو يعاني صداعاً، أو يواجه مشكلات صحية بسبب قلة ممارسة التمارين الرياضية، أو عادات النوم السيئة».

ما الدور الذي تلعبه التغذية السليمة في تقليل خطر الإصابة بتعفّن الدماغ؟

تشرح المستشارة كارولين: «هناك صلة قوية بين التغذية السليمة والصحة العقلية. إذ إن اتباع نظام غذائي يتضمن مجموعة متنوعة من المأكولات الغنية بالعناصر الغذائية كالخضار، والفواكه، والبروتينات الخالية من الدهون، والحبوب الكاملة بما تحتويه من معادن وفيتامينات تعزز صحة الدماغ، ووظائفه، في حين أن الأطعمة المعالجة والمكررة، كالوجبات السريعة، تؤثر سلباً في  الدماغ، والحالة المزاجية والذاكرة، وترفع مستويات التوتر، والقلق، والأرق».

مجلة كل الأسرة

ما أبرز التقنيات الحديثة في علاج «تعفّن الدماغ»؟

هناك عدة طرق فعالة لمكافحة تعفن الدماغ، تلفت إليها كارولين يافي بقولها «ممارسة التمارين الرياضية بانتظام، واتباع نظام غذائي صحي ومتوازن، وإعطاء الأولوية للنوم الجيد، تسهم كلها في إحداث فرق إيجابي في حياتنا».

كما تعدّ تقنيات إدارة الإجهاد - مثل اليقظة الذهنية، والتأمّل، والإدارة الجيدة للوقت - مفيدة بشكل مذهل، لكون تخصيص الوقت الكافي للتواصل مع الأصدقاء والعائلة من دون شاشات  يعزز الرفاهية العاطفية، ويضيف البهجة إلى حياتك.

 نصائح لإدارة «تعفن الدماغ»: 

تزوّدنا المعالجة السلوكية كارولين يافي باستراتيجيات للحد من تعفن الدماغ :

  • حدّد أوقاتاً معينة للشاشة لتقليل التعرض للمعلومات المرهقة.
  • شارك في أنشطة لتحفيز عقلك ونموك المعرفي، مثل القراءة، أو حل الأحجيات، أو الألعاب، أو الآلات الموسيقية، أو ممارسة هواية إبداعية جديدة مثل الطبخ أو الخبز.
  • مارس التأمل لتعزيز اليقظة الذهنية وتخفيف التوتر وتعزيز الاسترخاء.
  • ادمج النشاط البدني المنتظم في روتينك اليومي، لكونه يعزز الحالة المزاجية ووظائف المخ.
  • تواصل مع الآخرين من خلال قضاء وقت ممتع مع العائلة والأصدقاء، لتقوية الروابط الاجتماعية وتحسين الرفاهية العاطفية.
  • اطلب المساعدة عند الحاجة من خلال التحدث إلى أخصائي الصحة النفسية للحصول على التوجيه والدعم.

 وتخلص كارولين إلى أنه «من خلال تنفيذ هذه الاستراتيجيات، يمكنك العمل على تخفيف الأعراض المرتبطة بتعفن الدماغ، وتحسين صحتك العقلية والعاطفية، بشكل عام».