7 مايو 2024

استراتيجيات لتعزيز التواصل الفعّال مع مشاعرنا.. من الدكتورة منى جمال الدين

محررة في مجلة كل الأسرة

محررة في مجلة كل الأسرة

استراتيجيات لتعزيز التواصل الفعّال مع مشاعرنا.. من الدكتورة منى جمال الدين

التواصل مع مشاعرنا هو مفتاح لصحتنا النفسيّة والعقليّة، فلا نبالغ إذا قلنا إن هذا التوجه يخفف من توترنا وقلقنا، بحيث يبدأ بتقبّل مشاعرنا الداخلية والتفاعل معها بشكل صحيح، وفعّال، والاعتراف بها، ويعزّز التواصل مع الآخرين من خلال هذا التماس المشاعري الذي يقلّل من «الصراع»، إذا صحّ القول، سواء مع محيطنا، أو مع الآخر، في ظل القدرة على فهم احتياجاتنا العاطفية، والتعبير عنها، بدل مشاعر الخوف والنفور من المشاعر السلبيّة.

د. منى جمال
د. منى جمال

هذا الوعي العاطفي، وبالأخص في مواجهة ضغوط الحياة هو المدماك الذي تؤكده الدكتورة منى جمال، لايف كوتش واستشاري علوم الطاقة، والتي ترصد العوامل التي تعيقنا عن التواصل مع مشاعرنا، وآثار هذا التوجه، وتزوّدنا باستراتيجيات لنصبح أكثر قدرة على التفاعل مع مشاعرنا، وتعزيز جودة حياتنا، عاطفياً واجتماعياً.

تقول «ليس كل فرد قادر على التواصل مع مشاعره بسبب أخطاء تربّينا عليها منذ الطفولة، سواء من المجتمع، أو داخل الأسرة، ومن البيئة حولنا، وحتى الدراما (مسلسلات وبرامج) التي نشاهدها، كلها عوامل تجسّد تعاملاً خاطئاً مع المشاعر».

كيف يتعامل كل فرد مع مشاعره؟

تصنّف د. منى جمال الأفراد تبعاً لفئات وطريقة كل فئة بالتعامل مع المشاعر:

  • فئة تتجاهل المشاعر: ثمة أفراد يتجاهلون المشاعر، ويعتبرون أن التعامل مع المشاعر هو نوع من الضعف، لأنّ الفرد ينشأ على ثقافة أنّه من غير المناسب التعبير عن مشاعره.
  • فئة تُسكت المشاعر: هناك فئة تتّجه لإسكات الشعور عن طريق الطعام، أو عن طريق الهروب، أو إدمان عادات سلبية خاطئة، لتجنّب مواجهة مشاعرها.
  • فئة تفشل في تفريغ مشاعرها: هؤلاء الأفراد يعيشون حالة من الغضب على الدوام لكونهم لا يتقنون آليات تفريغ مشاعرهم بطريقة صحيحة.

استراتيجيات لتعزيز التواصل الفعّال مع مشاعرنا.. من الدكتورة منى جمال الدين

تتوقف د. منى عند التنميط القائم «ثمة تمييز بين النساء والرجال في مجال التعبير عن المشاعر، حيث يسمح للسيدات بالتعبير عن مشاعرهنّ، في حين يتّم تأطير الرجال في صورة الضعفاء في حال التعبير عن مشاعرهم، رغم أن الذكر والأنثى لديهما الأحاسيس والمشاعر نفسها، حتى أنّ الرسول صلّى الله عليه وسلّم قال: «إن العين تدمع والقلب يحزن» عند دخوله على ابنه إبراهيم، وهو يقارب الموت، ما يؤكد أن الرجال يشعرون الحزن، لكن للأسف لا يسمح لهم بأن يعبّروا عن أحاسيسهم».

وتوضح اللايف كوتش «هذا الجانب «التمييزي» كان موضع نقاش ودراسة في الغرب، حيث يتّم تخصيص جلسات أكثر للرجال للتواصل مع مشاعرهم، في حين أننا نفتقد، في مجتمعنا العربي، الاهتمام بالتعافي من المشاعر السلبية للرجال، ولذلك نرصد رجالاً كثيرين يعانون مشكلات نفسية تنعكس آثارها السلبية على الأسرة، وعلى تقدمهم في العمل بشكل كبير».

استراتيجيات لتعزيز التواصل الفعّال مع مشاعرنا.. من الدكتورة منى جمال الدين

كيف تعبّر عن مشاعرك؟

تؤكد د.منى جمال عدم وجود ما تسّمى مشاعر سيئة ومشاعر جيدة «المشكلة الأولى التي نواجهها هي عدم الرغبة في عيش المشاعر، ولكن يجب أن أفرد للمشاعر مساحتها، لأنّه لو تمّ تخزينها داخلنا من دون تحرر، فستجذب معها أحداثاً، وأمراضاً ينبغي علاجها».

وتُشبّه الشعور بـ«السحابة»: «هذا يعني أنّ الشعور يأتي ويذهب، وهو ليس جزءاً منا. فأنا كيان بذاتي، ومشاعري وأفكاري شئ آخر، وإذا أيقنت أن الشعور هو مجرد زائر وله رسالة معيّنة يجب أن أفهمها، هذا سيفيدني حتماً».

يختلف التعامل مع المشاعر، توضح د. منى «مشاعر الغضب مثلاً تختلف عن مشاعر القلق، ومشاعر الخوف، وكيفية التفاعل مع هذه المشاعر تختلف، سواء مع نفسي، أو مع غيري، ولكن ما يمكن التأكد منه أن المشاعر هي وظيفة توصل لنا معلومات معيّنة، وردّة الفعل التي تفرضها علينا».

ولذلك، توصي خبيرة علم الطاقة بالتعامل مع المشاعر بـ:

  • عدم رفضها، وتحريرها.
  • عدم الحكم على المشاعر بكونها سيّئة أو جيدة.
  • تهدئة المشاعر لاتخاذ قرارات حكيمة، بعيداً عن أي طاقة غضب، مع وجود مراكز في المخ لا تعمل بالطريقة الصحيحة في هذا الوضع.
  • التعبير عن المشاعر بطرق عدّة، منها ممارسة تمارين التنفس، تدوين المشاعر/ سواء كانت إحباطاً أو حزناً، أو غضباً، والأسباب أو المواقف التي أوصلتني إلى هذه المشاعر.
  • رصد سبب الشعور، إذ قد يكون الدافع لهذه المشاعر غير صحيح وغير مبني على أسباب واقعية.
  • الحاجة إلى أدوات تساعدني على تفادي التأثر بالمشاعر والتعامل معها بإيجابية.
  • إمكانية الاستعانة بأحدهم، فدراسة إمكانية الحاجة لتحرير مشاعري من خلال التعامل مع «شخص حكيم» في بيئتي، لايف كوتش، أو ممارسة تمارين لتهدئة المشاعر، أو مشاهدة فيديو، تعلّمني كيفية تحرير المشاعر.

وترصد د.منى جمال آليات التعامل مع أنواع المشاعر «مشاعر الغضب تكون نتيجة احتياجات غير مشبعة، أو توقعات خابت، أو جرّاء ضغوطات إضافية تؤثر في مسار حياتي، وبالتالي يجب أن أدرك عدم قدرتي على السيطرة على كل شيء، أو أي شخص أن يتصرف بطريقة معيّنة، أما مشاعر الخوف فتتأتى نتيجة عدم وضوح المستقبل، وبالتالي، يمكن استحضار قوة إلهيّة لأن الله هو مصدر الاطمئنان، ما يساعدني على التعامل مع مشاعر الخوف».

في حين أن الحزن يرتبط بالماضي، سواء خسارة، طلاق، فقدان «يجب معايشة مراحل الحزن للتعافي، وهذه المراحل تبدأ بالرفض، وبتخزين المشاعر ونكرانها، ومن الواجب تقبّل تلك المشاعر، وفهم الحكمة من الماضي، واعتباره درساً، ما يساعدني على التعامل مع الموقف بشكل جيد».

استراتيجيات لتعزيز التواصل الفعّال مع مشاعرنا.. من الدكتورة منى جمال الدين

كل تلك المشاعر تتوقف عند مسار واحد هو التسامح، وتشرح د. منى جمال «عدم التسامح يشعرني بالأغلال داخل قلبي، وعدم الشعور بالسلام، والآلام هي مفتاح لنور كبير لو فهمنا مغزاها وعرفنا كيفية التعامل معها. فلا يجب الهروب من آلامنا لأنّها هدايا مخفية للشخص الحكيم الذي يستطيع أن يتلمس المنحة من المحنة».

وتخلص «لو أن الفرد يتّسم بحساسية مشاعرية، فيجب أن يكون قوياً، ويدرك الفرق بين التعاطف مع أشخاص، وبين استغلال مشاعره، وبالتالي يجب عليه وضع حدود ليحمي طاقته، وعدم استنزاف مشاعره ومراقبة الأحداث من دون التفاعل معها قدر الإمكان».

 

مقالات ذات صلة