الملكة في خطاب التنحّي
ما علاقة الحياة الزوجية للأمير فريدريك، ولي عهد الدنمارك، بقرار والدته الملكة مرجريت تنازلها عن العرش قريباً لمصلحته؟ وما موقف ملكة الدنمارك المقبلة، ماري، زوجة ولي العهد؟
الملكة مع ابنها وريث العرش
تعطس ملكة في اسكندنافيا فتصاب بقية العائلات الملكية في أوروبا بالزكام. وقد جاءت العطسة، هذه المرة، من قلب لندن، وبالتحديد من خبر نشرته صحيفة «الديلي ميل» البريطانية. فالكل يعرف أن صحف التابلويد الشعبية تمتلك أنوفاً شديدة الحساسية، تتشمم أخبار الفضائح المستورة في القصور الملكية، ووراء جدران منازل النجوم والمشاهير.
ونقلاً عن الصحيفة، فإن مرجريت الثانية، ملكة الدنمارك، تريد بتنحّيها عن العرش أن تضع ابنها أمام مسؤولياته كرجل يقود شعباً، ودولة صغيرة هادئة مستقرة. لقد تناولت شائعات كثيرة علاقة لولي العهد خارج فراش الزوجية، وهي قد تكون مغامرة عابرة، أو زلة قد تهدم بيته، وتؤدي إلى انفصاله عن زوجته. فهل يملك التاج من الثقل ما سيجبر صاحبه على العودة إلى الصراط المستقيم؟
ولي العهد وزوجته الأسترالية
صدمة في الدنمارك
الحقيقة أن قرار التنحي الذي أعلنته الملكة مع انطفاء آخر أيام العام المنصرم، كان له وقع الصدمة الكبيرة على شعب الدنمارك. فالدنماركيون يحبّون ملكتهم السيدة البسيطة التي تتنقل أحياناً على دراجتها الهوائية في شوارع عاصمتها. لكن خفايا الخبر تشير إلى أنها محاولة من مرجريت الثانية لتأديب ابنها المتهم بإقامة علاقة مع الممثلة المكسيكية، جينوفيفا كازانوفا. هذا ما يؤكده، على الأقل، فيل دامبيير، الخبير في شؤون القصر الملكي.
تسرّبت الشائعة، في الخريف الماضي، عبر وسيلة إعلام إسبانية اتهمت النجل البكر لملكة الدنمارك بخيانة زوجته. ونشرت مجلة «ليكتورا» تقريراً يتضمن صوراً لولي العهد مع صديقته الممثلة، وهما يحضران سهرة في مدريد. ومن يومها لم تنطق الزوجة المخدوعة بكلمة، أو تعليق، والتزمت الصمت.
فأيّ كلمة ستكون محسوبة عليها، وقد تكلفها ضياع التاج الملكي الذي بات قاب قوسين من رأسها. ثم إنها امرأة عاقلة، كما تفيد الأخبار، وهي كانت داعمة، باستمرار، لزوجها في السابق. فهل تتغاضى عن خيانته لها؟ لقد أشار بعض الصحف الشعبية إلى أنها طارت، وحيدة ومن دون ولي العهد، إلى سيدني في أستراليا، موطنها الأصلي.
وقد تم ذلك في بدايات الشهر الماضي،أي قبل سعي حماتها للتنحي عن العرش. فهل هي علامة زعل، أم من مجرد الذهاب بعيداً عن مواجهة نظرات الشماتة، أو التعاطف، أو الهروب من ملاحقة مصوري الصحف؟
بعد أيام لحق بها زوجها. ولا أحد يعرف ما جرى بينهما، وهل تصالحا واعتذر لها عن زلته، وهل غفرت له أم ما زالت تنتظر مرور العاصفة؟ المهم أنها شوهدت تبكي وهي تودع أصدقاء لها في مطار «كوينزتاون»، في نيوزيلندا.
وأعلن الخبير بشؤون القصر الملكي، فيل دامبيير، أن الأميرة ماري أمضت وقتاً في موطنها الأم بصحبة أطفالها، بينما لم يلتحق بهم ولي العهد، إلا بعد أيام. وزبدة الكلام، أن الملكة المقبلة للدنمارك والبالغة من العمر 51 عاماً، نشرت على صفحتها في «إنستغرام» في 21 من الشهر الماضي، عبارة غامضة وموجزة، جاء فيها: «أحدنا يحتاج إلى الآخر لكي ننجح». فمن هي هذه الأميرة القادمة من أستراليا؟
الملكة المقبلة
ملكة الدنمارك الجديدة
في 14 من الشهر الجاري ستصبح ماري دونالدسون، المولودة في تسمانيا، ملكة للبلد الاسكندنافي الصغير، بفضل اقترانها بولي العهد الأمير فريدريك التاسع. وبهذا، فإنها ستكون أول أسترالية تتوج على عرش بلد أوروبي. وكانت تعرّفت إلى زوجها في حانة من حانات سيدني، وكان القدر ضرب لها موعداً لتغيير مسار مصيرها. وهي حين تغادر الدنمارك وتزور بلدها الأم، فإنها تتحرك شبه مجهولة فيه، يمرّ بها الناس ونادراً ما يتعرف أحد الأستراليين إليها. كيف يخمّن من يراها باللباس الرياضي والحذاء المطاط أنها ستجلس على عرش ملكي؟
في سيدني، تتجول ماري من دون حراسة، تصحبها صديقة طفولتها، آمبر بيتي، التي كانت شاهدة من شهود العرس الملكي. وعادة ما ترتاد الصديقتان مطعماً عادياً في ملبورن، تتناولان الأطباق المحلية الشهيرة بلحوم العجول والخراف. وبحسب بطاقتها الشخصية، فإنها من مواليد 1972 في هوبارت، عاصمة جزيرة تسمانيا في أستراليا، ويحمل والداها الجنسية البريطانية، لكنهما اختارا العيش في آخر الكرة الأرضية.
وهناك كبرت البنت، ودرست، واشتغلت في حقل الإعلانات، قبل أن تلتقي الابن البكر للملكة مرجريت الثانية، وتهجر كل حياتها السابقة، لتقترن بمن خطف قلبها، وتلحق به إلى بلده البارد. كان ولي عهد الدنمارك يزور أستراليا لحضور الألعاب الأولمبية. وكانت ثمرة الزواج ولادة ابنتين.
يبدو أن المطبّات تعترض أكثر قصص الحب جمالاً. وها هو قلب ولي العهد ينحرف عن الزوجة الحسناء، ليقع في فخ ممثلة مكسيكية ساخنة الدماء. والأدهى، أن الممثلة المكسيكية ذات ميول اشتراكية معلنة. لكنْ، هيهات لوالدته الملكة أن تترك له الحبل على الغارب. ففي 31 من ديسمبر الماضي، أعلنت مرجريت الثانية، البالغة من العمر 83 عاماً، في كلمة بثها التلفزيون على الهواء مباشرة، أنها ستتنحى عن العرش قريباً لمصلحة ابنها.
كان الدنماركيون يتوقعون خطاب التهنئة السنوي التقليدي بالسنة الجديدة، وفوجئوا بقرار تنحي ملكتهم التي بقيت على العرش لأكثر من نصف قرن. وتم تحديد تاريخ 14 من الشهر الجاري، لتنفيذ القرار، وهو التاريخ ذاته الذي اعتلت فيه الملكة العرش قبل 52 عاماً، إثر وفاة والدها الملك. وبهذا سيكون فريدريك ملكاً على بلد يتألف من ثلاثة أقاليم: الدنمارك، وجزر فيروي، ومقاطعة جروينلاند. وكانت الدنمارك خسرت آيسلندا في عام 1944، وبهذا فإن مرجريت، وشقيقتها بينيدكت، كانتا آخر من حمل لقب: أميرة آيسلندا.
في 14 يناير يصبحان ملكاً وملكة
خطة تنحّي ملكة الدنمارك عن العرش
بعد فضيحة مغامرته مع المكسيكية، تحركت الملكة بسرعة لردع ولي عهدها. لقد خشيت من انفصاله عن زوجته، فقررت أن تلقي بجمرة التاج بين يديه. وهي كانت تعتبر كنتها الأسترالية شخصية جميلة مؤهلة لخلافتها كملكة، لكن سفر الأميرة ماري وحدها، مع ابنتيها، إلى أستراليا أثار قلقها من احتمال ألا تعود لمواصلة واجباتها البروتوكولية والرسمية. لقد كان للرحيل المفاجئ وقع الكارثة على القصر الملكي، لهذا فإنها راهنت على تعقل الزوجين، وسعيهما للصلح، طالما أنهما سيجلسان على عرش البلاد، ويتوليّان، يداً بيد، مهمات الملك والملكة. لقد قررت التنحي وهي التي كانت ترفض تلك الفكرة، رغم بلوغ ابنها من العمر 55 عاماً. إنها مثل إليزابيث الثانية ملكة بريطانيا الراحلة، تؤمن بفوائد الملكيات المعمرة، والمستقرة في أيدي النساء المخلصات لواجبات العرش.
ولا تسعى الملكة المتنحية إلى تجديد شباب المملكة، على غرار ما يحدث في بريطانيا. فاستطلاعات الرأي تؤكد أن العائلة المالكة في الدنمارك تحظى بالقبول والشعبية لدى 80 في المئة من المواطنين، وهو رقم كبير ونادر في الألفية الثالثة. أما شعبية الملكة المقبلة، ماري، فإنها تقارب 85 في المئة في قلوب الدنماركيين، رغم أنها غريبة عنهم.
اقرأ أيضاً:
- لماذا سحبت ملكة الدنمارك الألقاب الأميرية من أحفادها؟
- ماري دونالدسون.. من وكيلة عقارات إلى أميرة الدنمارك