تجاوزت شهرتها بلدها وبلغت سائر أنحاء العالم. أدت مئات الأدوار ونالت أرفع الجوائز السينمائية والتكريمات، آخرها وسام الإمبراطورية البريطانية من رتبة قائد.. فما الذي دفع الليدي ماجي سميث إلى الموافقة على الظهور في إعلان تجاري لحقيبة نسائية؟
ماجي سميث، هي أشهر ممثلة بريطانية في القرن العشرين. وهو لقب لم تحصل عليه بفضل طول مسيرتها الفنية وتنوع أدوارها فحسب، بل لأنها صاحبة أكبر عدد من الجوائز الفنية الرفيعة. نالت «الأوسكار» مرتين، و«الجولدن جلوب» ثلاث مرات، و«البافتا» ست مرات، و«إيمي أوارد» ثلاث مرات، ومرة واحدة «توني أوارد». ظهرت في أفلام تركت بصمتها في تاريخ السينما، مثل «موت على النيل» و«غرفة مع منظر» و«انتقام الكابتن كروشيه»، لكن الجمهور العريض عرفها بشكل خاص من خلال أدوارها في المسلسلات التلفزيونية ولاسيما دور البروفيسورة منيرفا ماكجوناجال في سلسلة أفلام هاري بوتر.
ماجي سميث.. عارضة أزياء سئمت التقدم بالسن
لماذا شاركت الليدي ماجي سميث في إعلان لشركة أزياء وجلود؟ الجواب هو أن الشركة ليست أي شركة كانت، بل هي واحدة من العلامات التجارية البارزة للموضة الراقية، والمقصود بها Loewe. ثم إن من يعرف الليدي ماجي يدرك أنها سئمت أدوار المرأة المتقدمة في السن وتريد أن تكتشف تجارب جديدة، أي أن تتحول إلى عارضة أزياء في فاصلة قصيرة من فواصل آخر العمر. فالصورة الإعلانية التي ظهرت فيها هي لقطة فنية وسينمائية بامتياز وكأنها تمثل دوراً في فيلم خيالي. وهي تبدو فيها جالسة مثل ملكة على أريكة متعددة الألوان، مرتدية فستاناً أبيض بتنورة متعددة الطبقات، وتحته بلوزة سوداء مع جوارب سود وقبعة من اللون نفسه. والأهم تلك الحقيبة السوداء الأنيقة التي تضعها على حجرها.
يقول جوناثان أندرسون، المدير الفني للعلامة التجارية المسجلة في إسبانيا، إن ليدي ماجي سميث قدمت في هذا الإعلان درساً في أسلوب اللبس من خلال ترويجها لمجموعته من موضة ربيع 2024، وهو كان يسعى لعمل إعلان ذي تطلعات كبيرة، وبهذا خطرت بباله فكرة الاتصال بالنجمة الإنجليزية لتقديم مجموعته الجديدة من الحقائب. وقد وافقت على الفكرة وجلست أمام المصور الفوتوجرافي الشهير يورجن تيلر الذي أخذ لها عدة صور واختار منها ثلاث لقطات لاستخدامها في الإعلانات. ففي صورة ثانية تبدو مرتدية معطفاً شتوياً طويلاً، أو تلك الحقيبة ذات الأشكال الهندسية التي اشتهرت بها الدار وتشبه كيساً مطوياً من أكياس التسوق والمعروفة بتسمية Tote Puzzle.
دورها في داونتاون آبي
الليدي ماجي سميث.. 54 ألف إعجاب في 3 ساعات
لقيت الصور الثلاث حال نشرها على «إنستجرام» إقبالاً كبيراً من المتابعين. وخلال ثلاث ساعات بلغ عدد الذين وضعوا علامة إعجاب 54 ألف مستخدم. وهو أمر أسعد قلب ليدي ماجي التي أدت دور فيوليت كراولي في مسلسل «داونتاون آبي». إنها تدرك أن شخصيتها تحولت إلى ما يشبه الأيقونة التي تتحدى الزمن. لقد أثبتت أن لا سن محددة للأناقة. وهي لم تكن النجمة الوحيدة التي اختيرت للحملة الترويجية للعلامة الشهيرة بل كانت هناك ملصقات يظهر فيها الممثل جوش أوكونور، الذي قام بدور الملك تشارلز الثالث في مسلسل «ذا كراون» الذي يعرض على «نيتفليكس». وهناك أيضاً النجمان الأميركيان جريتا لي ومايك فيست، والممثلة البريطانية راشيل جونز.
جاءت الحملة الترويجية لترضي مختلف الأجيال ولتثبت أن المدير الفني جوناثان أندرسون يعرف كيف يثير الانتباه ويحقق خبطات جديدة، خصوصاً بعد تعاونه مع استوديو الرسوم المتحركة الياباني «جيبلي».
الملكة إليزابيث تكرم ماجي سميث
نالت ماجي سميث وسام الشرف منذ سنوات بعيدة، لكن الملكة إليزابيث رفعتها لتحصل على رتبة قائد في وسام الإمبراطورية البريطانية عام 2015، وذلك نظراً للخدمات التي قدمتها في حقل الفن السينمائي، حسبما جاء في حيثيات التكريم. فهل كانت في طفولتها وصباها تتوقع أن تكون لها هذه المكانة في عالم الفن؟
ماجي سميث في شبابها
الليدي ماجي سميث.. أيقونة المسرح
ولدت مرجريت ناتالي سميث في إلفورد، من أب إنجليزي كان أستاذاً في جامعة «أكسفورد»، وأم إسكتلندية اشتغلت سكرتيرة. ونظراً لعمل والدها في تلك الجامعة فإنها أنهت دراستها الثانوية في «أكسفورد هاي سكول» ثم درست فن الدراما أوائل خمسينات القرن الماضي في معهد «أكسفورد بلاي هاوس». كان أول تعاقد لها للعمل كممثلة وقعته مع فرقة مسرحية قدمت عرضاً في نيويورك بعنوان «وجوه جديدو 56». وبعد عدة مسرحيات أخرى جرى التعاقد معها للالتحاق بالفرقة المسرحية «أولد فيك» في لندن. وفي تلك الفرقة أدت أدواراً في عدد من مسرحيات شكسبير، وهي القاعدة التي لابد أن يمر بها كل فنان مبتدئ. ثم جاءتها الفرصة عام 1960 لتحل محل الممثلة جوان بلورايت في مسرحية «وحيد القرن» للمؤلف يوجين يونسكو حيث أدت دور ديزي أمام الممثل القدير لورنس أوليفييه. وكان المخرج هو العظيم أورسون ويلز.
تتالت النجاحات بعد ذلك، خصوصاً حين قرر لورنس أوليفييه تأسيس فرقة المسرح الوطني الملكي وطلب منها أن تلتحق به. والغريب أنها ترددت في البداية قبل أن توافق على العرض. وقد اتخذت الفرقة من مسرح قديم مقراً لها لأن مسرحها الحالي لم يكن قد جرى تشييده بعد. وهكذا أصبحت ماجي من الوجوه المألوفة في تلك الفرقة العريقة، وتزوجت من زميلها الممثل روبرت ستيفنس الذي كان من نجوم المسرح اللندني آنذاك. ثم كان التتويج في عام 1970 عندما دعا لورنس أوليفييه زميله المخرج السويدي إنجمار بريجمان ليخرج في لندن مسرحية «هيدا جابلر» للكاتب هنريك إبسن. لقد اختيرت ماجي لدور البطولة فيها.
لم يعمر زواجها طويلاً مع ستيفنس والسبب التحاقها بجولة فنية طويلة في الولايات المتحدة، ثم تزوجت هناك من المؤلف المسرحي وكاتب السيناريو بيفرلي كروس والتحقت بفرقة «ستاتفورد» بعد مشاركتها في مهرجان يحمل هذا الاسم في كندا. كانت إقامتها في كندا لمدة عشر سنوات بمثابة منفى فنياً. وهي طوال تلك الفترة لم تمثل سوى في مسرحيات لشكسبير أو تشيخوف. ومع عام 1981 عادت إلى المسرح اللندني لتؤدي دور «فرجينيا» في مسرحية لإدنا أوبريان. لقد استرجعت مكانتها التي كانت قد حققتها قبل رحيلها إلى كندا. وفي أواخر عقد الثمانينات نالت شهرة كاسحة في لندن ونيويورك بعد تمثيلها دوراً كتبه بيتر شافر خصيصاً لها في مسرحية «ليتيس أند لوفاج». ثم توالت الأدوار الكبيرة مع كبار المخرجين.
اقرأ أيضاً: مؤلفة روايات هاري بوتر.. من التفكير بالانتحار إلى الثراء الفاحش