10 أكتوبر 2020

كيف استطاعت «كريس جينير» بناء إمبراطوريتها المالية؟

كاتبة صحافية

كيف استطاعت «كريس جينير» بناء إمبراطوريتها المالية؟

بعد انتهاء برنامج «عائلة كارداشيان المدهشة»، تستعد «كريس جينير»، الزوجة السابقة للمحامي روبرت كارداشيان، للانضمام إلى فريق مسلسل «ربات البيوت الحقيقيات لبيفرلي هيلز». كيف استطاعت هذه المرأة أن تعيش عدة تحولات في حياتها وتقفز من شهرة إلى شهرة ومن ثروة إلى ثروة؟

لم يكن الفرنسيون شديدي الاهتمام بحكايات عائلة كارداشيان الأمريكية وفضائحها، على غرار ما هو حاصل في الولايات المتحدة ومناطق أخرى من العالم. ولم تكن كيم كارداشيان تعني لهم أكثر من فقاعة حسية. لكن حادث الاحتجاز والسطو الذي تعرضت له في باريس، خريف 2016، جعلتهم يلتفتون إلى سيرة هذه النجمة التي استطاعت أن تبني مع أسرتها امبراطورية مالية من خلال مسلسلات تلفزيون الواقع، وهي امبراطورية امتدت من الشاشة إلى عوالم النشر والتكنولوجيا الحديثة والموضة والديكور وحصص الرشاقة. 
بات الفرنسيون يبحثون عن السر الذي جعل اسم تلك العائلة يساوي ذهباً، ونساءها يبضن مجوهرات. 

والسؤال الأول: من هي ربة تلك الأسرة؟

كريس جينير - كل الأسرة

يوم ظهرت كريس جينير في صيف 2018 بصحبة متعهد النجوم كوري كامبل، الشاب الذي يصغرها بربع قرن، تساءل الجميع: هل سيكون كامبل هو الزوج الثالث في رصيدها؟ كانت تبدو في الأربعين رغم أنها تجاوزت الستين بعدة سنوات، وترتدي فستانًا قصيرًا أبيض مع نظارات تشبه نظارات الطيارين وتزين خنصرها الأيسر بخاتم ذي فص كبير من الألماس. لقد تطلقت من ثاني أزواجها بروس جينير، في 2014، وبدأت تواعد كامبل الذي يدير أعمال النجم الشاب جاستن بيبر. لكن الحقيقة أن هذه المرأة لا تحتاج لرجل تنضوي تحت اسمه وجناحيه لأنها هي التي تمسك المقاليد داخل العائلة. إن كريس سيدة أعمال بالغة الطموح. لقد عرفت كيف تعتمد على شهرة ابنتها كيم وكيف تدفع العائلة كلها إلى قمة شعبيتها. وبدون كريس ما كانت هناك كيم كارداشيان، هذا ما كتبته صحيفة «النيويورك تايمز» الأمريكية.


نشاة كريس جينير 

ولدت كريس في خريف 1955، في سان دييغو بولاية كاليفورنيا. اسمها الكامل كرستن ماري هوفتن، نشأت مع شقيقتها الصغرى كارن ووالدتها ماري جو كامبل في كنف جديها اللذين كانا يملكان متجرًا لبيع الشموع. أما الأب روبرت هافتن فقد انفصل عن الأسرة منذ أن كانت كريس في السابعة من العمر. وفيما بعد اقترنت والدتها برجل الأعمال هاري شانون وانتقلت الأسرة للعيش في أوكزنارد، جنوبي غرب كاليفورنيا، لكنهم اضطروا للعودة إلى مكانهم الأول بعد أن تعرض زوج الأم للسرقة من شريكه الذي فر برأسمال الشركة. 
وخلال تلك السنوات المضطربة من حياتها كمراهقة، مرت كريس بمدرسة كليرمون الثانوية حيث تخرجت منها عام 1973. وفي سن السابعة عشرة قابلت الرجل الذي سيغير مصيرها بالكامل، وهو روبرت كارداشيان، المحامي الأرمني الأصل الذي يكبرها بإحدى عشرة سنة. كان مغرمًا بها وكانت هي مغرمة بالسفر واكتشاف العالم، وهو غرام قادها للعمل مضيفة طيران. لذلك لم توافق على الاقتران به إلا بعد بلوغها الثانية والعشرين. وانتقل العروسان للعيش في هضبة بيفرلي هيلز الراقية قرب هوليوود. وكان من الطبيعي أن يختلطا بجيران من المشاهير، فقد كانا، مثلًا، يلعبان كرة المضرب في عطلات نهاية الأسبوع مع أو. جي. سمبسون وزوجته نيكول، وهو لاعب كرة القدم الأمريكية الشهير الذي جرى اتهامه، فيما بعد، بقتل زوجته وتابع العالم كله محاكمته. وبعد مقتل نيكول تصدت كريس للدفاع بضراوة عن الزوج القاتل الذي تمت تبرئته في ظرف مشكوك فيه.

كريس جينير مع والدتها

في سن الثلاثين كانت كريس قد ولدت أربعة أطفال: كورتني وكيم وكلوي وروب. إنها واحدة من الزوجات اللواتي تنطبق عليهن مواصفات بطلات المسلسل الأمريكي «ربات بيوت يائسات»، تنقضي أيامها بين تربية الأبناء وبين ساعات طويلة من انتظار الزوج والملل. والملل يقود إلى ما لا تحمد عقباه. فقد تورطت كريس في تلك الفترة بعلاقة مع لاعب كرة القدم تود واترلان، وهي العلاقة التي لم تتحرج في الاعتراف بها في مذكراتها الصادرة عام 2012 بعنوان «كريس جينير وكل أشياء كارداشيان». وعندما اكتشف الزوج ما كان يجري من وراء ظهره سارع إلى حرمان زوجته من النقود، كما أدارت لها صديقاتها ظهورهن فدخلت مرحلة من الاكتئاب الشديد. 

ثم كان ذلك اللقاء مع بروس جينير في عام 1990. وكان بروس رفيقاً جيداً وصاحباً خدوماً، عدا عن أنه بطل أولمبي سابق في سباق العشاري «ديكاتلون». وقد طلب منها بروس أن تنهي إجراءات طلاقها لكي يتمكنا من الزواج. وتم لكريس ما أرادت وحصلت على الطلاق في عام 1991 لتقترن بعد شهر واحد بزوجها الثاني. لكنها حافظت على علاقة ودية مع زوجها الأول لحين وفاته، عام 2003. ومن الزوج الثاني رزقت كريس بولدين: كندال وكيلي. لكن الزوجين كانا يجدان صعوبة في تدبير نفقات عائلتهما. وكانت هي من شجع البطل السابق على العمل وعلى ابتكار شعارات يبثها في خطاباته وتسجيل أشرطة «فيدي» لدروس في اللياقة الرياضية بعنوان «منتهى الرشاقة مع كريس جينير».

كريس جينير مع زوجها السابق بروس جينير
كريس جينير مع زوجها السابق بروس جينير 

في 2003 تسرب إلى بعض المواقع شريط مكشوف للابنة كيم كارداشيان مع المغني راي جي، وكاد التسريب يتسبب في انهيار للبنت. لكن والدتها سارعت ونصحتها ببيع التسجيل مقابل خمسة ملايين دولار إلى شركة «فيفيد». وفي العام التالي اقتحمت كريس جينير مكاتب ريان سيكرست، مقدم برنامج تلفزيون الواقع «أمريكان إيدول»، لكي تكون ضيفته وتتحدث بصراحة. وقد اقترحت عليه فكرة برنامج جديد يتابع حياتها وحياة أبنائها الستة الذين تتراوح أعمارهم بين 7 و26 سنة. وفي مقابلة صحفية مع جيف جنكينز، أحد الذين عملوا في البرنامج، قال إنه يعتقد بأن كريس سعت لأن تبني شيئًا يقي أبناءها من الفقر في المستقبل. لكن صاحب البرنامج بقي مترددًا في قبول الفكرة، وللتأكد من صلاحيتها أرسل أحد منتجي البرنامج لكي يحضر حفل شواء «باربكيو» أقامته الأسرة في حديقة البيت. وعاد المنتج ليقول «أنه استعراض رائع والبرنامج سيكون مدهشاً». 
الشهرة

كريس جينير - مجلة كل الأسرة

نجح الرهان، وتابع الحلقة التجريبية الأولى لعائلة كارداشيان 898 ألف مشاهد، وهو رقم يقترب اليوم من 3 ملايين في 160 بلداً مختلفاً. لذلك كانت كيم تشعر بالأسى وهي تعلن أن البرنامج سيتوقف بحلول العام المقبل. فخلال 14 عاماً كان ملايين الأمريكيين يتابعون المواسم العشرين للبرنامج، وهم قد شاهدوا البنات يبكين أباهن الراحل، وذهبوا معهن إلى عيادات الأطباء، ولاحظوا بعض مشاهد الغيرة بين الأخوات. أما الأم، فقد كشفت عن شخصية قادرة على الفكاهة الناجحة في المواقف الحياتية اليومية. من ينسى مشهد كريس وهي في طريقها إلى أحد السجون ثم تلتفت إلى ابنتها قائلة «هل يمكنك يا كيم التوقف عن التقاط الصور لنفسك.. إن شقيقتك في السجن». وكانت كلوي كارداشيان قد احتجزت، بالفعل، لفترة قصيرة في عام 2008 بتهمة القيادة في حالة سكر.  هكذا ولدت «أسطورة» كارداشيان. لكن الاستعراض واصل عرضه وكانت كريس جينير تطوف خلاله فوق الأمواج وتعقد الصفقات بالنيابة عن بناتها للظهور في الإعلانات التجارية. وهي إعلانات عن بضائع من كل نوع: أحذية ومجوهرات وطلاء أظفار وغيرها. كما أطلقت مجموعة من البضائع تحمل اسمها للتسوق عبر التلفزيون، وبلغ بها الأمر أن منحت اسمها لعدة من عدد تبييض الأسنان. بل أنها امتلكت برنامجها الخاص لتلفزيون الحقيقة، لكن البرنامج توقف بعد 6 أسابيع من بداية بثه.
بفضل إدارتها، تمكنت ابنتها كيم من جمع 10 ملايين دولار بعد 24 ساعة فقط من إطلاق عطرها «KKW». وقد طبقت شهرة البنت الآفاق بعد اقترانها في ربيع 2014 بمغني الراب كاي وست. أما البنت الصغرى كيلي فقد أطلقت مستحضرات تجميل تحمل اسمها وباعت بما مجموعه 420 مليون دولار في سنة ونصف السنة. وتحولت كيم إلى أصغر مليارديرة في التاريخ حسب تقديرات مجلة «فوربس». هذا دون أن ننسى كندال، التي هي اليوم واحدة من أشهر عارضات الأزياء وسفيرة العديد من العلامات المعروفة في عالم الموضة والتجميل. وفي عام 2017 اختيرت كندال باعتبارها العارضة الأعلى أجراً في العالم.

كريس جينير تعلن انتهاء حلقات برنامج  Keeping Up With The Kardashians


باختصار، يمكن القول إن الوالدة الحديدية تواصل الدفاع بالأسنان والأظفار عن دجاجاتها التي تبيض ذهبًا. كما أنها تراقب وتدير وتشرف على علاقاتهن الخارجية بمهارة خبيرة إعلامية محترفة، وهي قد قاطعت مجلة «بيبل» واسعة الانتشار وحجبت عنها صور وأخبار عائلتها لأن المجلة انتقدت صهرها كاني ويست. 

يبقى هناك أمر وحيد يقلق كريس جينير ويعرقل خططها ويلقي ظلالًا على صورتها البراقة، وهو تحول طليقها إلى امرأة. فبروس جينير، البطل الأولمبي الذي تحمل اسمه وانفصلت عنه قبل 7 سنوات، قام بتغيير جنسه وصار اسمه كاتلين. إن الأمر بمثابة فضيحة تشوه صورة العائلة، لكن كريس تحاملت على نفسها وتجاوزت الفضيحة وهي اليوم تتربع على ثروة تقدر بـ90 مليون دولار. إن الفلوس خير ضمانة، وهي تخطط للمشاركة في برنامج جديد عن واقع النساء في «بيفرلي هيلز».