لهذه الأسباب لم تنجب أوبرا وينفري أطفالاً
7 أبريل 2020

لهذه الأسباب لم تنجب أوبرا وينفري أطفالاً

كاتبة صحافية

كاتبة صحافية

هناك خمس لحظات ساهمت في تغيير حياة أوبرا وينفري،  ومنها ما جعلها تمتنع عن الزواج وترفض إنجاب الأطفال.هذا ما أعلنته النجمة التلفزيونية الأمريكية ذات الشهرة العالمية في تصريحات أدلت بها للصحافة العام الماضي.
ماذا قالت المرأة التي تنتمي للمجموعة العرقية السوداء وتبلغ من العمر 66  عامًا وتصل ثروتها إلى ما يقارب الثلاثة مليار دولار؟

مشروع لم يتحقق

كيف يمكن لسيدة بهذه الشهرة والثراء والذكاء والمظهر الحسن أن تمضي حياتها بدون زوج أو ولد؟ إن نجمة مثل أوبرا وينفري لم تعش، بالتأكيد، مثل راهبة في مجتمع متفتح يمنح المرأة حرية تضاهي حرية الرجل. وهي قد ارتبطت بأكثر من علاقة وقصة حب، آخرها مع رجل الأعمال ستيدمان جراهام جونيور الذي يشاركها أفراحها وأتراحها منذ أكثر من 30 سنة. وفي الغرب، ينظرون للمساكنة باعتبارها نوعاً من الزواج غير الموثق بورقة رسمية. لكن زواج الأثرياء، وبالأحرى بالغي الثراء، يحتاج إلى جيش من المحامين لكتابة عقود مفصلة من صفحات طويلة واشتراطات شديدة التعقيد لحفظ حقوق كل واحد من الطرفين في حال الوفاة أو الانفصال. ويبدو أن أوبرا لا تريد الدخول في معمعة من هذا النوع، هي التي تجاوزت ثروتها الملايين من الدولارات ودخلت في المليارات. ثروة جمعتها بعرق جبينها ومن خلال العمل الشاق في مهنة ترفع المرء عالياً وقد تخسف به الأرض.
كانت أوبرا قد تطرقت من بعيد إلى أسباب حرمانها من الأمومة. وها نحن نعرف أن القضية لم تكن حرماناً بل امتناعاً بقرار شخصي عن الزواج والإنجاب. وفي مقابلة معها نشرتها مجلة «بيبل» قالت: «في فترة معينة من حياتي، في شيكاغو، اشتريت شقة إضافية على أمل أن أتزوج من شريك حياتي وننجب أطفالاً. قلت لنفسي إننا سنحتاج لمساحة أوسع». ثم لا أحد يدري ما حدث في رأس المذيعة الشهيرة، حيث لم يتحقق مشروع الزواج ولا الأمل بالحصول على أطفال.

تحترم ربات البيوت لكنها غير قادرة على أن تكون منهن

في الفترة ما بين 1986 و2011، حين كانت تقدم «استعراض أوبرا وينفري»، أي البرنامج الأكثر مشاهدة في تاريخ التلفزيون، أدركت صاحبة البرنامج ضخامة المسؤولية التي ستقع عليها في حال أنجبت طفلاً، وما سيترتب على ذلك من تضحيات على صعيد العمل. هل تقصد أنها فضلت النقود والأرباح الوفيرة على دفء الأمومة؟ إنها تعرف أن هذا الاعتراف سيقلق الملايين من النساء المعجبات بها. لكنها بررت الأمر بالقول إنها التقت خلال حياتها بالكثيرين من الرجال والنساء الذين يعيشون ظروفًا نفسية غير سليمة، والسبب في ذلك هو أنهم عاشوا في كنف آباء وأمهات لا يدركون أهمية الأبوة والأمومة. أي أنهم لا يؤدون الواجبات المطلوبة منهم في التربية وبذل الحنان والحب والوقت والجهد. وتضيف أوبرا أنها شعرت بأنها لن تستطيع أن تكون مثل أولئك الأمهات المضحيات اللواتي تحترمهن بالغ الاحترام. أولئك النساء اللواتي يتحركن مثل النحلات الدؤوبات في بيوتهن طيلة النهار ولا يلتفت أحد لمجهودهن ويقدرهن حق قدرهن. لكنها كانت تعرف أنها ليست مثلهن، ربة منزل متفرغة لرعاية أبنائها وبناتها.
في تلك المقابلة، تطرقت أوبرا، أيضًا، إلى حياتها العاطفية. كشفت أنها كانت تشتغل طوال 17 ساعة في اليوم. وتضيف: «عشت في البيت مع كلبين ومع شريك حياتي ستيدمان الذي سمح لي بأن أكون ما يجب أن أكون عليه في هذا العالم. وهو لم يطلب مني مطلقًا طلبات من نوع أن أحضر له فطوره أو عشاءه. لذلك لم يكن الزواج سيغير شيئاً من علاقتنا وتعاملاتنا». ثم تمضي أوبرا في حديث الاعتراف وتقول إنهما يتساءلان عن مصير علاقتهما في حال تزوجا، وهل سيواصلان العيش سوية بدون مشكلات أم سيكون كل واحد قد ذهب في طريق؟

بركان لا يهدأ

وفي النهاية تصل أوبرا إلى خلاصة مفادها أنها غير نادمة على خيار عدم الزواج. فهي راضية لأنها تمكنت من تأسيس أكاديميتها الداخلية الخاصة لتعليم البنات في جنوب إفريقيا، حيث كل واحدة من الفتيات هي بمثابة ابنة لها. وطبعًا فإن كلامها نسبي وينسجم مع ظروف مجتمعها. وهو لا يصلح للتطبيق في مجتمعاتنا الشرقية، مثلاً، حيث لا تسمح التقاليد بالمساكنة بين رجل وامرأة بدون ورقة رسمية، حتى ولو ظلا سوية لثلاثة عقود من الزمن. هل هي صادقة حين تشعر بأن أولئك البنات الموجودات في قارة بعيدة عنها هن التعويض عن الفلذة التي لم تحملها في رحمها؟

فازت النجمة التلفزيونية بالعديد من الجوائز والتكريمات، آخرها جائزة سيسيل دو ميل السينمائية. وهناك في الولايات المتحدة حاليًا، وفي قلب حي مانهاتن في نيويورك، تماثيل لعشر سيدات من الرائدات النسويات، ومنهن أوبرا وينفري. والسبب من نصب هذه التماثيل هو لتجاوز الظلم اللاحق بالنساء في المنظور العام للمدن الكبرى. ففي واشنطن ولندن وسيدني وباريس والقاهرة هناك مئات التماثيل للبارزين من الرجال، في حين تندر رؤية تمثال لسيدة عظيمة. وتأتي هذه البادرة في نيويورك لتكون بداية لمشروع من المنتظر أن يتوسع في مدن أخرى.
وأوبرا بركان لا يهدأ. ومن أحدث مشاريعها التعاون مع الأمير البريطاني هاري، نجل ولي العهد، على إنتاج وإخراج سلسلة من الأفلام الوثائقية حول أسباب الاضطرابات العقلية. وقد أذاع قصر «كينزنجتن» بياناً بهذا لاتفاق الذي ترعاه شركة «آبل» للاتصالات. والهدف توعية المشاهدين بتلك الأمراض التي يتكتم عليها المجتمع ومنح المرضى مزيداً من الاهتمام والعلاج. ويجيء التعاون بين الأمير والمذيعة بفضل الصداقة التي تجمعها بزوجته ميجان. كما أن هاري مر بفترة من الاكتئاب قبل سنوات، لهذا وقع عليه الاختيار ليكون المتحدث باسم هذا المشروع الوثائقي الإرشادي.
مشروعات كثيرة نفذتها وتنفذها أوبرا. لكنها تقاعست عن مشروعي العمر: الزواج والأمومة. لقد شغلها العمل وتشييد عمارة الشهرة والثروة عن كل عداهما. وكان الخيار بيدها. ويبدو أنها أدركت أن المرء في هذه الدنيا لا يستطيع الحصول على كل شيء ولا تحقيق كل الأحلام. لقد رضيت بما لديها، وهو كثير جدًا، وتنازلت عن وضع اجتماعي وعن غريزة أساسية كان في مقدورها تعويضها عن الملايين.

 

 

مقالات ذات صلة