في عيد الاتحاد الـ54... رحلات الهجن نافذة تعرّف العالم بالهوية الإماراتية
في عيد الاتحاد الـ54... يعكس سفراء الهوية وجه وطنهم المشرق، داخل الدولة وخارجها، وتتبدّى رحلات الهجن كتجربة سياحية تعرّف العالم بالهوية الإماراتية والتراث الأصيل.
ففي عمق الصحراء، تخرج رحلات الهجن كجسر نابض يصل الماضي بالحاضر، وتعيد سرد الحكاية الإماراتية، وذاكرة وطن، وتكشف للسياح أسرار التراث الإماراتي الذي يجذب الزوار من كل قارات العالم.
وعبر الصحارى الممتدة، يعيش السياح تجربة تطّل بهم على جوهر الهوية الإماراتية، وعلى تجارب شتى شكّلت الإنسان الإماراتي.
فمن خلال هذه الرحلات، تعرّف كثير من الجاليات الوافدة إلى علاقة الإماراتي بصحرائه، وكذلك اطّلع السياح والزوار على قيم الصحراء، من شجاعة وصبر وحكمة، لتروي رحلات الهجن مسارات التراث الإماراتي، ومدى إسهام هذه الرحلات في الحفاظ عليه.
من الصحراء إلى العالم... كيف أصبحت رحلات الهجن عنصراً رئيسياً في التعريف بهويتنا الإماراتية؟ وكيف تحوّلت إلى منتج سياحي عالمي؟ وكيف تغيّرت نظرة الزوار إلى التراث والثقافة الإماراتية؟
في هذا الصدد، أسهم «مركز حمدان بن محمد لإحياء التراث» بدور محوري في تقديم التراث الإماراتي للعالم، بأسلوب معاصر وجاذب، من دون أن يمسّ بأصالته.
وتؤكد عنود البلوشي، مدير إدارة الفعاليات في «مركز حمدان بن محمد لإحياء التراث»، أن «المركز استطاع تحويل عناصر التراث إلى مبادرات وبرامج ذات حضور عالمي، تجمع بين التوثيق العلمي، والتجربة الحيّة، والتواصل الثقافي، وأصبح نموذجاً ناجحاً في نقل تراث الأجداد إلى الأجيال الجديدة، وإلى العالم، بلغة يفهمها الجميع، وبأسلوب يحفظ جوهر هويتنا، ويُبرز قيم أهلنا الأوّلين».
وتقدّم مثالاً: «ففي رحلة الهجن، نقدم تجربة متكاملة تُعيد الأجيال إلى عمق الحياة الإماراتية الأصيلة، وتجعلهم يعيشون التفاصيل التي قامت عليها حياة أهلنا الأوّلين. فالرحلة تشكّل مساحة تربوية وثقافية تُجسّد قيم الصحراء، مثل الصبر، والعزيمة، والاعتماد على الذات، وروح الجماعة، نهدف من خلالها إلى خلق ارتباط صادق بين المشاركين وتراثهم الوطني، وإحياء نمط الحياة الذي حفظ هوية الإمارات عبر الزمن، وتقديمه بصورة معاصرة تُناسب الجيل الجديد من دون أن تفقد أصالتها».
وتشرح عنود البلوشي: «تعدّ رحلات الهجن نافذة مميّزة يرى من خلالها العالم الهوية الإماراتية على حقيقتها، فهي تُبرز علاقتنا التاريخية بالصحراء والهجن، وتقدم التراث في إطار منظم يجمع بين الاحترافية والأصالة. وخلال الرحلة يعيش المشاركون تجربة واقعية تُعرّفهم بقيم أهلنا الأوّلين، وعلى أنماط العيش التي شكّلت شخصية الإنسان الإماراتي».
أما عن ردود الفعل، فترصد: «نلمس دائماً حالة من الدهشة الإيجابية والانبهار، فمعظم المشاركين الأجانب يصفون التجربة بأنها استثنائية، وغير قابلة للنسيان، ويُعجبون بقربهم من البيئة الصحراوية، وروح الضيافة الإماراتية، في حين يجد الزوار العرب صلة وجدانية مع موروث مشترك للمنطقة. والجميع يخرج بانطباع عميق عن أصالة ثقافتنا وجمالها».
إذن، باتت رياضات الهجن جسراً عالميا للتواصل الثقافي. ويعتبر مركز الصحراء العربية لركوب الجمال، أوّل مركز في الإمارات والشرق الأوسط يستقطب فئة النساء لتعليمهنّ ركوب الجمل، والمشاركة في السباقات.
وفي ظل ما تقدّمه رياضات الهجن من «منصة لتقريب الثقافات»، فقد تمّ إنشاء أول فريق نسائي رسمي لسباقات الهجن في الإمارات من قبل ليندا كروكنبرغر، الشريك المؤسس لمركز الصحراء العربية لتعليم ركوب الهجن، على أعتاب صحراء المرموم.
تشرح كروكنبرغر: «نؤمن بأننا نلعب دوراً حاسماً في الطريقة التي ينظر بها العالم إلى دولة الإمارات. فبفضل مجتمعنا المتنوّع من مُحترفي ركوب الهجن ، استطاعت قصتنا أن تجذب وسائل الإعلام الدولية التي لفت انتباهها كيف أصبح أشخاص من مختلف دول العالم جزءاً من هذا الإرث، يتبنّون التقاليد الإماراتية، ويجعلونها جزءاً من حياتهم».
وتضيف: «عندما يرى أحدهم فارساً من بلده الأصلي وهو يمارس رياضة ركوب الهجن، ويتعلّم الممارسات الثقافية، ويعيش قيم الصحراء، يتحوّل ذلك إلى جسر قوي للتواصل. فالمجتمعات في الخارج تبدأ بفهم الثقافة الإماراتية لا بوصفها ثقافة بعيدة، بل من خلال أحد أبنائها الذي تأقلم مع أسلوب الحياة المحلي، ومع الرياضات التراثية».
لا يقف دور مركز الصحراء العربية لركوب الجمال عند هذا الحد، تقول كروكنبرغر: «نُسهم أيضاً في إعادة تشكيل النظرة العالمية تجاه الجِمال. فالجمل ليس مجرّد عنصر سياحي، بل هو رياضي، ورفيق، وجزء أصيل من هوية الوطن. ومن خلال تعزيز الرعاية السليمة للجمال، والتفاعل الثقافي الحقيقي، نساعد الجمهور على تقدير عمق هذا التراث وكرامته».
وتوجز: «عملنا يعكس قيم دولة الإمارات في الانفتاح، والشمولية، وحُسن الضيافة. فالناس يرون أن رياضات الهجن مفتوحة للجميع، وأن الوافدين الجدد يُستقبلون بكرم، وأن النساء مُؤهلات للمشاركة والتفوّق في كل المستويات».
