13 نوفمبر 2025

«صيدلية الشعر» في معرض الشارقة الدولي للكتاب تداوي الأرواح المتعبة بالكلمات

محررة في مجلة كل الأسرة

مجلة كل الأسرة

تعيد «صيدلية الشعر» في معرض الشارقة الدولي للكتاب بدورته الـ 44، تعريف العلاقة بين الأدب والإنسان، لتتحوّل القصيدة إلى علاج، والكلمة إلى وصفة تخفف الوجع، كأنها تقول لكل من يقترب «هنا تعالج الأرواح بالكلمات قبل أن تداوى بالأدوية».

مجلة كل الأسرة

بين أروقة المعرض تتجاور رائحة الحبر مع همس الحروف، ليتبادر إلى الأذهان سؤال: هل يمكن أن يكون الشعر علاجاً؟ وهل يمكن أن تداوي الكلمات ما يعجز عنه الطب؟

تزيّن رفوف الصيدلية علبٌ صغيرة يكاد القارئ يعجز عن التمييز بينها وبين أدوية الصيدليات، لكن بدلاً من الحبوب والعلاجات الأخرى، يكتشف وجود قصائد شعرية كتبت باللغتين، العربية والإنجليزية، كوصفة لعلاج الأرواح.

تقول موزة حسين الرند، رئيس قسم الفعاليات في معرض الشارقة الدولي للكتاب «تعود فكرة «صيدلية الشعر» للكاتبة البريطانية ديبورا ألما، التي آمنت بقوة الشعر في التغيير والشفاء. بدأت ديبورا فكرتها في لندن عندما حولت سيارة إسعاف قديمة إلى «عيادة شعرية متنقلة» تجوب الشوارع لتوزع قصائد قصيرة ضد الحزن، أو التوتر، أو فقدان الأمل، لتنبثق عنها، فيما بعد، «صيدلية الشعر»، بفرعيها لتعالج الناس بما يتناسب وحالاتهم النفسية».

مجلة كل الأسرة

تشير موزة «في الصيدلية، يخوض الزائر تجربة تفاعلية جديدة لاختيار العلاج بحسب احتياجه، العاطفي والنفسي، من خلال أقسامه، على سبيل المثال كبسولات «طور الإنقاذ الذاتي»، لمن يبحث عن بداية جديدة، و«جو الاسترخاء» لمن يحتاج إلى الهدوء والسكينة، و«رسائل من القلب» للتعبير عن الاشتياق، و«طاقة البهجة» للباحثين عن الإشراقة، و«دواء الأرض» لمن يتواصل مع الطبيعة، و«شرارة الإبداع» للباحثين عن الإلهام».

وتضيف «عند فتح العلب تتسلل منها قصائد ربما تكون كلماتها لـمحمود درويش، أو بيتاً لـنزار قباني، أو حكمة للمتنبي، أو نصّاً لـشاعر أجنبي كتب يوماً عن الحب، أو الخسارة، أو الشجاعة، وفي الأغلب، زائرو الصيدلية هم من يبحث عن طاقة البهجة، أو عن وصفة شعرية تواسي قلباً مكسوراً، لكن من أجمل ما يكون أنهم لا يشترون الكلمات لأنفسهم فقط، إنما يقدمها البعض كهدية تحمل معها رغبة في الشفاء، كإحدى الزائرات التي جاءت للبحث عن هدية مناسبة لصديقتها التي تمر بوقت صعب، فوجدت نفسها هي أيضاً تتلقى العلاج، و«صيدلية الشعر» هنا لا تقدم شعراً فقط، بل بصيص ضوء أمل لمن أنهكته الهموم».

مجلة كل الأسرة

وإضافة إلى مجموعة الكتب التي تتناول موضوعات عامة، يكتشف الزائر أن فلسفة الشفاء في هذه الصيدلية أنه لا يقاس بدرجة الحرارة، أو ضغط الدم، بل بنبض القلب الذي يخفق مع كل كلمة صادقة تقرأها العين، والتي عبّرت عنها ديبورا بقولها «حين يثقل العالم، ويعمّ الصمت، ينهض الشعر ليكون الدواء، والصوت، والنور. كلمات عاشت قروناً عبر أصوات تلاشت، لكن القلوب ما زالت تحفظها وتستعيدها كلما ضاقت بها الحياة. فالشعر ليس مجرّد كلمات تقال، بل أنفاس تتردّد بين الحروف، تداوي القلوب، وتعطي أجنحة لمن نسي كيف يطير».

ويواصل معرض الشارقة الدولي للكتاب ترسيخ مكانته كأحد أبرز المنصات الثقافية في المنطقة والعالم، من خلال استقطابه للأفكار الجديدة والمشروعات الخلاقة التي تحتفي بالقراءة، وتعيد تقديم الكتاب بطرق مبتكرة. من خلال فتح أبوابه أمام مبادرات تتجاوز مفهوم النشر التقليدي، لتربط الأدب بالحياة اليومية، وتحوّل القراءة إلى تجربة حسية وفكرية متكاملة. ومن خلال دعمه للابتكار في عالم الكتاب، يثبت المعرض أن الثقافة ليست مجرّد صفحات تقرأ، بل فضاء متجدّد للإبداع والتعبير الإنساني، يلامس القلوب والعقول، على حدٍّ سواء.