09 نوفمبر 2025

أسبوع دبي للتصميم... منصة للإبداع والكشف عن المواهب الإماراتية الشابة

محررة في مجلة كل الأسرة

مجلة كل الأسرة

مع انطلاق النسخة الحادية عشرة من «أسبوع دبي للتصميم»، تتحوّل دبي مرة أخرى إلى ملتقى عالمي للإبداع والابتكار، حيث تتلاقى الأفكار والمهارات والتجارب، من أكثر من خمسين دولة، لتشكّل لوحة حية من الإبداع تعكس التنوّع، الثقافي والابتكاري، في أرقى صوره. هذا الحدث ليس مجرّد معرض للتصميم، بل هو رحلة ملهمة في عالم الإبداع، ومساحة حقيقية للشباب الإماراتيين للكشف عن مواهبهم، وصقل مهاراتهم، ومواجهة تحديات التصميم والفن المعاصر.

مجلة كل الأسرة

تسعى دبي من خلال هذا الأسبوع إلى تمكين جيل جديد من المصممين والمبدعين الإماراتيين، وإتاحة الفرصة لهم لإبراز أفكارهم وابتكاراتهم أمام جمهور عالمي، لتصبح أعمالهم جزءاً من الحوار الإبداعي العالمي.

من قلب حي دبي للتصميم، تتحول المواد البسيطة إلى قطع فنية تنبض بالحياة، وتتحول الأفكار المحلية إلى مشاريع عالمية تحمل في طيّاتها رسائل عن الهوية والثقافة والاستدامة. حيث يسلط أسبوع دبي للتصميم الضوء على المواهب الإماراتية الشابة، التي تقدم أعمالها بمزيج من الشغف، والابتكار، والوعي البيئي والثقافي، لتصبح كل قطعة تصميم قصة تحكي عن الهوية، والبيئة، والمجتمع، وتجربة تستحق التأمل والإلهام.

مجلة كل الأسرة
مجلة كل الأسرة

«لمّة»... مشروع مستلهم من حي الشندغة

يقدّم  مشروع «لمّة» للمصممة حصة الكندي قطعة إضاءة نحتية تتجاوز وظيفة الإنارة لتصبح رمزاً للقاء والتواصل، مستوحاة من روح الثقافة الإماراتية التي تقدّر المشاركة والدفء الإنساني. فقد استلهمت حصة تصميمها من طفولتها في حي الشندغة، حيث كانت عمّتها، وابنة عمّتها، تجمعان أدوات بسيطة مثل شال الأم وأغصان النخيل، للعب قرب الخور، في لحظات عفوية تجسد براءة الاكتشاف وفضول الطفولة، وتقول: «استخدمت سعفة نخيل جافة وجدت على جانب الطريق، لأعيد اكتشاف قيمتها الجمالية، وتحويلها من فضلة منسية إلى مصدر إلهام نابض بالمعنى. تتنحى السعفة بشكل طبيعي لتعكس الانسجام مع الجاذبية والضوء، وعند الإضاءة تتخلل أشعتها الانحناءات لتنسج ظلالاً ناعمة ودافئة، تملأ المكان بالسكينة والحميمية. «لمّة» ليست مجرّد مصباح، بل حكاية مضيئة تربط الإنسان بالمكان، وتعيد تعريف العلاقة بين الجمال المستدام والهوية الثقافية الإماراتية».

مجلة كل الأسرة
مجلة كل الأسرة

«هيلة» رمز للمحبة والاستمرارية

أما جاسم النقبي، مؤسس Taqseem Studio، فقد صمم خزانة مجوهرات فنية تحت عنوان «هيلة»، تجمع بين الحنين إلى الماضي والتجديد المعاصر. واستوحى النقبي التصميم من التقاليد الإماراتية التي تحتفي بالمجوهرات كرمز للمحبة والاستمرارية، عبر الأجيال. وأوضح جاسم أن «هيلة» تعيد صياغة فكرة التوريث من منظور معاصر، حيث يصبح التصميم نفسه إرثاً متجدداً يُنقل من جيل إلى آخر، مع إبراز قيم الأنوثة، والدفء العائلي، والجمال الإماراتي التقليدي، بلمسة حديثة، ويضيف: «استلهمت قصة «هيلة» من سوار انتقل من جدتي، إلى والدتي، ثم إلى شقيقتي، ليحمل قيمة عاطفية وروحية عميقة، تتخذ الخزانة شكل السوار الإماراتي التقليدي بانحناءات تشبه حبّة الهيل، مصنوعة من الفولاذ المقاوم للصدأ المطلي بطبقة كهربائية تحاكي بريق النحاس الأصفر، مع أقسام مبطنة بالمخمل، ومرآة داخلية أنيقة. تحوّل هذه القطعة لحظة حفظ المجوهرات إلى طقس من التأمل والعناية، لتكون أكثر من مجرد خزانة، بل حكاية تجمع بين الجمال الوظيفي، والرمزية، التراث والاستدامة».

مجلة كل الأسرة
مجلة كل الأسرة

تحويل العباءة إلى عمل فني

يعكس «أوكيولوس» رؤية سارة الدليمي في تمكين المرأة من الاحتفاء بهويتها، واختيار الطريقة التي تعبّر بها عن ذاتها، ضمن إطار من الخصوصية والجمال الهادئ، الذي يميز حضورها في المجتمع، وتشرح: «عملي الفني مستوحى من العباءة السوداء، التي تمثل في الثقافة الإماراتية أكثر من مجرّد زي تقليدي؛ فهي رمز للأناقة، والهوية، والخصوصية، والوقار. تبدو القطعة عند إطفائها غامضة باللون الأسود العميق، لكنها عند الإضاءة تكشف عن طبقات خفية من أقمشة الشيفون، السوداء والملونة، في استعارة بصرية للجمال الكامن وراء الحياء والاختيار الواعي لما يُكشف، وما يُخفى، فقد استخدمت قصاصات أقمشة معاد تدويرها، من خياطين محليين في أبوظبي، لتجمع بين الاستدامة والحياكة التقليدية الإماراتية، مع تدرجات ضوئية دافئة تمنح القطعة توازناً بصرياً بين التراث والحداثة».

مجلة كل الأسرة

«الغواص»... مشروع يدمج التراث بالحداثة

أما آمنة الشامسي، وحنان الرفيعي، فهما شغوفتان بدمج الحداثة مع تراث الإمارات الغني، وتسعيان من خلال استوديو «سكتش آند سبيس» إلى تصميم مساحات ومنتجات تحمل معنى، ووظيفة، وجمالًا، في الوقت ذاته، فهي منتجات تنبض بالحياة، وتتكيف مع احتياجات من يستخدمها «نؤمن في فريقنا بأن التصميم ليس مجرّد شكل، بل تجربة ثقافية مستدامة تعكس هويتنا وقصصنا، ومشروعنا «الغواص» يجسد هذا الفكر؛ فهو يحتفي بتاريخ الغوص في الإمارات، مستوحى من حكايات البحّارة وعائلاتهم، حيث نعيد استخدام مواد قديمة مثل خشب الساج، وشظايا المعادن، والأقمشة المستدامة، لنمنحها حياة جديدة. كل قطعة تحكي قصة الصبر، والقوة، والارتباط بالبيئة، لتصبح إرثاً، بصرياً ووظيفياً، يخلد الذكريات، ويحتفي بالثقافة المحلية بطريقة عصرية مستدامة».

مجلة كل الأسرة

«بين وبين»... العلاقة بين الهوية والمكان

تستوحي تسنيم النبهاني، المصممة والمهندسة المعمارية العمانية، أعمالها من العلاقة بين الهوية والمكان، مركّزة على التوازن بين الإنسان وبيئته، عبر مقاربات بحثية وتجريبية، في مشروعها «بين وبين»، تقدّم طاولة نحتية مصنوعة من مادة ديزرت بورد المستدامة، تعكس المفارقة بين البحر والصحراء، والحركة والسكون، حيث تتدرج ألوانها من الأزرق إلى البني الداكن، لتجسّد رحلة التحول والارتباط العميق بجغرافيا الخليج، وذاكرته الثقافية، إذ تتحوّل الطاولة إلى رمز للتفاعل بين الإنسان والبيئة، مع الحفاظ على الاستدامة والتعبير الفني المعاصر، لتقدم تجربة حسية وروحية تعكس فلسفة المصممة في دمج الهوية والثقافة والجمال، في كل قطعة تصميم.

مجلة كل الأسرة


من خلال هذه المشاريع، وغيرها، يبرهن أسبوع دبي للتصميم مرة أخرى أنه منصة لاكتشاف المواهب الشابة الإماراتية، وملتقى للإبداع الذي يمزج بين التراث والابتكار، بين الأصالة والحداثة، وبين الاستدامة والجمال، ليصبح كل مشروع قصة تُحكى وتجربة تُعاش، تعكس عمق الثقافة الإماراتية، وروح التصميم المعاصر.