06 نوفمبر 2025

د. هدى محيو تكتب: ليلة عرس «لا تُنسى»

أستاذة وباحثة جامعية

مجلة كل الأسرة

نزل العروسان ليلة زفافهما من سيارة بيضاء فارهة للتوجه إلى قاعة الاحتفال، حيث المدعوون بانتظارهما. لكن كان مصور العرس أيضاً بانتظارهما حتى يلتقط لحظة نزولهما من السيارة، ويطلب أن ينظر الواحد منهما إلى الآخر من أجل أن تنضم هذه الصورة الرومانسية إلى صور العرس «التاريخية» الأخرى.

لكن العريس ما إن رآه حتى بدأ يتأفف قائلاً «مزيد من الصور!»، فبادرته العروس بالقول «نعم بالتأكيد، فهذا يوم عرسي!»، أما العريس فعبّر بتذمر عن ملَله من الصور والتصوير، وضرورة مراعاة المدعوّين في القاعة. لكن العروس ألحّت، وبنبرة فيها من الدلال والتنمُّر ما فيها، قالت لعريسها، وقد بدا من الواضح أنه ضاق ذرعاً بكل هذه المسألة: «كفَّ عن التأفف على الدوام، ولينتظر الناس، فهذا يوم عرسي وأريد أن أتصوَّر».

وإذ لم يرَ العريس الأمور على النحو ذاته، قال لعروسه: «حسناً تريدين أن تتصوري ابقي هنا وتصوري ما شئتِ، فأنا مغادر»، وركب السيارة منطلقاً بها وحده، تاركاً العروس تستمتع بجلسة التصوير وحدها.

هذا فيديو حقيقي وليس فيلماً فكاهياً انتشر، أخيراً، على الشبكة. صحيح أن مشاهدة المشادّة الكلامية بين العروسين، وختامها بهذه الطريقة، يستدعيان الضحك، لكن التفكير في الوضعية وتفاصيلها يقلب الصورة، فنحن في الواقع أمام انهيار حياة زوجية حتى قبل بدايتها، إلا إذا كان الطرفان قد اتفقا على حلِّ مشكلاتهما بهذه الطريقة الدرامية.

وفي حال كُلِّفنا أن نحكم بين الطرفين، من سيكون في رأينا هو المُحق، ومن المذنب؟ أهو العريس الذي لم ينزل عند رغبة عروسه ليلة عرسها؟ وإذا كان لا يراعيها ويراعِي مزاجها ليلة العرس، فمتى سيفعل هذا؟ قد يدافع البعض عن العريس بالقول إن العروس بالغت في التقاط الصور، وقد ضاق ذرعاً بالتصوير الذي لا يحبه، فكان أن خرج عن طوره وخرج من العرس بالمرة، ومن المؤكد أنه قد عاد بعد أن هدأت أعصابه.

قد يقال أيضاً إن العروس هي المذنبة لأنها أفرطت في الدلال، ولم تقصِّر في التوبيخ (كفَّ عن التأفف على الدوام)، واستفزت رجولة عريسها، ولم تراعِها، فَوَجَب أن يثبتها لها بهذه الطريقة الفظّة، والمحرجة. وهنا قد يدافع البعض عن العروس بالقول إنها ربما كانت تحلم منذ نعومة أظفارها بليلة عرسها، بعريسها، بالفستان الأبيض، والسيارة البيضاء، والمدعوين المنبهرين بجمالها، وأرادت أن تخلِّد بالصور هذا اليوم الذي تحقق فيه حلمها، لكن عريسها لم يفهم كل هذا.

أظن أن العِبَر التي يمكن استخلاصها من هذا الفيديو تفيض إلى حد بعيد عن حدود هذه الصفحة، وعن حدود ليلة العرس، وهي لكم أن تستخلصوها إن شئتم.

اقرأوا أيضاً: هذه الأخطاء... تسبب هروب العرسان!