09 أكتوبر 2025

عيسى الطنيجي يكتب: الناس أذواق..!

إعلامي اماراتي متخصص في الكتابات الساخرة، ومصور فوتوغرافي محترف في الأسفار، أعمل حالياً في مجال الاتصال المؤسسي والعلاقات العامة بإحدى الجهات الحكومية في أبوظبي

مجلة كل الأسرة

منذ فترة وجدت نفسي أبحث عبر شبكة الإنترنت عن أحدث تصاميم الستائر، رغبة في الاطّلاع على الألوان الرائجة، محلياً وعالمياً، ومعرفة ما يفضّله الناس في مجال الديكور الداخلي. وخلال جولتي الافتراضية زرت مواقع متنوّعة، بدأت بالتصاميم الفاخرة المخصصة للقصور – من باب الفضول فقط! – ثم انتقلت إلى ديكورات الفلل الراقية، وصولاً إلى البيوت العادية التي تراعي إمكانات أصحابها، وبعد أسبوع من البحث المكثف أصبحت لدي فكرة لا بأس بها عن عالم الستائر، وأسرار تنسيقها.

ذلك كان الجانب النظري، أما حين انتقلت إلى الواقع فكانت الصدمة أشدّ وقعاً، فقد ساقني الحظ إلى أحد محال الستائر البسيطة التي تعجّ بالزبائن، لأفاجأ باختيارات بعضها غريب للغاية، رأيت من يفضل ألواناً فسفورية صاخبة، ومن ينسّقها بطريقة تجعل العين في حيرة وارتباك، بل وكأنها تصيب المرء بعمى ألوان مؤقت. بعض الديكورات كانت تزيد المشهد غرابة، إذ تحولت بعض الغرف إلى فضاءات أشبه ببيوت الأشباح، أكثر منها منازل مريحة، و«موديرن».! وما زاد دهشتي أنني صادفت صوراً لمجالس جدرانها بألوان قوس قزح متداخلة، وأخرى داكنة وكئيبة، كأن الغاية منها إخافة الضيوف، لا استقبالهم. لقد بدت بعض المحاولات وكأنها صرعات عابرة، لا صلة لها بذوق، أو ذائقة فنية، بل مجرّد تقليد أعمى لموضات غير مناسبة.

بعد هذه الجولة، خلصت إلى قناعة راسخة: لا شيء يضاهي جمال البساطة، فالتعقيد لا يعني بالضرورة أناقة، بل قد يكون طريقاً مباشراً إلى الفوضى البصرية، وأظن أن صاحب المثل الشهير «الناس أذواق» لو عاش ليرى ما يحدث اليوم من مبالغات في الديكور لأصيب بالذهول، وربما بجلطة، من هول ما يرى. إن الاعتدال والانسجام وحدهما كفيلان بمنح المكان سحره الخاص، وروحه المتألقة.

اللغاية

بينما كنت أتجوّل مع بناتي في المول، فوجئنا بشغّالتنا الهاربة تتسوّق من أحد المحال التجارية، ولما رأتنا أطلقت لرجليها العنان، ونحن نركض خلفها في مشهد يشبه الأفلام الهندية. هههههههههههه...