01 أكتوبر 2025

مع التغيرات المتسارعة في المناخ... بطارق الجنتو حملت لواء التحدي فهل ستصمد؟

رئيس قسم الشباب في مجلة كل الأسرة

مجلة كل الأسرة

في صقيع القطب الجنوبي، حيث تصفر الرياح الباردة، وتئنّ الأنهار الجليدية خوفاً من نهاية يحملها إليها تغيّر المناخ، هناك، وبين الثلج والصقيع تعيش جماعات بطارق الجنتو،حيث تتحدّى قسوة المناخ، وتتكيّف مع التغيّرات، وتتصدّى بكل قواها لنهاية قد تدفعها إليها البيئة المتحوّلة في تلك البقاع البعيدة.

طائر مميّز:

تتميّز طيور بطريق الجنتو، بريشها الفريد، ورشاقتها اللافتة، وهي تُعد من بين أكثر المخلوقات إثارة في المناطق القطبية. فهذه الطيور البحرية قادرة على الغوص إلى أعماق سحيقة لاصطياد الأسماك والحبّار. وهي تعيش في مستعمرات صاخبة، وتتكاثر في بيئات قاسية على جزر القطب الجنوبي، وشواطئها.

وإذا كانت الأنواع الأخرى من البطارق لا تستطيع تحمّل قسوة المناخ وتغيّراته، فإن بطريق الجنتو قادر على التكيّف مع التغيّرات المناخية بشكل مذهل، جعل العلماء يتساءلون عن قدرته على البقاء، ومدى استمراريته.

مجلة كل الأسرة

يعود دائماً إلى عشه:

يتميّز بطريق الجنتو بالشريط الأبيض الواسع الممتد من أعلى رأسه إلى ما وراء عينيه، وبمنقاره البرتقالي اللامع. كما يتميّز بسرعته في السباحة التي قد تصل تحت الماء إلى ما يقارب 36 كم/ساعة. وهو طائر رشيق ، يتكيّف مع البيئة، حيث يغوص لاصطياد الأسماك، والكريل، والحبّار، بعد أن يضبط حركة مساره بدقة مذهلة.

 أما على اليابسة، فيبدو بطريق الجنتو أقلّ مهارة، إذ يمشي متصلباً، وأحياناً ينزلق على بطنه. وهو يعشش في مستعمرات، خصوصاً في جزر المنطقة القطبية الجنوبية، مثل جورجيا الجنوبية، وجزر فوكلاند، وجزر ساندويتش الجنوبية، وكذلك في شبه جزيرة أنتاركتيكا.

وفي العادة، تعود طيور الجنتو كل عام إلى المستعمرة التي تكاثرت فيها، وإلى أعشاشها التي بَنتها سابقاً، فهذه الطيور تتميّز بالارتباط بالمكان الذي تعيش فيه، وتتعلق به.

مجلة كل الأسرة

تعاون غير مستقر بين الزوجين:

عش بطريق الجنتو بدائي، ويتكون من الحجر، يبنيه الزوجان بالتعاون فيما بينهما، ولا يستطيع أيّ غريب الاقتراب منه، وإلا تبدأ المعركة بينهما وبين الطامعين فيه، فيدافعان بشراسة عنه، ويعملان على حمايته، ولو كلفهما ذلك الوقوع في صراعات دموية عنيفة.

وخلال موسم التكاثر، تضع أنثى بطريق الجنتو في العش، عادة، بيضتين تتناوب وزوجها على احتضانهما، ما يزيد على الشهر. ولكن هذا التناوب قد لا يستمر طويلاً، إذ قد يتنافس الزوجان على الطعام فيتقاتلان، إلى أن يقضي الأقوى على الأضعف.

مرونة وتكيّف:

أظهرت دراسات حديثة أن أعداد بطريق الجنتو في القطب الجنوبي تزداد أكثر فأكثر، على الرغم من قسوة المناخ والتغيرات المتسارعة في المنطقة. ذلك أن هذا الطائر قادر، بشكل مذهل، على التكيّف والتأقلم، على عكس أنواع البطارق الأخرى، مثل بطريق أديلي، وحزام الذقن، التي تشهد منذ سنوات تراجعاً مستمراً في أعدادها .

ومع ازدياد أعدادها، صارت  بطارق الجنتو تتوسع أكثر فأكثر في مناطق جديدة في القطب الجنوبي لم تكن قادرة على الوصول إليها من قبل.

ويعزو العلماء هذه الظاهرة  إلى تراجع مساحات الجليد البحري، الذي يدفع بطارق الجنتو إلى البحث عن أماكن أخرى لتستوطنها.

ولكن، على الرغم من أن هذا التكيّف قد يبدو نافعاً لهذا النوع من البطارق، لكنه قد لا يصمد كثيرا أمام ما  يحدث في المناخ من تغيّرات قاسية ، فقدرته على التصدي والمواجهة قد تضعف مع الوقت أمام المفاجآت المناخية، والتحولات البيئية السريعة، خصوصاً ارتفاع درجات الحرارة، وذوبان الجليد البحري.