رغد الحبسي... أصغر مدربة تكسر حاجز العمر وتبني جسراً بين الطب والوعي الذاتي

لم يكن طريقها سهلاً، لكنها أثبتت أن الشغف حين يقترن بالإرادة قادر على كسر كل الحواجز، وأن صوت المرأة الإماراتية، حتى إن كانت صغيرة السّن، يمكن أن يدوّي بقوة في سماء الوطن، فمن قلب المعاناة ومشكلات في النطق والتحدث، ومن شخصية خجولة ومنطوية، إلى أخرى تحمل رسالة في الوعي الذاتي، لتصبح أصغر مدربة محلية ودولية، في مجال الاستشفاء وتطوير الذات.
وبمناسبة الاحتفال بيوم المرأة الإماراتية، الذي يخلّد مسيرة العطاء والريادة، ويُبرز قصص الإلهام التي تصنعها النساء في مختلف المجالات، تبرز قصة رغد راشد الحبسي، المتخصصة في تحاليل المختبرات الطبية، بجامعة أبوظبي، والمذيعة ومقدمة البرامج الصاعدة، لتُقدّم نموذجاً مشرقاً للفتاة الإماراتية الطموحة.

كيف بدأت رحلتك في مجال الاستشفاء وتطوير الذات، ومتى شعرتِ بأن هذا هو المسار الذي ترغبين في التعمّق فيه؟
بدأت رحلتي في الاستشفاء وتطوير الذات من نقطة ضعف كانت تُشكّل تحدياً كبيراً في حياتي، فقد كنت أعاني مشكلات في النطق والتحدّث، وصعوبة في التعبير عن نفسي، لكن بفضل دعم أسرتي كنت أتوق لأن أغوص في هذا العالم لأجد حلاً يساعدني، ويعين غيري. هذا الشغف نما بداخلي في سنوات المدرسة، وبالتحديد حين حصلت على شهادة تدريب معتمدة من الولايات المتحدة، وأنا في الصف الحادي عشر، فكانت بداية حقيقية لمسار حياتي.
دخلت مجال الاستشفاء الذاتي لدمج الجانب الطبي مع النفسي والروحي
ما الذي دفعكِ، كطالبة جامعية، إلى دخول هذا المجال بشكل احترافي والحصول على شهادة تدريب معتمدة؟
رغم أن تخصصي الجامعي طبي، كانت لديّ قناعة راسخة بأن الصحة لا تقتصر على الجسد فقط، بل تشمل الروح والوعي النفسي، وهذا الإدراك دفعني إلى البحث عن دورة شاملة تساعدني على التعلم بشكل متكامل في هذا المجال. وقد وفرت لي جامعة أبوظبي منصة تعليمية مناسبة لتحقيق ذلك، وسعيت لدخول مجال الاستشفاء الذاتي بشكل احترافي، لأكون قادرة على دمج الجانب الطبي مع النفسي والروحي، لكونهما وجهين لعملة واحدة، والتحقت بدورات متعدّدة، داخل الدولة وخارجها، وحصلت على شهادات تدريب، دولية ومحلية، معتمدة من الولايات المتحدة الأمريكية، وكنت الأصغر سناً في دوراتي، لكن إصراري كان أكبر من أيّ تحدّ.
ما التحدّيات التي واجهتكِ في الجمع بين الدراسة وممارسة التدريب في مجال التنمية الذاتية؟
أصعب التحدّيات كانت تنظيم الوقت والضغط الكبير، بخاصة أن تخصصي الطبي يتطلب تركيزاً ومجهوداً كبيرين، لكن دعم أهلي كان السند الحقيقي لي، فقد آمنوا بشغفي، ووقفوا إلى جانبي لبناء مسيرتي التدريبية، فالإنسان قادر على صناعة المعجزات حين يضع هدفه نصب عينيه.

حدثينا عن تجربتك كمذيعة ومن كان له الفضل في تشكيل شخصيتك؟
بدأت مسيرتي في التقديم من خلال المهرجانات والاحتفالات الكبرى، وأنا في الصف الرابع الابتدائي، ثم انتقلت إلى تقديم برامج على قنوات مثل تلفزيون أبوظبي الرياضي، وقناة الشارقة، وعلى الرغم من أن دخول فتاة صغيرة عالم الإعلام كان أمراً غير مألوف في المجتمع آنذاك، إلا أنني، بمساندة أسرتي ودعها، استطعت أن أُعبّر عن نفسي بثقة، وأن أكون صوتاً مسموعاً، وأستخدم هذه المهارات اليوم لنشر رسالتي في الوعي والتطوير الذاتي.
في نظرك، ما أهمية الوعي الذاتي والاستشفاء العاطفي في حياة المرأة؟
عندما تكون المرأة واعية بذاتها، ومتصالحة مع مشاعرها، تصبح قادرة على اتخاذ قرارات صائبة، وتحقيق توازن نفسي يساعدها على بناء حياة ناجحة ومؤثرة، هذا الوعي هو السلاح الحقيقي الذي يجعلها تقود التغيير في مجتمعها.
ما الموضوعات التي تركّزين عليها في جلساتك التدريبية؟
أركّز في جلساتي على بناء الهوية الذاتية، تنمية الثقة بالنفس، الشفاء العاطفي من جراح الماضي، وإدارة المشاعر بطريقة صحية، كما أعمل على تمكين المرأة الإماراتية لتصبح صوتاً قوياً في مجتمعها، وتتعلم كيفية مواجهة الضغوط والتحدّيات، بشجاعة وحكمة.
ماذا يعني لكِ أن تكوني نموذجاً يُحتفى به في يوم المرأة الإماراتية؟
هذا شرف عظيم، ومسؤولية كبيرة تدفعني إلى المضي قدماً بثقة وعزيمة، فرؤية دولتنا تُلهمنا جميعاً لنبرز أفضل ما لدينا، وتؤكد أن إصرارنا وشغفنا قادران على إحداث فرق حقيقي في هذه الحياة.

كيف ترين دور المرأة الإماراتية اليوم في بناء مجتمع أكثر وعياً وتوازناً نفسياً؟
مهّدت قيادتنا الرشيدة الطريق للإماراتية لتكون القوة الدافعة لبناء مجتمع صحي ومزدهر، هذا الإلهام دفعها إلى تحقق الموازنة بين طموحاتها المهنية، والتزاماتها الأسرية، ومسؤولياتها الاجتماعية، ليجعل وجودها الفاعل في المجتمع أكثر وعياً، وقدرة على مواجهة تحدّيات العصر، بثقة وحكمة.
ما الطموحات التي تسعين لتحقيقها مستقبلاً في هذا المجال؟ وهل تخططين لدمج تخصصك الجامعي مع تدريبك في الاستشفاء؟
طموحي أن أصبح جسراً بين الطب والوعي النفسي، وأن أسهم في تطوير منظومة صحية شاملة تعالج الإنسان من جسده وروحه، معاً، فأنا أؤمن بأن دمج تخصصي الطبي مع خبرتي في الاستشفاء العاطفي والتنمية الذاتية هو المفتاح لتحقيق ذلك، وأطمح إلى أن أكون من الأوائل في هذا المجال على المستويين، المحلي والدولي.
ما الرسالة التي توجهينها للإماراتية التي ترغب في ترك بصمة مختلفة رغم تعدّد مسؤولياتها؟
لا تدعي كثرة المسؤوليات توقفك عن تحقيق أحلامك، أنتِ قادرة على صنع الفرق، مهما كانت التحديات، وعليك أن تبدئي بخطوات ثابتة، وثقي بأن كل جهد تبذلينه اليوم هو استثمار في مستقبلك، ومستقبل وطنك.