17 أغسطس 2025

مايد عمر «شيخ السعادة»: فرحة الناس بالورود صادقة وعفوية

محررة في مجلة كل الأسرة

مجلة كل الأسرة

بينما يتبادل الناس التهاني والورود والابتسامات عبر منصات التواصل الاجتماعي، اختار الطفل الإماراتي مايد عمر، أن ينشر الفرح بين الناس بوسائل واقعية بسيطة، لكنها عميقة الأثر، ليحصد لقب «شيخ السعادة»، جزاء ما قدمه من كلمات طيّبة، وابتسامات صادقة، حاملاً الوردة كرسالة حياة، ومبادرة تمتد من قلبه إلى قلوب الآخرين.

في حواره مع «كل الأسرة»، نتعرف أكثر إلى قصة مايد الذي قرّر أن يملأ الشوارع بهجة، وأن يواجه الهموم بابتسامة، والمواقف الصعبة بوردة، حاملًا معه رسالة مفادها أن السعادة لا تحتاج إلى ثروات أو مناصب، بل إلى نية صادقة، وقلب ينبض بالمحبة:

مجلة كل الأسرة

ما الذي ألهمك لتُصبح معروفاً بلقب «شيخ السعادة»؟

منذ نعومة أظفاري، كنت دائماً أشعر بسعادة غامرة عندما أرى الناس يبتسمون. نشأت في بيئة أسرية تُقدّر الكلمة الطيبة، وتُعلّم أن الابتسامة في وجه الآخرين صدقة. لقد تعلّمت من والديّ أن أبسط الأفعال قد تترك أعظم الأثر. ومع مرور الوقت، أصبحت أُدرك أن لدي شغفاً حقيقياً بنشر الإيجابية. ومن هنا، قررت أن أشارك هذه السعادة التي أحملها في قلبي مع أكبر عدد ممكن من الناس، من خلال توزيع الزهور والكلمات الطيبة والابتسامات الصادقة.

مجلة كل الأسرة

كيف كانت بدايتك مع هذه المبادرة؟ وما هو شعورك عندما رأيت ردود الفعل الإيجابية من الناس؟

بداية المبادرة كانت نابعة من فكرة بسيطة جداً، خطرت ببالي مع حلول شهر رمضان المبارك: «لماذا لا أبدأ بتوزيع الورود مع ابتسامة صادقة على وجهي لمن أقابلهم؟»، لم تكن الخطة كبيرة، أو معقدة. لكن المفاجأة كانت في ردود الفعل. لم أكن أتوقع حجم التفاعل الجميل الذي تلقيته. كانت فرحة الناس صادقة وعفوية، وعندما رأيت الابتسامات ترتسم على وجوههم، أدركت حينها أن كل جهد بذلته، وكل لحظة تعب عشتها، أصبحت لا تُقارن بلحظة واحدة من ذلك الشعور الجميل.

هل هناك شخص، أو موقف معيّن كان نقطة التحوّل التي دفعتك إلى الاستمرار في نشر البهجة والإيجابية؟

بكل تأكيد. ما زلت أذكر لحظة خاصة أثرت في نفسي كثيراً، حين كنت أقف في أحد الأماكن العامة، وقرّرت أن أُقدّم وردة لرجل مسنّ لم أكن أعرفه. فوجئت بعينيه وقد امتلأتا بالدموع، وهو يبتسم، ثم قال لي: «منذ سنوات لم يُهدِني أحد شيئاً». هذا الموقف بالذات شكّل منعطفاً في حياتي، فقد أيقنت أن ما أفعله ليس بسيطاً كما كنت أعتقد، بل هو رسالة فيها الكثير من الأمل والإنسانية. هذا النوع من التفاعل جعلني أتشبث أكثر برسالة السعادة، وأحرص على الاستمرار فيها.

مجلة كل الأسرة

كيف تختار الأشخاص الذين توزع عليهم الزهور؟ وهل لديك جدول يومي ثابت لهذه الجولات؟

لا أختار الأشخاص بطريقة محدّدة، أو مدروسة، فالمبادرة نابعة من إحساس لحظي. في بعض الأحيان، أرى في وجه شخص ما شيئاً يخبرني أنه بحاجة إلى ابتسامة، أو ربما إلى كلمة طيّبة، فأقترب منه وأهديه وردة. وأحياناً، أكون قد خططت مسبقًا للذهاب إلى مكان معين، لكن كثيراً ما تكون جولاتي عفوية، تنبع من إحساسي بالناس من حولي. أنا أؤمن بأن السعادة الحقيقية تُولد من اللحظات البسيطة، وغير المتوقعة.

ما هي أصعب التحدّيات التي واجهتها خلال رحلتك في نشر السعادة؟ وكيف استطعت تجاوزها؟

من أصعب ما واجهته خلال هذه الرحلة هو الشعور أحياناً بأنني لا أستطيع أن أُغيّر مزاج كل من أقابله. فبعض الناس يمرّون بظروف صعبة قد لا تخففها وردة، أو ابتسامة. كنت أشعر أحياناً بالإحباط، لكنني تعلّمت أن أُذكّر نفسي: «لو تمكنت من إسعاد شخص واحد فقط، فهذا بحد ذاته إنجاز عظيم». تجاوزت التحدّيات بالإصرار، وبإيماني بأن الأثر الإيجابي لا يُقاس بعدد الناس، بل بصدق المشاعر.

ما هو شعورك عندما ترى تأثير الأفعال الصغيرة التي تقوم بها في مزاج الآخرين؟

إنه شعور لا يمكن وصفه بالكلمات. أحياناً، عندما أُهدي أحدهم وردة، أو أُبادر بابتسامة، أرى في عينيه دهشة ممزوجة بالفرح، وأشعر كأنني أنا من تلقّى الهدية، وليس العكس. السعادة، كما أقول دائماً، تُشبه العدوى الجميلة، تنتقل من شخص لآخر، وتخلق جواً من الأمل لا يُضاهى.

كيف ترى دور الأطفال والشباب في نشر السعادة والإيجابية داخل المجتمع؟

أرى أن الأطفال والشباب هم الطاقة المتجدّدة في أي مجتمع. إذا تعلّم الطفل منذ صغره أن يُقدّم الخير ويُشارك الآخرين البهجة، فإنه سيكبر وهو يحمل هذه الروح، ويُصبح مصدر نور في محيطه. أما الشباب، فهم القادرون على تحويل المبادرات الصغيرة إلى حركات مجتمعية مؤثرة، لأن لديهم الحماس، والقدرة على التواصل، والتأثير في الآخرين.

ما هي الرسالة التي تودّ توجيهها لكل من يرغب في أن يصبح مصدراً للفرح في بيئته؟

رسالتي بسيطة: لا تنتظر الظروف المثالية، ولا تتردّد. ابدأ بخطوة صغيرة، بكلمة طيبة، بابتسامة، أو بمساعدة شخص محتاج. ليس من الضروري أن تكون لديك إمكانات كبيرة لتُسعد من حولك. الأثر الحقيقي يكمن في النية الصادقة، وفي الإحساس بالآخرين.

مجلة كل الأسرة

كيف كان تفاعل المجتمع والمسؤولين مع مبادرتك؟

الحمد لله، كان التفاعل أكثر مما توقعت. لقد شعرت بسعادة كبيرة عندما حظيت بلقاء الشيخ راشد بن حميد النعيمي، الذي استقبلني بكل تواضع وشجعني على الاستمرار. كلماته كانت مصدر دعم كبير لي، وجعلتني أشعر بأن ما أفعله له قيمة حقيقية في المجتمع، وأن هناك من يُقدّر هذه الجهود.

ما هي خططك المستقبلية لتوسيع مبادرة «جولة السعادة»؟

أُخطط لتوسيع المبادرة لتشمل كل إمارات الدولة، ولا أستبعد أن تتجاوز الحدود، ربما إلى دول أخرى. هدفي أن تصل رسالة «جولة السعادة» إلى كل مكان في العالم، وأن يُصبح نشر البهجة أسلوب حياة للجميع.

هل تحلم بأن تتحوّل هذه المبادرة إلى نموذج عالمي يُحتذى به؟

بالتأكيد. هذا أحد أحلامي الكبرى. أُريد أن أُثبت أن السعادة ليست محصورة في الإمكانات، أو الظروف، بل في النيّة والعمل. وإذا تمكن كل إنسان من تطبيق هذه الفكرة بطريقته الخاصة، فسنُحدث فرقاً حقيقياً في هذا العالم.

مجلة كل الأسرة

كيف توفّق بين دراستك ونشاطك في نشر السعادة؟

التوفيق بين الدراسة والمبادرة يحتاج إلى تنظيم جيّد للوقت. أحرص على إنهاء واجباتي الدراسية أولاً، ثم أخصص وقتاً للجولات. كلا الأمرين هام بالنسبة لي، وأؤمن بأن النجاح الحقيقي هو في التوازن بين المسؤوليات والشغف.

لو طُلب منك أن تلخّص فلسفة «شيخ السعادة» في نصيحة قصيرة للأطفال، فماذا تقول لهم؟

أقول لهم: «كونوا لطفاء دائماً، قولوا كلمة طيبة، وساعدوا من حولكم حتى بأبسط الأشياء، لأن هذه التفاصيل الصغيرة قد تصنع فرقاً كبيراً في حياة شخص ما».

ما هو الشيء الذي يُسعدك في يومك حتى لو لم تقم بجولة السعادة؟

مجرّد وجود أهلي وأصدقائي حولي، وابتساماتهم، تُعطيني شعوراً بالرضا والامتنان. هذه اللحظات البسيطة هي وقود سعادتي اليومي.