14 أغسطس 2025

ميس الحجري: الوصول لقمم الجبال ليس النهاية بل بداية لاكتشاف الذات

محررة في مجلة كل الأسرة

مجلة كل الأسرة

بين القمم الشاهقة والمواقف الخطرة، بين ضغوط الحياة اليومية وصخب مواقع التواصل الاجتماعي، نجحت ميس الحجري في خلق توازن حقيقي يعكس شخصيتها العفوية، وإصرارها القوي، كأحد النماذج النسائية العربية التي كسرت الصورة النمطية لخوض التحدّيات التي طالما ارتبطت بالرجال، حيث حملت ميس رسالة حيّة بأن الشغف يمكن أن يتحوّل إلى أسلوب حياة ملهم، عبر تسلقها للجبال، وتمرسها في القفز بالمظلات، والرماية، لتصبح رمزاً للإصرار والإيمان بالذات.

مجلة كل الأسرة

وفي هذا الحوار، تتحدث متسلقة الجبال ميس عن بداياتها، تحدّياتها، ودورها كمصدر إلهام للكثيرات ممن يحلمن بكسر القيود، والانطلاق نحو المجهول، فقد تسلقت كليمنجارو أربع مرات، ووصلت إلى معسكر قاعدة إيفرست، وحققت إنجازات على جبال مثل أكونكاجوا، إلبروس، مونتي روزا، راينير، بيكر، وجبل شمس في عمان، وفي القفز بالمظلات، تجاوزت الـ200 قفزة حرة، وتمتلك رخصتي A وB الدولية في القفز المنفرد، وتحمل شهادة IPSC، كما تحمل أيضاً شهادات دولية كمدربة معتمدة منNASM، إلى جانب شهادة الإنعاش القلبي والإسعافات الأولية، وتُمارس الرماية باستخدام البنادق، أو المسدسات، أو بنادق الهواء.

مجلة كل الأسرة

كيف بدأت رحلتك مع تسلق الجبال والرياضات الخطرة؟ وهل كنتِ دوماً تميلين إلى التحدّيات؟

أنا بطبيعتي فضولية، وأحب المغامرة، وأعشق التحدّي، وكانت البداية عندما تعرفت إلى مجموعة من هواة تسلق الجبال، وكان لديهم شغف غير عادي بهذه الرياضة، وانتقل إلي هذا الشغف، وبالتالي قلت لنفسي لماذا لا أجرب تسلق الجبال؟ فأنا أحب التحدّي، وأحب أن يتحدّاني أي شخص.

مجلة كل الأسرة

ما اللحظة الفارقة التي شعرتِ فيها بأن هذه ليست هواية فقط، بل أسلوب حياة ورسالة؟

كما أخبرتك سابقاً، أنا أعشق التحدّي، وعلى الرغم من كل الصعوبات التي واجهتها خلال رحلتي الأولى في تسلق الجبال، فإن الشعور بالإنجاز والفخر عند إتمام الرحلة، جعلني أدرك تماماً أن التغلب على التحدّيات جزء من شخصيتي، وأنني احتاج دائماً إلى خوض تحدّيات جديدة، وبالتالي، أصبحت تلك الرياضات جزءاً من شخصيتي، وأسلوب حياتي، وليس مجرّد هواية فقط.

مجلة كل الأسرة

ما نوع الاستعداد الذهني والبدني الذي يتطلبه كل من التسلق، القفز بالمظلات، والرماية؟

بشكل عام، يجب أن يتحلى الشخص بالإرادة، والعزيمة، والتصميم، وأن يكون في منتهى التركيز، عقلياً ونفسياً وجسدياً، وأقول لكل محب للمغامرة «إذا لم تكن في قمة التركيز لتحقيق هدفك فسوف تفقد توازنك».

مجلة كل الأسرة

هل واجهتِ مواقف خطرة خلال مغامراتك؟ وكيف تتعاملين مع الخوف في تلك اللحظات؟

بالطبع، واجهت الكثير من المواقف الخطرة، لأن تلك الرياضات فيها مغامرة وخطورة، لكن كل موقف تعلمت منه الكثير، وأفادني، وزاد من خبراتي، كما أنني امتلك إيماناً قوياً بربي، ثم بنفسي، وهذا الإيمان «لا يهتز مهما حدث».

كيف تتغلبين على الصورة النمطية أو الأحكام المسبقة تجاه المرأة في رياضات كهذه؟

أنا أركّز على تحقيق أهدافي فقط، والانتقادات أو الأحكام المسبقة تزيدني إصراراً وعزيمة، وبمعنى أصح، أنا أتجاهل أيّ تعليقات سلبية، أو انتقاد غير بناء، وأقول لكل امرأة «لديك كل الحق في أن تعيشي حياتك كما تريدين، فلا تنظري إلى الخلف، ولا تلتفتي إلى الانتقادات غير البنّاءة».

مجلة كل الأسرة

كيف توفّقين بين حياتك الشخصية، ومشاريعك على الـ«سوشيال ميديا»، وشغفك بالمغامرة؟

لا توجد معادلة محدّدة لتحقيق هذا التوازن، لكن ما تشاهدونه على صفحاتي في مواقع التواصل الاجتماعي هو انعكاس حقيقي لحياتي اليومية.

لديكِ أكثر من 225 ألف متابع على «إنستغرام»، كيف تحافظين على محتوى يلهم ويتفاعل في الوقت نفسه؟

كما أخبرتك سابقاً، ما تشاهدونه على صفحاتي الشخصية في مواقع التواصل الاجتماعي هو حياتي الحقيقية، وأنا أرفض تماماً إضافة «بهارات» من أجل إلهام الآخرين، فالعفوية وعدم التصنع هما المفتاح الحقيقي للنجاح، والجمهور قادر على التفريق بين الحياة الطبيعية، وبين المزيفة المتضخمة.

ما أكثر رسالة أثّرت فيك من أحد متابعيك؟ وهل شعرتِ يومًا بأنكِ مسؤولة عن تمثيل نمط حياة معين؟

هناك رسالة أثرت فيّ بشكل كبير، عندما قالت لي واحدة من متابعاتي «ميس، إن شاء الله يوم أكبر أريد أن أصبح مثلك لأنك قدوتي»، ومن يومها حملتني تلك الرسالة الكثير من المسؤولية، وشعرت بأنني يجب أن أخذ ذلك في الاعتبار، في جميع التصرفات التي أقوم بها في حياتي.

مجلة كل الأسرة

تقولين إن «القمة ليست مجرّد وجهة، بل بداية لاكتشاف الذات»، ماذا وجدتِ في نفسك بعد كل قمة؟

عندما وصلت لأول قمة اكتشفت نفسي، وماذا أستطيع أن أفعل في حياتي، وبمعنى أصح، اكتشفت قدراتي الحقيقية، وأصبحت الرؤية لديّ واضحة ومكتملة، بمعنى «أين أنا الآن؟.. وإلى أين أريد أن أصل»، ومن يومها فكل قمة أصل إليها اكتشف وأتعلم أشياء جديدة.

كيف ترين دور المرأة العربية اليوم في مجالات كانت حكراً على الرجال؟ وما رسالتك للفتيات اللواتي يخفن المغامرة؟

أرى أن المرأة قادرة على خوض كل المجالات، وعلى رأسها المجال الرياضي، بخاصة رياضات المغامرة، ولا أؤمن بأن هناك مجالاً بعينه حكر على الرجل، وقد نلت الكثير من التشجيع والدعم من الرجال، أكثر من الانتقاد، ورسالتي لكل امرأة وفتاة «لا تتوقفي، وحققي طموحك، فكل مغامرة سوف تجعلك تكتشفين جوانب خفية في شخصيتك».

مجلة كل الأسرة

ما المغامرة القادمة على قائمتك؟ وهل هناك قمة أو تحدٍ تحلمين بتحقيقه قريباً؟

إن شاء الله، أريد تسلق أعلى جبل في العالم، والوصول إلى قمة إيفرست، وأنا بالفعل تسلقت 3 من أعلى 7 قمم للجبال في العالم، واطمح إلى أن أتسلق الـ4 الآخرين، وهدفي ومغامرتي القادمة تتعلق بالوصول إلى قمة إيفرست، وبعد ذلك سوف اتجه لتعلم الطيران، والحصول على رخصة طيار.

هل تفكرين في إطلاق مبادرات أو برامج تدريبية لتمكين النساء في هذه الرياضات؟

أنا حالياً أعمل بالفعل، على إطلاق «بودكاست» موجهاً في الأساس لكل شخص يريد البدء بتعلم رياضات المغامرة، مثل تسلق الجبال، والقفز بالمظلات، والرماية، والهدف توعية النساء بهذه الرياضات، وتشجيعهنّ على خوض هذا المجال، واعطائهنّ نصائح لكيفية البدء، وفي الوقت نفسه، فأنا اعمل على إطلاق برامج ودورات للنساء والفتيات في ما يتعلق بالتدريب الشخصي.