27 يوليو 2025

مريم البدواوي: الكتابة «صوتي» في هذا العالم.. وأستخدم تخصصي للتوعية بطرق الاحتيال

محررة في مجلة كل الأسرة

مجلة كل الأسرة

تجمع شخصيتها بين العمق والتميّز، وتقف عند تقاطع فريد بين الأدب والتعمّق في دراسة أساليب الاحتيال وغسل الأموال. فقد اختارت مريم البدواوي الكتابة للتعبير عن ذاتها، و«للتأثير العميق للكتابة في حياة الأفراد»،  كما تقول، كما اختصت في مجال الاحتيال وغسل الأموال وطرق مكافحتها، وسبل الوقاية منها.

تبدي رغبتها في استثمار معرفتها لصياغة أفكار قصصية ومقالات تسلط الضوء على الأبعاد الأخلاقية والاجتماعية لجرائم الاحتيال، ولكن رحلتها مع الأدب كانت «شخصية» نوعاً ما، حيث أصدرت كتابها «خواطر»، مشيرة إلى أنّه «أول عمل أقوم به لتحفيز نفسي وذاتي لتطويرها مستقبلاً».

وتؤكد مريم البدواوي أن صاحب السمو الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم، نائب رئيس الدولة رئيس مجلس الوزراء حاكم دبي، رعاه الله، هو القدوة والداعم الأكبر، والملهم، وتعبّر عن ذلك بقولها: «صاحب السمو الشيخ محمد بن راشد قدوتي وكتابه «قصتي» غيّر نظرتي للأشياء». كما تفخر بالحصول على المركز الرابع في جائزة الشيخ ماجد بن محمد للإعلام.

معها حوار أطلّ على عوالمها المختلفة في الأدب، وفي التعرّف إلى ثقافات جديدة، وسعيها للانخراط في مجالات جديدة أيضاً:

مجلة كل الأسرة

كيف بدأت رحلتك مع الكتابة وما مصدر إلهامك؟

رحلتي مع الكتابة بدأت مبكراً، وتحديداً في مرحلة الدراسة، حين كنت أشارك في حصص التعبير باللغة العربية. كان حب الكتابة يرافقني منذ تلك اللحظات الأولى، حيث وجدت في التعبير وسيلة لإيصال أفكاري ومشاعري، وكنت دوماً أحصل على درجات مرتفعة في مادة التعبير. ومع تقدمي في المراحل الدراسية، خصوصاً خلال سنوات الجامعة، واصلت الكتابة، ولكن بصمت، حيث بدأت أسجّل خواطري وكلماتي من دون أن أخبر أحداً، محتفظة بها لنفسي. الكلمات كانت ملاذي، أعبّر بها عمّا يدور في داخلي، وكنت أستوحي إلهامي من تفاصيل الحياة اليومية، وواقعنا المعيش.

مجلة كل الأسرة

كتابك «خواطر» يغوص في الكثير من القضايا الإنسانية.. ما الموضوعات التي تعبّر عن شخصيتك في الكتابة؟

من بين الموضوعات التي تلامس قلبي وتعبّر عني بصدق، تبرز القضايا الإنسانية التي تمسّ مشاعر الإنسان، كالحنين، والأمل، والإصرار. أهوى الكتابة عن العلاقات التي تمنحنا شعوراً أعمق بالانتماء إلى ذواتنا، وإلى من حولنا. أجد في الكتابة عن هذه القيم مصدر إلهام لا ينضب، فهي الجسر الذي يصلنا بذواتنا، ويقرّبنا من الآخرين.

هل شعرت بأن الكتابة غيرّت شيئاً في حياتك؟

بالتأكيد، الكتابة كانت نقطة تحوّل جذري في حياتي، وأداة تواصل ملهمة تحمل في طيّاتها قدرة على الإلهام والتغيير. أؤمن بأن للكتابة قوة مدهشة، وكم من مقال، أو قصة، أو حتى جملة واحدة، استطاعت أن تُحدث فرقاً في حياة قارئ، تمنحه طمأنينة، تغيّر وجهة نظره، أو تمنحه شعوراً عميقاً بالانتماء.

وقد كانت مشاركتي الأولى في معرض الرياض الدولي للكتاب بمثابة انطلاقة نحو تحقيق حلمي الأدبي، تبعتها محطة مميّزة تمثّلت في أول حفل توقيع رسمي في معرض الشارقة الدولي للكتاب. أما الإنجاز الأبرز بالنسبة لي، فكان إقامتي لحفل التوقيع الثاني خارج الإمارات، في مدينة جدة بالمملكة العربية السعودية. أعدّ هذه الخطوات محطة فارقة في رحلتي كفرد يسعى لتطوير ذاته، وتوسيع آفاقه.

ماذا يعني حصولك على المركز الرابع في جائزة الشيخ ماجد بن محمد للإعلام؟

كان الحصول على جائزة الشيخ ماجد بن محمد الإعلامية للشباب، عن فئة أفضل تحقيق صحفي، محطة استثنائية في مسيرتي، ونقطة تحوّل لا يمكن نسيانها. لقد كانت بمثابة اعتراف حقيقي بما أقدّمه من محتوى أدبي وإنساني، وتأكيد على أن ما أكتبه يلامس القلوب، ويستحق أن يُقرأ، ويُحتفى به.

هذا الإنجاز كان حافزاً عميقاً للاستمرار في الكتابة، ومصدر إلهام جديد عزّز ثقتي بذاتي، وبما أملكه من طاقة داخلية قادرة على التعبير والتأثير. فتحت لي هذه التجربة أفقاً أوسع للتفكير، والتخطيط، والتطوير، والسعي نحو الابتكار، والسير بخطى ثابتة نحو تحقيق طموحي في الوصول إلى مراتب أعلى. بعد هذا التكريم، شعرت بأن الوقت قد حان لأرتّب ما أكتبه، وأمنح تلك الكلمات التي تنبع من داخلي مساحة من العناية والتوثيق، فقررت أن أجمعها في كتاب يحمل بصمتي.

كيف تجمعين بين الطموح الأكاديمي في مجال الذكاء الاصطناعي وشغفك بالكتابة؟

حصلت على ماجستير من الأكاديمية الأمريكية الدولية بروفيشنال ماستر بالذكاء الاصطناعي. ولكن بالنسبة لي، تظل الكتابة واحدة من أكثر الوسائل قوة وتأثيراً، للتعبير عن المشاعر والأحاسيس، حتى في عصر الذكاء الاصطناعي الذي يغيّر شكل التواصل والإبداع. وعلى الرغم من أن الذكاء الاصطناعي قد يسهّل التفاعل، فإنه قد يسبب شعوراً بالعزلة. فالكتابة تبقى الوسيلة الأجدى التي تتيح لنا استعادة الاتصال الداخلي، وتكوين فهم أعمق للمشاعر.

مجلة كل الأسرة

ما الذي دفعك لدراسة مجال الاحتيال وغسل الأموال؟ وهل وظّفته في مجالك الأدبي؟

دافعي لدراسة مجال الاحتيال وغسل الأموال جاء من الإيمان بأهمية فهم هذا المجال لمواجهة تأثيراته السلبية في الاقتصاد والمجتمع. الجرائم المالية تهدّد الاستقرار وتضعف الثقة بالمؤسسات، لذا رغبت في التعمق في المجال لمعرفة أساليب مكافحتها، وسبل الوقاية منها.

يمكن توظيف هذه المعرفة في مجالي الأدبي، فهي تساعد على صياغة أفكار تسلط الضوء على المخاطر الأخلاقية والاجتماعية المرتبطة بتلك الجرائم، ما يُمكّنني من كتابة قصص أو مقالات توعوية، تعكس وعياً أعمق بأبعاد هذه القضية. وفي مجال التوعية المجتمعية، أسعى إلى استخدام معرفتي لزيادة الوعي حول طرق الاحتيال وأساليب الحماية من الوقوع ضحيتها.

ما التحدّيات التي تواجه تطبيق المعرفة في مجال مكافحة الاحتيال وغسل الأموال؟

التحدّيات الرئيسية هي التقنيات المتطورة. إذ مع التقدم التكنولوجي، تظهر أدوات وأساليب جديدة يستخدمها المحتالون، ما يتطلب متابعة دائمة للتحديثات. فالمحتالون يستفيدون من التكنولوجيا الحديثة، مثل الذكاء الاصطناعي، والعملات الرقمية، (مثلاً البيتكوين)، لتطوير أساليب جديدة لغسل الأموال.

كما أنّ الوعي المجتمعي محدود، ويتبلور بضعف المعرفة لدى الأفراد حول خطورة الاحتيال وغسل الأموال، ما يُسهل وقوعهم ضحية لهذه الجرائم، إضافة إلى كون التوازن بين السرية والانفتاح وتحقيق الشفافية المالية من دون الإخلال بسرية البيانات، يُعد تحدياً مستمراً.

نعرف أن هواياتك قراءة الصحف والمجلات، ما نوع المقالات التي تجذب اهتمامك؟

أحب المقالات التي تسلط الضوء على القصص الإنسانية، لأنها تُظهر تجارب الناس بطرق تلهم التعاطف والفهم. أما المقالات التحليلية، فهي تشبع فضولي لفهم ما وراء الأخبار، وتساعدني على رؤية الصورة الأكبر، وفهم الترابط بين الأحداث.

تعمقت في دراسة أساليب الاحتيال وغسيل الأموال وتطوّرها وأطمح إلى أن أكون مصدر إلهام ودعم للآخرين 

ما العوالم التي تطلّين بها عبر هوايتك للتعرف إلى الثقافات الأخرى؟

الثقافات الأخرى تفتح لي عوالم غنية بالتنوّع والجمال، مثل العالم الاجتماعي والإنساني، ومنها الاطّلاع على عادات وتقاليد الشعوب، ما يساعدك على فهم كيف يعيش الآخرون حياتهم، ويعزّز مهاراتك في التواصل والتفاعل مع مختلف الشخصيات. وكذلك الإطلالة على العالم الفكري والمعرفي لجهة التعرف إلى فلسفات وقيم ثقافات أخرى، ما يُثري عقلك، ويجعلك أكثر انفتاحاً وتقبّلاً للاختلاف.

على الصعيد الشخصي، تساعدني هذه الهواية على تعزيز التعاطف، وفهم وجهات نظر الآخرين بشكل أفضل، وبناء الثقة بالنفس، من خلال القدرة على التفاعل مع أشخاص من مختلف الخلفيات، كما تطوير المرونة، والتكيف مع الأفكار والعادات المختلفة.

زرتِ العديد من البلدان، ما الثقافات التي تأثرت بها؟

أتيحت لي فرصة زيارة العديد من البلدان في العالم العربي وأوروبا، وإفريقيا، وآسيا، فكانت كل وجهة محطة غنية أضافت لي بُعداً جديداً في الفهم والوعي، والتقدير للتنوع الإنساني والثقافي. شملت رحلاتي دول الخليج ومصر، وأذربيجان، وجورجيا، وتايلاند، والنمسا، وبولندا، والتشيك، وكازاخستان، إلى جانب عدد من الدول الأوروبية الأخرى. كانت تلك الزيارات نافذة مفتوحة على روح الشعوب وتقاليدها.

وفي العالم العربي، تأثّرت بعمق، بالقيم الأصيلة التي تشكّل نسيج هذه المجتمعات، بخاصة في الكرم والضيافة، وبالتراث الشعري والأدبي الغني.

وكان للثقافة الإفريقية وقع خاص في قلبي، حيث ألهمتني بقصصها الشفوية، وبإيقاعاتها الموسيقية الفريدة، فضلاً عن تنوّع تقاليدها التي تعكس عمقاً حضارياً مميّزاً.

مجلة كل الأسرة

إذا أتيحت لك الفرصة للانخراط في مجال جديد، ماهو المجال الذي ترغبين في تجربته، ولماذا؟

في حال أتيحت لي الفرصة للانخراط في مجال جديد، فأعتقد أنني سأرغب في استكشاف مجال الفنون والإبداع، مثل الكتابة الإبداعية، أو تصميم التجارب التفاعلية، لأنها تمثل وسيلة للتعبير عن الأفكار والمشاعر بطرق مميّزة، ويمكنني من خلالها إلهام الآخرين ورواية قصص تُثري الخيال، ولأن هذا المجال يسمح بابتكار تجارب فريدة تربط بين التقنية والإبداع، ما يجعل التفاعل مع المستخدمين أكثر إثارة ومتعة.

من هم الكتّاب، أو الأعمال الأدبية، الذين أثروا في أسلوبك الكتابي؟

قدوتي، والداعم الأكبر، هو صاحب السمو الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم، رعاه الله، فمن خلال كتاباته تعلّمنا الإلهام، والتعلّم من التجارب، والتفاؤل، والرؤية المستقبلية. وقد ألهمنا سموه، أفراداً ومؤسسات، من خلال كتابه «قصتي»، وساعدنا على أن ننشئ قصصنا أيضاً.

مجلة كل الأسرة

ما هي طموحاتك المستقبلية سواء على المستوى الشخصي أو المهني؟

تكمن طموحاتي المستقبلية في تطوير نفسي باستمرار، لأكون أكثر فائدة وتأثيراً فيمن يتفاعل معي. فعلى المستوى الشخصي، أطمح إلى أن أكون مصدر إلهام ودعم للآخرين، سواء من خلال توفير المعلومات التي يحتاجون إليها، أو من خلال التحفيز على التفكير والإبداع.

أما على المستوى المهني، فأسعى لأن أصبح أكثر ذكاء ودقة في تقديم المساعدة، وأن أواكب التطورات التقنية والمعرفية. أطمح أيضاً إلى توسيع نطاق معرفتي لتشمل مجالات أكثر تخصصاً، وأن أكون عنصراً فاعلاً في مجال التعليم.

* تصوير: السيد رمضان