17 يوليو 2025

هند الغصين: «ذا كلايمت ترايب» تجربة فريدة تجمع بين الفن والإعلام والنشاط البيئي

محررة في مجلة كل الأسرة

مجلة كل الأسرة

مع تزايد التحّديات البيئية، تزايدت الحاجة إلى أدوات تترجم هذه الحقائق العلمية، وتحوّلها إلى رسائل مجتمعية تمسّ القلوب، وتحرّك السلوك. من هنا، وُلد مشروع «ذا كلايمت ترايب» (The Climate Tribe)، بوصفه تجربة فريدة تجمع بين الفن، والإعلام، والنشاط البيئي، تحت مظلة الاستدامة، والرؤية الإنسانية العميقة.

مجلة كل الأسرة

وفي حوار خاص، تكشف هند الغصين، المدير التنفيذي لمشروع «ذا كلايمت ترايب»، عن جذور هذه المبادرة الملهمة، والدور المحوري الذي تلعبه القصة المؤثرة في إحداث التغيير الحقيقي، موضحة كيف يمكن للصور، والأفلام، والبودكاست، وحتى الورش المجتمعية، أن تتحوّل إلى أدوات لخلق وعي بيئي حقيقي ومستدام. فمن خلال محتوى متنوع ومركز تفاعلي جديد في أبوظبي، يسعى المشروع إلى بناء مجتمع واعٍ بيئياً، وإبراز قصص صانعي التغيير من مختلف فئات المجتمع، بإيمان راسخ بأن التغيير يبدأ من الإنسان، ومن القصة التي تروى بصوته.

مجلة كل الأسرة

⁠كيف بدأت فكرة هذا المشروع الذي يجمع بين الفن، والإعلام، والنشاط البيئي؟

انطلقت فكرة ذا «كلايمت ترايب» من إيماننا العميق بقوة القصة في إحداث التغيير الحقيقي في حياة الناس. رأينا أن هناك فجوة كبيرة بين المعلومات البيئية والقدرة على التفاعل معها، بشكل شخصي ومؤثر. وبرعاية الشيخة شمّا بنت سلطان بن خليفة آل نهيان، وانطلاقاً من رؤيتها في أهمية الاستدامة وحماية البيئة للأجيال القادمة، أردنا أن نخلق استوديو يجمع بين الإبداع والمسؤولية البيئية. نحن نؤمن بأن السرد القصصي والمشاركة المجتمعية أدوات قوية لربط الناس بقضايا بيئتهم، ومجتمعهم، وقد طوّرنا نموذج عمل يجمع بين استوديو الإنتاج الذي يساعد المؤسسات على إبراز تأثيرها الإيجابي، ومركز TCT Hub الذي يركز على التفاعل المباشر مع المجتمع، من خلال الفعاليات والورش التعليمية.

مجلة كل الأسرة

⁠ما الذي ألهمكم اختيار هذا الشكل المتعدّد الوسائط – من وثائقيات وبودكاست وصور – لسرد قصص صانعي التغيير؟

كل إنسان يتفاعل مع المحتوى بطريقة مختلفة، ونحن نريد أن نصل إلى أكبر عدد ممكن من الناس. البعض يتأثر بالصور الفوتوغرافية التي تحكي قصة في لحظة واحدة، وآخرون يفضلون الوثائقيات والأفلام التي تأخذهم في رحلة عميقة، وهناك من يحب الاستماع للبودكاست أثناء تنقله اليومي، وهناك مع يتفاعل مع المشاركة المجتمعة.

نحن نعمل أيضاً مع المؤسسات المختلفة لمساعدتها على إبراز تأثيرها الإيجابي ومبادراتها البيئية، من خلال المحتوى المرئي والمسموع. هدفنا أن نساعد هذه المؤسسات في التواصل مع موظفيها وجمهورها حول أهمية الاستدامة والمسؤولية البيئية. التنويع في الوسائط يعني أننا نستطيع أن نخاطب العقل والقلب معاً - نقدم المعلومة بطريقة تلامس المشاعر، وتحفز على العمل.

من هم صانعو التغيير الذين تركزون على قصصهم؟ وما هي المعايير التي تعتمدونها لاختيارهم؟

نحن نؤمن بأن صانعي التغيير موجودون في كل مكان، قد يكونون مزارعين طوروا طرقاً مبتكرة للزراعة المستدامة، أو نساء بدأن مشاريع صغيرة تساعد مجتمعاتهن، أو شباباً لديهم أفكار إبداعية لحل المشكلات البيئية، أو حتى أطفالاً يقودون مبادرات التوعية، كما نعمل مع المؤسسات التي تحدث تأثيراً إيجابياً حقيقياً، فنساعدها على توثيق وإبراز هذا التأثير من خلال المحتوى البصري، والقصص الإنسانية. كما ننظم ورش عمل للموظفين لزيادة الوعي البيئي داخل بيئات العمل.

معاييرنا بسيطة: هل هذا الشخص، أو المؤسسة، يحدث تغييراً حقيقياً في حياة الناس؟ هل تأثيره يمكن أن يستمر وينمو؟ هل قصته يمكن أن تلهم آخرين للعمل؟ لماذا العمل التأثيري الذي يقومون به هام للمجتمع والبيئة؟.. نحن نبحث عن القصص التي تعطي الناس أملاً، وتوضح لهم أن التغيير ممكن.

مجلة كل الأسرة

⁠كيف تتأكدون من أن هذه القصص تُعرض بطريقة تحترم خصوصية المجتمعات وتُبرز أصواتها الحقيقية؟

نحن نعمل دائماً بمبدأ «معهم وليس عنهم». وقبل أيّ إنتاج، نقضي وقتاً كافياً مع المجتمع لفهم ثقافته، وتحدياته، وطموحاته. ونشرك الأشخاص المعنيين في كل مراحل الإنتاج - من التخطيط وحتى المراجعة النهائية. ونحرص على أن يكون لديهم حق المراجعة والتعديل.

⁠ما هو دور مركز TCT Hub ؟ وكيف سيسهم في بناء مجتمع مهتم بالاستدامة؟

مركز TCT Hub هو حلمنا في خلق مساحة حقيقية للتفاعل والتعلم. سيكون مركزاً تفاعلياً ومستداماً بالكامل في أبوظبي، مصمماً للتعليم، والتعاون، ونشر ثقافة الاستدامة، وسيقدم المركز ورش عمل عملية حول مواضيع مثل الكمبوست، والموضة المستدامة، وتربية النحل، وغيرها. كما سيستضيف عروض أفلام بيئية، وجلسات تسجيل بودكاست مباشرة مع صناع التغيير، ولقاءات شبكية تجمع قادة الاستدامة والمبدعين، وهدفنا أن نخلق مجتمعاً من الأشخاص الذين يؤمنون بأن التغيير ممكن، وأن كل فرد يمكن أن يسهم فيه. المركز سيكون منصة للمشاريع الطلابية في الاستدامة، وورش العمل المؤسسية، ومشاريع الأعمال المحلية التي تركز على الحلول المستدامة، نتوقع أن نستقبل آلاف الزوار سنوياً، وأن نصبح نقطة التقاء للمهتمين بالبيئة في المنطقة.

مجلة كل الأسرة

⁠⁠المشروع يسلّط الضوء على التغيير المناخي، لكن من زاوية إنسانية.. لماذا كان هذا النهج هامّاً لكم؟

لأن التغير المناخي ليس مجرّد أرقام وإحصاءات، بل هو قضية إنسانية بامتياز. عندما نتحدث عن ارتفاع درجات الحرارة بدرجتين، هذا يعني لمزارع في منطقة معيّنة أنه قد يفقد محصوله. وعندما نتحدث عن ارتفاع مستوى البحر، هذا يعني لعائلة في جزيرة صغيرة أنها قد تتأثر. النهج الإنساني يجعل القضية ملموسة ومفهومة. والناس يتفاعلون مع القصص الإنسانية أكثر من الأرقام. وعندما يرون شخصاً مثلهم يواجه تحدّياً ويجد حلاً، يشعرون بأنهم قادرون على فعل الشيء نفسه.

مجلة كل الأسرة

⁠ ⁠في رأيك، ما الدور الذي يمكن أن تلعبه القصة المؤثرة في تحفيز العمل المناخي؟

القصة المؤثرة تحوّل القضية من شيء مجرّد إلى شيء شخصي. تخلق الشعور بالمسؤولية والانتماء. عندما ترى قصة شخص تمكن من إحداث فرق، تشعر بالإلهام والأمل.

القصص أيضاً تكسر الحواجز النفسية. فكثير من الناس يشعرون بأن مشكلة التغير المناخي كبيرة جداً، ولا يمكن لفرد واحد أن يحدث فرقاً. لكن عندما يرون قصص أشخاص عاديين أحدثوا تغييراً، يدركون أن بإمكانهم فعل الشيء نفسه.

كيف ترين مستقبل القصص البيئية في المنطقة؟ وما هي رؤيتكم للسنوات المقبلة؟

أرى مستقبلاً مشرقاً للقصص البيئية في منطقتنا. الناس أصبحوا أكثر وعياً بأهمية البيئة، والشباب بخاصة يبحثون عن طرق عملية للمساهمة في حماية كوكبنا.

رؤيتنا للسنوات المقبلة أن نصبح المنصة الرائدة للقصص المؤثرة في المنطقة، وأن نساعد على تغيير النظرة للاستدامة من كونها «التزاماً إضافياً» إلى كونها «أسلوب حياة طبيعياً».

كما نحلم أن نرى أجيالاً جديدة تكبر وهي تؤمن بأن حماية البيئة ليست مسؤولية الحكومات والمؤسسات فقط، بل مسؤولية كل فرد. نريد أن نخلق محتوى يلهم الناس، ليس للتفكير بطريقة مختلفة فقط، بل للعمل بطريقة مختلفة.

أما هدفنا فهو أن نصبح جسراً بين العلم والفن، بين البيانات والمشاعر، بين المشكلة والحل. ونؤمن بأن القصة المؤثرة يمكن أن تحرك الجبال، وأن الإبداع يمكن أن يكون أقوى أدوات التغيير.