26 يونيو 2025

العمل «فري لانسر».. فكرة انطلقت من المقاهي إلى مساحات العمل المشتركة

محررة في مجلة كل الأسرة

مجلة كل الأسرة

في زمن تغيرت فيه أنماط العمل بشكل جذري، لم يعد المكتب التقليدي هو الخيار الوحيد لإنجاز المهام. فقد ظهر جيل جديد من المهنيين، يعرفون بـ«الفري لانسرز» أو العاملين المستقلين، الذين كسروا القيود الزمانية والمكانية، واختاروا أن يمارسوا أعمالهم من أماكن غير اعتيادية مثل المقاهي، أو الشواطئ، أو مساحات العمل المشتركة التي وُجدت خصيصاً لتلبية احتياجاتهم. هذا النمط الحر من العمل لم يمنحهم فقط مرونة في الوقت والمكان، بل أتاح لهم أيضاً بيئة تحفيزية ومُلهمة بعيداً عن روتين المكاتب المغلقة. ومع تزايد أعداد المستقلين حول العالم باتت ثقافة «العمل من أي مكان» واقعاً ملموساً يُعيد تشكيل مفهوم الإنتاجية والنجاح المهني.

مجلة كل الأسرة

وهنا تتباين آراء الشباب اليوم بشأن بيئة العمل المثالية، ففي حين يرى البعض أن العمل من أماكن حرة ومتنوعة مثل المقاهي أو المساحات المفتوحة يمنحهم:

  • دفعة من الإبداع والتجدد.
  • الحرية والمرونة وتغيير الأجواء باستمرار.
  • فرصة تعزيز إنتاجيتهم وكسر رتابة الروتين.
مجلة كل الأسرة

يرى آخرون أن الأفضل الالتزام بمكان ثابت، مثل المكاتب التقليدية أو مساحات العمل المشتركة الدائمة، التي بحسب رأيهم تتمتع بعض المميزات، مثل:

  • الشعور بالانتماء والاستقرار.
  • المقومات المهنية التي توفّر بيئة أكثر جدية.
  • زيادة نسبة التركيز والتنظيم.
  • تعزيز الشعور بالهوية المهنية والانتماء لفريق أو هدف مشترك.
مجلة كل الأسرة

العمل في أماكن متعددة يحسن الإنتاجية

تقول كنزي محمد، التي تعمل بشكل حر في مجال التصميم والإعلام، إنها خاضت تجربة العمل من أماكن متعددة، بدءاً من المنزل وصولاً إلى المقاهي العامة، وتوصلت إلى أن هذا الأسلوب يمنحها مرونة كبيرة في التنقل وتنظيم وقتها، وتوضح: «أكثر ما أقدّره في العمل الحر هو إمكانية تغيير مكاني حسب الحاجة، فمثلاً أحياناً أختار مقهى هادئاً إذا كان لديّ اجتماع فيديو، أو أعمل من مساحة مشتركة إذا احتجت للتركيز لساعات طويلة. هذا التنوع ساعدني على تحسين إنتاجيتي والتأقلم بسهولة مع جدول عملي المتغيّر».

مجلة كل الأسرة

استئجار مساحة عمل مشتركة

من جهتها، ترى مريم سالم، رائدة أعمال مبتدئة، أن طبيعة عملها لا تتطلب التزاماً يومياً بمكتب دائم، بل تعتمد بشكل أساسي على وجود مكان مناسب لاستقبال العملاء أو عقد الاجتماعات، وتقول: «أستأجر مكتباً في إحدى مساحات العمل المشتركة كلما احتجت للقاء عميل، لأنها تمنح انطباعاً مهنياً لائقاً وتعكس الجدية والمصداقية، وهو أمر مهم خاصة في المراحل الأولى من بناء الثقة. أما في بقية الوقت فأفضّل العمل من المنزل أو من أي مكان يتيح لي التركيز والمرونة في إدارة وقتي».

العمل من المنزل يوفر الوقت والمال

أما فادي أوزون، المتخصص في مجال العلاقات العامة، فيؤكد أن نموذج العمل الهجين هو الأنسب بالنسبة له، لأنه يحقق التوازن الذي يحتاجه بين الحياة الشخصية والمهنية «العمل من المنزل يمنحني فرصة ثمينة لقضاء وقت أكبر مع العائلة، كما يخفف من التكاليف اليومية مثل المواصلات والطعام. في المقابل، الوجود في المكتب مهم جداً لتعزيز الجانب الاجتماعي، والتفاعل المباشر مع الزملاء والعملاء، وهو عنصر أساسي في مهنتنا التي تعتمد على العلاقات والاتصال الفعّال».

مجلة كل الأسرة

وفي هذا السياق، تبين ملك سميجكالوفا، المديرة الأولى في كلاود سبيسز، «بدورنا نعزز تشكيل مستقبل العمل في المنطقة، من خلال مساحة العمل كلاود سبيسز فاونتن فيوز دبي مول، في وسط مدينة دبي النابض بالحياة، وقد صُمّمت هذه المساحة بجميع تفاصيلها لرفع مستوى الإنتاجية وتعزيز التوازن بين العمل والحياة الشخصية، بدءاً من المكاتب الخاصة وشبه الخاصة المجهّزة بالكامل، وغرف الاجتماعات وقاعات العمل المشتركة للتعاون بين الزملاء، وصولاً إلى استوديوهات تسجيل البودكاست، حيث صُمّمت هذه المساحة المتطوّرة لتسجيل البودكاست بجودة عالية وتلبية احتياجات صانعي المحتوى».

مجلة كل الأسرة

وتضيف ملك سميجكالوفا «لقد لاحظنا الطلب المتزايد على بيئات العمل المرنة وذات التصميم المتطوّر التي تستوفي معايير الضيافة وتجمع ما بين الراحة والإحساس بالانتماء إلى مجتمع، حيث تركّز مساحة عمل كلاود سبيسز على خدمة الكونسيرج من خلال اختبار العمل في مجتمع تعاوني، مثل استضافة اجتماعات موظفي الشركات وحفلات إطلاق المنتجات، وفعاليات التواصل الاجتماعي، كما تضمّ مساحة العمل أيضاً العديد من غرف الاجتماعات، وقد صُمّمت جميعها بشكل مثالي لاستيعاب مختلف أحجام وأنواع مجموعات العمل».

مجلة كل الأسرة

في النهاية، يعكس تنوّع أماكن العمل اليوم تغيّراً عميقاً في مفاهيم الإنتاجية والالتزام، خصوصاً لدى جيل الشباب الذي بات يختار ما يناسب نمط حياته وطبيعة عمله، سواء كان من شاطئ هادئ، أو مقهى نابض بالحياة، أو مساحة عمل مشتركة، المهم هو تحقيق التوازن بين الراحة والمهنية. وفي ظل تطوّر أدوات العمل الرقمي، لم تعد الجودة تُقاس بمكان المكتب، بل بقدرة الفرد على الإنجاز والتواصل الفعّال أينما كان.