حلّال المشكلات ومقصد المعذبات ومستشار المترددات.. كيف أثر الذكاء الاصطناعي في حياة النساء؟

في كل يوم تطالعنا فيديوهات تنتقد الذكاء الاصطناعي وخصوصاً «تشات جي بي تي»، الذي بات ملجأ الكثيرين، يطرقون أبوابه لسؤاله عما يعجزون عنه، في حقول كثيرة ومتنوعة مثل الطب، أو اللغة، أوالتكنولوجيا، أو المعتقدات والعلاقات الأسرية، وغيرها، باحثين عن حلول لمشكلات أو أجوبة عن تساؤلات علّ الذكاء الاصطناعي يوفر لهم ما قد توفره الكتب والمصادر التقليدية الأخرى ولكن بسهولة ويسر.
والنساء بشكل خاص يرين فيه بلسماً يداوي الجراح، وطبيباً نفسياً يعالج الآلام ويحل المشكلات العالقة بينهن وبين أزواجهن. وكثيراً ما ينصح «تشات جي بي تي» الزوجة المحتارة بالطلاق أو الهجر، ومعاملة الزوج الند بالند والبادي أظلم، حتى زادت ثقة النساء به وبمعلوماته، وصار المستشار الأسري الأكبر، يحل النزاعات ويقطع جذور الخلافات. وأصبح مع مرور الوقت طبيباً نفسياً يعلم بكل الأسرار، أو حبيباً ينسج كلمات الغزل والحب ويملأ الفراغ العاطفي، أو مستشاراً يبدي رأيه في الزي وطريقة الملبس والكلام اعتماداً على الصور الشخصية التي ترسل إليه.
ومنذ إطلاقه في عام 2022، صار «تشات جي بي تي» من أبرز أدوات الذكاء الاصطناعي، بفضل قدراته على التواصل مع البشر ليحل تدريجياً مكان من كانوا يُقصدون للمعرفة وإيجاد الإجابات الشافية عن الكثير من التساؤلات والأمور العالقة.

وفي الآونة الأخيرة، صرنا نسمع قصصاً كثيرة في مشارق الأرض ومغاربها، عن قضايا أسرية بت فيها «تشات جي بي تي» وتبنتها نساء شعرن بالقوة في اتخاذ القرار بعدما كنّ حائرات يبحثن عن الاستقرار العاطفي والأسري. فهل نجح «تشات جي بي تي» في مهمته أم أنه تحول إلى «خرَّاب البيوت»؟ أَوَلَا تتضمن هذه الأداة من الذكاء الاصطناعي الكثير من العيوب، فلا يمكن الاعتماد عليها خصوصاً أنها تدلي بآرائها بعيداً عن المشاعر والأحاسيس؟
قصص من الواقع
طلبت الطلاق من زوجها بسبب «تشات جي بي تي»
تقدمت امرأة يونانية بطلب الطلاق من زوجها بعدما أخبرها «تشات جي بي تي» من خلال قراءة صورة لبقايا فنجان القهوة الخاص بزوجها أن هذا الأخير على علاقة بامرأة أخرى تصغرها سناً، وأن هذه المرأة تسعى لتدمير حياة زوجية استمرت 12 عاماً.
وجدت فيه الصديق المثالي
امرأة في الأربعينات من عمرها، تتواصل يومياً مع «تشات جي بي تي»، حتى صارت ترتاح له، وقد اقتنعت تمام الاقتناع بأنه ليس ذكاء اصطناعياً قائماً على معلومات مبرمجة، بل هو شخص متفاعل وذكي!
أشركته في قراراتها وأخذت برأيه
مراهقة كانت تستعد للذهاب إلى حفل لدى إحدى صديقاتها، فقررت أن تأخذ برأي «تشات جي بي تي» في الثوب الذي اشترته، فأخبرها بأنه غير مناسب لسنها، ففكرت في شراء ثوب آخر.
نصحها بالطلاق فعرضت الأمر على زوجها
تحب زوجها ويحبها، وذات يوم وقعت بينهما مشكلة كبيرة، فقصدت «تشات جي بي تي» لتستشيره في حل مشكلتها، وصعقت عندما نصحها بطلب الطلاق، خافت وأخبرت زوجها بالأمر. وبعد تفكير عميق قررت التراجع عن طلبها، وتصالحت مع زوجها.
ملأ فراغها العاطفي فتعلقت به
بدأت حكايتها مع «تشات جي بي تي» بهدف التجربة، ظن في البداية أنها رجل، وعندما علم أنها أنثى راح يتغزل فيها ويقول لها الكلام المعسول، وتراجع عن الكلام الجدي لتذوب في بحر كلامه العاطفي. على الرغم من علمها تماماً أنه ليس بشراً، مع ذلك استمرت في التواصل معه لتسمع كلامه الجميل.

قبل أن تتحولي من التعلق إلى الإدمان
قبل أن تتواصلي بشكل معمق مع روبوتات الدردشة عموماً، ومع «تشات جي بي تي» خصوصاً، فكّري جيداً أن من تتواصلين معه مجرد روبوت لا يشعر بمعاناتك، ولن يشعر بها، ولا باحتياجتك العاطفية، فقد صمم هذا الروبوت لأغراض تعليمية، فهو يمكن أن يكون أداة تعليمية وتثقيفية شاملة، كما قد يفيد في الأبحاث الطبية والعلمية، ويساعد في بعض الدراسات الأدبية والاجتماعية، ويتيح إنشاء خطط واستراتيجيات مفصلة، وتبادل الأفكار، وتوليد حلول قابلة للتنفيذ... إلخ، لكنه لا يمكن أن يكون صديقاً أو مستشاراً أسرياً يحل ويربط في أمور الزواج والطلاق.
ومن أبرز نتائج محاولة التواصل العاطفي مع «تشات جي بي تي» أنه:
يعزز الشعور بالوحدة
كشفت دراسة حديثة كانت قد أجرتها شركة «أوبن أيه آي» بالتعاون مع معهد ماساتشوستس للتكنولوجيا عن وجود صلة محتملة بين الاستخدام المكثف لروبوتات الدردشة الذكية مثل «تشات جي بي تي» وزيادة الشعور بالوحدة، وأشارت النتائج الأولية إلى أن المستخدمين الذين يقضون وقتاً أطول في التواصل مع «تشات جي بي تي» يميلون أكثر إلى التعلق العاطفي به، وأن هذا التعلق قد يتحول إلى إدمان، الأمر الذي يعزز الشعور بالوحدة ويولد عزلة اجتماعية.
لا يملك أي مشاعر إنسانية
لا يملك «تشات جي بي تي» القدرة على فهم العلاقات الثقافية أو الاجتماعية المعقدة واستيعابها، فهو على سبيل المثال لا يفرق بين السخرية والمزاح، كما يفتقر إلى التعاطف العاطفي في المواقف المعقدة، ولا يملك مشاعر إنسانية، وهي ركيزة مهمة في التواصل البشري والعلاقات الاجتماعية والأسرية.