على الرغم من الحراك الثقافي النشط، والتبادل الحضاري المتنوّع الذي تعيشه دولة الإمارات، تظلّ الهوية الوطنية والأصالة ركيزتين أساسيتين في بناء المجتمع، وتعزيز تماسكه. فمع استقبال الدولة لمختلف ثقافات العالم، واحتضانها فعاليات تعكس غنى الحضارات، وتعدّدها، يزداد الوعي بأهمية الحفاظ على الجذور، والاعتزاز بالتراث المحلي.
فقد شهد نادي سيدات الشارقة فعالية مميّزة، استعرضت جوانب متنوّعة من الثقافة الصينية، تماشياً، واحتفاء بعام المجتمع 2025 الذي أطلقته دولة الإمارات، لتعزيز قيم التفاهم والاندماج الثقافي، وسط أجواء من الفنون التقليدية، والعروض الموسيقية، إلى الحرف اليدوية، والمأكولات الشعبية، وسط أجواء احتفالية تفاعلت معها الزائرات، الأمر الذي عزز لديهنّ الشعور بالفخر والاعتزاز بثقافاتهنّ، وعادات بلدانهنّ القديمة والأصيلة، حيث وجدن في التنوع الثقافي منصة للاحتفاء بالجذور والتقاليد، وتبادل الخبرات مع ثقافة عريقة، كالثقافة الصينية، ما يعكس روح التسامح والتنوّع التي تتميّز بها الشارقة.
استمتعت شمس، وسلمى، بالعديد من التجارب الثقافية الممتعة، عبر العديد من ورش عمل متنوّعة، مثل صناعة الفوانيس الصينية التي أتاحت لهما التعبير عن إبداعاتهما، حيث اكتشفتا أن التعرف إلى ثقافات الآخرين لا يُضعف الانتماء، بل يعزّزه، وتعلمتا من ثقافات الشعب الصيني، الذي يحتفظ بالشكل التقليدي لأدوات الزينة الخاصة بالمناسبات المختلفة، الأمر الذي زاد ارتباطهما بثقافتهما الأصلية، وشعرتا بالمسؤولية تجاه نقلها لأبنائهما في المستقبل.
كما عبّرت الطالبة عايشة بدر عن سعادتها بالمشاركة في اليوم الثقافي الصيني، مشيرة إلى أن التجربة ألهمتها الاعتزاز أكثر بثقافة الإمارات الغنية، وأكدت أن الاطّلاع على حضارة كالصين التي تمتد لآلاف السنين، يجعل الإنسان يقدّر أهمية تعريف الآخرين بتاريخه، وهويته الوطنية، تماماً كما يفعل الصينيون في إبراز إرثهم الحضاري.
بينما عبّرت شيماء محمد عن إعجابها الشديد بجمال اللغة الصينية، خصوصاً فن كتابة الحروف، ووصفتها بأنها «لوحات فنية» تعكس روح الثقافة الصينية، وتاريخها الطويل، وأشارت إلى أن تعلّم هذا الفن منحها شعوراً بالتميز، والتقدير لجماليات اللغة المكتوبة، الأمر الذي يميز شعب الإمارات الذي أتيحت له الفرصة لهذا الانفتاح، والتبادل المعرفي، وتعلّم المزيد من الثقافات للشعوب التي تعيش في الإمارات، كي نتقارب أكثر، ويحقق عام المجتمع أهدافه بأن نكون جميعاً كياناً واحداً.
وأخيراً، تحدثت نورة سالم عن شغفها بالأزياء الصينية التي تشبه المخور الإماراتي من ناحية اختيار الألوان الزاهية، والورود الرائعة، وأكدت «باتت هذه الفعاليات وسيلة لمعرفة أصل الأشياء في كل بلد، فأنا أحب المطبخ الصيني، وتنوّع أطباقه، مثل النودلز، الأرز المقلي، والدامبلينغ الصيني، إضافة إلى المشروبات المنعشة. ولديّ حلم بإنشاء مطعم يقدم أكلات من ثقافات مختلفة حول العالم، ليكون مساحة تجمع النكهات والتقاليد في مكان واحد، يعكس روح التعايش والانفتاح على العالم».
وفي تصريح لها، أكدت أميرة العامري، رئيس قسم الفعاليات في نادي سيدات الشارقة، أهمية المهرجان قائلة: «إن تنظيم مهرجان الصين يأتي انطلاقاً من حرص النادي الدائم على تقديم فعاليات تثري الوعي الثقافي، وتوفر مساحة ممتعة وتفاعلية لزائراتنا. كما يعكس هذا الحدث التزامنا برسالة أوسع، تهدف إلى تعزيز التفاهم والتقارب بين الثقافات، انسجاماً مع رؤية «عام المجتمع» التي تسعى إلى ترسيخ قيم الاحترام والتنوّع في دولتنا.»