22 أبريل 2025

«آرت دبي» و«وورلد آرت دبي».. ملتقى إبداعات العالم وسحر الفن الرقمي

محررة في مجلة كل الأسرة

مجلة كل الأسرة

تشهد الساحة الفنية في دبي حراكاً نشطاً ومتجدّداً مع انطلاق سلسلة من المعارض الفنية المرموقة، وفي مقدمتها «آرت دبي»، و«وورلد آرت دبي». هذان الحدثان البارزان يستقطبان نخبة الفنانين والمبدعين من شتى أنحاء العالم، ليقدّموا أحدث إبداعاتهم التي تعكس تنوّعاً وغنى في الأساليب، والمدارس الفنية. وتأخذ الأعمال الرقمية مكانة لافتة ضمن هذه المعارض، مبشرة بمستقبل يدمج التكنولوجيا بالإبداع الفني في آفاق جديدة.

مجلة كل الأسرة


شمل معرض «آرت دبي»، المعرض الفني الدولي الرائد في منطقة الشرق الأوسط، بدورته لعام 2025، مشاركة واسعة ومتميزة لأكثر من 120 عرضاً فنياً، تمثّل 65 مدينة، من خمس قارات، إلى جانب برنامج طموح الذي ضم تكليفات وأعمالاً فنية تركيبية مبتكرة، وسلسلة من الحوارات والمؤتمرات، إضافة إلى مجموعة من الفعاليات الخاصة التي سلطت الضوء على المشهد الفني المعاصر والرقمي.

مجلة كل الأسرة

مشهد فني يجسد عالمية المعرض وروح المدينة

وقد احتفت النسخة التاسعة عشرة من «آرت دبي» بالفنان الإماراتي محمد كاظم، حيث قدم عملاً تركيبياً يضع دبي في قلب الخريطة، بينما تتناثر إحداثيات عالمية على شاشات تفاعلية تدعو الزوار ألى الانغماس في مشهد يجسد عالمية المعرض، وروح المدينة. تحيط بالمشهد جدران ثلاثية الأبعاد من الإحداثيات الثابتة، وتتداخل بانسيابية مع حركة الأمواج المتدفقة عبر الشاشات الرقمية، معززة إحساساً بالتقارب، والاتصال اللامحدود. وأوضح محمد كاظم، أن هذا العمل بتكليف من جوليوس باير، وضمن محور «مدن المستقبل»، ويعكس تدفق الموارد الطبيعية والسيولة، وترابط الشواطئ البعيدة، محاكياً مسيرة دبي نحو المستقبل كمركز عالمي.

عمل فني مستلهم من مدينة العلا

كما شهدت الدورة هذا العام من «آرت دبي» العديد من الأعمال الفنية الشابة، فقد قدمت الفنانة السعودية دانيا الصالح، عملاً رقمياً مميزاً أطلقت عليه اسم «شمس»، مستلهماً من منطقة العلا التي تتميز بوفرة العقيق، وقامت بجمعه، وطحنه، وإضافته إلى لوحاتها، لتعزيز أسطورة تجمع بين العقيق والشمس، لتنتج عملاً تجريدياً يجسد شروق الشمس.

مجلة كل الأسرة

مفهوم الواقع المعزز يصبح مرآة تعكس دواخلنا

أما الفنان محسن حضرتي، من إيران، فقد وصف تجربته بأنها ليست مجرّد عمل فني؛ بل رحلة استكشافية مستمرة، يغوص فيها في أعماق الأدب الفارسي العريق، ويمزجه بسحر التقنيات الرقمية المعاصرة، ويقول «هنا في هذا المشروع، أعيد تصور مفهوم الواقع المعزز ليصبح مرآة تعكس دواخلنا. كل تفاعل هو بمثابة لحظة فريدة، تتشكل بنوايانا، أحاسيسنا، فالبعض يظن أن الفن يسعى للتنبؤ بالمستقبل الغامض، ولكن في الحقيقة هو يدعو إلى رحلة استبطان، وتأمل عميق، لاكتشاف كنوز الذات الكامنة».

مجلة كل الأسرة

خلق عمل فني يتجاوز مجرّد الجمال البصري

الفنان الإيطالي ميتو مندلي، وجد في مخلفاتنا الإلكترونية كنوزاً دفينة تنتظر إعادة الاكتشاف. حيث أوضح أن عمله الفني الأخير «بمثابة حوار مرئي بين الماضي الصناعي، وحاضرنا الرقمي، مُجسداً على سطح سجاد تقليدي يحمل في طيّاته حكايات أخرى. هذه القطع، التي كانت يوماً ما، جزءاً حيوياً من حياتنا اليومية، تحمل الآن بصمات الاستهلاك السريع، والتطوّر التكنولوجي المتلاحق. ومن خلال تجميع هذه الأجزاء المهملة بعناية فائقة، وإعادة تركيبها على هذا النسيج العريق، أسعى إلى خلق عمل فني يتجاوز مجرّد الجمال البصري، الذي يجمع بين القطع الرقمية والمادية، والعمل دعوة صامتة إلى التأمل في دورة حياة الأشياء».

مجلة كل الأسرة

تلتقي فيها ثقافات متنوّعة لتنسج حكايات فريدة

وفي جولة «كل الأسرة» في معرض «وورلد آرت دبي»، المنصة الحيوية التي تجمع بين الإبداع والابتكار، التقينا بعدد من الفنانين الذي استخدموا عناصر فنية، معاصرة وحديثة، فقد شاركت ميرلي سالت، من لبنان، بمجموعة «ريفيري» وتناولت في حديثها قطعة «أسس متغيّرة»، وتوضح «هي بمثابة غوص عميق في تلك المنطقة الشاعرية التي تتداخل فيها الذاكرة مع الحاضر، حيث تتمازج أصداء الماضي مع إحساسنا بالوجود الآني، في فضاء يتسم بالهدوء والتحوّل المستمر. نشأت وترعرعت في مدينة نابضة بالحياة، تلتقي فيها ثقافات متنوّعة لتنسج حكايات فريدة، وأجد أن هويتي تتشكل باستمرار بتأثير الأشخاص الذين ألتقيهم على امتداد رحلتي».

مجلة كل الأسرة

تجسيد صادق لمعنى العطاء

أما اسم «وورلد أوف دوريه» فقد حمل من خلال مشاركته «وورلد آرت دبي»، نفحات من الجمال الآسر، والرؤى الفنية المتفردة. ومن جهته، يتحدث فائق موتيوالا، المؤسس والمدير الإبداعي لـ «وورلد أوف دوريه»، عن مشاركته قائلاً «إنها المشاركة الأولى لنا في هذا العرس الفني البهيج، حيث نكشف النقاب عن مختارات بديعة من إبداعاتنا، قطع فنية آسرة تتجاوز حدود المألوف. إنها ليست مجرّد حليّ، أو منحوتات صامتة، بل هي تجسيد حيّ للمشاعر الإنسانية العميقة، ومزج ساحر بين سحر الطبيعة الخالدة ولحظات الحياة الثمينة، ومن بين روائعنا المعروضة، تبرز تحفتان فنيتان لهما في القلب مكانة خاصة: الأولى تحمل اسم «The Offering» وهي تجسيد صادق لمعنى العطاء، بكل ما يحمله من نبل وسمو، أما الثانية، فتحمل اسم «Ephemeral Touch» وهي لحن بصريّ يعزف على أوتار المشاعر الشاعرية الرقيقة، مستكشفة هشاشة الروابط الإنسانية، وعذوبة اللحظات العابرة».

مجلة كل الأسرة

مواكبة أحدث التقنيات

تخصص الفنان سارافانان من أستراليا، في تصميم لوحات، وجداريات، ورسومات تخطيطية، تُفصل خصيصاً لتزيّن جدران المنازل، والشركات، والأماكن العامة، ليضفي لمسة فريدة من الإبداع على كل زاوية وركن «نسعى دائماً لمواكبة أحدث التقنيات والاتجاهات في عالم الرسم. هذا التفاني في الابتكار هو الوقود الذي يغذي شغفنا، ويضامن بقاء أعمالنا خالدة ومعاصرة، في آن معاً، من خلال تحويل المساحات الصامتة، وإيقاظ المشاعر الدفينة، عن طريق فن سرد القصص، والتصميم المتقن».

مجلة كل الأسرة

ترجمة عبق التاريخ لأعمال فنية خالدة

أما الفنانة الفلسطينية ميس الراس فتجد في فن الـ«ميكس ميديا»، وسيلتها الأمثل لتروي حكايات فلسطين العتيقة «من خلال لوحاتي أعيد إحياء صور من الماضي، عبر مزيج فريد من الخامات والألوان. في كل لوحة، أسعى جاهدة لترجمة عبق التاريخ، ملامسة تفاصيل الحياة اليومية التي عاشها أجدادنا على هذه الأرض المباركة. أجمع بين قصاصات القماش المطرز بأيدي نساء فلسطينيات أصيلات، وبين لمسات من الألوان الزيتية والأكريليك التي تحاكي ألوان ترابنا وسمائنا. أضيف أحياناً صوراً فوتوغرافية قديمة، كشاهد صامت على زمن مضى، وربما أدمج خيوطاً أو معادن بسيطة ترمز إلى صلابة شعبنا، وعمق جذوره. من خلال هذا التداخل الفني، أحاول أن أعكس هوية فلسطين الغنية بتراثها، المتميّزة بعمارتها الأصيلة، بأزيائها التقليدية، وبحكايات أهلها التي تتناقل عبر الأجيال. كل عمل فني هو بمثابة نافذة تطل على فلسطين الأبيّة، تحتفي بجمالها، وروحها التي لا تنكسر».