10 أبريل 2025

بسمة الظنحاني: جمال الخط العربي يكمن في عين الفنان وبراعة أنامله

محررة في مجلة كل الأسرة

مجلة كل الأسرة

اتخذت من الخط العربي وجماليّاته ساحة للتعبير عن إبداعاتها، تعلّقت به منذ الصغر، بعد أن أحبّت الخط الديواني، لتبدع في رسم حروفه بدقة، وإتقان. طموحها، وما تأمل الوصول إليه، يتلخّص في أن تكون خطّاطة إماراتية متميّزة لها إسهامات، محلية وعالمية، في فن الخط.

نلتقي بسمة الظنحاني، الفائزة بجائزة الإمارات للسيدات ـ فئة الثقافة والفنون، لنتعرف أكثر إلى هوايتها وشغفها بتعلّم أسرار الخط العربي وفنونه:

مجلة كل الأسرة

بدأ تعلّقك بالخط منذ الصغر، حدّثينا عن هوايتك ومن أثار شغفك لإتقان فنونها في الكِبر؟

تعلّقي بالخط العربي بدأ منذ الصغر، فعندما كنا صغاراً في المرحلة الابتدائية كانت أختي الكبرى تعلّمنا كيف نحسّن خطّنا، وتعلّق دوماً على أنه لكوننا بنات، لابد أن يرتبط بنا كل ما هو جميل وأنيق، حتى ما نخطّه بالقلم لابدّ أن يكون كذلك، وهذا ما جعلني ألتفت إلى هذا الشيء، وأتذكّر كيف كنت أهتم بتدريب نهاية كل درس في كتاب اللغة العربية والخاص بالتطبيقات اللغوية، وإعادة كتابة جمله بخط النسخ، أو الرقعة، أو الثلث، وغيرها، وهذا التدريب كان هامّاً بالنسبة لي، عكس بعض زميلاتي اللواتي كنّ يجدن صعوبة في إنجاز هذا السؤال، واستمرت هوايتي تلك معتمدة على اجتهادي الشخصي، وظل يراودني شعور بأهمية البحث عن مكان أتعلم فيه فنون الخط العربي.

أين وجدت ضالّتك، ومتى بدأت رحلتك مع الفن البصري؟

كنا نفتقر آنذاك إلى المراكز التي تهتم بتعليم الفنون البصرية، وعندما فتحت أكاديمية الفجيرة للفنون الجميلة، كنت من أوائل المتقدمين، لتبدأ أجمل رحلات حياتي مع جمالية الحروف العربية، وتعلّمت كيف يتم الوصل بين حرف وآخر، لأكوّن كلمة تحمل ملامح جميلة، ومن كلمات أكوّن جملة، ومن جملة أكوّن سطراً، لتكون المحصلة لوحة بديعة أتباهى بها بكل فخر.

مجلة كل الأسرة

هل يأتي عليك وقت تمسكين بالقلم وتحارين في ما تكتبينه؟

الحيرة تراودني عندما أفكر في تنفيذ لوحة، وأظلّ أسأل نفسي: ماذا أخط؟ آية قرآنية؟، أم بيتاً من قصيدة؟، أم حكمة؟، وعند اختيار النص تبدأ حيرة من نوع آخر، مرتبطة بشكل النص، وأظلّ على هذا الحال حتى تأتي لحظة الانطلاقة، وأسرح بخيالي لرسم لوحتي، ولا أنتهي إلا بعدما أفرغ منها تماماً.

للخط العربي أشكال كثيرة، ما نوعية الخط الذي يعجبك شكله؟

الخط الذي تعلّمته وأتقنته هو الخط الديواني، وهو أكثر الخطوط التي تجذبني، والخط الآخر الذي أودّ تعلّمه هو الثلث، فهذان الخطان يملكان الحس الجمالي للحروف، وما ينتج عنهما ليس مجرّد لوحات جدارية، بل أكثر من ذلك بكثير.

مجلة كل الأسرة

ما نوع الدعم الذي يحتاج إليه فنان الخط العربي ويساعده على إبراز موهبته وإبداعه؟

يحتاج الفنان إلى التشجيع والتحفيز، ولا أحد يستطيع أن ينكر ما تبذله الجهات المختصة من دعم وتوجيه للفن، بجميع أشكاله، والمطّلع على الساحة الفنية في الدولة يجد هذا واضحاً في كمّ المعارض، الداخلية والخارجية، التي تقام، والورش، والدورات التدريبية، التي تصقل مواهب الفنان، وتبرزها، وتساعده على تطوير موهبته، وتسانده لتحقيق أهدافه التي يسعى إليها.

«أناملك قادرة على عمل إبداعات راقية» مقولة ثناء اعتبرتها بارقة تنير دربي في عالم الخط العربي

هل تتذكرين تعليق أحدهم على عمل أنجزته وأثر فيك حديثه؟

نعم، أتذكر مقولة أحدهم، وهي «أناملك قادرة على عمل إبداعات راقية، لأنك إنسانة مبدعة، والخيال والموهبة مغموسان في داخلك»، وعلى الرغم من بساطة الثناء، إلا أنني سعدت بهذا التعليق، واعتبرته بارقة تنير طريقي، وتشير إلى أنني على الطريق السليم.

ما الأجواء التي تجذبك للبدء بكتابة لوحة؟

يجذبني المكان الذي يملأه السكون، والموسيقى الهادئة التي تعطي للخيال فرصة للانطلاق، فهذه الأجواء تساعد حواسي على التركيز والإبداع.

جانب من أعمال الخطاطة بسمة الظنحاني
جانب من أعمال الخطاطة بسمة الظنحاني

هل لك أن تطلعينا على أحد أسرار عالم الخط العربي؟

السّر يكمن في عين الفنان، وبراعة أنامله، وكيف ينظر إلى الحرف وأبعاده، كأنه يؤلف له قصة من وحي خياله الإبداعي، ومن ثم يسردها بكل دقة، يستطيع أن يفهمها كل من يطلع عليها.

لك إضافات تزيد لوحاتك جمالاً، ما تفاصيلها؟

كنت أنظر إلى لوحاتي الخطّية وأقول: «هناك شيء ينقصك لتزدادي انبهاراً ورقيّاً»، وكنت أبحث بين لوحات الفنانين، وأرى بين أطراف الخط إطاراً يحيطها برسومات وهي الزخرفة، فقرّرت أن أتعلم هذا الفن لأضيفه إلى لوحاتي، وبدأت أزيّنها بالزخارف الراقية، التي أضافت إلى رسوماتي ما كنت أبحث عنه من جمال يبهر الناس، ويجذب البعض منهم لتعلّم الخط العربي.

أثناء إدارتها لإحدى الورش التعليمية
أثناء إدارتها لإحدى الورش التعليمية

إلى من تشعرين بالامتنان في ما وصلت إليه من تعلّم أصول الكتابة؟

الفضل يعود إلى ما كانت تزرعه أختي في داخلي، وحثها لي دوماً لكي أحسّن خطي، كما أدين بالفضل إلى أساتذتي الذين تعلمت منهم أصول الخط العربي، وجماليّاته، وكلما شاركت في دورة تدريبية، أو ورشة عمل، يزداد شكري وامتناني لهؤلاء الجنود الذين يقفون خلف الكواليس، لنظهر نحن حاملين راية الخط العربي البديع.

أثناء تكريمها في جائزة الإمارات للسيدات ـ فئة الثقافة والفنون
أثناء تكريمها في جائزة الإمارات للسيدات ـ فئة الثقافة والفنون

فزت بجائزة الإمارات للسيدات في نسختها العشرين، حدثينا عن هذا الإنجاز والأثر الذي تركه  في داخلك

أعتبر فوزي بجائزة الإمارات للسيدات، فئة الثقافة والفنون، إنجازاً كبيراً، وأتذكّر كم كنت متحمسة للمشاركة، وفي الوقت نفسه متوترة، لكوني أعبّر عن فن الخط العربي، والحقيقة أن هذه الجائزة شجعتني كثيراً، وأعطتني الحافز الأكبر على أن أمضي بخطوات ثابتة نحو المستقبل.

ما أكبر مشاركة لك وتعتبرينها نقطة هامّة في مشوارك؟

المشاركات كثيرة، ولكن أهمها كانت في أكبر معرض دولي على مستوى العالم لفن الخط العربي، وكان بدار الأوبرا المصرية، تحت رعاية وزارة الثقافة المصرية، ووجدت إشادة كبيرة بما أنجزته، وآخر مشاركة كانت في فبراير الماضي، بالدورة الرابعة لمهرجان الجبل الثقافي، الذي انطلق تحت شعار«حوار الإنسان والطبيعة».

مجلة كل الأسرة

«طموحي يتمحور حولي» مقولة تردّدينها، ما الذي تسعين لتحقيقه؟

عندما يضع الإنسان يده على ما يريد الوصول إليه، يكون المشوار هيّناً، والدرب ليّناً، وهذا ما شعرت به عندما أدركت ماذا أريد؟ وأين أبدأ؟ ومتى أنتهي؟، وطموحي هو الوصول بهوايتي إلى العالمية.