30 نوفمبر 2025

ماذا أفعل مع زوجتي المهووسة بتقليد حياة الفنانين والمشاهير؟... علماء المسلمين يجيبون

محرر متعاون

مجلة كل الأسرة

التقليد الأعمى للآخرين وباء نعانيه في مجتمعاتنا العربية، على مختلف المستويات. وفي ظل الانفتاح الإعلامي، وتناقل وسائل التواصل الاجتماعي لكل تفاصيل حياة المشاهير، تنخدع كثير من الزوجات بما يرينه في حياة بعض نجمات الفن، ويسعين إلى تقليدهنّ، ما يسبب مشكلات وأزمات أسرية كثيرة، قد تنتهي إلى أبغض الحلال عند الله.

السؤال الذي يفرض نفسه هنا: ماذا يفعل الزوج مع زوجته الشغوفة طوال الوقت بما تراه في حياة المشاهير، بخاصة الفنانات والممثلات؟

القدوة الحقيقة للمرأة

بداية، سألنا د. عفاف النجار، العميدة الأزهرية السابقة، عن مصادر القدوة الطيبة للزوجة العربية، فأجابت: «الزوجة الصالحة تستمد قدوتها من تعاليم وآداب دينها، والتقاليد الراسخة في بيتها، والتي ارتضاها الناس، فلا تقتدي بإنسانة ترتكب مخالفات شرعية، أو لا تلتزم بالآداب العامة المرعية، ولا تسير خلف إنسانة- مهما كانت شهرتها- تفعل شيئاً يصنّف في قوائم (العيب)».

وتضيف: «في حياة زوجات النبي، رضى الله عنهنّ جميعاً، كثير من القيم الفاضلة التي ينبغي أن تحرص عليها كل زوجة في بلادنا العربية والإسلامية، وفي حياة كثير من الرموز العلمية، والفكرية، والحضارية، الكثير والكثير مما ينبغي الحرص عليه، والاقتداء به، وكل سلوك يرفع من قيمة المرأة في نظر الآخرين عليها أن تحرص عليهن أو تقتدي به. وتحضّر المرأة ورقيها لا يقاسان بما تقلّده في حياة الآخرين، بل بما تقتنع به من قيم، وأخلاقيات، وسلوكات متحضرة».

وتشدّد العميدة الأزهرية على أن القيم الحضارية تجدها المرأة دائماً في الاحتشام والتفكير العلمي، والسلوك الإنساني الراقي، ومساعدة المحتاجين، وتربية أولادها تربية أخلاقية جيدة، وحماية علاقتها بزوجها من المتطفلين، والساعين إلى خراب البيوت.

سلوكات تجلب الإثم

أما عن التوصيف الشرعي للمرأة الشغوفة بحياة الفنانات والمشاهير، والحريصة على تقليدهنّ في حياتها العامة والخاصة، فتقول د. سعاد صالح، أستاذة الشريعة الإسلامية بالأزهر والعميدة الأزهرية السابقة: «الحكم الشرعي يختلف حسب نوعية السلوك الذي تقلّده المرأة، فإذا كانت تقلد سلوكاً شخصياً في الملابس التي تكشف العورات، أو السفه في التعامل مع نعِم الله، فهي بلا شك آثمة شرعاً، مثلها مثل أيّ إنسان يفعل ذلك. لكن لو كانت شغوفة بما تفعله الممثلة، أو المطربة، من سلوك راقٍ في التعامل مع البسطاء، والعطف على الفقراء، فهذا أمر طيّب تؤجر عليه بلا شك».

لكن، تؤكد الفقيهة الأزهرية أن الزوجة العاقلة تستمد قدوتها من مصادر تجلب لها الاحترام والتقدير داخل البيئة التي تعيش فيها، ومن أبرز معالم القدوة الطيبة – الإيمان بالله، والثقافة الواسعة، والتماس الصبر والقدوة الحسنة من نساء السلف الصالح، إلى جانب الثقة بالنفس التي تنبع من داخلها، من خلال شخصيتها، وعقلها، وقدرتها على الاعتماد على نفسها. فليس مطلوباً من المرأة أن تظل دائماً مقلّدة من نساء أخريات».

نصائح للزوجات

ما النصائح التي تقدم للزوجة المقلّدة للأخريات؟ تشرح د. عفاف النجار: «الزواج ميثاق غليظ بين الزوجين، يقوم على المودّة والرحمة والستر، والرضا بما قسمه الله للإنسان، زوجاً كان أو زوجة. ولذلك، على كل زوجة أن تكيّف حياة خاصة لها من دون النظر إلى الآخرين، فكل أسرة ينبغي أن تكون لها حياتها الخاصة المستمدة من ثقافتها وإمكاناتها، ولا يجوز إفشاء خصوصيات الحياة الزوجية، سواء على وسائل التواصل الاجتماعي، أو أي وسيلة أخرى، فهذا سلوك يخالف قيم وتعاليم الأديان السماوية».

وتضيف: «شغف الزوجة بحياة الممثلات والمشاهير لن يضاعف من ارتباط الزوج بزوجته، بل سيؤدي حتماً إلى ضعف الثقة بين الزوجين، ويعرّض الأسرة للمشكلات الكثيرة، والتدخلات الخارجية، ما يهدّد استقرارها. فالمقارنة بين حياة الزوجين وحياة الآخرين غالباً ما تسبب الغيرة، وعدم الرضا».

نصائح للأزواج

أما الأزواج فتنصحهم د. سعاد صالح بالصبر على زوجاتهم اللاتي ابتلين بالشغف بحياة المشاهير، وتقول: «على الزوج أن يصبر، ويحاول أن يغيّر من سلوك زوجته بهدوء، وأن يخرجها من العالم الفضائي الذي تعيش فيه إلى العالم الواقعي، ويذكّرها دائماً بدخله المحدود، ودخل الممثلة، أو المطربة، أو المشهورة الذي لا يقارن بدخله».

أيضاً، تؤكد الأستاذة الأزهرية أن على الزوج التمحيص في الاختيار منذ البداية، فتعاليم دينه تحثه على اختيار الزوجة الصالحة التي تعيش معه حياة واقعية – على الحلوة والمرّة- ورسول الله صلى الله عليه وسلم، ينصح الرجل أن يفضل في اختياراته صاحبة الدين والخلق القويم، ولذلك قال: صلى الله عليه وسلم «الدنيا متاع وخير متاعها المرأة الصالحة »، والزوجة الصالحة هي المرأة المؤمنة العابدة التي تحفظ  نفسها، وتحفظ زوجها، في نفسه وعرضه، وتحفظه في ماله وولده، وهي التي تحسن معاملة زوجها، وأهله، وجيرانها، وتحسن إدارة بيتها الذي هو مملكتها الخاصة.