24 أغسطس 2025

مفتي مصر: تطليق الزوجة بسبب إنجاب البنات ظلم وجهل يحاسبك الله عليه

محرر متعاون

مجلة كل الأسرة

توارث بعض العرب تفضيل الذكور على الإناث، وإهدار حق الأنثى حتى في الحياة.. والمؤسف أن بعض الرجال يحمّلون زوجاتهم مسؤولية إنجاب البنات، على الرغم من أن العلم يؤكد أن السبب هو الرجل وحده، ولا دخل للزوجة في تحديد جنس المولود، لا من قريب ولا من بعيد.

الواقع يؤكد أن تكرار إنجاب البنات راح ضحيته زوجات كثيرات غدر بهنّ الأزواج، وطلقوهنّ، وذهبوا إلى البحث عن زوجات أخريات من أجل الابن الذكر.. هذا السلوك الظالم لا يزال يتكرر في بلادنا العربية.. فماذا يقول الشرع لهؤلاء الرجال؟

مجلة كل الأسرة

كراهية تجلب الإثم

بداية، سألنا مفتي مصر د. نظير عياد عن موقف الإسلام من كراهية بعض الرجال لانجاب الإناث؟

فقال: «الإسلام لا يفرق بين الذكر والأنثى في المشاعر، والرعاية، وكفالة كل الحقوق، ولذلك، فإن هؤلاء الذين يحتفون بالذكور وينزعجون من الإناث يرتكبون إثماً، ويخالفون تعاليم دينهم، وتوجيهاته، وتسيطر على نفوسهم نزعة جاهلية دانها الإسلام، وحذّر منها. وقد وبّخ القرآن الكريم هؤلاء الذين انتزعت من قلوبهم مشاعر الرحمة والرأفة، ويتعاملون مع المولود الأنثى على أنه عار، حيث قال الحق سبحانه في شأن هؤلاء الجاهليين: «وإذا بُشر أحدهم بالأنثى ظل وجهه مسوداً وهو كظيم من سوء ما بشر»، هذه الآية الكريمة تدين سلوك الآباء الذين يحملون مشاعر الكراهية للأنثى لأن الولد- أياً كان نوعه- هو نعمة ورزق من الله، ويجب على المسلم أن يشكر الله على نعمه، وهو سبحانه وتعالى له في خلقه شؤون، وهو الذي يدبّر التوازن الكوني بحكمته، ولو استجاب الخالق لمطالب خلقه وأعطاهم الذكور فقط، لحدث الخلل في التوازن السكاني، وهو سبحانه وتعالى عليم حكيم رحيم بخلقه».

سلوك محرم شرعاً

بعض الرجال يجبرون زوجاتهم على إسقاط الجنين الأنثى، وقد تفعل بعض الزوجات ذلك ليُرحن أنفسهنّ من نظرات العتاب والتوبيخ.. ماذا تقول لهؤلاء؟

يوضح مفتي مصر: «هذا جهل بالدين، وإنكار للعلم.. فعلمياً، تحديد جنس المولود، (ذكر أو أنثى)، مسؤولية الرجل، وليس للمرأة أيّ دخل في ذلك، هذه حقيقة علمية مؤكدة. ولذلك، ليس من حق الزوج، ولا أسرته، تحميل الزوجة مسؤولية إنجاب الإناث، ومن يفعل ذلك عليه أن يرجع إلى العلماء المتخصصين لسؤالهم بدلاً من ظلم الزوجة. أما إجبار الزوج لزوجته على إسقاط جنينها بعد التأكد من أن المولود أنثى، فهذا جريمة يدينها الشرع الحنيف، ويرتب عليها مسؤوليات جنائية، وعقوبات شرعية، ولذلك، لا يجوز لزوجة شرعاً، أن تستجيب لرغبة زوجها، أو أحد أفراد أسرته، في التخلص من الجنين الأنثى، ولو استجابت فهي آثمة شرعاً، وسوف يحاسبها الله على ذلك. فالإسلام وفّر الحماية للأنثى وهي نطفة في بطن أمها، فجرّم الإجهاض، وقرّر عقوبات على كل من يتورط في وأد أنثى قبل أن تخرج إلى لحياة».

مجلة كل الأسرة

وأد عصري للبنات

وهل تقنية تحديد جنس المولود التي تلجأ إليها بعض الأسر لإنجاب الذكور محرمة شرعاً؟

يبيّن د.عمرو الورداني، أمين الفتوى بدار الإفتاء المصرية: «أولاً، الإسلام يدين كل سلوك، أو شعور بكراهية البنات، ووأدهن، سواء تم الوأد بالطرق التقليدية التي كانت سائدة في الجاهلية، أو كان بالطرق العلمية الحديثة عن طريق التحكم في جنس المولود طبياً. فالإسلام يرفض ويدين كل وسيلة لا تمنح الأنثى حق الحياة. والشعور البغيض تجاه الأنثى يمثل رفضاً صارخاً لإرادة الله، ومشيئته، ويجب أن يعلم كل زوج أن نوع المولود هو حكمة إلهية ليتنوع الإنجاب داخل الأسرة الواحدة، بين ذكور وإناث، أو يقتصر على نوع منهما، أو قد يكون الإنسان عقيماً لا ينجب، والإنسان العاقل يأخذ بالأسباب، ويدع العواقب لله سبحانه وتعالى. فالمسلم مطالب شرعاً، بالرضا بما قسمه الله له، واستقبال الأنثى بشعور طيّب، فالإنسان لا يدري أين الخير، بخاصة ونحن نرى شكوى بعض الآباء من عقوق وتمرّد الأبناء الذكور، ومعروف أن العقوق في معظمه من جانب الذكور، فالبنت لا تقدم على العقوق إلا في حالات نادرة، وهي أكثر عطفاً وحناناً على والديها من الذكر».

ويضيف «أما عن موقف الشرع من التقنيات الطبية لتحديد جنس المولود والتي يلجأ إليها الآن بعض الراغبين في إنجاب الذكور، فإن الإسلام لا يقف ضد رغبة أب وأم، في إنجاب ولد ذكر إلى جانب البنات، لأن هذا يحمي الأسرة من مشكلات وأزمات كثيرة، ولذلك، فإن التحكم في جنس الجنين لا يتعارض مع إرادة الله، ومشروعية ذلك محدّدة بضوابط، أبرزها حاجة الأسرة إلى ولد ذكر ليكون سنداً في المستقبل لشقيقاته، وهذا يعني أنه لا يجوز شرعاً أن تقرّر الأسرة أن يكون كل أولادها ذكوراً أو إناثاً.. فهذه التقنية مباحة شرعاً لعلاج ظروف نفسية معيّنة، تعيشها الأسرة نتيجة عدم وجود مولود ذكر».

اقرأ أيضاً: لا تفرّق في عطاياك ومشاعرك بين ذكر وأنثى.. آباء وأمهات ينشرون الغيرة والحقد بين أبنائهم