18 مايو 2025

هل يجوز شرعاً تحديد جنس الجنين؟

محررة في مجلة كل الأسرة

مجلة كل الأسرة

يُعد اختيار جنس الجنين، في محاولة للوصول إلى النوع المرغوب، أمراً شائعاً، سوّقه البعض تحت عنوان تحقيق التوازن العائلي، ولكن، ما مدى توافق، أو تعارض هذا مع مبدأ أخذ المسلمين بالأسباب، وهل للشرع رأي أخر؟

تجيب الدكتورة بشرى الجسمي، كبير مفتين في دائرة الشؤون الإسلامية والعمل الخيري بدبي، قائلة «الأصل أن يرضى الإنسان بما قسم الله تعالى له، فهو أعلم بحاله، وخبير بعباده، فقد قال تعالى «يهب لمن يشاء إناثاً ويهب لمن يشاء الذكور أو يزوّجهم ذكراناً وإناثاً، ويجعل من يشاء عقيماً»، فعلى المسلم التسليم بقضاء الله وقدره، والرضى بما يرزقه الله من ولد، ذكراً كان أو أنثى، ويحمد الله تعالى على ذلك، فالخيرة في ما يختاره البارئ جلّ وعلا. وقد جاء في القرآن الكريم رفض فعل أهل الجاهلية من عدم التسليم والرضى بالمولود إذا كان أنثى، فقال تعالى: «وإذا بُشر أحدهم بالأنثى ظلّ وجهه مسوّداً وهو كظيم، يتوارى من القوم من سوء ما بُشر به أيمسكه على هون أم يدسّه في التراب ألا ساء ما يحكمون»، وتحديد جنس الجنين في عصرنا هذا يتم عن طريق فصل الحيوان المنوي قبل تلقيح البويضة، وقد منعت قرارات مجامع الفقه تحديد نوع الجنين بشكل مطلق».

مجلة كل الأسرة

ضوابط ضرورية عند الحاجة

وتضيف، أما عند الحاجة والضرورة، فتحديد جنس المولود بعملية طبية لا حرج فيه، مع التأكيد على ضرورة الأخذ بالضوابط التي تمنع وقوع مفاسد حذّر منها المهتمون بهذه المسألة.

ويمكن إجمال هذه الضوابط في النقاط الآتية:

  • ألّا تكون عملية تحديد جنس الجنين سياسة عامة، لئلا تفضي إلى اختلال في التوازن الطبيعي في نسب الخلق.
  • أن يقتصر استعمالها على الحاجة.
  • أن يكون تحديد جنس الجنين بتراضي الوالدين.
  • التأكد تمام التأكد من عدم اختلاط المياه المفضي إلى اختلاط الأنساب.
  • المحافظة على ستر العورات من الهتك، من خلال قصر الكشف على موضع الحاجة، قدراً وزماناً.
  • ألا يستفاد من النطف المحفوظة أو المجمّدة، مرة ثانية، إلا إذا كان الزوجان على قيد الحياة، وحال قيام الزوجية بينهما، وبموافقتهما، وحضورهما.
  • اعتقاد أن هذه الوسائل ما هي إلا أسباب لإدراك المطلوب، وأن الدعاء أعظم تأثيراً، وأن كل شيء بقضاء الله وقدره.

قرار مجمع الفقه الإسلامي الدولي في اختيار جنس الجنين

صدر عن مجمع الفقه الإسلامي الدولي قرار بشأن موضوع «اختيار جنس الجنين»، توضح نصّه الدكتورة بشرى الجسمي:

أولاً: يجوز اختيار جنس الجنين بالطرق الطبيعية، كالنظام الغذائي، والغسول الكيميائي، وتوقيت الجماع بتحرّي وقت الإباضة؛ لكونها أسباباً مباحة لا محذور فيها.

ثانياً: لا يجوز أي تدخل طبي لاختيار جنس الجنين، إلا في حال الضرورة العلاجية في الأمراض الوراثية، التي تصيب الذكور دون الإناث، أو بالعكس، فيجوز حينئذٍ التدخل، بالضوابط الشرعية المقررة، على أن يكون ذلك بقرار من لجنة طبية مختصة، لا يقل عدد أعضائها عن ثلاثة من الأطباء العدول، تقدم تقريراً طبياً بالإجماع، يؤكد أن حالة المريضة تستدعي أن يكون هناك تدخّل طبي حتى لا يصاب الجنين بالمرض الوراثي، ومن ثم يعرض هذا التقرير على جهة الإفتاء المختصة لإصدار ما تراه في ذلك.

ثالثاً: ضرورة إيجاد جهات للرقابة المباشرة والدقيقة على المستشفيات والمراكزِ الطبية، التي تمارس مثل هذه العمليات في الدول الإسلامية، لتمنع أي مخالفة لمضمون هذا القرار.