
تزامناً مع حلول شهر رمضان المبارك، نظمت إدارة الفعاليات الدينية والثقافية في جمعية النهضة النسائية، بدبي، ورشة عمل بعنوان «مسائل تهم المرأة»، أجابت فيها الدكتورة بشرى الجسمي، كبير مفتين بدائرة الشؤون الإسلامية والعمل الخيري، بدبي، عن أهم التساؤلات في القضايا الدينية والفقهية التي تهم المرأة، والتركيز على الأحكام المتعلقة بالشهر الفضيل.
ففي رمضان، من المهم التركيز على الحالة الروحانية، والالتزام بالعبادات، لضمان عيش رمضان بنفسٍ صافية، وروح ملتزمة بالطاعة. وتأتي هذه المبادرة ضمن جهود الجمعية لتعزيز الوعي الديني لدى المرأة، وتمكينها من ممارسة عباداتها على أسس شرعية صحيحة. وكان من بين القضايا المستفتى فيها:

حكم قراءة القرآن الكريم للمرأة الحائض
اختلف الفقهاء في حكم قراءة المرأة الحائض للقرآن الكريم. فبينما أجاز المذهب المالكي للحائض قراءة القرآن الكريم، من دون مس المصحف، سواء كانت معلّمة أو متعلّمة، لا تجيز المذاهب الأخرى (الحنفية والشافعية والحنابلة)، قراءة الحائض للقرآن الكريم، لكنهم استثنوا المعلّمة والمتعلّمة؛ حيث أجازوا لهما القراءة للضرورة، كالتعليم، أو خشية النسيان. كما اتفق الفقهاء على أن الحائض لا يجوز لها مسّ المصحف مباشرة، من دون حائل. وفي ما يتعلق باستخدام الوسائل الإلكترونية مثل الهواتف المحمولة، أو الحواسيب لقراءة القرآن، فإن هذه الأجهزة لا تأخذ حكم المصحف؛ لأنها لا تحتوي على القرآن مكتوباً بشكل دائم، بل يظهر النص ويختفي حسب الاستخدام، لذلك، يجوز للحائض قراءة القرآن من هذه الأجهزة، من دون حرج.
الحكم في زكاة الذهب
اختلف الفقهاء في وجوب الزكاة على الذهب المُعدّ للاستعمال الشخصي والزينة، فبينما يرى الحنفية وجوب الزكاة في الذهب والفضة، سواء كانا للزينة، أو لغيرها، بشرط بلوغ النصاب (85 جراماً من الذهب الخالص)، وحوَلان الحول، مستندين في ذلك إلى عموم الأدلة الشرعية التي توجب الزكاة في الذهب والفضة، من دون تفرقة، يذهب المالكية والشافعية والحنابلة إلى عدم وجوب الزكاة في حلي المرأة المعد للاستعمال والزينة، بشرط أن يكون في حدود المعقول، وغير مبالغ فيه. وقد اتفق جميع الفقهاء على وجوب الزكاة في الذهب المدخر، أو المُعدّ للادخار، أو الاستثمار، كالسبائك والعملات الذهبية، بشرط بلوغ النصاب وحوَلان الحول، لأن هذا النوع يعتبر مالاً نامياً تجب فيه الزكاة.
ونظراً لاختلاف الفقهاء في مسألة زكاة حلي الزينة، يستحب للمسلم أن يخرج الزكاة عن هذه الحلي خروجاً من الخلاف واحتياطاً، للعبادة، بخاصة إذا كان الذهب المستخدم للزينة كبيراً، أو مبالغاً فيه.

حكم الإفرازات المهبلية وأثرها في الطهارة والصلاة
يذهب جمهور العلماء إلى أن الإفرازات المهبلية عند المرأة طاهرة، فلا توجب غسل الملابس، أو البدن، إلا أنهم اتفقوا على أن هذه الإفرازات تنقض الوضوء، سواء كانت مستمرة، أو متقطعة.
حكم الأكل والشرب أثناء أذان الفجر في رمضان
إذا كان المؤذن يؤذن عند دخول وقت الفجر الصادق، فيجب على الصائم الامتناع عن الأكل والشرب بمجرد بدء الأذان؛ لأن وقت الصيام يبدأ مع طلوع الفجر، قال الله تعالى «وَكُلُوا وَاشْرَبُوا حَتَّى يَتَبَيَّنَ لَكُمُ الْخَيْطُ الأَبْيَضُ مِنَ الْخَيْطِ الأَسْوَدِ مِنَ الْفَجْرِ»، أما إذا كان المؤذن يؤذن قبل دخول الوقت احتياطاً، فيجوز للصائم الأكل والشرب حتى يتبيّن طلوع الفجر، وفي هذه الحالة، يستحب للمسلم معرفة توقيت الفجر الصادق في منطقته والاعتماد على تقاويم دقيقة، أو التأكد من المؤذن نفسه عن توقيت أذانه، وقد ورد في حديث عن النبي صلّى الله عليه وسلّم «إِذَا سَمِعْتُمْ أَذَانَ بِلَالٍ فَكُلُوا وَاشْرَبُوا حَتَّى تَسْمَعُوا أَذَانَ ابْنِ أُمِّ مَكْتُومٍ»، في دلالة على جواز الأكل والشرب حتى الأذان الثاني الذي يعلن دخول وقت الفجر، لذا إذا علم المسلم أن الأذان يرفع عند دخول الفجر الصادق، وجب عليه الإمساك فور سماعه، أما إذا كان الأذان يرفع قبل الوقت، فلا بأس بالاستمرار في السحور حتى يتبيّن طلوع الفجر.
حكم وجوب النية في صيام رمضان
النية شرط أساسي لصحة الصيام، لقول النبي صلى الله عليه وسلم «إنما الأعمال بالنيات، وإنما لكل امرئ ما نوى» (متفق عليه). لذلك يجب تبييت النية من الليل قبل الفجر لصيام الفريضة مع مراعاة اختلاف المذاهب في تجديد النية. فالمالكية، يرون أن نية واحدة في بداية شهر رمضان تكفي لصيام الشهر كله، بشرط عدم انقطاع الصيام بعذر شرعي، كالحيض أو السفر، فإذا انقطع الصيام يجب تجديد النية عند استئنافه. أما الشافعية والحنفية، فيشترطون تجديد النية لكل يوم من أيام رمضان، معتبرين أن كل يوم عبادة مستقلة. بينما للحنابلة قولان، الأول يشترط تجديد النية لكل يوم، والثاني يرى أن نية واحدة في بداية الشهر تكفي.

حكم إفطار المريض في رمضان
أباح الله تعالى للمريض الإفطار في شهر رمضان إذا كان الصيام يسبب له مشقة شديدة، أو يزيد من حدّة المرض، أو يؤخر الشفاء، قال الله تعالى «فَمَنْ كَانَ مِنْكُمْ مَرِيضاً أوعَلَى سَفَرٍ فَعِدَّةٌ مِّنْ أَيَّامٍ أُخَرَ»، الإسلام دين يسر ورحمة، وقد منح الله تعالى رخصة الإفطار للمريض، رحمة وتخفيفاً منه سبحانه. فإذا كان الصيام يزيد من حدة المرض، أو يؤخر الشفاء، يُستحب للمريض الإفطار في هذه الحالة، ويجب عليه قضاء الأيام التي أفطرها بعد شفائه، أما إذا كان المريض غير قادر على الصيام بشكل دائم، في هذه الحالة يفطر المريض، ويطعم عن كل يوم مسكيناً. ويقدّر الإطعام بنحو نصف صاع (ما يعادل 1.5 كيلوجرام تقريباً) من قوت البلد عن كل يوم أفطر فيه المريض، ويجوز دفعها لمسكين واحد، أو توزيعها على عدة مساكين، ويكون ذلك قبل الصيام، أو بعده.
حكم تأخير صلاة العشاء
يستحب تأخير صلاة العشاء إلى ثلث الليل الأول، أو نصفه، ما لم يكن في ذلك مشقة على المصلي، فعن النبي صلّى الله عليه وسلّم أنه قال «لولا أن أشق على أمتي لأمرتهم أن يؤخروا العشاء إلى ثلث الليل، أو نصفه». بينما يصبح التأخير إلى ما بعد منتصف الليل عمداً غير جائز، لأن ذلك يعتبر خروجاً عن وقتها المقرر شرعاً، أما إذا كان تأخير الصلاة سهواً أو نسياناً، فلا أثم على الشخص، وعليه صلاتها فور تذكرها.

حكم العقيقة عن النفس ونقل الزكاة إلى خارج البلد
العقيقة سنة مؤكدة يستحب أن يقوم بها الوالد عن مولوده في اليوم السابع من ولادته، أو في الرابع عشر، أو في الحادي والعشرين. فإن لم يعق عنه في هذه الأوقات، استحب أن يعق عنه بعد ذلك. وقد ذهب الشافعية إلى أنه إذا بلغ الشخص ولم يعق عنه، يستحب له أن يعق عن نفسه تداركاً لما فات. أما حكم نقل الزكاة إلى خارج البلد، فالأصل في الزكاة أن تصرف في البلد الذي وجد فيه المال، بينما أجاز بعض الفقهاء نقل الزكاة إلى بلد آخر عند وجود حاجة أو مصلحة، مثل وجود أقارب محتاجين في بلد آخر.