في لحظة إبداعية استثنائية تجمع بين رائحة القهوة الدافئة، وعبق التاريخ المصري، أطلّ الفنان التشكيلي جورج صبحي على جمهوره بمجموعة فنية جديدة مستوحاة من روح الحضارة الفرعونية، احتفاء بالافتتاح التاريخي لـالمتحف المصري الكبير، في الأول من نوفمبر 2025.
وبأسلوب فني غير مألوف، استخدم صبحي حبّات القهوة المستدامة والمعاد تدويرها، ليحوّلها إلى لوحات تنبض بالحياة والتفاصيل، مجسّداً من خلالها رؤية فنية تمزج بين الهوية المصرية والوعي البيئي.
من توت عنخ آمون إلى زهرة اللوتس… القهوة تحكي حضارة مصر
تضم المجموعة ثلاث لوحات رئيسية مستوحاة من الرموز الفرعونية الخالدة:
- اللوحة الأولى: تجسيد دقيق لقناع الملك توت عنخ آمون، مع تفاصيل مرسومة بحبّات القهوة تُبرز اللمعان الذهبي المهيب.
- اللوحة الثانية: تجسيد للملكة إيزيس، أيقونة القوة والأنوثة، حيث استخدم فيها الفنان ظلال القهوة لإبراز الملامح الرصينة والرموز المقدسة.
- اللوحة الثالثة: لوحة رمزية لـزهرة اللوتس، التي تجسد النقاء والتجدد في الثقافة المصرية القديمة، وقد جاءت بأسلوب معاصر يزاوج بين البساطة والعمق.
القهوة تُشرب لتوقظ الجسد وأنا أستخدمها لأوقظ الذاكرة
يتحدث الفنان جورج صبحي عن فلسفته في هذا النوع الفريد من الفن، قائلاً: «القهوة بالنسبة لي ليست مجرّد مشروب يومي، بل ذاكرة دافئة تختزن مشاعر الناس وتفاصيلهم، فكل حبّة قهوة تحمل قصة من الأرض إلى الكوب، وحين أستخدمها في لوحاتي، أشعر بأنني أُعيد إليها الحياة من جديد، لتروي حكاية الفن، والحضارة، والإنسان، فالفن بالنسبة لي مسؤولية قبل أن يكون جمالاً بصرياً، واخترت القهوة لأنها خامة طبيعية يمكن تدويرها، تحمل رسالة بيئية وتعبّر عن فلسفة الاستدامة، تماماً كما تحمل مصر في حضارتها القديمة فكرة الخلود والتجدد الدائم».
أما عن شغفه بالحضارة المصرية القديمة، فيوضح صبحي «حين أرسم رموز الفراعنة، مثل توت عنخ آمون، أو إيزيس، أو زهرة اللوتس، بحبّات القهوة، أشعر بأنني أخلق حواراً بين الماضي والحاضر، فالقهوة تعد جسراً بين الأزمنة، تجمع بين الأصالة والعصرية، وتمنح الفن المصري صوتاً عالمياً جديداً».
يختتم حديثه بابتسامة: «القهوة تُشرب لتوقظ الجسد، وأنا أستخدمها لأوقظ الذاكرة، ذاكرة الفن المصري التي لا تنام».
فن مستدام ورسالة بيئية
أثارت الأعمال تفاعلاً واسعًا عبر مواقع التواصل الاجتماعي، إذ عبّر الجمهور عن إعجابه بفكرة تحويل القهوة إلى وسيلة تعبير فني راقٍ. ويُعد جورج صبحي الفنان الوحيد في الشرق الأوسط المتخصص في الرسم بحبّات القهوة، إذ تجاوز رصيده 120 عملاً فنياً تتراوح بين اللوحات الصغيرة، والجداريات الكبرى التي تعبّر عن روح التراث المصري بأسلوب معاصر مستدام، ويستعد صبحي لإطلاق جدارية ضخمة جديدة، تم تنفيذها أخيراً بنفس التقنية، على أن يُكشف عنها قريباً، ضمن مشروع فني يسعى لربط الفن بالاستدامة البيئية، والتعبير عن الهوية المصرية في قالب عالمي.