ثلاث مرات في الأسبوع. هذا هو العدد المسموح به للعائلة لزيارة الرئيس الفرنسي السابق، السجين حالياً، في سجن «لاسانتيه» في الدائرة 13 من باريس.
ومنذ اليوم الأول لسجنه ذهبت زوجته كارلا بروني، بعد الظهر، لزيارته في حجرة «حجرة العزل» المخصصة للزيارات الانفرادية. ولم تظهر صور لتلك الزيارة لأنها سلكت طريقاً سرياً واستفادت من تسهيلات خاصة، ولم تنتظر مع بقية أهالي السجناء.
شاهد المهتمون في العالم كله الزوجة الخمسينية التي ما زالت تحتفظ برشاقتها وجمالها، وهي تمشي، يداً بيد، مع ساركوزي من بوابة بيتهما إلى السيارة التي نقلته إلى محبسه. وكان الأقارب والجيران والأنصار يشيعونه مثل عريس في زفة. وذكر مصدر مقرب من إدارة السجن أنه يجري حالياً توفير ترتيبات للسيدة الأولى السابقة. ويشمل ذلك مدة هذه الزيارات: فبينما من المقرر عادة أن تستغرق 45 دقيقة، فإن من المرجح أن تتمكن كارلا بروني من تجاوز هذه القاعدة والبقاء لفترة أطول من المخطط لها مع زوجها، طالما أن هذا لا يُعطل تنظيم مركز الاحتجاز. وبشكل عام، سيتمكن رئيس الدولة السابق من استقبال ما يصل إلى ثلاث زيارات أسبوعياً، باستثناء المواعيد مع محاميه.
لا تسمح لوائح السجون بالزيارات الجماعية، وبهذا، فلن يُسمح لأبناء نيكولا ساركوزي الثلاثة، بيير، وجان (من زواجه من ماري دومينيك كوليولي)، ولويس (من زواجه من سيسيليا سيجانر)، بحضور غرفة الزيارة في مجموعات، بل سيُطلب منهم الحضور بالتناوب. أما ابنته جوليا، البالغة من العمر أربعة عشر عاماً، فيمكنها مرافقة والدتها فقط.
حب بسرعة البرق
عندما وصلت إليه بساقيها الطويلتين، لم يكن قد مضى سوى بضعة أشهر على تولي نيكولا ساركوزي رئاسة الجمهورية. لم يتطلب الأمر أكثر من ذلك لبداية قصة حب خاطف. وكان الرئيس قد انفصل قبل ذلك عن زوجته الثانية سيسيليا التي هجرت «الإليزيه» وسافرت إلى الولايات المتحدة لتتزوج من حبيبها. وطوال فترة الحملة الرئاسية، كان الزوجان يؤديان دور الثنائي المنسجم السعيد. وفي أوائل 2025 احتفلا بمرور 17 عاماً على زواجهما، حيث احتفلت السيدة الأولى السابقة على «إنستغرام» قائلة: «عيد زواج سعيد يا حبيبي...».
اختفت سيسيليا، ليظهر الرئيس الفرنسي مع العارضة الإيطالية المعتزلة، لأول مرة، في «ديزني لاند» باريس، وكان ظهورهما العلني بمثابة الإعلان الرسمي المشهود، فقد صرح قائلاً: «مع كارلا، الأمر جاد». والدليل أن صور الزوجة الجديدة كانت تنتشر في مكتبه. أما خلال الحفلات التي كانت تقيمها كارلا في منزلها الجميل، فإن نظرة زوجها اليقظة والحانية كانت تتابعها، كما يشهد المقربون منهما. وقد اختار أن يقيم في بيت زوجته بعد مغادرته الرئاسة.
لطالما قالت كارلا إنها ستعرف الرجل الذي سيكون زوجها منذ اليوم الذي تلتقيه فيه. كانت تعرف أي نمط من الرجال يناسبها. فهي ليست مجرّد عارضة سابقة، ومغنية تتمتم كلمات تلحنها وتكتبها بنفسها، بل سليلة أسرة ثرية، وقد طافت العالم، وخالطت الكبار، وتلقت تعليماً راقياً. وحالما رأته على عشاء أقامه خبير الدعاية الشهير جاك سيجيلا، أدركت أنه الزوج المطلوب. وهو ليس فناناً، ولا مصمم أزياء، بل رئيس للجمهورية. وبعد أيام قالت لصديقها المغني جوليان كليرك: «لقد أوصلني إلى المنزل. كان الأمر مذهلاً، وتم بسرعة فائقة، مُبهجاً».
تزوجا بعد ثلاثة أشهر في حفل سري بقصر «الإليزيه»، وارتدت العروس الأبيض. طلاق وزواج جديد في سابقة هي الأولى لرئيس في السلطة. كان الزواج تجربة جديدة لكارلا بروني رغم أنها عاشت علاقات عاطفية سابقة. لكن يبدو أن العرسان كانوا يخافون التقدم لها. وتقول إحدى صديقاتها إن السبب هو أنها شخصية حرة، ذكية، غنية، وجميلة. وقد كان نيكولا ساركوزي هو الرجل المناسب لهذه المهمة. تزوجها وعاش الاثنان أجمل سنوات حياتهما. هو الاختيار العاقل، والحب الناضج، بعد سلسلة التجارب والزيجات.
لم يحدث أن تألقت الحسناء الإيطالية مثلما لمعت أنوارها وهي إلى جانب الرئيس. وتتذكر الصديقة المقربة المذكورة آنفاً: «لقد منحها نيكولا مكاناً أعادها إلى أفضل حالاتها. فهي صارت تحت الأضواء وفي قلب الحدث، الأمر الذي زاد من جمالها». فقد تألقت السيدة الأولى خلال رحلتهما الرسمية إلى لندن في ربيع 2008. وأشادت الصحف الشعبية البريطانية بأدائها الرائع.
وبينما سخر أحد الصحفيين الإنجليز من الرئيس الذي تفوقت عليه النجمة كارلا، ردّ عليه ساركوزي خلال المؤتمر الصحفي عبر القناة الإنجليزية قائلاً: «مفهومك عن العلاقة غريب. لا أعرف كيف تسير الأمور مع زوجتك لكنني فخور بزوجتي». أما بالنسبة إلى المحيطين بالزوجين، فإن نيكولا ساركوزي هو من يوفر الأمن لها، وهو يناديها «كارليتا» طوال الوقت، ويهمس لها «أنتِ جميلة» عندما تكون في حالة مزاجية جيدة. وفي الفيلم الوثائقي «حملة في الوقت المناسب» الذي أخرجته صديقتها العارضة الجزائرية فريدة خلفة، قالت كبيرة مراسلي صحيفة «الفيغارو»: «خلال رحلاته في الانتخابات التمهيدية لولاية ثانية كان دائماً يرد على مكالماتها في القطار، ويخاطبها بكلمات لطيفة للغاية».
داوته من العجلة
يقال إن كارلا هي من جعلت من زوجها رجلاً هادئاً. وفي الواقع، كان نيكولا هو من هدّأ كارلا. وليس العكس. فهي كانت تشعر بعدم الأمان، وتمرّ بفترات صعبة، وجاء نيكولا ساركوزي مسيطراً على أعصابه، وشبيهاً بميك جاجر، حبيبها السابق. وفي كتاب «القصة الحقيقية لكارلا ونيكولا»، ينقل الصحفيان فاليري بينايم وإيف أزيروال، عن مدام ساركوزي قولها «إن زوجها مثل سيزيف، يحب حمل الحجارة. لكنه طيب القلب، ويجد الحياة رائعة. كان يلقب بالرجل السريع، لكنها عرفت كيف تركّب له »فرامل»».
تواطؤهما واضح وجريء. وخلال خطابه بمناسبة اليوم العالمي للمرأة عام 2008، كانت هي من أحضرت له كوباً من الماء إلى المنصة. وهي من قبّلته قبلة محرجة قبل استضافته في نشرة الثامنة مساء على القناة الأولى في شتاء 2012. وهي من أعدّت له القهوة بينما كان يسترخي أمام مباراة كرة قدم في بيتهما الريفي. وهي من تهمس له في الوقت المناسب: «حافظ على طاقتك». وهي التي كانت إلى جانبه في مقر حملته الانتخابية الثانية عندما خسر عام 2016، وهي من نصحت أبناء الأسرة بأن يكونوا لطفاء معه لأنه قلب صفحة نشاطه السياسي.
شهدت سنوات إقامتهما في قصر «الإليزيه» زيادة أفراد عائلتهما المختلطة: لكارلا بروني ابن يدعى أوريليان، من علاقتها بالفيلسوف رافائيل إنثوفن. ولدى نيكولا ساركوزي ثلاثة أبناء، بيير وجان، من زواجه الأول، ولوي من زواجه الثاني من سيسيليا سيجانر. وفي خريف2011 رُزقا بابنتهما جوليا التي أطلق عليها نيكولا لقب «أميرتي الصغيرة». وقد أخفيا وجهها لفترة طويلة عن وسائل الإعلام حتى كشفته هي نفسها طواعية على مواقع التواصل الاجتماعي.
هذه هي باختصار أهم محطات الحب بين عارضة سابقة ورئيس سابق. ورغم كل ما مرّ به كل واحد منهما من تجارب وصراعات، فإن تجربة السجن جاءت لتضع حبهما على المحك.
