في هذا العالم يمكنك أن تصادف الأعاجيب. فمن الأمور المثيرة للدهشة أن يغيب اسم أوباما عن البيت الأبيض الأمريكي، لكنه يعاود الظهور في هوليوود، عاصمة السينما. وهناك تجربة سابقة لكنها معكوسة. فقد غاب عن استوديوهات التصوير في هوليوود ممثل يدعى رونالد ريجان، ليظهر في واشنطن، متربعاً على كرسي الرئاسة في البيت الأبيض.
في ما يخص باراك أوباما الذي احتفل هذا الشهر ببلوغه 64 عاماً، فإنه كان سينجح نجاحاً ساحقاً، لو جرّب العمل ممثلاً. فهو يتمتع بشروط الوسامة والقبول التي تعيد إلى الأذهان الممثل الأسود القدير، سيدني بواتييه، بطل الفيلم الشهير «إلى أستاذي مع حبي». ورغم اشتغاله بالسياسة، فإن أوباما ما زال صالحاً لقبول دور يناسبه على الشاشة الكبيرة. وليس من الضروري أن يؤدي دوره الحقيقي كرئيس للولايات المتحدة، لكنه يصلح لدور محام، أو أستاذ جامعي، أو روائي شهير.
ماليا أوباما تستخدم لقباً مستعاراً
الهام، أن الرئيس الأسبق قام بدوره الأساسي في الحياة، وهو دور الأب، ونجح فيه على ما يبدو. فهو لم يكن متشدداً مع ابنتيه، ماليا وساشا، على طول الخط، بل وفّر لهما تعليماً راقياً، ثم سمح لهما بالتحليق خارج بيت العائلة. لم يفرض عليهما خطاً معيّناً، أو مهنة رفيعة، بل ترك للهواية أن تقود خطى كل منهما. وها هي الكبرى ماليا، تختار أن تؤسس لنفسها اسمها الخاص في هوليوود. والمقصود أنها تقدمت للعمل مستخدمة لقباً مستعاراً، ولم تتقدم باعتبارها ابنة أوباما. فهناك العديد من المخرجين والمنتجين وأصحاب الشركات الذين يغريهم الاسم اللامع قبل الموهبة، أو الكفاءة.
احتفل أوباما بعيد ميلاده، مع ابنتيه وزوجته، طارداً بذلك الشائعات التي حامت حول خلافات مع الزوجة ميشيل، واحتمال طلاق وشيك. مع العلم أن البنتين غادرتا واشنطن منذ سنوات، وتقيمان حالياً في لوس أنجلوس، بولاية كاليفورنيا. تبلغ الكبرى من العمر 28 عاماً، وتعيش حياة بسيطة، وتجاهد لأن تحقق حلمها بالعمل في ميدان السينما، وهي تدرك أن حلمها لن يكون سهل التحقيق. فهي قبل أن تسير على خطى والديها، وتلتحق بجامعة هارفرد العريقة، أخذت سنة حرة، والتحقت بعدة دورات تدريبية في حقل الإنتاج السينمائي، وقد تمكنت من العمل في كواليس مسلسل Girls مع لينا دانام، كما عملت مساعدة للإنتاج في مسلسل الخيال العلمي Extant مع هالي بيري. بل إنها اشتغلت مؤلفة في مسلسل Swarm مع دونالد جروفر، على منصة أمازون.
ما رأي الأب؟
في نهاية عام 2024، ومن خلال مهرجان «سانداس» للسينما، خطت ماليا خطوتها الأولى الحقيقية كمخرجة لفيلم قصير بعنوان The Heart، كتبت قصته وأخرجته بنفسها، وهو إنتاج متواضع، لكنه لفت النظر، حيث حازت عنه في الصيف الماضي جائزة «الجيل الجديد»، في مهرجان دوفيل للسينما الأمريكية، والذي يقام في فرنسا. وقد كانت سعيدة بتلك الخطوة التي أقدمت عليها، مستقلة عن شهرة والدها ومكانته، حيث تخلت عن اسم «أوباما» في تقديم نفسها، وكتبت على ملصقات الفيلم «ماليا آن».
كان ذلك القرار حدّياً، لكنه لم يزعج والدها الرئيس الأسبق، فقد احترم قرارها، الأمر الذي منحها مزيداً من الثقة بنفسها. ففي الخريف الماضي، عند ظهور أوباما في بودكاست The Pivot حرص على الإشارة إلى أن ماليا لا تريد أن تُعرف بأنها «ابنة فلان» فقط، وهي اختارت الخروج من جلباب اسم العائلة، وتناقشت معه في الأمر. وأضاف أنه قال لها إن الناس سيعرفون هويتها عاجلاً أم آجلاً، لكنها ردّت عليه بأنها تريد للجمهور أن يشاهد الفيلم في البداية، من دون أن يربط بين مخرجته وبين هويتها العائلية. إنها بكل بساطة تعتمد على نفسها، ولا تريد استغلال اللقب الشهير للنجاح في مهنتها.
ماذا كان رأي ميشيل أوباما؟
في الربيع الماضي، أعلنت والدة ماليا من خلال برنامج تلفزيوني أنها تحترم خيار ابنتها البكر، ورغبتها في صنع اسمها بإمكاناتها الذاتية. وتطرقت سيدة أمريكا الأولى، سابقاً، إلى رغبة ابنتيها في الاستقلال منذ نعومة أظفارهما، وقالت: «هما الآن امرأتان شابتان، بالغتان، وقد تجاوزتا سن المراهقة، ووصلتا مرحلة الانسلاخ، وتأكيد الذات. وأرى أن من الضروري لابنتيّ أن تشعر كل منهما بأنها تستحق ما تحققه في حياتها، وألا ينظر الناس إليها باعتبارها حصلت على كل شيء من دون مجهود».